الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافة الأقصى والهيكل

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2017 / 7 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



إهداء/إلى العرب واليهود

يدمر الدين كل شئ فى حياة الشرق الأوسط ، وحتى إسرائيل التى تقدمت ، فمازال الدين يجرها إلى أسفل، ومازلت تبحث عن بقايا هيكل سليمان، الذى بناه قورش الفارسى، تحت مسجد عبدالملك بن مروان ، والذى نسميه اليوم بالمسجد الأقصى؟ بهذه المقدمة التاريخية، والتى يمكن تسميتها باللخبطة التاريخية أيضاً ، يمكن أن نختصر كل هذا الخراب الذى يعيشه هذا الجزء من العالم، بإرتباطه بموروثات قديمة، وإعتقاده المطلق فى أماكن مقدسة، تجعله يموت تحت الأقدام فى الزحام، أو يبحث كالمجنون فى الأساسات والسراديب ، أو يتصور أن زيارة أى مخالف فى الدين سوف يدنس حجارة لاتضر ولاتنفع، فيثور، ويقيم الدنيا ويقعدها ، دون أن يسأل نفسه ولو للحظة واحدة، هل هذه مقدسات وأماكن مقدسة فعلاً ، أم أنها مجرد أكاذيب التاريخ القديم !!!
تبدو قصة الهيكل الإبراهيمى الأول بدائية ساذجة كأصحابها، فقد كان عبارة عن مجرد خيمة فى الصحراء ، نصبها موسى لقبائل إسرائيل أثناء رحلة الهرب - أو الرحيل - عن مصر، كانت تسمى بخيمة المعبد، تبدو طقوسها الدينية كطقوس مصرية قديمة ، لايميزها سوى تابوت العهد الذى وضع بداخلها، وبداخله وصايا موسى لشعبه ، والتى عهد لقبيلته - قبيلة ليفى - بالقيام على رعايتها ، وكانت تلك هى البداية البدائية للعبادات والأماكن المقدسة الإبراهيمية، ولكن ومع إستقرار شعب إسرائيل فى فلسطين ونشأة الملكية الإسرائيلية وتطورها فقد قام ثالث ملوكهم ، سليمان ، بإقامة هيكل لعبادة إله إبراهيم فى أورشليم ، التى إتخذ منها أبوه داود عاصمة لدولة إسرائيل الوليدة فى بدايات القرن العاشر قبل الميلاد. تحدثت أسفار العهد القديم عن عظمة هيكل سليمان وبهائه وكيف جلب له شجر الأرز من لبنان والصناع المهرة من مصر وعن كيف أصبح هيكل الإله مركزاً لإدارة العالم ولكن، وكما هى العادة فى التاريخ ، فلاشئ يبقى على حاله ، فقد إنقسمت مملكة إسرائيل، بعد سليمان، إلى دولتين ، إسرائيل ويهودا ، وسرعان ماسقطت إسرائيل أمام جحافل الآشوريين وإندثرت تماماً حوالى سنة 720قم، بينما عاشت يهودا، بهيكلها وعاصمتها فى اورشليم، حتى قضى عليها نبوخذ نصر البابلى سنة 586 ، ودمر هيكلها وإستعبد أهلها وهجرهم إلى بابل ، بسبب إنحيازهم إلى مصر ضده ، لتنتهى بذلك قصة الهيكل المقدس الأولى نهاية مأساوية !!!
لم تعش دولة نبوخذ نصر طويلاً ، فسرعان مادالت دولة الكلدان ، وإكتسحها الفرس سنة 539 ق.م، والذين قام ملكهم قورش بتحرير شعب إسرائيل والسماح له بالعودة إلى أورشليم وإعادة بناء الهيكل ، برعاية فارسية هذه المرة ، وذلك حوالى سنة 520 ق.م ، بحيث يمكننا أن نسميه هنا بهيكل قورش وليس بهيكل سليمان أو إبراهيم، وهو المعروف تاريخياً بالهيكل الثانى، والذى تم تجديده وتوسعته بعد ذلك فى عهد هيرودس ملك إسرائيل الرومانى . وإتخذ الفرس من شعب إسرئيل حليفاً ومحطة لهم على الطريق إلى مصر وسوريا وشواطئ المتوسط ، وأخلص شعب إسرائيل بدوره فى خدمة محرره الفارسى، وعاش وفياً له حتى دالت دولته على يد الإسكندر الأكبر. وبعكس الفرس ، فلم تكن العلاقات ودية مع الشعوب اليونانية ذات الثقافة الوثنية القوية والتى لم تحترم إله إسرائيل ونصبت تماثيل آلهتها فى وسط هيكله ، فإندفع اليهود فى سلسلة من الثورات ضد الحكم اليونانى فى فلسطين وإتخذوا من الهيكل مقراً للتجمع والمقاومة ونجحوا فى الحصول على مايشبه الحكم الذاتى فى ثورتهم الكبيرة التى عرفت بالثورة المكابية، لكن الأمور لم تسير سيراًحسناً مع الرومان الذين ورثوا أملاك اليونان فى الشرق الأدنى والبحر المتوسط ، فلم ترهبهم ثورات اليهود وكان أن قرروا هدم أورشليم وهيكلها على رؤوس أصحابها وهو ماقام به بالفعل الإمبراطور تيتوس سنة 70م . وهكذا دمر الهيكل للمرة الثانية فى نهاية مأساوية أخرى ، وهاجر اليهود من فلسطين الى مناطق البحر المتوسط والجزيرة العربية ولم يبق منهم فى فلسطين سوى بضعة آلاف ، وردمت أساسات الهيكل ونسى تاريخه حتى ظهور الإسلام بعد ذلك بعدة قرون وبعث ذكراه إلى الوجود مرة أخرى. إن هذه الأساسات المردومة المنسية هى التى إتخذ منها محمد قبلته الأولى وأطلق عليها تسمية (المسجد الأقصى)!!!
وبصرف النظر عن الأسباب التى جعلت محمد ينصرف عن هذه القبلة بعد ذلك ، والتى هى بالتأكيد أسباب سياسية أيضا، سواء لفشله فى إرضاء اليهود والحصول على إعترافهم بنسبه الإبراهيمى وبزعامته عليهم، كما هو الحال مع بنى عمومتهم العرب، أو لشعور القوة الذى إكتسبه بعد غزواته الأولى فى المدينة وإستغنائه عن دعمهم لدعوته الإبراهيمية ، أو لأى أسباب أخرى، فإن المفارقة الغريبة هنا هى أن العرب وبعد نجاحهم فى غزو الشام، بعد ذلك بسنوات قليلة، لم يهتموا أى إهتمام بهذا المسجد الأٌقصى ، ولابحثوا عن مكانه ولاعن أساساته أو أماكن ردمه، رغم أنه كان قبلتهم الأولى وموضع معراج نبيهم إلى السماء، وإنصب إهتمامهم فقط على نهب ممتلكات البيزنطيين فى الشام والإستقرار فى أراضيها، موقف من أغرب مواقف التاريخ لم يتغير إلا بعد زمن طويل ، وذلك عندما إحتاجت السياسية لوجود المسجد الأقصى مرة أخرى، ففى الصراع الشرس الذى دار على الخلافة بين عبدالملك بن مروان الأموى صاحب الشام ، وبين عبدالله بن الزبيرالهاشمى ، صاحب الحجاز وقبلة المسلمين فى مكة ، تذكر عبدالملك بن مروان - فجأة - أنه أيضا يملك قبلة فى الشام، وهنا فقط بحث عن أساسات هيكل قورش المردوم وبنى عليها، مسجده الأقصى، بل كان أكثر ذكاءً وبحث حوله عن مكان معراج النبى - كما تصور- وبنى عليه قبة الصخرة، فأصبح لدية بدل القبلة قبلتين، وبدل المكان المقدس الواحد مكانين، ورغم أن السلاح هو الذى حسم الأمر فى النهاية، بقتل عبدالله بن الزبير وهدم الكعبة سنة 73هـ ، إلا أن مافكر فيه عبد الملك بن مروان ، كان، بلاشك ، ضربة معلم . وهكذا عاد المسجد الأقصى إلى الوجود مرة أخرى ، فى ثوب إسلامى هذ المرة !!!
هذه هى إذن قصة الهيكل ، أو المسجد الأقصى ، من نبوخذ نصر إلى قورش إلى عبدالملك بن مروان ، فماذا لو لم يرغب قورش فى تحرير اليهود ومحالفتهم وإعادة بناء الهيكل الذى هدمه نبوخذ نصر ، وماذا لو لم يحتاج عبدالملك بن مروان لهذا الدجل السياسى الرفيع فى مواجهة عبدالله بن الزبير فى مكة ببناء مسجد فوق موقع هيكل قورش الذى هدمه الرومان ، بالطبع لإختفى ذلك الهيكل إلى الأبد بعد هدمه الأول على يد نبوخذ نصر قبل عصور طويلة ، وماسمع عنه أحد بعد ذلك؟ فهل يعقل والحال هكذا ، أن تظل هذه الحجارة السياسية - التى لاحول لها ولا قوة - تتحكم فى أهل هذه المنطقة التعيسة إلى الأبد؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خراب مصر
ركاش يناه ( 2017 / 7 / 15 - 00:04 )

خراب مصر
_______

خراب مصر لعمار المدينة لم يكن مصطلح حديث يوم تبادله الخليفة العادل مع ابن زواج الرهط

بل هو موازي للسرد الرائع الذى قدمته استاذنا

سقطت مصر و جيشها الى الأبد اولا على يد قمبيز ابن قورش حوالي 550 قبل الميلاد و تم تدمير و نهب البلاد و ضياع وثائق الحضارة المصرية

بعدها اذلنا الإغريق و الرومان و العرب و المماليك و العثمانيين و الأتراك و الإنجليز و الإسرائيليين و كل ابن جزمة آفاق ، و كله كرامة للاحجار

و تم تحقير تاريخنا و حضارتنا من البدو الأجلاف الاعراب و العبرانيون

دى مصيبة سودة يا استاذنا

.....


2 - الرد على الأستاذ ركاش تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2017 / 7 / 16 - 15:11 )
نعم الأحجار هى سر خراب هذه المنطقة ياصديقى ، وليس خراب مصر وحدها ، شرق أوسط واحد بأحجار وأساطيره وخرافاته. ربك يعجل بنهاية عصور الظلام ياصديقى وندخل عصور العلم والمعرفة. تحياتى.

اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah