الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يجرؤ على الكلام

جعفر المظفر

2017 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


من يجرؤ على الكلام
جعفر المظفر
بول فندلي سيناتور أمريكي كان دخل الكونغرس لأول مرة عام1961 وخرج منه عام 1982, وعرف عنه صراحته وإقداميته ونقده للمشاهد السياسية بشجاعة ومبدئية, أشهر كتبه كان بعنوان (من يجرؤ على الكلام) الذي اثار ضجة حينها لأن صاحبه فندلي كان إكتشف لآول مرة بعد زيارته لجنوب اليمن ان العرب مثله بأنف وعين وأذن وحنجرة وحتى بنفس الزائدة الدودية, وإن هُم ُكانوا أقل ذكاء ومعرفة .
لقد توصل (فندلي) متهكما على ضوء تلك التجربة إلى حقيقة أن العرب هم أيضا بشر كغيرهم وليس كما صورتهم الأداة الإعلامية الأمريكية والصهيونية التي كادت أن تجعلهم صنفا من صنوف مخلوقات منقرضة وما بات لها علاقة ولو عضوية مع البشر العاديين. ولعل الصورة التهكمية التي وصف بها (فندلي) الطريقة التي تعامل بها إعلام بلده مع العرب والمسلمين كانت قد قد بدأت بالتراجع إلى أن جاءنا شيوخ التكفير من أمثال لإبن لادن والزرقاوي وأبي بكر الداعشي ليجعلونا كما أعتقد نتحسر على أيام زمان حيث كان العربي في نظر الغرب ليس اكثر من بدوي بخصيتين, وقد تحول اليوم من قاطع ركاب إلى قاطع رقاب.
تجربة سياسي النظام العراقي الحالي هي أيضا تجربة (فَنْدَلِية) بإمتياز. السياسيون الشيعة حولوا السعودية وتركيا إلى شيطانين لا يخرج من فاهَيْهما سوى النار, بينما حول السياسيون السنة إيران إلى نسخة طبق الأصل, ثم إذا بعدد لا يستهان به من المثقفين الذين يفترض ان يكونوا أدلاء للسياسيين يصبحون إمعات لهم, وقد دخل الكثيرون منهم, سنة كانوا أم شيعة, في العصر الذي عاش فيه فندلي, وهو عصر يستحق ان نطلق عليه ذات العنوان الذي اطلقه فندلي على كتابه, أي عصر من يجرؤ على الكلام ..
لا أريد أن أساوي بين خطأ هذا وخطأ ذاك, فالموضوعة التي أردت أن أوليها إهتمامي لا تتطرق إلى أخطاء الغير, وإنما إلى طريقة تعاملنا مع هذه الأخطاء التي حولت عراقنا من بلاد ما بين النهرين إلى بلاد ما بين الشريْن.
إن الأمر بطبيعة الحال هو نتاج للتقسيم الطائفي الذي نزل عموديا كالسيف لكي يقسم المجتمع العراقي إلى نصفين, حيث إختاركل نصف أن يكون تابعا لأحد المراكز الفقهية الطائفية التي يتبعها, وبعد أن كان العراق واحد من مراكز القرار العربي فقد تحول على يد الفكر الطائفي إلى مجرد مركز للإستجابة.
وأجد أن هناك فرق أساسي بين المثقف الوطني من جهة والسياسي على الطريقة العراقية من جهة أخرى. الأول يدخل على الحقائق غير منحاز لأحدها حتى يجد ضالته فينحاز, فهو إذن موقف في النهاية وليس موقفا في البداية, أما السياسي على الطريقة العراقية فهو, وإن لم يُعاب عليه أن يكون له موقفه الخاص في البداية, إلا أن ما سيعاب عليه هو بقاؤه متمسكا بصواب موقفه على طول الخط.
وأما المقصود بالسياسي على الطريقة العراقية فهو ذلك الذي يتبع مبدأ شيطنة الخصم وملكنة الصديق, ويؤمن ان صديقه هو من جماعة الخير المطلق, أما خصمه فهو من جماعة الشر المطلق.
صحيح ان جماعة الخير المطلق والشر المطلق هي جماعة متأثرة إلى حد كبير بطبيعة التفكير الديني, إلا أن المتأدلجين الثوريين لهم أيضا ما يرتبهم في نفس الخانة, ففي فترات الصراع بين التيارات العقائدية المختلفة, وقبل أن تطل علينا حركات الدين السياسي برأسها فتحيلنا إلى أقوام شذر مذر, فقد دخل القوميون والشيوعيون قبلهم في مساحة الخير والشر المطلق, أي مساحة الشيطنة والملكنة, حينما إدعى كل منهما ملكيته للحتمية التاريخية ووضع غيره في مزبلة التاريخ, فأوصلوا أنفسهم إلى حالة لم يعد بمقدور أحدهما فيها أن يرى الآخر بوجه يخلو من قرنين شيطانين نافرين.
واليوم حينما نفتش عن متعصبي الأمس فسنكتشف أن عددا واضحا منهم قد صار جزءاً من طريقة تفكير لا تختلف عن طريقته بالأمس إلا في موقع صاحبه من جغرافية الولاءات الطائفية الجديدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة