الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنوير كأفهوم من أبيقور إلى كانط ومابعده

احسان طالب

2017 / 7 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لأفهوم هو مصطلح لغوي مشتق ، بداية للتمييز عن المفهوم الشائع ، هناك فرق بين الحقائق والمفاهيم كما بين المفاهيم والمعارف ،
الحقائق كالبديهيات ، معرفة متحققة متفق على صوابها ودقتها بصورة لا خلاف عليها . وبالتأكيد بعض الحقائق ما زالت قابلة لمزيد من البحث والتجريب . فقسم منها نهائي ، كحقائق العلوم ، وقسم منها نسبي كحقائق الأفكار والمفاهيم .

العدد المجرد مفهوم ـ، أما المعادلة 1+1=2 ، فهي معرفة وحقيقة ، جملة علم الحساب تغدو أفهوم

يمكننا أخذ عدة تعاريف للمفهوم : " هو فكرة مجردة ناتجة عن سلسلة من استدلالات ذهنية ممنهجة يكوّن منها الفرد تصورا كليّا عن نوع شيء من الأشياء والأجناس " الحيوان مفهوم عام ، الإنسان جنس ضمن مفهوم عام ، كذلك الثدييات ـ حيوانات تتكاثر بالولادة ، هي صنف من تصانيف مفهوم الحيوان ، نفهم أن المفهوم يولّد في سياقه وإطاره العام مفاهيم أكثر تخصصا،

الإنسان مفهوم ، في الأنثروبولوجيا يأخذ سياقا آخر مختلف عن سياقه الحقوقي والأخلاقي ، فنمط الحياة وتفاعل الفرد مع البيئة الإجتماعية والجغرافية من اختصاص الأنثروبولوجيا ، أما الحديث عن الإنسان كائن مكرم ومركزي فيدخل في سياق الحقوق والفلسفة. إذن هناك سمات جوهرية تحدد أي مفهوم ضمن اختصاص ما

بالذهاب أعمق تغوص الفلسفة في ماهية المفهوم : أي البحث عن ذات الموضوع ، يتجاوز البحث المفاهيم الصريحة ليبدع أو يكشف عن أفهوم أكثر شمولا ، ولعلنا هنا ندقق أكثر في مغزى كلمة دولوز " الفلسفة هي إبداع المفاهيم "
لذلك أرى أن التنوير أكثر من مفهوم كما هو الحال في العولمة والحداثة والماضوية، هي في الوقع أفهومات .
ما هو التنوير ؟
التنوير " أفهوم " فلسفي : معناه تحرير العقل من قيد الذات وخوفها من المعرفة والآخر ، ونقد السائد والمسيطر والمهيمن على العقول ، فيسلبها قدرتها على إعادة سيادة الذات على نفسها ومنح العلم سلطة النقد والتقويم ، ذلك الأفهوم الفلسفي قديم قدم الفيلسوف اليوناني أبيقور (341-270 ق.م) وعاد ونشط في القرنيين 18 ـ 19
وربما كان جواب الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط (1724 - 1804).على سؤال : ما التنوير ؟ من أكثر الإجابات شهرة وانتشارا حيث: يعود تاريخ هذه المقالة لأواخر القرن الثامن عشر، حيث كتبها الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط
ردا على القسيس جوهان فريدريك زولنر، وتم نشرها في “برلين الشهرية”
"التنوير هو تحرر الفرد من الوصاية التي جلبها لنفسه. الوصاية هي عدم قدرة الفرد على
استخدام فهمه الخاص دون توجيه من الآخر. ليس القصور العقلي سبباً في جلب الوصاية، بل
السبب انعدام الإقدام والشجاعة على استخدامه [أي العقل] دون توجيه من الآخر."
" إن الحرية في المجتمع لا انفصال لها عن الفكر المتنور ... الحقيقة بدورها ليست الوعي العقلاني بل هي الشكل الذي يتخذه الوعي في الواقع ....أما العقل فلا بقاء له حين يتحدد بوصفه إرثا ثقافيا يوزع على غايات الاستهلاك .
ماكس هور كهايمر ـ تيودور اف أدورنو : جدل التنوير
فادعاء العقلانية وتنميط العقل ليس تنويرا بل هو تأطير للتنوير كأيديولوجيا ، فالأول نمط تفكير وتفعيل لتحرير العقل من سلطة وسيطرة الأيديولوجيا
إذن التنوير تفعيل تحرير العقل وإطلاقه من خوفه وقيوده ـ أيا كانت ـ ليغدو سلوكا فرديا وواقعا اجتماعيا ، وبهذا يتحلل من إطاره النظري البحت ليدخل في جدل تفكيري ؛ بين النظرية العقلانية وبين الواقع والحياة المعاشة . فلا يتحول لإرث مهيمن ، مثال هيمنة العقل الاستهلاكي على المجتمعات الحديثة ، أو سيطرة العقل الماضوي على العقل العربي ، أو قيادة العقل الميتافيزيقي للسياسة .
تنبيه : كثير من التنويريين اليوم ظلاميين. فتنوير العقل بالأيديولوجيا جزئي وبالانغلاق ينقلب لظلامية ، كذلك حصر التنوير بالتجديد والإحياء ، تقييد للأفهوم وحصره بمفاهيم أقل شمولية .
تذكير: الأفهوم هو غير المفهوم ، التنوير أفهوم ، العقل مفهوم . الفلسفة تشرح المفاهيم وتخترع ـ تختلق الأفهوم . العقلانية أفهوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق