الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة مأزومة قبل الأنتحار

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



لو كانت لدينا طبقة سياسية وطنية مخلصة ومحترفة تعمل وفقا لرؤية ومنهج أجتماعي وسياسي معروض على الجماهير، وقد حصل التأييد والدعم الكامل الذي بموجبه قد شقت طريقها نحو السلطة، بممارسة ديمقراطية حقيقية وبقانون أنتخابي يحترم عقل الإنسان وحريته ويحترم قواعد العمل المؤسساتي، فهل نحتاج إلى فتوى دينية من مؤسسة عرفت بتكاسلهاوبعدها عن الواقع وعيشها في غيبوبة التاريخ للدفاع عن الوطن؟
ولو كان لدينا منظومة قانونية ودستورية متكاملة ذات توجه علمي وعملي مبني على فلسفة تنبع من حاجات وثقافة وقيم المجتمع، وقضاء محترف ومهني لا تتلاعب به إرادات السياسيين ورجال الدين وغوغاء الشارع للذهاب به يمينا وشمالا، هل نحتاج إلى نصائح مرجعية دينية توصينا كل جمعة بمعلومة فضائية تتبخر مع أخر كلمة في خطاب تخديري وهي لا تسمع وخبر لا يفهم ما وراءه؟
لو كانت لدينا عقيدة عسكرية صارمة واضحة تستجيب لمتطلبات الأمن الوطني ومفاهيم الدفاع الذاتي عن الإنسان والأرض، قبل أن يكون واجبها حماية السلطة وأشخاصها وراء حصن وأسوار أسمنتية عالية ، ولدينا جيش وطني ليس بالأنتماء الجغرافي فقط بل بالروح العسكرية المثابرة، هل يمكن لرجل دين أو متدين أو مدع بطولات أن يصبح قائدا عسكريا فوق القادة والأركان يوجه قادة الجيش وأركانه وجنرالاته ويسوقهم حيث تشتهي خيالاته المعشعشه في عقل مستثار وكأنه يخوض معركة كربلاء الطف.
لو كانت لدينا ثقافة حضارية إنسانية تعكس روح وجوهر قيم المجتمع كوحدة إنسانية ضمن عالم متعدد الرؤى والأفكار المتشاركة في الهم الإنساني، ولدينا فكر حر ومفكرون يقدمون المعرفة على أنها الغذاء الإنساني واجب بالضرورة كرسالة وكحاجة للديمومة، وكان لدينا أعلام حر ومسئول ومهني وأحترافي يقدم ما هو أولى لبناء الشخصية الإيجابية ويحارب الخرافة الفكرية، وكان أكاديميات ومؤسسات بحثية وتعلمية منتجة ومؤثرة في السيرورة الأجتماعية والصيرورة الحضارية للوطن وازنة محترمة وممتهنة وتقوم على فلسفة واضحة وبينة هدفها الإنسان والعلم والمعرفة قبل التسويق والحضور اللا مجدي، هل يتمكن جاهل تأريخيا ومزاجي منفصم عن الواقع والعلم والمعرفة وموتور لأنه يتقاطع حضاريا وإنسانيا مع حركة الزمن ومستوجبات التطور، أن يستغل هذه المؤسسات المقدسة إنسانيا ليرسخ في المجتمع مفاهيم الطائفية والفئوية وينشر لنا ثقافة القبور والأموات وتأريخهم المزيف؟
لو كانت لدينا مؤسسة دينية منفتحة الأفكار على حق الإنسان ووجوده وضرورات الوجود التي في العلل الكلية والأصلية التي من أجلها كان الدين ووجد في الواقع، هل يمكن لتراث ضخم من قيم نسبناها للسماء أو هي أنتسبت تقول أنها مسخرة لخدمة الإنسان كي تصل به للصراط المستقيم الذي يعني في ذاته وجوهره ومظهره مفهومين مقترنين لا فراق بينهما، الحق والخير الأول يرسي العدل والتوازن والمساواة والإنصاف والتعادل بين مالك وما عليك، والثاني يعني الإحسان والفضل والتعاون وحب لأخيك وقابل الإساءة بالإحسان وأدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وغيرها وغيرها، هل يمكن لهذا المجتمع الذي تسوده مفردات الحق والخير أن يؤمن أن الدين يصرخ بوجوهننا يوميا جئناكم بالقتل، جئنا للبحث عن ثارات وأحقاد مقدسة وعلينا أن نقتص من الأخر لأنه يحمل وزر تأريخ أسلاف قد يكونوا أسلافنا وليس أسلافهم.... وهل يستطيع أحد أن يستحمر عقولنا بروايات وأكاذيب يقولون هم أن غالب ما وصلنا لا أصل له ولا فصل ولكن نتبع ذلك ليس إتباعا للحق بل نصرة لما نعتقد أن الله لن ينصره.
أسئلة وأسئلة وأسئلة ........... تترادف حول محور الواقع المضحك المبكي وتطرق بقوة على جدران العقل المستوحش من كل مظاهر العجب العجاب، ليقول أن هذا العبث اللا منطقي في عقول الناس وتخريب كل مقومات المجتمع الطبيعي أشبه بعملية جنون جماعي ستقودنا حتما لعملية أنتحار كبرى، تنتهي بحلولها وفي غايتها كل ماتراكم عبر التاريخ الإنساني من منجز، لتنتصر دورة التأريخ المعاكسة في أنتكاسة وأستدارة خارج كل منطق معقول............ ولكن السؤال الأصعب من أوصلنا للحضيض وأطاح بأحلام أمة أن ترتقي لغدها، وتكون صاحبة حضور وفعل يكرس وجودها كأمة حية ومجتع حقيقي لا تتناوشه سكاكين من هب ودب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على