الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غياب أهون الشرّين ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2017 / 7 / 10
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


في غياب أهون الشرّين .
الوضع السوري بشكل خاص ، والعربي بشكل عام "يُقطّع نياط القلب " ، فالذبح ، التهديم والتشريد يلاحق شعوبا بأكملها ، دون أن يكون هناك ضوء في نهاية النفق المعتم والمظلم بسواد كالح . في سوريا ، العراق ، اليمن "التعيس"، ليبيا ، مصر ودول أُخرى تقف على شفا جرف هار .
دار نقاشٌ بالأمس مع مجموعة أصدقاء ، ومنهم من يميل الى كفة الدولة السورية ، وآخرون يظنون بأن "الثوار" هم "أهونُ الشرين" ...... بينما كان موقفي بأن لا وجود لأهون الشرين في الحالة العربية وتحديدا السورية .. فمنذ البداية لم تتوفر لدى القيادة السياسية السورية ،آليات إدارة الصراع بهدف تطويق الأزمة بحيث يُمكن أن تخرج منها سوريا بأقل الأضرار .
يتحدثون ومنذ الآن ، عن إعادة البناء (في الموصل مثلا) ، وفي المدن السورية "المحررة " ... محررة مِمّن ؟!
ولنفترض جدلا ، بأن العرب جميعا من ناحية "الرغبة "، هم كالألمان واليابانيين، بعد الحرب العالمية الثانية ،أعادوا بناء أوطانهم التي دمرّتها الحرب ، لكن يبقى السؤال الأهم ، والعائق الأكبر ، وهي الفجوة العظيمة بين الرغبات وبين الارادة ... فالعقلية العربية في مجملها هي عقلية ماضوية لا تستشرف المستقبل إلّا بعيون ماضوية وإعادة "أمجاد" وليس بناء أمجاد جديدة ..!!
ولنفترض جدلا بأن هذه الدول ستقوم كالعنقاء من تحت رماد الدمار وتُعيد بناء المدن والقرى ببنيتها التحتية، فماذا مع إعادة بناء الإنسان وتأهيله ، ماذا عن الملايين من المشردين ؟!
وكما في كل حرب ، فالذي يدفع الثمن الباهظ ، هم الضعفاء ، النساء والأطفال .. تهتز كياناتهم المعنوية وتضطرب مشاعرهم الإنسانية ، يفقدون الثقة في كل شيء وفي كل إنسان ..
وأصعب ما قرأتُه في الأيام الأخيرة ، عن "ضحايا" الحرب السورية ، هي قصة الطفل السوري الذي اغتصبه مُعتد جنسي أردني ، وقتله !! كان هذا الطفل الضحية السهلة والمتواجدة في "متناول" هذا المجرم ، وفي ظنّي فقد قتله لأنه اعتقد بأن لا أحد سيُبدي اهتماما بطفل سوري مشرد، لاجئ ، وحيد ..
المعتدون الجنسيون بشكل عام ، والمُعتدون على الأطفال (البيدوفيليون) ،يبحثون عن ضحايا ضعيفة ، لكي يُمارسوا عليهم جريمتهم ، وبذا يشعرون بأنهم أقوياء ومسيطرون على ضحاياهم .
وكذا هو الحال مع المرأة السورية التي تم اغتصابها وهي حاملٌ في الشهر الثامن ، ومن ثم قتلها المجرمان وابنها ..!! انها "مجرد" امرأة سورية ،لاجئة وضعيفة ومن سيهتم بشأنها؟!! هذا هو نمط تفكير المعتدين جنسيا ... بالقتل تنتهي القصة " ولا حد دري ولا حد شاف" ، على قول المثل الشعبي.
لا نعلم عدد ضحايا الاعتداءات الجنسية من بين الاطفال والنساء السوريات في بلاد اللجوء.. لكنني متأكد بأن نسبة الضحايا كبيرة جدا واعلى منها في المجتمعات البشرية المستقرة ... فأبناء، بنات ونساء الشعب السوري أصبحوا ضحايا محتملين وفي "متناول" المجرمين من كل القوميات والشعوب . بما في ذلك تزويج القاصرات السوريات من "أغنياء عرب"، وبيعهن مقابل ثمن بخس بالدولار الأخضر .
سيأتي يوم ، تتكشف فيه هول الجريمة التي يرتكبها الجميع بحق الاطفال والنساء السوريات، العراقيات ، اليمنيات وغيرهم من بلاد العُرب .. وهي –أي هذه الجريمة- أشدّ هولا من العمارات المهدمة والشوارع المفجرة ..
إنه الإنسان هو الضحية المُباشرة لإنعدام "أهون الشرّين " ...........!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تذكرتك َوأنا أقرأ الخبر
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 11 - 07:19 )
يوما ً طيبا ً لك أيها العزيز قاسم،

تذكرتكَ و أن أقرأ الخبر، فمنك تعلمت ُ أن معظم المعتدين الجنسين على الأطفال هم من ذوي القرابة أو المعرفة و التردد على البيئة التي يعيش فيها الطفل، و هكذا هو هذا المجرم البشع كان ممن يترددون على أسرة أخينا الصغير الراحل للمساعدة في دهان المنزل و تقديم الخدمات و لذلك لم يشك فيه عندما طلب منه مرافقته.

أن نحلمَ باستئصال الشر حقُّنا و ضرورةٌ لوضع ِ الخطط و تطوير الإجراءات التي تحمي الصغار، لكننا نعلم أننا مهما نجحنا في بناء مجتمعات أكثر أمنا ً و أرقى وعيا ً سنظل دائما ً نقرأ عن هذه الجرائم البشعة، فالإنسان يبقى حاملا ً للحيوان البدائي في داخله مهما تطور.

قبل سنوات فُقد صغير بعمر الأربع سنوات و لم يتم العثور ُ عليه أبداً، و احتلت قصته مساحة ً كبيرة من اهتمام المجتمع الأردني، و صار قضية رأي ٍ عام، لكن ماذا جلب الجهد للصغير الغائب أو للأم التي كادت تجن أو للأب المفجوع!

علينا أن نُحسن تربية أبنائنا حتى لا يقعوا ضحايا، ما أمكننا ذلك، و نُحسن إذا راقبناهم بحذر دون أن ندمر شخصياتهم بزرع الخوف غير المبرر، علينا أن نؤدي دورنا بطريقة صحيحة كمربين.

دمت بودٍّ!


2 - عزيزي نضال الغالي يا هلا
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 11 - 15:29 )
لقد وصلتُ الآن الى البيت ، فقد كنتُ في عرض آخر ليارا، نفس العرض لكن بحضور نقاد فنيين ... وبعض ممثلي متاحف فنية .. كان ناجحا ..
بخصوص الاعتداءات الجنسية فينطبق عليها القول - الوقاية خير من العلاج- وهي عن طريق نشر الوعي في أوساط الأطفال ..واكسابهم مهارات حياتية قد تحميهم من التعرض للاعتداء ، حتى لو كان من شخص معروف أو قريب ، والمهم ان يكتسب الطفل مهارة تقديس وخصوصية جسده..
سيبقى معتدون دائما ... لكن كما قلت التربية وهي مسؤولية العائلة ، المدرسة وثم المجتمع ..
القاك بخير


3 - إذا كان الاعتداء الجنسي من قبل المعلم أو الوالد
ليندا كبرييل ( 2017 / 7 / 11 - 18:59 )
تحياتي أستاذ قاسم حسن محاجنة المحترم

أكثر ما يخيف هو اعتداء رجل التعليم، ورجل الدين، ( اللذين يتحمّلا مسؤولية التوعية ) وحتى النساء
نعم النساء أيضا

والتوعية البيتية حول هذا الأمر تبدأ في مرحلة مبكرة، ما قبل المدرسة، فالطفل يميل إلى الثقة بالأقربين وتنفيذ الأوامر بظن أن ذلك يجلب له الحب والقبول عند الآخر
،
ومن الخطير حقا لوم الطفل وتحميله المسؤولية، يجب أن يدرك أنها مسؤولية الطرف الآخر وخطؤه
فالطفل المصاب في حاجة إلى تفهمنا لمشكلته ومساعدتنا، لذلك يجب ألا نخذله أو نشعره كأنه ارتكب عارا أخلاقيا

التواصل العاطفي الصحي ضمن العائلة والمراقبة الدقيقة مع إشعار الطفل بالحب والثقة والأمان مسؤولية تقع على عاتق الأهل أولا


مبروك لمستقبل الوطن ابنتكم الفاضلة الأستاذة الفنانة يارا محاجنة مع تمنياتي لها بمستقبل مشرق يلبّي طموحاتها

سلامي إلى أخي الأستاذ الربضي المحترم
وتفضلا تقديري


4 - الزميلة العزيزة ليندا المحترمة
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 11 - 19:57 )
مساء الخير
اشكرك جزيل الشكر على توضيح الامر .. فالطفل لا يتحمل -مسؤولية - الجريمة التي تعرض لها ...
ينقصنا دروس في الثقافة الجنسية من جيل صفر.. واكساب المهارات الضرورية بما فيها عدم الثقة العمياء بالكبار في كل شيء .. سواء كانوا من الاقرباء او من المعارف .. كما يجب تعليمه مهارة القدرة على الرفض (أن يقول لا ويرفض بشدة) كل محاولة لمداعبته بطريقة تضايقه ولا يتقبلها ..
شكرا لك على هذه الإضافة ..
وجزيل شكري على المباركة
تحياتي باسمي وباسم نضال


5 - العزيزان قاسم و ليندا - 1
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 12 - 07:41 )
صباحا ً جميلا ً طيبا ً لكما و للقراء الكرام،

لا يوجد في مجتمعاتنا حدود واضحة بين ما هو مسموح كأعلان مودة للأطفال و بين ما هو ممنوع، فعلى سبيل المثال نلاحظ أن السلام على الأطفال من الكبار الأقرباء أو أصدقاء الأسرة يكون بالمصافحة و العناق و التقبيل و هذا منتشر بشكل كبير بين كل شرائح المجتمع ما عدا ربما عند بعض المستنيرين الذين يكتفون بالابتسامة و المصافحة اليدوية و الكلام الجميل الطيب،،،

،،، و من هنا يصعب علينا أن نضع للأطفال قانونا ً بسيطاً مثل: لا تسمح لأحد أن يلمسك على الإطلاق، و سينصب جهدنا على تعليمه أن لا يسمح أن يلسمه أن غريب و هذا جيد، لكن المشكلة أن معظم المعتدين هم من بعض الأقرباء و أنت لا تستطيع أن تفزعه من كل الأقرباء، و عندها سيكون عليك أن تعلمه كيف يقبل المصافحة و القبلة لكن أن ينتبه إلى نوع القبلة و طريقة الاحتضان أو إلى أي نمط يثير الشك، كيف سنعلم هذا لصغير؟؟؟؟؟! طبعا ً أقولها على سبيل الصعوبة الممكنة التحقيق و لا أحملها على الاستحالة فلقد نجحنا (زوجتي و أنا) في زرع قيم الاستقلالية و حماية النفس في أولادنا.

يتبع


6 - العزيزان قاسم و ليندا - 2
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 12 - 07:48 )
تابع

إذا ً يجب زرع ثقافة تقديس الصغير في مجتمعاتنا لتحصين حُرمة جسده عند السلام.

الإخوة الشركس في مجتمعنا الأردني لديهم عادة جميلة لمستها في أكثر من شخص منهم، فهم عند السلام على الأطفال يصافحون أيديهم الصغيرة و يقبلونها، و لا يقبلون الوجه (فيمن رأيت ُ منهم و لا أجزم أنها عند جميعهم فلا معلومات ٍ وافية لدي هنا لكني أوردته كمثال).

تقديس الصغير يبدأ بالاهتمام بكلامه و رأيه، فمثلا ً كان الراهب الأخ جيوم (جي اختصاراً كما كنا نناديه) يترك كل ما في يديه حين يحضر أحد الصغار عنده و يسمع له باهتمام شديد يثيراستغرابي (و كنت ما زلت في سنوات شبابي الأولى)، فأساله عن سر ما يصنع.

كان يجيبني: أخشى أن يكون يسوع قد ارسله لي برسالة ما.

لو نحَّينا البعد الديني الميتافيزيقي من هذه القصة سنجد أن المبدأ الأساسي هنا هو احترام براءة الطفل و نقائه لدرجة تجعل الأخ جي يرى فيهما (البراءة و النقاء) قيمة لا يسمو عليها شئ، قيمة تؤهل صاحبها الطفل لأن يكون رسول الإله نفسه (لاحظ هذا التقديس للطفل).

مجتمعاتنا تعامل الأطفال باستهتار على سلم درجات يكون أحطها تلك الجريمة النكراء.

دمتما بودٍّ!


7 - سلمت يداك
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 12 - 16:23 )
شكرا يا نضال على هذه الاضافات
دمت بود


8 - الجرائم الجنسية النكراء في حق الأطفال
ليندا كبرييل ( 2017 / 7 / 12 - 18:27 )
تحية طيبة للأستاذين القديرين

يقشعر بدني خوفا وحزنا عندما أسمع أن قساوسة أو شيوخ يعتدون على الأطفال جنسيا
حامي الأخلاق حرامي
فإذا كان من يفترض به أن يضرب المثال في السلوك المستقيم يفعل كل هذا فما بالنا بالقنابل الجنسية الموقوتة المنتشرة في كل المجتمعات العربية ؟

في آسيا الشرقية لا يعرفون الترحيب بالقبلات، ويأنفون من هذه العادة ويعتبرونها غير صحية

لي ذكرى طريفة قديمة مع ابني لا أنساها
كنا في كنيسة ، في نهاية القداس اصطف المؤمنون لتناول البركة، ثم تقبيل يد القس، ولما حان دور ابني مدّ القس يده فتردد ابني والأبونا ينتظر فسأله ابني: أبونا مغسّل إيديك ؟فأجابه الخوري بلطف نعم يا ابني
لكن الولد لم يقتنع بعد أن رأى الناس قبله تقبّل تلك اليد ، فقام ابني وقبّل أصابع كفه ثم طبع الأصابع على كف الخوري ومشي

الأطفال يفهمون ويدركون بالفطرة، لكنهم يحتاجون إلى من يفتح أعينهم

أوافقك أستاذ نضال على طرحك السديد،
ولك وللأستاذ محاجنة تقديري للطريقة الراقية التي تتعاملان بها مع أبنائكم

محبة وسلاما


9 - العزيزة ليندا
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 13 - 06:03 )
صباح الخير
وشكرا على الاضافة
سلامي وتقديري

اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل