الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(( وداعاً يا عراق : لنفترق بسلام ))

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الحقيقة إن إصرار برزاني وحزبه على إجراء "استفتاء" في إقليم كردستان ومن ثم الانفصال عن العراق، يشكل بالإضافة إلى فوائده الشخصية لبرزاني وعائلته، بإضفائه لشرعية افتقدها منذ زمن طويل، ومحاولته لتتويج نفسه كبطل قومي للأكراد عموماً، ومن ثم توريث الحكم لــ (عائلة برزاني) التي تسيطر بالفعل على كل مفاصل السلطة والمال في إقليم العراق الشمالي.. فبالإضافة إلى كل هذه الفوائد، فإن إصرار برزاني على (الاستفتاء والانفصال) يستند ويستقوي أساساً بقوى دولية وإقليمية معروف!.
وقد فضح هذه الحقيقة ـ عن غير قصد طبعاً ـ كاتب كردي، قبل أربع أو خمس سنوات!.
فتحت عنوان ((وداعاً يا عراق: لنفترق بسلام)) كتب (د.كمال سيد قادر) ــ وهو كاتب كردي ــ مقالاً نقلته لنا صفحة "البديل العراقي" على الفيسبوك في حينه مشكورة .
وفي ذلك المقال يبشرنا الكاتب الكردي بأن انفصال إقليم كردستان عن العراق قادم كالقدر، وبإرادة دولية ـ يعني أمريكية غربية صهيونية ـ ولا قدرة لأحد على الوقوف بوجهه أو تغير مساره، وأن (السيد البرزاني) ـ وهذه هي الحقيقة كما نعتقد ـ في هذا الموضوع لا يزيد دوره عن (مبلغ!!).. فالأفضل للجميع ـ ينصحنا الكاتب ـ التسليم بهذا الانفصال وقبوله، وعدم إراقة الدماء من أجله مجاناً!! .

الحقيقة لم يغظني هذا المقال ولم يفاجئني كثيراً، لأنني قرأت ـ قبله وبعده ـ مقالات كثيرة وسمعت أراء أكثر بهذا المعنى، بل قرأت الأسوأ منها بكثير.. منها مقالات كثيرة تنضح بشوفينية همجية بدائية سوداء، تشتم الرسول محمد(ص) والإسلام والعرب بقباحة وعهر، وتسفه معتقداتهم وتقاليدهم وقيمهم ولغتهم وحضارتهم وكل ما يخصهم كبشر، وخصوصاً تلك المقالات التي كتبها المدعو (صلاح شوان) في صحيفة ((كورد نيوز)) .
ولم أفاجأ، لأنني كنت متيقناً من أن هذا الانفصال الكردي قادم ـ بإرادة دولية وليست كردية ـ وأن الذي أبقى الأكراد مع العراق لحد الآن ـ وهذا ما كتبته في تعليقي على المقال ـ هو الخوف من جيران العراق الأقوياء ومن بعض الاعتراضات الدولية، والأهم عند برزاني وعائلته وشلته نسبة الــ %17 بالمائة التي يحصلون عليها من ثروة العراقيين ومن موازنتهم السنوية، لكي يتمكنوا بواسطتها من بناء مقومات دولتهم الكردية المزعومة (بروس العراقيين.. ومجاناً) وإكمال بنيتها التحتية والفوقية!.

الذي أغاظني حقاً وأكثر من هذا المقال بكثير، هو بعض التعليقات التي صدرت من البعض الأكراد على المقال، وإن كانت أغلبية التعليقات الأخرى تتوافق مع ما علقت به أنا أو مع فكرته الأساسية والجوهرية .
لكن البعض الآخر ـ وهو الذي أعنيه هنا ـ وصف صلة العراق بإقليمه الشمالي (كردستان) بـ "الاحتلال العراقي".. وبعضهم ـ وهو ناشط معروف على صفحات الفيسبوك ــ يصف العرب دائماً وفي كل نشاطاته هذه بــ ((الإمبريالية العربية)) ويصف علاقتهم ببعض الأقليات في الوطن العربي، بأنها علاقات استعمارية إمبريالية، دون أن يعرف ـ هذا البعض ـ بأن (مصطلح الامبريالية) لا يطلق هكذا جزافاً على أية علاقة ـ حتى وإن كانت غير مكتافئة ـ بين شعبين!.
فالامبريالية كما يصفها (لينين) هي مرحلة استعمارية تُعد "أعلى درجات الاستعمار".. وهي تقترن دائماً بنظم إمبراطورية استعمارية توسعية ومتطورة علمياً وصناعياً، وهي تحتاج إلى أراض الغير كأسواق لها، لتصريف ناتجها الصناعي الفائض عن حاجتها من جهة، وللحصول على المواد الأولية التي تحتاجها من جهة ثانية!.
وأعتقد بأن العرب في هذه المرحلة على الأقل، ولا حتى في المستقبل البعيد جداً، يمكن أن ينطبق عليهم مثل هذا الوصف المتعسف.. وأعتقد أيضاً أن كل إنسان سيغظه كثيراً إنسان آخر يتكلم في موضوع يجهله تماماً ويخبط فيه خبط عشواء، فيزيد الطين بلةً أكثر مما هي (مطينة)!!

ولهذا سأتناول موضوع [احتلال العراق لجزئه الشمالي!!(كردستان)] باقتضاب شديد، ومن زاويتين تاريخيتين مهمتين ومترابطتين:
الأولى: (أ): أن الأخوة الأكراد، ومع احترامنا الشديد لهم ولتاريخهم لم يشكلوا في كل تاريخهم ـ القديم والحديث ـ دولة أو كياناً مستقلاً، حتى يمكن للعراق احتلاله.. فحتى ما يسمى بــ "جمهورية مهاباد" كانت عبارة عن عصيان عشائري بنكهة سياسية، استنسخت صورة من (العلم الإيراني) كشعار لها، ثم تمت تصفيتها بعد أشهر قليلة!.
وما دام الأمر هكذا..فمن أين جاءت حكاية احتلال العراق لأرضهم؟؟ ومن هو الذي صنّع صورة للعراق وكأنه (جمع جيوشه وقواته!!) وهجم على الأكراد (واحتل أرضهم!!)؟؟
فبأي مفهوم وبأي معيار يطلق هئولاء على علاقة العراق بجزئه الشمالي صفة "الاحتلال العراقي" ؟؟

(ب): إن كل الآثار والأحداث والوقائع التاريخية ـ وبغض النظر عن الذين يختلقون التاريخ اختلاقاً ـ تؤكد على أن: أرض ما يسمى بــ "كردستان الحالية" في العراق هي أرض آشورية، وحتى تسمية (أربيل) عاصمة الإقليم هي تسمية آشورية أيضاً.. فهي تتكون من مقطعين [أرب: وتعني أربعة] و [إيل: وتعني إله أو آلهة] فتكون ترجمتها [مدينة الأربع آلهات أو مدينة الآلهات الأربعة] باللغة الآشورية واللغات السامية جميعها.. وحتى (عيد نوروز) الذي يحتفل به الأكراد والإيرانيون سنوياً، هو عيد أكدي سومري بابلي أشوري مشترك، وهو مخصص لعبادة الإله [ تموز/ دموزي: إله الخصب والذكورة] ويسمى (حجيتوـ أكيتو) أي (الحِجْة: أو المِحْيَة كما نسميها في بغداد) وهو عيد تحتفل به أغلب بلدان الشرق سنوياً!.
والآشوريون ـ كما هو معروف ـ قد استوطنوا شمال العراق بعد هجرتهم من الجزيرة العربية قبل ستة آلاف سنة، وقبل أن يوجد أيَ كردي في تلك المنطقة أو أن يسمع باسم الأكراد أحد.. والدولة الآشورية ــ وكما هو معروف أيضاً ــ قد شملت مساحات واسعة من الشرق، فقد شملت ((منطقة الشرق الأوسط بكاملها، ومن ضمنها آسيا الصغرى وسواحل إيجة ومصر والخليج العربي وعيلام...(هذا عدا المناطق الجبلية) في الشرق والشمال حتى بلاد أرمينية)) عن [كتاب "العرب واليهود في التاريخ" .. د. أحمد سوسة] .
ومعروف كذلك أن العراق كان يسمى ((بلاد ما بين النهرين)).. وهي بلاد تبدأ حدودها من مضيق هرمز، وتشمل كل من البحرين وسواحل الخليج العربي بجانبيه، وتمتد بامتداد نهري دجلة والفرات صعوداً حتى جنوب الأناضول!. وتشمل أيضاً جانبي النهرين يميناً ويساراً في كل من العراق وسورية والأناضول، ولم تكن حدود ((بلاد ما بين النهرين)) في ذلك التاريخ مقتصرة على الحدود الحالية، والتي يعرف بها العراق اليوم!.
وفي كل هذه المساحة الواسعة من الأرض والتاريخ الممتد، لم يكن هناك وجود أو ذكر أو لمحة أو إشارة بسيطة للأكراد، في جميع المصادر التاريخية والحفريات الآثارية وبأية صورة من الصور، وكذلك لم يرد ذكرهم سواءً كجنس بشري أو لغة مميزة أو ثقافة ذات خصائص قومية مميزة!.

ثانياً: أن المكتشفات الآثارية الحديثة قد كشفت، عن أن العراق وبلاد الشام بالدرجة الأولى، ثم مصر وبلاد المغرب العربي حتى موريتانيا بالدرجة الثانية، كانت تشكل بمجموعها فضاءاً حضارياً واسعاً وواحداً منذ الخليقة إلى اليوم ـ وإن غيبت هذه الحقائق عن عمد ـ كما أنها تشكل امتداداً جغرافياً وبشرياً وحضارياً وثقافياً ولغوياً لجزيرة العرب!.
وذلك منذ بداية العصر الدفيء الحديث، والذي حل على الأرض قبل [ 15000خمسة عشر ألف سنة] وأدى إلى جفاف الجزيرة العربية، وتحولها تدريجياً إلى صحراء قاحلة، أجبرت سكانها على الرحيل منها إلى الأراضي الخصيبة المجاورة لها كالعراق وبلاد الشام ومصر، ثم امتدادهم إلى المناطق الأبعد فالأبعد في بلاد المغرب العربي.. وقد اكتشفت في بلاد الشام أثار مهمة تمتد إلى ذلك التاريخ البعيد، أي إلى (15000ألاف سنة) قبل الميلاد!!
أما في العراق وفي جنوبه بالذات، فقد اكتشفت أثار لسكان الجزيرة العربية تعود لتاريخ أقرب من ذلك التاريخ.. فقد تم اكتشاف [16 طبقة سكنية للساميين متراكبة فوق بعضها] وقبل استيطان السومريين لنفس هذه المنطقة السكنية، وقبل ظهورهم على مسرح الأحداث بألفي سنة على الأقل!! [نفس المصدر السابق] .

المقصود من هذا الحديث أن المنطقة العربية الحالية ومنذ بدأ التاريخ، كانت تشكل وحدة جغرافية وسكانية ولغوية وثقافية وحضارية متجانسة وواحدة تقريباً.. وعلى طول ذلك التاريخ الممتد لخمسة عشر ألف سنة قبل الميلاد، ولم نجد ذكراً، سواءً كان لغوياً أو عنصرياً أو ثقافياً بأي صورة من الصور للأكراد في هذه المنطقة، ولو من بعيد أو من أبعد من البعيد!!
وهذا يعني ـ وهذا كلام أجبرنا عليه الشوفينيون الأكراد ـ أن الأكراد هم الطارئون على العراق وليس العكس، وهم الذين يستوطنون أرضأ عراقية ويحتلونها وليس العكس أيضاً!.
فلم تكن لهم ـ وعلى مدى التاريخ المعروف ـ (أرضاً خاصة بهم) حتى يمكن أن يحتلها العراق، وحتى يصح أن يطلقوا على العراق مثل هذا الوصف الاستعماري، وعلى علاقته بأرضة التاريخية صفة أو واقع أو واقعة ((الاحتلال العراقي لأرض كردستان))!!
****
إن هذه القضية بالذات ومثيلاتها الكثيرات في المنطقة العربية، ليست إلا جزءاً من عملية ممنهجة لتمزيق الكيانات العربية التاريخية العريقة والكبيرة، بقضايا ومسائل ومشاكل الأقليات في كل من العراق وسورية ومصر وباق الأقطار العربية الأخرى.. وكلامنا هذا ليس إنكار للحقوق الثقافية والقومية وحتى الوطنية للأقليات القومية في الوطن العربي، لأنهم مواطنون كباقي المواطنين العراقيين والعرب في وطنهم أيٌ كان أسمه!.
لكن هذا الذي نشاهده ونسمعه ونلاحظه من برزاني وشلته ومن هم على شاكلتهم من الشوفينيين الأكراد، ليس مطالبة بحقوق قومية.. إنما هو إتكاء على قوى دولية وتماهي مع مشاريع استعمارية أعدت وتعد للمنطقة العربية من قبل تلك القوى، وهي أيضاً ليست إلا وجهاً آخراً لمشروع " الشرق الأوسط الجديد " ولما يسمى ب ((الفوضى الخلاقة)) التي ابتدعنها الحسناء كوندا ليزا رايس !!
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤالان لو تفضلت يا الناصر
حسن العراقي ( 2017 / 7 / 14 - 17:12 )
افهم من تعليقك اعلاه بانك تنكر وجود شئ اسمه الاكراد في العراق من الاساس, سواءاً في التاريخ القديم او المعاصر. هل يمكنني ان اسألك سؤالين فقط وهما:
ما هو معنى كلمة بغداد؟
من بنى مدينة الحلة؟
تحياتي و تقبل تطفلي

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير