الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيمة الحياة ومعناها

ارام كيوان

2017 / 7 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



ان التفكر في الطبيعة والكون والتساؤل الجدي عن قيمة الحياة ومعناها هو من أصعب الأسئلة التي تدخل كل من أعمل عقله وترك الاستنتاجات الجاهزة في تحدي صعب مملوء بالأسئلة المشتقة من التفكر بهذا السؤال, وقد كنت ممن اجتهدوا في هذا المضمار ووصلت الى نتيجة معينة عن طريق المطالعة والتحليل.


لكي ندخل في هذا المضمار علينا أن نقسمه الى ثلاثة محاور رئيسية :
1.نشات الإنسان
2.الصراع مع الطبيعة
3.الصراع الطبقي




- نشأة الانسان : المادة هي الأصل،هي موجودة في ذاتها وبذاتها ومستقلة عن العقل الذي يتصورها.هناك وجود مستقل للطبيعة والأشياء عن الذات العارفة,المادة في تطورها الحتمي المليء بالتناقضات والتفاعلات الكيميائية وصلت الى الخلية الاولى التي نتج منها اشكال متعددة وأرقاها كان الإنسان الذي غدى لاحقا سيد الكائنات الحية في الطبيعة كونه أكمل مسيرة التطور معتمدا على قواه العقلية التي تحفزه دائما على اكتشاف ذاته,هكذا فان بداية الانسان وأهم ما يميز الانسان والحيوانات (الثديات) هو حب الاستطلاع كما يؤكد ديزموند موريس في كتابه (القرد العاري) : "ان لجميع الثديات دوافع استطلاعية قوية ولكنها تشكل أهمية كبرى لبعضها, ان ذلك يعتمد على مدى تخصص تلك الثديات أثناء تطورها" ومن ثم في اقتباس اخر: "عند الثديات العليا والى حد أقصى عند البشر يتحرر الاستطلاع ويصبح دافعا متصلا مميزا ان وظيفة الاستطلاع هي تزويدنا بيقظة معقدة وادراك للعالم من حولنا ولقدراتنا على تنفي استطلاعنا"


نشأ الانسان كفرد من مملكة الحيوان قبل أن ينفصل عنها وكان من أهم صفاته الذاتية حب الاستطلاع التي يتشارك بها مع غيره من الثديات حتى يحقق ذاته, والوعي وحده هو الذي يساعد الانسان على تحقيق ذاته والعمل هو الذي خلق الانسان ووضعه في فجر الوعي لثلاثة ملايين سنة أما شمس الوعي فقد بزعت مع تناول الإنسان الحجر واستخدامه كأداة إنتاج وهذه العلاقات الجدلية هي التي انسنت الانسان لا غير


أسلافنا "القرود" فرض عليهم كنتيجة لنمط حياتهم أن تقوم الأيدي عند التسلق بوظائف غير وظائف الأرجل ـ وأغلب الظن أن هذا السبب هو السبب الأول شرعت هذه "القرود" تفقد عادة الاعتماد على أيديها للمشي على الأرض واتخذت أكثر فأكثر مشية عمودية. وهكذا تمت الخطوة الحاسمة للانتقال إلى الإنسان فعن طريق العمل أصبح لأعضاء الجسم وظائف جديدة ومظاهر جديدة وكانت القمة بالوصول الى مرحلة الانسان هي النطق وتعلم فبالكلمة اكتمل كون الانسان انسان والنطق نتج عن حاجة المجموعة الى وسيلة للتواصل والمجموعة نتجت عن طريق العمل الذي كان ضرورة لتستكمل تلك "القرود" تطورها




- الصراع مع الطبيعة : خاض أسلافنا طوال ملايين السنين صراعا ضاريا للبقاء في الطبيعة انتهى بانتصارهم وتقسم تلك الفترة الى مرحلتين رئيسيتين بحسب انجلز (وحشية وبربرية) وفي اعتقادي برغم أنني لا أستطيع أن احدد تاريخا مححدا للزمن الذي انتهى فيه ذلك الصراع الا أنني ارجح أن يكون في الطور الأوسط من البربرية مع ظهور الملكية الخاصة التي خلقت معها الصراع الطبقي فهذه دلالة أن الانسان انفصل عن الطبيعة انفصالا تاما بحيث أمكنه أن يخوض صراعا جديدا في مملكته الخاصة المستقلة عن الطبيعة والتي مكنته أن يسخر الطبيعة تحت سلطانه


لنأخذ من دراسة انجلز بعنوان (أصل العائلة) ودراسة ديزموند موريس (القرد العاري) أبرز معالم صراع أسلافنا مع الطبيعة,ولنبدأ مع ديزموند موريس التي يعرض فيها ثلاثة مراحل لتطور أسلافنا في صراعهم مع الطبيعة :


المرحلة الاولى : "عندما اعترضت اسلافنا بيئة جديدة جابهوا الاحتمالين التاليين : كان عليهم اما أن يصبحوا قتلة أفضل مما سبقهم من أكلة اللحوم في القديم أو أن يصبحوا نباتيين أفضل مما سبقهم من الحيوانات النباتية في القديم- أي بمعنى اخر, كان النجاح حليفهم في كلتا الحالتين ان عمر الزراعة ليس سوى نحو من الاف السنين على الرغم من أننا الان نتحدث عن ملايين السنين لقد كان استغلال الحياة النباتية في الأماكن المفتوحة امرا خارج نطاق قدرة اسلافنا الى أن جاء تطور التقنية الزراعية العصرية لقد كان ينقصهم الجهاز الهضمي الضروري لالتهام ما تجود به الأرض الزراعية ولم تكن وجباتهم سوى ما يحصلون عليه من جذور النباتات على مستوى الأرض وكانت امكاناتهم محدودة فقد كانوا بدلا من الوصول الى أعلى الشجرة للحصول على فاكهة طازجة يكتفون بحفر وخدش في التربة الصلبة للحصول عى طعامهم وهم يقاسون الأمرين"


المرحلة الثانية : كانت الخطوة التالية هي صناعة الأدوات بعد خطوة استعمالها ولم يؤد ذلك الى تطور في فن الصيد بمعنى تقنية لأسلحة فحسب بمعنى التعاون الاجتماعي لقد كانت القردة الصيادة تصطاد جماعيا وبتحسن وسائل الصيد لديها تحسنت أيضا طرق تنظيمها الاجتماعي فقطيع الذئاب يشتت بعضه بعضا بخلاف القردة الصيادة التي تملك أدمغة أفضل من الذئاب تمكنها من استخدام عقولها في أمور تعود بالنفع على الجماعة وبالتالي تطورت هذه العلاقات الاجتماعية وازدادات تعقيدا


المرحلة الثالثة : "أصبح القرد الصياد قردا يرتبط بالأرض لقد بدأت تتأثر جميع نزواته الجنسية والأبوية والاجتماعية اما طرقه القديمة في التجول وقطف الثمار فقد أخذت تتلاشى بسرعة لقد ترك فعلا غابته لقد أصبح قردا له مسؤولياته"


//أما انجلز فقد حدد مراحل تطور الجنس البشري بشكل أدق حيث قسم مراحل تطور الجنس البشري الى ثلاثة مراحل (وحشية- بربرية - حضارة) وللمرحلتين الاولتين ثلاثة أطوار نجزم أن صراع الانسان مع الطبيعة وتسيده للكائنات الحية انتهى في الطور المتوسط من البربرية عندما ظهرت الملكية الخاصة وأسس الانسان مملكته الخاصة لينتقل الى مرحلة جديدة من الصراع في مملكته وهي مرحلة الصراع الطبقي, ولكن قبل أن نخوض في الصراع الطبقي علينا أن نعود لنقطة الوعي فالوعي هو نتاج العالم المادي الذي نعيشه وبزعت شمس الوعي في تلك المرحلة مع تناول الإنسان الحجر واستخدامه كأداة إنتاج وتطوير وسيلة الانتاج دائما التي بتقدمها يتقدم وعي الانسان وبرقيها يرتقى المجتمع ككل


- الصراع الطبقي : كانت الخطوة التالية في تاريخ الانسان بعد انفصاله عن الطبيعة هي الصراع الطبقي الذي نتج بسبب أول تقسيم جماعي كبير للعمل وهذا التقسيم الذي كانت نتيجته هي الملكية الخاصة التي أوجد بسببها العبيد ومنذ ذلك الوقت أصبح تاريخ كل مجتمع هو تاريخ صراع الطبقات (حر وعبد، نبيل وعامي، بارون وقن، معلم وصانع )




التاريخ ككل يتلخص في التطور والتطور يتلخص في صراع الأضداد, وهذه الأضداد في المجتمع هي الطبقات التي تتناقض مصالحها وبما أن الوعي يتقدم ويتقرر بمقدار تقدم وتطور الالة فان الطبقة المالكة التي دائما ما شكلت الأقلية هي التي تملك وتقرر وعي المجتمع وشكله فعن طريق هذه السيطرة تقرر الطبقة الحاكمة كل شيء "الدين,الأخلاق,العادات والتقاليد..." وكل النواحي الايديولوجية في المجتمع التي تشكل البناء الفوقي للمجتمع, دائما ما شكل تملك طبقة تشكل الأقلية في المجتمع لوسائل الانتاج وكل ما يخص المجتمع واقعا مرا وحملا ثقيلا لباقي أفراد المجتمع في سبيل تحقيق ذاتهم,فعندما يكون الواقع صعبًا وظالمًا، يجد المرء نفسه في حالة صراع داخلي عنوانه "ماذا أفعل؟" وفي نهاية المطاف لا يكون هنالك إلا ثلاثة خيارات :
* مواجهة الواقع حتى النهاية لكسب الذات
* الرضوخ للواقع وانكار الذات
* العدمية


كما أسلفنا فالانسان انحدر من مملكة الحيوان وورث منها جانبا وحشيا (ذاتا حيوانية كما يسميها فرويد) وبعد ظهور الملكية الخاصة عاد الجانب الوحشي للانسان ليطغى في مملكته المستقلة عن مملكة الحيوان ما سبب للانسان حالة اغتراب عن الانسانية والتي أخذت شكلين عند الظالم والمظلوم, فالظالم صاحب الملكية الخاصة الذي يطغى جانبه الوحشي لا يملك مشكلة أن يفعل أي شيء في سبيل ارضاء جشعه حتى لو دعاه الأمر أن يبيد كل من هو أمامه أما الطرف الاخر حيث "المظلوم" فيفقد أي شعور بالانسانية بحيث لا يملك أي وسيلة انتاج تساعده على التقدم في وعيه وحياته وبلغت أعلى مراحل الاغتراب في عهد الرأسمالية البائدة كما يؤكد كارل ماركس في كتابه العائلة المقدسة: “يظهر من الطبقة المالكة وطبقة البروليتاريا نفس القطيعة مع البشرية، ولكن تشعر الطبقة المالكة بالراحة والقوة في هذه القطيعة، فهي ترى في القطيعة قوتها الذاتية وما يعطها مظهر الوجود الإنساني. في المقابل تشعر طبقة البروليتاريا بإبادتها، بمعنى أنها تزول من الوجود في هذه القطيعة، حيث ترى فيها انعدام قوتها ووجود غير إنساني"

أما الاغتراب اليوم فيأخذ شكلا اخر, ففي ظل نمط الانتاج الاستهلاكي والعولمة تعود علاقات الانتاج الى ما قبل الرأسمالية, فردية الانتاج وضعف علاقات الانتاج تؤدي الى تاكل عوامل الوحدة بين المجتمع بين شرائح المجتمع ككل ما يشجع الانقسام داخل المجتمع لشتى الأسباب (عرقية, ايمانية, لغوية, جندرية, مهنية...) وبطبيعة الحال يلتحق كل شخص بمجموعة معينة من بين الشرائح المقسمة والمجتمع المتفتت ويعيش معهم في عالمه الخاص ظنا منه أنه وجد نفسه وحقق ذاته عن طريق هذه المجموعة ولكن في حقيقة الأمر فالتباعد بين البشر هو ظاهرة اغتراب انساني ذات شكل جديد بحيث تصيب كل مجموعة من المجموعات المنقسمة حالة قطيعة مع البشرية


وهكذا تدين البشرية لشخصين في كشف حقيقة وجودهما وهما داروين وماركس فالأول كشف كيف تتطور الأحياء والثاني كشف كيف تتطور المجتمعات وكون ماركس هو الذي كشف أن التاريخ ينتهى بالمجتمع الشيوعي الذي يعد أعلى مراحل التطور الانسان والمجتمع الذي سيوفر لجميع الذين يعيشون فيه أن يحققوا ذاتهم ويكتشفوها, فمن هذا المنطلق فان مهمة الشيوعيين هي خدمة البشرية في سياق استكمال إنسانيته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في شرك المثالية
قيس الزواوي ( 2017 / 7 / 17 - 05:26 )
الكاتب لا يعلم ما يؤكده علماء الأنثروبولوجي وهو أن أجناسا عديدة من الحيوانات الشبيهة بالإنسان انقرضت رغم أنها كما يفترضهاهذا الديزموند المغمور من الثدييان وتمتلك غريزة حب الاستظلاع
الفلسفة المثالية شرك صعب يقع فيه أمثال هذا الكاتب ومعلمة ديزموند


2 - الأخ قيس الزواوي
ارام كيوان ( 2017 / 7 / 17 - 13:45 )
أنا اعلم ما يقول علماء النثروبولوجي وأتفق معك في الطرح أن الاستطلاع ليس هو ما انسن
الانسان وهذا ما لم أقله بل قلت أنه صفة ذاتية للثديات ككل
يحب الانسان تنميتها دائما ولكن تنميتها تخضع لظروف خارج ارادته أهمها تطور وسائل الانتاج
:ولعل هذه الفقرة من المقال تبين لك أنك فهمتني خطئا

والوعي وحده هو الذي يساعد الانسان على تحقيق ذاته والعمل هو الذي خلق الانسان ووضعه في فجر الوعي لثلاثة ملايين سنة أما شمس الوعي فقد بزعت مع تناول الإنسان الحجر واستخدامه
كأداة إنتاج وهذه العلاقات الجدلية هي التي انسنت الانسان لا غير

تحياتي


3 - الرفيق العزيز ارام
سعيد زارا ( 2017 / 7 / 19 - 15:18 )

الرفيق العزيز ارام تحياتي الحارة

اسف لعدم مشاركتي في حين اصدار المقال


هناك تجربة معروفة لدى علماء الاحياء و هي تجربة الغراب الذي كان مصرا على لي سلك على شاكلة سنارة من اجل ان يسحب دود الارض لتناوله. اسوق لك هذا المثال لاقول ان ما سميته بحب الاستطلاع الذي افردته بالثديات فقط لاقول لك ان الكائنات كلها تصارع من اجل بقاء نوعها فتحاول ان تحسن من وظائف اعضائها اما الانسان فيصارع قوى الطبيعة و هو يحسن من وظائف وسائل الانتاج.

شكرا.

اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا