الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة الحسيمة بالريف شمال المغربي .

عذري مازغ

2017 / 7 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


"حراك الحسيمة”!، في أحسن الحالات تلاؤما مع الخلفيات السياسية المغرضة، بناء على شعارات ترفع في كل التظاهرات المتضامنة في أوربا مع حراك الحسيمة، يمكن أن نضع "حراك الريف" على الرغم من أن الريف تعرف مناطقه تفاوتات في استيعاب الأزمة، أقصد أزمة تهميش الريف. بدا الموقف الوطني من الأمر عبارة أيضا عن تفاوتات في التقييم من وجهة نظر الرأي العام المغربي، لكنه مع الأسف ، يصب في زاوية واحدة هي نفسها التي كرسها النظام والتي تبناه أيضا بشكل متفاوت فتات اليسار المغربي نفسه، إن موقف الجميع من مخاض الحسيمة انبنى في كل التقييمات على تلك العزلة التي تقيمها الحسيمة نفسها وتشعر بها، بعض شعاراتها، من داخل المظاهرات التي عايشتها شخصيا ببعض مناطق إسبانيا،ترفع شعارات جمهورية الريف تميزا لحراكها، وطبيعي جدا في أوربا أن تكون شعارات مظاهرة معينة متنوعة تعكس أطياف المشاركين فيها عكس مظاهراتنا في المغرب التي يحكمها ضمير الخوف من السلطة المخزنية مع ضمير التكلس في "الثوابت الوطنية”. ما يثبت رأيي هذا كان هو موقف المغاربة من حراك معطلي سيدي إفني في الجنوب: نفس الموقف من حراك الحسيمة: بيانات منددة، وقفات احتجاجية متضامنة تمضي بتوفيق الله نحو التكلس: مجاملة الحراك وتسجيل مواقف مبدئية هي عبارة عن بيان خطابي: نندد بالقمع..! نحن مع مطالب..!، نحن نتضامن مبدئيا..! وهلم جرا..!،هذا هو العمل الثوري في بلداننا المكلسة، بكلمة ، على مستوى البيان يمكن للخطاب أن يكون ساخطا بشكل كبير، ثوريا حتى، لكن ليس تلك الثورة المعروفة في أدبيات النضال: الإنتقال من طور إلى آخر، بل فقط هي ذلك الزخم الكبير من الرفض والتعلل بمسوخات الواقع، بات الثوري عندنا هو من يسجل تضامنه مع حراك معين: أن تخرج في عشية ما لتشارك في أمسية نهيق، مالفرق بين هذا النهيق ونهيق النقابات العمالية حين تلوح بإضراب عام مكسوح بجليد آلهة المساومات النوعية، أولئك الأمناء هم وحدهم الأمناء الموهوبون بالإلمام ب"قضايا الوطن"حيث يضعون الخطوط العريضة لتحمل اليأس في مغرب أجمل ما فيه، من وجهة نظر فوقية (السلطة الحاكمة بالتحديد) هو انعدام الإحساس بالمواطنة في مغرب متنوع: عندما تنفجر أزمة في "سيدي إفني"، على "سيدي إفني" أن يتحمل وزر أزمته، في صفرو!، على صفرو أن يتحمل وزر أزمته، حين تسمع بانتحار معطلين حرقا، طبعا هم يتحملون وزرهم في حرق أنفسهم، سنحتج وعندما تتقادم المأساة ستتقادم أيضا في الذاكرة، سيطويها النسيان، هذا هو بالتحديد موقفنا تجاه الحسيمة .
أول حالة انتحار احتجاجا على تعسف السلطة سجلت بالمغرب قبل تونس بجيل، ومن طرف معطلين معوقين دفعتهم كرامتهم إلى إحراق جماعي، لم يهتز إحساس الوطن لهذا الأمر لسبب بسيط: المعوق عندنا في المغرب الجميل هو رديف المتسول، للأسف حتى في الذاكرة أو العقل الجمعي لليسار!.
لا زالت تحكمنا خلفية القصيدة الزجلية لعبد الرحمان المجدوب، المتصوف المكناسي (الولي بالمعنى المغربي):”كلها أوحالو". برغم روعة هذا القصيد في استفزاز شعورنا الإنساني.
نتضامن مع الحسيمة فقط ليتقادم حراكها!
طبعا سنحتفل بالسجناء ومعتقليها في طقوس جميلة: نفرح بهم حين يفرج عليهم، ألم يكن العيد الفطري رهان الكثيرين في هذا الموسم التجويعي الذي نسميه رمضان؟
متى سجلنا تضامنا ما مع إقليم الحسيمة المعزول "بظهير شريف" يعرفه الجميع (أقصد أن هذا الإقليم كان أصلا تحت حالة الطواريء منذ الستينات، أتحدى الكثير أنه كان يعرف الأمر ونظر له كما ينظر الرفاق لحصار كوبا)(الإستلاب الثقافي مرة أخرى).
ماذا أقصد بهذا الإطناب؟
مشكلة الحسيمة (وهي صراحة قضية وليست مشكلة فقط) هي نفسها مشكلة سيدي إفني ، صفرو، أزرو، هي كل مشكلة أقاليم المغرب المهمش النائم في "ظلمة الوادي" بتعبير الشاعر أبو القاسم الشابي. التظاهر تضامنا مع الحسيمة يذكرني تماما بنفس اللعبة التي وقفنا فيها مع سيدي إفني (التي أذكرها فقط بالإسم لحجمها) وباقي انتفاضات أخرى لا نكرها لتعدادها.
الإحتجاج عندنا هو حالة عجز نختصره بتلك الكلمة المعروفة لدى العامة: “اللهم هذا منكر..!”.
احتجاج بالقلب الغاشم المملوء بالخنوع الجاحد.
نتضامن مع "حراك الحسيمة" كما لو كان لا يعنينا أصلا، نتضامن معه كما نتضامن مع مأساة تقع في إقليم "قندهار"، تضامن أخلاقي مجاملاتي نعطي الفرصة فيه للجاهديين الجاهزين عمليا، لحركة "العدل والإحسان" وأقزام الإسلام السلطوي. بمعنى آخر ، نحن أيضا، في غياب تفاعل وطني صارخ، نعزل إقليم الحسيمة، ننتظر أن ينتهي وزره، ننتظر أن يقع منبحطا، وطبعا سنتكفل بالنضال عن حقوق سجنائه بتحويلهم من سجناء الحق العام إلى سجناء الحق السياسي، في أحسن الحلات عفو ملكي في عيد ديني: هبة الإسلام السلطوي ، ألم تشاهدوا بعد أب أحد السجناء يلتف بخردة ابن كيران طمعا في نيل العفو لابنه؟؟ مع ذلك أقر بأنه معذور لأنه، بملكة العقل الجمعوي ، يعرف تلك الحقيقة التي يدركها دون أن يستوعبها. منطق "لحزارة"، الشق الآخر لموت الكرامة عندنا.

اقليم الحسيمة هو إقليم معزول تاريخيا، موقف أو مواقف التضامن تحدد هذه العزلة نفسها، واجب نضالي، مجاملة في أحسن الأحوال، ليست هناك مواقف تشجل بجدارة أن قضية الحسيمة هي قضية كل الوطن، الآن جميل الإتهام، هناك شعارات تطالب بالجمهورية الريفية، بالإنفصال يعني الأمر، الكل هضم هذا الأمر، الآن يجب أن نحاكم حراك الحسيمة نسبة إلى بعض لافتات تطالب باستقلال الريف، أي طيف منها لنخضع نحن، في نقاشاتنا الداخلية في أمر الإنفصال كما لو أننا وطنيون بالفعل تحكمنا خلفية التوحد ونفي خلفية الإنفصال.
"عاد بانت القضية..!”
الآن بعض فتات اليسار المشبع حتى بحق تقرير مصير الشعوب، مع بعض "الليبيراليين الديموقراطيين"، لا أدري كيف، ربما بغريزة التشبث بالثوابت، أفاضوا علينا في المنتديات الإفتراضية ب"الوحدة الوطنية" كمدخل لنقض "حراك الحسيمة” ولا أقول حراك الريف لأني اعترف، ومن خلال الوقائع، أن الريف نفسه، الكثير من مناطقه، لم يصله حديث "الغاشية” بعد، يعني نفس أزمة الموقف الوطني من حراك معطلي "سيدي إفني” بالجنوب المغربي.

نداءات التضامن مع ضحايا القمع لم تكن في واقع الأمر سوى تضامن إنساني مثله مثل التضامن مع شعب أفغانستان إبان الإعتداء الهمجي الأمريكي. مثل التضامن مع اليمن، واجب أخلاقي لا أكثر.
وطبيعي جدا أن تكون مواقف حكومة المخزن تنزع لتأكيد هذا الإنفصال وأكدته في أكثر من مناسبة بشكل يطرح علينا سؤالا قيما: هل الريف، بشكل محدد، هل الحسيمة إقليم مغربي، هل يشعر المغاربة بأن ما يقع هناك هو انتهاك لحق المواطنة؟؟ مامعنى أن تخرج مظاهرات مساندة ل"حراك الحسيمة" وليس مظاهرات وطنية تحتج على مس لكرامة المواطن في نقطة جغرافية بالمغرب دون هذا التحديد المغرض "الحسيمة" باعتباره إقليم مغربي كل ما يحصل فيه هو مس بكل مواطن بهذا الوطن.
طبيعي أن تخرج في التظاهرات الريفية من يساند استقلال المنطقة، لكن ليس الأمر كما يعتقد الكثير، إن التظاهرة، المظاهرات بشكل عام، تعبر على تنوع المطالب (أليس هذا هو الشكل الديموقراطي المطلوب، وأن المسألة، عادة تتحقق في الإنتخاب، مالذي يخيف أن أسمع شعارا جمهوريا في المغرب، هل نسيتم قضية الإجماع حول الثوابت و بأرقام قياسية؟؟؟ أليس هذا يعطي انطباعا بأن إحصائيات النظام صادقة حول التفاف "الشعب" حول الملك والإجماع وما إلى ذلك؟؟

شخصيا، أعتقد أن الذي يخيفه استقلال الريف هو هذا الذي يسرق موارده، بهذا القول أريد فقط أن أؤكد، إيمانا بالديموقراطية نفسها التي يتبجح بها كل قرد سياسي، أنا لست فقط مع استقلال الجهة، بل أيضا مع استقلال كل البلديات في أمر تدبير مواردها البشرية والطبيعية، وهذا يعني تحديدا أني لست مع سلطة والي الجهة المعين من الرباط ولا مع سلطة العامل أوالقائد المعين بمرسوم معين.

في كل تظاهرات العالم تخرج مواقف متناقضة، في نظام ملكي دستوري تخرج شعارات تطالب بنظام جمهوري، تخرج حتى مواقف نازية، ولم تصل الأمور إلى مستوى الإعتقالات، هذا عايشته في أوربا التي أعرف حقا أن الديموقراطية فيها هي لعبة بحدود معينة في إطار نظام معين لا يسمح فيه بالخروج عن قواعد اللعبة، مالذي يخيف النظام المغربي بوجود شعارات تطالب باستقلال جهة ؟ أقصد نظام صارم في تحديد قواعد اللعبة بشكل تصبح مشكلة في إقليم هي مشكلة قائمة بذاتها كمشكلة الحسيمة بشكل يطرح السؤال العريض الذي يناقض مفهوم التنمية الجهوية، ماذا تعني التنمية الجهوية؟ تعني أن كل جهة تستثمر وتدبر مواردها البشرية والطبيعية، أي ببساطة تقر بهامش استقلال ذاتي في الفصح على تلبية بعض المطالب الإجتماعية، وطبعا مع ترك جانب تنبني عليه مساحات مطالب أخرى، مجرد مطالب تخضع في المساومات السياسية لتنازلات من طرف جوانب الصراع. هذه هي اللعبة، وهي لعبة استثني منها إقليم الحسيمة من خلال خضوعة لنظام طواريء .
يطالب سكان الحسيمة بالكرامة وهي مطلب أي مغربي ، فلماذا إذن هذا الإستثناء والعزل (التضامن مع حراك الحسيمة كما لوكان إقليما في جزيرة الوقواق).. لماذا مثلا لم يتضامن المغاربة مع محاولات الإفلات من الإعتقال في نزول عاملان من جبل عوام إلى قعر البئر عبر حبال المصعد؟ هل لأن العاملان لم يتم حتفهم برغم أن العملية انتحارية أساسا؟؟ هل نحتفل بالموتى ولا نحتفل بالناجين؟؟ وأساسا لماذا لم يخضع أحد للبحث في أمر جبل عوام بشكل لو أن العاملان سقطوا في عقر البئر لكانت الأمور الآن مختلفة، حراك أطلسي متوسطي، تضامن أخلاقي لا أكثر. هكذا نحن المغاربة، لا نميز بين القضية الوطنية، قضيتنا، وقضية التضامن مع شعب في الأصقاع، كم يكفينا من الإحتقان لنتمكن من أن نتوحد حول كرامتنا كمواطنين خالصين؟
يعبر "حراك الحسيمة" في نظري عن حالة انفصام وطنية، وشخصيا لوكنت من إقليم الحسيمة سأشعر بالمفارقة التي يشعر بها الحسيميون، هي أن أكون أنتمي إلى إقليم يمثل حالة استثناء غريبة من حقي فيها أن أطالب بأن تتركنا الرباط لحالنا، أن تستقل عنا ونستقل عنها، أما في ظل هذا الترابط، الرباط الإستثنائي، أعتقد أن ما يربط الرباط بالحسيمة هو حالة نهب لا أكثر انطلاقا من عدة جوانب :
وضع الإقليم منذ الستينات في حالة طواريء أدى إلى تهميشه
الإقليم عانى قصف كيماوي (اسباني ألماني) حتى الآن يعاني سلبياته التي تتشكل في أمراض السرطان (عوض أن تتهمنا إسبانيا بتهميش الإقليم علينا مطالبتها بتعويض ضحايا الكيميائيات في قصفها الكيميائي للمنطقة) سكان الحسيمة، بفعل تقادم المشكلة يطالبون فقط بمستشفى لأمراض السرطان والحكومة المغربية لا تملك الجرأة على المطالبة لأنها، حسب اعتقادي، لاتطالب بذلك لأنها متورطة (هكذا التعليل عندي وهو التعليل عند أي مواطن ريفي).
تهميش الوقائع التاريخية للإقليم أدى في وعي الحكومة المغربية إلى نسيان نتائج هذه الحرب الكيميائية، بالتالي تعاملت مع الإقليم بنفس تعاملها مع كل الأقاليم: نهب المركز للهامش، بتعبير آخر، نهب بورجوازية الرباط وكازا بلانكا (الدار البيضاء) لموارد أقاليم الهامش، ولا غرو في أن جل الإعتداءات الهمجية التي سجلت في الحسيمة كانت من شبيحة هاتين المدينتين ابتداءا من مبارة في كرة القدم حيث قامت هذه الشبيحة بالإعتداء والتخريب لدكاكين وتخريب مرافق مدنية، مرورا بتعيين رجال مخابرات من الإقليم قصد السيطرة على الحراك، من باب توظيف شباب المنطقة (والحقيقة هي تحويل موظفين بالداخلية كانوا يعملون بأقاليم أخرى إلى المنطقة قصد التحكم( بخلفية استخباراتية)) وانتهاءا باعتقال رموز حراكها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مشكلة الريف هي مشكلة كل المغرب
عبد الله اغونان ( 2017 / 7 / 10 - 20:30 )
في 2004 وقع ظلزال رهيب بالحسيمة وقامت الدولة وكل الشعب المغربي بالواجب وأعادوا بنائها

مشكلة الفساد والبطالة موجودة لدى شباب الرباط والبيضاء وأكادير والعيون المطالب الاجتماعية عامة

في كل الجهات وليست خاصة بالريف والأمازيغ والصحراويين

كانت 20 فبراير خرجت الى الشارع تطالب بمطالب ولم تكن في الحسيمة حراك يماثل مافي البيضاء و

الرباط ومراكش وفاس

الا أنه من تغول الحركة الأمزغوية ظهر تميز الحسيمة والحراك الريفي ذي الطابع العرقي تخرج

المظاهرات بشعارات عنيفة ورايات قبلية فيها راية الجمهورية الريفية الوهمية التي كانت مع

المقاومة وليست لها مقومات دولة وانتهى عبد الكريم الخطابي الى الاحتماء بمصر جمال عبد

الناصر وتوقفت مقاومته حتى سياسيا ظل هناك حتى مات ودفن وأبناؤه مصريون لايعرفون

حتى الدارجة المغربية فضلا عن اللهجة الريفية

يتميز الحراك الريفي بالعنصرية وشعارات العنف ويمنع فيها حمل الراية الوطنية فقط راية الخطابي

وهي راية حرب لاراية دولة ورايات أمزغوية وشعار رفض العسكر وكأن القوة العمومية ليست

في مناطق أخرى أو ان الشرطة والجيش استعمار

لذلك مارسوا العنف وانتهوا الى السجون


2 - ملاحظة دقيق
ميس اومازيغ ( 2017 / 7 / 11 - 17:13 )
الآن بعض فتات اليسار المشبع حتى بحق تقرير مصير الشعوب، مع بعض -الليبيراليين الديموقراطيين-، لا أدري كيف، ربما بغريزة التشبث بالثوابت، أفاضوا علينا في المنتديات .
الإفتراضية ب-الوحدة الوطنية- كمدخل لنقض -حراك الحسيمة”)
--------
هلاحظة فب غاية الأهمية
كم اود ان يتطرق موضوعك مستقبلا لتوظيح التفاصيل لأن هناك يكمن الشيطان كما يقال

ثاميرث

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري