الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوليات إشكالية أجر الكفاف في ضوء تحليل الإقتصاد السياسي

تامر البطراوي

2017 / 7 / 10
الادارة و الاقتصاد


الحولية الأولى مدخل إلى إشكالية أجر الكفاف
أجر الكفاف هو القيمة التي يحصل عليها العمل غير الماهر في محل معين ، في ظل سوق شبه حر تحدد هذه القيمة على أساس ما يكفي الإحتياجات الضرورية للفرد في ذلك المحل ، ولأن هذه الإحتياجات متفاوته من محل سياسي لآخر وقيمتها متفاوت أيضًا فتتفاوت قيمة أجر الكفاف من محل سياسي لآخر بل وأيضًا داخل المحل السياسي الواحد أو الدولة ، فعندما نصف الحاجات الأساسية للفرد في الولايات المتحدة ونحدد قيمتها بمبلغ 200 دولار شهريًا ، فإن هذه القيمة ستكون القيمة التي ستحددها آليات السوق شبه الحر حيث أن السوق الحر أسطورة كما سنبين لاحقاً وذلك بدون تدخل نقابي أو من الدولة لتعديل تلك القيمة ، أما عندما ننتقل إلى سوق آخر كالسوق المصري ونصف الإحتياجات الأساسية للفرد داخل ذلك السوق ونقدر قيمتها قد نجد أنها قد تبلغ 50 دولار أو ما يعادل 1000 جنيه مصري وهي القيمة التي سيحددها السوق لعنصر العمل غير الماهر والتي سترتفع قليلا كلما ازدادت المهارة في إطار ضيق .. ما الذي حدث ولماذا تغير أجر الكفاف من دولة لأخرى؟ السبب في ذلك أن نمط الحياة مختلف ما بين المجتمعات والدول ، المنتجات مختلفة الجودة ما بين الدول ، أسعار نفس المنتجات مختلفة لتدخل الدولة بسياساتها النقدية والمالية وسياساتها الإقتصادية حول تدفق عوامل الإنتاج وتكلفتها ما بين الدول ، لعل ذلك ما يفسر لنا لماذا إذن تنتقل العمالة غير الماهرة من سوق إلى سوق آخر لتتقاضى أجر يعادل الكفاف في ذلك السوق الجديد ، فعندما تنتقل العمالة غير الماهرة إلى سوق يرتفع لديه نمط المستوى المعيشي تزداد لديه الفرصة الإدخارية ، فعندما تنتقل العمالة من السوق منخفض المستوى المعيشي إلى السوق الأعلى من حيث المستوى المعيشي يمكنها إذا العيش في نفس مستواى الكفاف في موطنها الأصلي أو أقل وادخار الفارق ما بين المستويين ، الأمر إذا لا يتعلق بمستوى سعر الصرف المحلي لأن العبرة بحجم أجر الكفاف في ذلك المحل ، ولذلك فمن الطبيعي أن نشهد إنتقال العمالة غير الماهرة من المملكة الأردنية إلى المملكة السعودية بالرغم من أن سعر الصرف في المملكة الأردنية يعادل أربع أضعاف سعر الصرف في المملكة السعودية ، لا يعني ذلك أن مقصد هجرة العمالة غير الماهرة في حالة التوظيف الكامل لعمالته غير الماهرة طالما أنه يستورد عمالة غير ماهرة أجنبية ، فقد يعاني السوق المستقبل حالة من البطالة الوطنية وبالرغم من ذلك يستقبل العمل غير الماهر الأجنبي لإرتفاع كلفة أجر الكفاف المدفوعة لعنصر العمل غير الماهر الوطني مقابل الكلفة المدفوعة للأجنبي ، قد تتدخل الدول بسياساتها للحد من ذلك التدفق من أجل توظيف عنصر العمل غير الماهر الوطني إلا أن تلك السياسة خطيرة على الأداء الإقتصادي من حيث رفع كلفة المنتج الوطني فإن لم يقابل تلك الكلفة جودة موازية وطلب فعال فالنتيجة الحتمية هي تراجع الدولة عن تلك السياسة ، عندما نقصر تركيزنا على العمل غير الماهر وما يتحدد له من تكلفة بمستوى أجر الكفاف ونتجاهل عنصر العمل الماهر فليس ذلك لشئ إلا لأن العمل الماهر لا تنطبق عليه ما ينطبق على العمل غير الماهر من قوانين ولا يتحدد أجره بالكفاف وعادة ما ينتقل بين الأسواق الدولية بشكل أكثر سهولة ليتحدد أجره وفق المستوى العالمي للطلب ، نعود إلى إشكالية أجر الكفاف والتي تمثل محور إشكاليات كافة الأسواق المتقدمة أو المتخلفة ، فدعونا نؤكد أنه لا توجد دولة على مستوى العالم لا يتحدد بها مستوى أجر عنصر العمل غير الماهر بمستوى الكفاف ، وهو المستوى الذي يكفي بالكاد الإحتياجات الأساسية والضرورية وفق نمط المعيشة بذلك المحل ، فعندما نصف مستوى الكفاف في دولة كمصر بمنطقة ريفية فسنجد أنه محدود بشكل كبير فالإحتياجات بسيطة والأسعار منخفضة نسبيًا والعديد من الإحتياجات يمكن إشباعها بغير نقد ولذلك من الممكن جداً أن يتحدد بمستوى ألف جنيه مصري ، بينما عندما نصف مستوى الكفاف بدولة مثل هولندا بأمستردام العاصمة فسنجد أن يتحدد بمستوى الإحتياجات الأساسية لنمط الحياة وفق ذلك المحل ، لن ندخل في حساباتنا العشاء بمطعم فاخر ولا امتلاك منزل .. إلخ ، بل الحد الأدنى من مستوى الغذاء المعتاد في ذلك المحل وإيجار منزل صغير وتكاليف التنقل بوسائل المواصلات العامة... وفق تلك الحيثية سنجد أن أجر الكفاف في ذلك المحل والذي بالكاد سيكفي الإحتياجات الأساسية قد يبلغ نحو ألف يورو أي ما يعادل عشرون ألف جنيه مصري ، هذه الحيثية التي ننطلق منها بكون لا يوجد أي سوق بالعالم في ظل سوق شبه حر لا يتحدد أجر العمل غير الماهر به بمستوى الكفاف تمثل إشكالية وتحدي ضخم للسياسات الإقتصادية بذلك المحل ، قد تتدخل النقابات أو الدولة بسياساتها لرفع أجر الكفاف لمستوى يحدده القانون والإشكالية هنا ستكون رفع تكلفة الناتج وبالتالي ضعف الموقف التنافسي ، ربما تصلح هذه السياسة في سوق يتسم سوق الصناعة به بمنتج تنافسي كالصناعات كثيفة التكنولوجيا ، ذلك الإنتاج بالفعل يعتمد على العمل الماهر وليس معنى حديثنا أننا قد خلطنا بالعمل الماهر وغير الماهر ، فأي عمل أو أي صناعة تتطلب قدر من العمل الماهر بجانب قدر من العمل غير الماهر لأداء العديد من الأعمال منخفضة المهارة ، العمل غير الماهر هو كل عمل يمكن اكتساب مؤهله أو خبرته بسهولة ، لا نقصد هاهنا بالسهولة مقياساً معينا للسهولة يمكن تقديره بدقة ، فالعبرة في نهاية الأمر بدرجة الإنتشار ، العمل غير الماهر ليس كلاً متجانساً بل مزيج غير متناغم ومتعدد الأبعاد الوظيفية ، عندما تنتشر مؤهلات الدرجة الجامعية الأولى ويصبح من السهولة الحصول عليها في هذه الحالة ينبغي ضم ذلك المؤهل لعنصر العمل غير الماهر ، العمل الماهر هو كل عمل مطلوب ويصعب الحصول على المؤهل الخاص به ، مرة أخرى إلى العمل غير الماهر ومقابله من أجر الكفاف والذي لا يكاد يخلو منه سوق .. ربما يرى البعض أن إشكالية ذلك العمل تكون أكثر تأزماً بالأسواق ضعيفة المستوى المعيشي وإن كنا نرى أن الإشكالية الأكثر تأزماً ستكون في الأسواق الأعلى من حيث المستوى المعيشي ، ففي الأسواق القوية والمرتفعة المستوى المعيشي ستنافس العمالة غير الماهرة الأجنبية العمالة غير الماهرة الوطنية مما ستتسبب في ارتفاع معدلات البطالة حيث أن العمل غير الماهر الوطني لن يقبل بالعمل دون مستوى معين من الأجر خاصة إذا كان منتمي لوسط إجتماعي مرتفع ، قد تتدخل الدولة بسياستها للحد من تلك الهجرة ولكن كما ذكرنا إن لم يكن لمنتج تلك الأسواق مركز قوة تنافسي فسيرغم المجتمع الإنتاجي الدولة على التراجع عن تلك السياسة أو تقنينها ، قد تحاول الدولة التدخل بسياساتها المالية بضخ إعانات للبطالة ، هذه السياسة فضلاً عن كونها إهدار لعنصر العمل فهي تفويت لفرص الإستثمار والتنمية الممكنة كما أنها ستؤدي إلى رفع مستوى أجر الكفاف بذلك المحل لمستوى غير عادل يعزز البطالة والتدفق الأجنبي للعمل غير الماهر ، ولذلك فعادة إذا ما لجأت إليها الدول تحيطها بقيود رقابية وإجرائية كبيرة تصب في صالح توظيف تلك العمالة ، قد تتدخل الدولة بسياسة تعزيز التكثيف الأفقي والرأسي لرأس المال الصناعي بالمحل الوطني ، فإذا كان معدل التشغيل هو نسبة لحجم رأس المال الصناعي في المحل فإن المدخل لحل إشكالية أجر الكفاف هو رفع الطلب على العمل بتكثيف رأس المال ، عندما تتدخل الدولة بعتادها الثقيل بمحل الإنتاج لكي تقوم تنتج بنفسها فعادة ما يتبع ذلك الدخول تدمير لعدة أعمال ، بينما عندما تتدخل الدولة بدعم سياسات الإقراض فإنه يلزمها قدر ضخم من الرقابة لضمان عدم تبديد تلك القروض في إنفاق إستهلاكي أو مشروعات فاشلة ، التوسع الأفقي لرأس المال الصناعي يعني التوسع من حيث حجم وانتشار رأس المال المادي بمفهومه العام المنشآت والمعدات الثابته والمنقولة ، هذا التوسع لا يعني رفع مستوى أجر الكفاف وإنما يعني التوجه نحو التوظيف الكامل ، أما التوسع الرأسي فيعني تنمية وتطوير تلك المعدة بحيث يتم إستبدالها بتلك الأكثر تطوراً وأحدث وأعلى كفاءة إنتاجية ، هذه المعدة الحديثة هي التي ستتطلب رفع مستوى عنصر العمل غير الماهر نحو المهارة وبالتالي يرتفع مستوى الكفاف ، السياسة التي لا تأخذ في الإعتبار تطوير البية المادية لرأس المال وتتجه نحو رفع مهارة العمل فقط لن تؤدي إلى حل تلك الإشكالية فسرعان ما سيتم فقد تلك المهارة المكتسبة للعمل مالم يقابلها رأس مال مادي قادر على استيعابها ، ولذلك فتنمية المهارة ينبغي أن يتم من مدخل تنمية مستوى رأس المال المادي في الإقتصاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة