الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة المتوحشة - من الفصل 26-29 من الرواية(انتهت)

ريتا عودة

2017 / 7 / 20
الادب والفن


-26-
سار بي إلى الأرجوحة في الحديقة.
جلس وأجلسني بالقرب من قلبه.
أخبرني أنّ هديته لي في يوم ميلادي هو: اعتراف عشقي.
بدأ يرتّلُ العِشقٙ--------------- ترتيلا:

ريتاي..
أملكُ حلم يقظة أتمناه أن يتحقق.
هو حلمي الأخير.
أحلم..أنّ المرأة التي أحبّها وتحبّني ((((أنت)))ِ
بعدٙ--------------- عمرٍ طويل..
ستموت معي في ذات السَّنة والشَّهر واليوم واللحظة.
ثمّ...
نُدفٙ---------------نُ متعانِقٙ---------------يْنِ.
ذاكَ العناق الأبدي.
في ذاتِ القَـبْـر.
...
..
.
غسلٙ--------------- ترتيله العشقي أوجاع ذاكرتي المعطوبة برجل كان لا يحقق ذاته إلا من خلال تعنيفي.
برجل تمنَّاني مهزومة ..هشّة..كي يسود عليَّ!
...
..
.
إحتضنته.
أطبقتُ ذراعيَ حول جسده خوفا مِن أن أفقده.
نظرتُ في وجهه.
بدت ملامحه ملامح إله..أو هكذا خُيّل لي.
بدا رقيقا كالنّسيم..متدفقٙ--------------- المشاعر كالنّهر.. حنونا كالأم البِكْر.
قلت له:
أحبّكٙ---------------..لأنّكٙ--------------- نجحتٙ--------------- في طرد ثاني أكسيد القهر من مملكتي، ومنحي أكسجين ...الحُلم.
أحبّك بالثلاثة.
ولو كنتِ أقدر أحِبِّ تاني..
هحبّٙ---------------كْ إنتٙ---------------.
...
..
.
غمرته موجة حنان وفرح وهو يجيبني:

كلُّ المُعٙ---------------لٙ---------------قاتِ سٙ---------------قٙ---------------طٙ---------------تْ.
إلاّ أنتِ.
بأوْردٙ---------------تِي
بٙ---------------قِيْتِ يا حبيبتي
عَالِقَة.
...
..
.


إحتضنني.
قالَ أنّه يحتضن الحياة من خلالي.
جاء همسه كتغريد البلابل:

ريتاي.. أحبّيني بجنون.
لكن..
كوني بي رحيمةً.
فأنا أعشقك يا سيدّة الكون.
أنت فراشة ولبؤة.
لكن...
لا تكوني معي أنا لبؤة.
إنّما ...
مع الآخرين ...
في مواجهة الواقع وتحديات الحياة لأنّ الواقع ثعلبيّ الطابع..
ذئبي وثعباني.
كوني لي فٙ---------------رٙ---------------اشٙ---------------ة لأكون لك الوردَ.
...
..
.

بالأمس أستيقظت فجرا فلم أعثر عليكِ بالقرب منّي.. ريتاي.
جُنَّ جنوني!
بحثتُ عنكِ فإذا بكِ قد هجرتِ عُشّ الزوجيّة لتكوني حبيبتي مع روايتك التي تكتبينها.
أعدّدتُ لك كأسًا من الحليب الدافئ وأنتظرت كاليتيم أن تعودي لحضني.
عِديني.. حبيبتي ألاّ تغيبي ثانية عنّي.
انهمر الدّمعُ من عينيهِ وهو يقولُ بحنينِ طفلٍ فقدٙ--------------- والدته في الحَرب:
= عندما تغيبين...أتوحّشِك بالزاف مجنوننتي.





-27-
مرّت الأيام في كنفِ خالد كأنّها حُلم أرفض أن أستيقظَ منه. لكنّ فرحي لم يدُم طويلا فقد بدأتُ ألاحظ أنّه يعشقني لدرجة الإدمان.. وأنّ غيرته عليّ قاتلة.
...
..
.
كتبتُ له:
أكون لك
سنونوّة
حينَ لا تكونُ
ليَ القفص.
...
..
.

= أنا قفص!!!
- نعم. أنت تحاصرني بغيرة مجنونة.
تغار عليّ من العيون . تغارحتّى من ورقة شجر لو سقطت في حضني!
وأنا بدأت أختنق من هذا الحُبّ القاتل!



-28-
بدأ خالد يكيل لي الاتهامات. عندما أُرسل قصيدة أو نصا عبر الايميل إلى محرر جريدة ما..يتّهمني أنني على علاقة مع المُحرر. لكي أدافع عن نفسي وأثبت له براءتي..
كنتُ أتقهقر ..فأتوقف فورا عن ارسال أي مادة للنشر للمحرر الذي اتّهمت به في هذي الجريدة أو تلك.
منعني من المشاركة في الندوات الشّعريّة بحجة أنّ الأدباء يفتقدون للأدب.. وأنّ علاقاتهم غير سوّية مع الأديبات .
أحسستُ أنّني سلحفاة تتقهقر داخل ترسها كي تحمي نفسها من الصفعات.
لم يختلف خالد عن فيصل إلاّ بدافع حصار كلّ منهما لي.
فيصل حاصرني لكونه يؤمن أنّ المرأة من ممتلكات الرَجُل ..لذا يحقّ له أن يعنّفها..يضربها.. متى شاء كي يُقوِّم سلوكها.
خالد حاصرني لكونه يعشقني ذلك العشق الجنونيّ القاتل.
كان يغار عليّ حتّى من عشقي لمطرب ليس على قيد الحياة.
ولأنني أعشق المطرب علي الحجار فقد نعته بإسم: علي الدبشة(الصخرة).
وصل به الجنون العشقي أن يغضب لكوني قد أعددت كاسيت ..جميع أغانيه لراغب علامة.
كان يقود السّيارة.
تناول الكاسيت من الراديو وقذفه خارج السّيارة.!
وقال: لمَ كلّ الأغاني لراغب؟ ماذا تجدين فيه؟
استراح..
وأثار عاصفة من القلق الوجوديّ في أعماقي.
أجهض خالد الحلم بغيرته المُفرطة.
صرتُ أدورُ حولَ نفسي.
أحسستُ أنّني ذلك الصّرصار الذي وقع على ظهره فاجتهد بكلّ قواه أن يعود لحالته الطّبيعيّة.. وفشل.





-29-
إنّٙ--------------- الخائفين
لا يصنعون الحريّة...
والضُّعفاء
لا يخلقون الكرامة.
والمترددين
لن تقوى أيديهم
على البناء
...
..
.
قررتُ أن أطرحَ الخوفَ خارجَ أسوار حياتي.
سأكون أقوى من كلّ العواصف الحياتيّة.
قررت أن أطرح التردّد خارج مملكتي.
قررت أن أخبر خالد بقراري.
...
..
.
قلت له:
نتفتَ أجنحتي كي أكون لك أنت وحدك.
سجنتني داخل قمقم.
حاصرتني بغيرة مجنونة.
بقدر حبّي لك كان وجعي من حصارك الأعمى ومصادرتك حُريّتي.
منذ اللحظة...
سأكون...
ما تشاء لي الفراشات أن أكون.
سأكون أنا محور حياتي.
لن أسمح لنفسي بعد اليوم ان أدور حول نيران أيّ رجل في هذا الكون.
طاقتي الوجوديّة ستنبع من أعماقي أنا.
بذرة وجودي تكمن داخلي.
لن أحتاج لمن يرويها. سأرويها أنا بهاتَيْنِ اليَدَيْنِ.
ستنمو.. ستثمر.. ستكون شجرة فريدة. . رأسها في السّماء وجذورها ضاربة في الأرض.
...
..
.
خالد..
أنا كِيان.
لستُ كُرَة...
يركلها مَن يشاء متى يشاء.
لستُ حشرة...
يدوسها مَن يشاء متى يشاء.
لستُ لعبة...
يتسلّى بها مَن يشاء متى يشاء.
...
..
.
فتحتُ بابَ المنزل.
قفز لذهني قولٌ للأديب ليو تولستوي:
"لا يوجد إنسان ضعيف إنّما يُوجد إنسان يجهل موطن قُـوَّته".
عندما كنت أجهل موطن قوّتي.. كنت عرضة لتعنيف أبي وأخي وزوجي وغيرة حبيبي الخانقة.
أخيرا أدركتُ أنّ موطن قوتي يكمن داخلي أنا.
...
..
.
رفعتُ رأسي المثقل بالذكريات الأليمة.
أخذتُ قسطًا من الهواء.
خبأته داخل رئتيّ.
منذ اللحظة..
سأثق بأجنحتي لا بالغصن الذي أقف عليه فالغصن قد ينكسر في أيّ لحظة.. كذلك الشّجرة.
وحدها أجنحتي تستطيع أن تحملني إلى ما وراء الأفق.
إلى مستقبل مُضيء.
تخلّصتُ من الهواء الذي اختزنته داخل قفصي الصّدريّ.
...
..
.
استدرتُ نحو خالد وقلتُ بإصرار:
خالد.
سأمضي.
أنتظرُ منك ورقة طلاقي.
لنفترق صديقَيْن.
كن بخير..
خالد.
...
..
.
وأنا أبدأ أولى خطواتي نحو الشّمس لمحتُ الدّمع ينهمرُعلى وجنتيّ خالد.
...
..
.
انتهتْ روايتي.
لكن...
ربّما ابتدأتْ في مكان آخر..
في زمنٍ آخر..
مع أنثَى أُخرى.

20.07.2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما