الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحثا في أصول الطقوس

هرمس مثلث العظمة

2017 / 7 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لكل طقس مثال إلهي أو نموذج أصلي ، فهذه الحقيقة معروفة جدا ، بل وبادية أمامنا بكل وضوح وبإمكاننا ان نلقي الضوء عليها كمثال في المسيحية " القداس الالهي " حيث يحتفل المسيحيون بقيامة يسوع عن طريق أكل الخبز وشرب الخمر . ووفقا لعقيدتهم هو تكرار لفعل قام به يسوع وذلك في العشاء الاخير :
و فيما هم ياكلون اخذ يسوع الخبز و بارك و كسر و اعطى التلاميذ و قال خذوا كلوا هذا هو جسدي،و اخذ الكاس و شكر و اعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم، لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا،و اقول لكم اني من الان لا اشرب من نتاج الكرمة هذا الى ذلك اليوم حينما اشربه معكم جديدا في ملكوت ابي .
انجيل متى الأصحاح رقم 26 (26-30 )

فمن أجل تحليل هذا الطقس ونزعه من سياقه الديني واسقاطه في ميدان البحث المعرفي عن الاصل الاولاني له يجب علينا معرفة وتفكيك البنية المعرفية لما نطلق عليه " المقدس "
فكما يقول ميرسيا الياد إن المقدس هو عنصر من عناصر بنية الوعي وليس مرحلة من مراحل تاريخ الوعي . أي لايسهم في تاريخ الوعي أو يضيف إليه شيئا . وتبرز لنا مشكلتين في العيد مشكلتي المكان والزمان . فيرى الانسان الديني أن المكان غير متجانس ، فهو يحتوي على انقطاعات ، على كسور، وبالتالي ظهرت أماكن تختلف عن اماكن أخرى ومثال على ذلك مكة ، القدس ( بالرغم من وجهة نظري لاشيء مقدس فيهما ) إذا هنالك أماكن مقدسة لها دلالات قوية وإيحائية وهنالك اماكن غير مقدسة فتكون بلا معنى للنشاط الديني . وهنالك الفترات المقدسة والتي لا تسهم بالفترة الزمنية السابقة أو اللاحقة لها . فهي قد قدست من قبل الالهة مما يجعلها مرشحة بقوة لتصبح في الحاضر عيدا . فتجلي المقدس بالزمان والمكان المقدسين يكن بذلك قد حقق التجانس وهو ما ينعكس على نفسية المتدين فلم يعد الامر أمر تأويل وبحث نظري ، بل هو تجربة دينية أصيلة تسبق كل تفكير حول العالم . فالحالة الدينية التي يمر بها المتدين من خلال إعادة الطقوس التي قام بها المقدس لأول مرة تجعل من تجلي المقدس هو الاساس الانتولوجي لوجود المتدين .وفي المثال المسيحي (القداس الالهي ) يجعل من تجلي المقدس هو السبب في الخلاص من الخطيئة الاولية التي قام بها أدم في زمان ومكان مقدسين بالنسبة له ، فيتقاطع زمن ومكان الخطيئة مع زمن ومكان قيامة المسيح ،فخلق ذلك التقاطع وقائع متنوعة شكلت في الحاضر العيد .

ومع تحديدنا لمفهوم العيد يبقى أمامنا مشكلة أخرى تتمثل بالطقس نفسه وهو أكل الخبز وشرب الخمر وللإجابة عليه لا بد لنا من فتح صفحات الازمنة الغابرة التي قد سبقت المسيحية بألفيات (ألاف السنيين) وقرون .
فنجد ان المصرين القدامى كانوا يحتفلون بقيامة الاله أوزيروس عن طريق أكل الخبز وشرب الخمر ، وهذا ينطبق ايضا على مجمل الهة الخصب من ادونيس ، اتيس ، ديونيسيوس الخ .. وذلك أيضا يقودنا إلى الزمان والمكان المقدسين ، بالنسبة للمصريين. وذلك أن إيزس قامت بعد أن اكتشفت القمح بإعطاء باقاته الاولى لأوزوريس الذي قام بتعليم البشر زراعتها ، وقد ابتدأ أوزوريس مهتمه في أرض مصر فأبطل العادات الهمجية القديمة ، وعلم الناس كيفية صناعة الادوات الزراعية واستعمالها في استنبات القمح والشعير وعلمهم أكل الخبز وشرب النبيذ ، ونحن في شذرات أسطورته التي وصلت الينا عن طريق المصادر الاغريقية نظرا لعدم وجود نص مصري متكامل يروي لنا القصة لانجد ذكرا لإعطاءه الناس لشجرة الكرمة التي من الواضح في النص السابق تعليمه شربها للناس ، ولكننا نجد في المصادر الاغريقية عن الاله المستنتسخ في من أوزروريس في النسخة الاغريقية وهو ديونيسيوس الذي حمل شجرة الكرمة وعلم الناس كما علم أوزيروس الناس شرب الخمر ، وفي صريح العبارة ما تشير إليه الاسطورة هو على انتشار زراعة القمح وشجر الكرمة ودلالة على الاستقرار في الارض .
وبذلك نجد أن اول عمل قام به الاله أوزيروس هو إعطاء شجرة القمح مانحا الناس الغذاء " خبز الحياة " وعلمهم شرب الخمر (الحوادث الميطيقية) . وهو ما انعكس على طقوس قيامته بتغذية عكسية مما جعل الناس يستذكرون هذا العمل الاولي الذي قام به جاعلين منه تجلي للمقدس والذي أصبح في حاضرهم عيدا يقام عند قيامته ، والذي اصبح لاحقا في النسخة المسيحية منه القداس الالهي والذي يدل على تجمع المسيحين واحتفالهم بالافخارستية .

نتيجة :
بالرغم من نزع الافخارستية من سياقها المصري وجعله ينسب للتراث اليهودي- المسيحي ، إلا أن عناصر الطقس تتوضح جلية مع فكفكة رموزها وفهما فإن الكبت الدائم للرموز تحت سلطة روحية يهيئ الجو للظهور بأشكال جديدة مع بقاء المضمون .فإن الوعي يَغتني اغتناءا جما بفعل الجهد التأويلي المبذول من أجل كشف سر معاني الاساطير و الرموز وغيرها من البنى الدينية التقليدية .

مصادر :
1- البحث عن التاريخ والمعنى
2- اسطورة العود الابدي
3 - فراس السواح لغز عشتار
4 –
http://hpb.narod.ru/LostLight3.htm
5 – من رسائل الاب صفرونيوس القيامة والافخارستيا جسد المسيح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل شيئ مقدس في الحياة حتى اتفه الاشياء
مروان سعيد ( 2017 / 7 / 23 - 08:43 )
تحية لااستاذ هرمس مثلث العظمة وتحيتي للجميع
اولا لنعترف باننا جميعا اولاد الله وهذا يجعلنا نفهم عمل الله فينا اكثر وانه ليس اب للمسيحيين او اليهود او المسلمين فقط
يقول انه يريد الجميع يخلصون
الجميع ركز عليها يعني يمكن قالها للفراعنة وللهندوس والسومريين والجميع بشكل او اخر
والمقدس هو المحترم والمبجل
واذا نظرت وتمعنت بكل شيئ تجده مقدسا من الصحة الى اللاشجار الى الحيوانات واللانسان ياخي حتى اللذي نعتبره نجسا هو مقدس ولولاه لما عشنا وتابعنا الحياة مثل البراز وعملية التبرز
هل تقدر بدونها هل تقدر بدون التبول انا اعتبر كل شيئ في الوجود مقدس ويجب ان نشكر الله الصانع كل شيئ عليه
عيوننا مقدسة ودموعنا والطعام والخضار والفواكه كلها تنطق بعظمته
والمسيح قالها صراحة بما يعني الصلاة مقدسة في كل وقت وفي اي مكان يعني ليس فقط في القدس
او في الكنيسة
ومودتي للجميع

اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل