الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفاهمات الدولية ومخاطر التقسيم

بدر الدين شنن

2017 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لما اقتحم " دونالد ترامب " المليارد ير العبثي ، المعروف بتصرفاته المثيرة ، عالم السياسة الأمريكية ، بمشاركته في الانتخابات ، وسط صخب جماهيري ، وسخط ساسي ، قل نظيره في التاريخ الأمريكي ، دخل العالم ، وليس أميركا فقط ،في مشهد سياسي شاذ ، شكل فيه حضور " ترامب " كفاعل رئيسي فيه ، اختراقاً في المألوف في السياسة العالمية ، وافتراقاً في السياسة الداخلية ، بين عهدين متميزين في فهم وممارسة السياسة . وكاد يجزم جميع المحللين والناشطين السياسيين و المتظاهرين ، على أن الزمن الرئاسي في عهد " ترامب " ، سيكون مختلفاً ، ومسيئاً ، لأمريكا وللعالم كله .

وحدث بعد فوزه بالرئاسة ، ترقب سياسي عام ، أشبه بالجمود .. بانتظار ما سيفعله هذا الرجل ، لملاقاته والتعامل معه بما يناسبه . ولتجنب المفاجآت غير السارة منه ، سيما تعامله نع المشاكل الدولية والحروب القائمة . وقراءته خرائط المستقبل ، من منظوره ، غير المستقر .. وغير المطمئن .
ويبدو أأنه بعد فوزه بالرئاسة ، وسط كل ما حدث من ضجيج وتعابير غير سارة ، صار يشارك الآخرين هذه المشاعر المقلقة . واستنفر العائلة الشخصية ، والفعاليات الحزبية ، لمشاركته ، الخيارات ، والقرارات الرئاسية . وبخاصة الهامة منها .
ولما بدأ بتطبيق سياساته وقراراته ، اختار أن يكون الشرق الوسط ، القاعدة العسكرية والسياسية الأمريكية الأقوى ، لتؤمن له السيطرة على العالم . فهذا الشرق بالنسبة له ، هو الأكثر أهمية ،لامتلاكه المفاتيح السياسية والاقتصادية والعسكرية ، لانتشار النفوذ الأمريكي .

فمن الواضح أن الشرق الذي اختاره " ترامب " يحتوي على أكبر مخزون للطاقة في العالم .. ومتمركز في دول الخليج العربي وإيران . ويحتوي على أكثر العملاء عدداً وخضوعاً لأميركا . ويشمل تركيا العضو الشرس الفعال في حلف الأطلسي . كما يشمل دولة الصهيوني الشريك العضوي لأمريكا . وتشكل أراضي هذا الشرق ، جغرافية سياسية ، متكاملة ، متصلة بقارات العالم الحيوية الثلاث ، أوربا ، وأفريقيا ، وآسيا ، وفي هذا الشرق ثلاث محاور رئيسية ، تحمل أبعاداً متعددة ، ذاتية ، وإقليمية ، ودولية . وهي سوريا وقد زادتها الحرب عليها أهمية ، وتركيا ، وإسرائيل .ومركزها المقرر الآن ، سوريا ، والحرب على سوريا .

ولذلك ليس من الغرابة بشيء ، أن يختار" ترامب " سوريا . ويبحث مع مستشاريه خطط اللعب في الحرب عليها ، لضمان المصالح الأمريكية ، في المسائل الشرق أوسطية الأخرى ، وأهمها الطاقة ، والجغرافية السياسية ، والنفوذ ، وإيجاد مرتكزات أمريكية على الأرض السورية ،،لتقلص الحضور العسكري الروسي فيها ، تمهيداً لإقصائه عن الشرق الأوسط .
أول قرارات " ترامب " في هذا الاتجاه كانت :
= منح " ترامب " للبنتاغون صلاحية وحرية تحديد عدد ونوعية القوات الأمريكية ، التي سترسلها أميركا إلى سوريا للقتال فيها في تلك الحرب المتعددة الأطراف ، والأهداف القذرة . ويقال أن عدد القوات الأميركي التي أرسلت إلى سوريا حتى الآن يتجاوز الالاف ، فضلاً عن المطارات التي استحوذ عليها من المؤسسات السورية ، في شمال شرق سوريا وتتمركز مع وإلى جانب عملائها من " قوات سوريا الديمقراطية " .
= واصلت طائرات التحالف الدولي الأمريكي غير المشروع ، ضرب مواقع معظمها مدنية في محيط الرقة مستخدمة القنابل الفوسفورية المحرمة دولياً . وتدمر البنى التحتية في المدينة
= قامت الطائرات الأمريكية بضرب مطار الشعيرات بالقرب من تدمر ، حيث كان " داعش " يولي الأدبار هرباً من ضربات الجيش السوري المتلاحقة على مواقعه .

ولما وجد " ترامب " أن لا جدوى مما يفعله البنتاغون ، حيث ما زالت القوات السورية تحقق الانتصارات المتتالية على " داعش " وغيره . فكر أو نصح ، بالتعامل مع الروس دبلوماسياً ، لإيجاد مخرج مشترك ، عبر .. تفاهمات روسية أمريكية ، تؤدي إلى ، الحل العملي للأزمة السورية . ولاكتساب قواعد نفوذ عسكرية و سياسية في آن . وقد سار " ترامب " في اتجاه اليحث عن التفاهمات المطلوبة مع روسيا . وجرى وضع مباديء التفاهمات . وتم بناؤها مطابقة لخطة " تخفيف التصعيد الجاري إعدادها أيضاً مع الجهات المعنية . التي تشمل أربع مناطق سورية ، بإشراف وضمان روسي أميركي ودول ذات صلة حية بالحرب على سوريا .
والجدير ذكره هنا ، ينبغي أن يفهم أن " تخفيف التصعيد الحربي ، يعني عملياً " الهدنة " . بمعنى أن الحرب على سوريا سيكون فيها عمليات عسكرية متصاعدة في مناطق " داعش والنصرة " وهدنة .. تخفيف التصعيد في مناطق تحت سيطرة مسلحين آخرين .

فهل هذه التفاهمات الروسية الأمريكية .. تفتح الطريق حقاً للحل السياسي .. وبين من ومن ، وبإشراف وضمانات من هذا الحل ؟
من الواضح أن سوريا قد وصلت عسكريا وسياسياً ، إلى واقع ثابت ، أن الحاضنة الدولية بوجهيها الصديق والمعادي ، قد عززت حضورها العسكري على الأرض السورية ، وامتلكت ، إلى حد كبير ، قرار المصير السوري .
ما يعني منطقياً أن سوريا قد باتت مقبلة على مرحلة احتمالات جدية تقسم فيها أراضيها .. ومدنها .. وسيادتها . لا تختلف عما طالبت به الأقليات السورية الانفصالية منذ بداية الحرب ، وما تزال، . فضلاً عن استدعائها .. وتعا ملها مع الخارج لتحقيقها

إن إحدى النتائج المأساوية للتداعيات الصراعية التناحرية ، ومن ثم المسلحة ، واستدعاء الأجنبي المعادي ، والرهان على حلوله لما سمي بالأزمة السورية .. هي أن المعارضة السورية بالمحصلة كانت فاشلة ، ممزقة الرؤى والأهداف والصف الوطني الموحد ، خاصة بتشبثها في ظروف الحرب الوطنية بعدائها الهيستيري العبثي للحكم . وفشل قوى الحكم بتأمين الجسور المؤدية إلى التلاقي ، مع من هم على خلافات غير خيانية معهم .
وبعد هذه السياسات لقوى المعارضة ، وردود فعل الحكم ، ستتحول مناطق واسعة من سويا إلى ، بعد كل هذه الحرب البشعة ، إلى محميات تحت مظلة التفاهمات الروسية والأمريكية ، ومشاركة بعض دول الجوار المتآمرة .و ليس لهذه التفاهمات أمد محدد .. ولا مخارج مشرفة في المستقبل المنظور .. بل وباعتبار " ترامب " وتركيا ، وإسرائيل والأردن شركاء في التفاهمات ، فإنها مهددة بالتحول واقعياً إلى تغطية لتقسيم سويا . بدلالة أن الجهود الدبلوماسية ، قد فشلت جمس مرات في أستانا ، وسبع مرات في جنيف . وهذ سيعزز في حال استرار نهج " ترامب " الدولي المشكوك في نواياه إزاء سوريا وغيرها من بؤر العالم الساخنة الآن وفيما بعد .

ما يفرض السؤال .. أليس من العار ، واللاعقلانية ، أن تتفاهم قوى دولية متصارعة ، وأحد أطرافها " ترامب " المعروف بغدره ، وعدوانيته ، ومطامعه ، وعدم الثقة بمصداقيته ، جرياً وراء مصالحها في سوريا ، وفي جوار سوريا المستضعف ، وتتباحث حول مخرج ينسجم ومخططاتها الآنية والاستراتيجية .. فيما السوريون باقون على خلاف عسير الحل .. ويتركون للأجنبي ، وفيه " ترامب " وأمثاله ، فرص التصرف بشؤونهم ومصيرهم . وفي أحسن الأحوال يشارك بعضهم في تنفيذ مشيئة الآخرين في الأمور السورية . ؟ ..

فقط وحدة المعارضة الوطنية .. ووحدة الصف الوطني ، هو الذي يحول دون خيارات التفاهمات الدولية المفخخـة .. بألاعيب " ترامب " وغيره .. أن تمر في سوريا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس