الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سوريّة -2-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 7 / 23
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


التعليم والاهتمام بالإبداع
لا يمكننا التّحدث عن الإبداع في بيئة إيديولوجية تعليمية تبني أجيالاً يعطون الملامح الأساسية عن مجتمعهم الذي وضعت الكتب المدرسية فيه لتقديس الفرد، وكانت المدائح الإيديولوجية كما المدائح النبوية ، ولو راجعنا المناهج المدرسية في لمرحلة الابتدائية لرأينا أن جميع المقررات المدرسية تشيد بالرئيس الخالد، وتحتوي على صور، وأقوال، وأشعار عنه، وهذه الكتب مقرّرة في القطّاع الخاص والعام، وربما يكون القطّاع الخاص أسوأ من العام أيضاً لأنّ المحسوبيات فيه مضاعفة، فحتى تفتح مدرسة أو معهد أو كلّية في سورية هناك طريق واضح لا حاجة لشرحها وهو: أن تكون على علاقة جيدة مع هرم النظام. أن تدفع المال لذلك الهرم، وتشاركه بالأرباح، وتقدم المدارس الخاصة الخدمة عن طريق أشخاصاً ربما غير مؤهلين مهما أظهرت زخرفات على الموضوع، لكنّ الأهمّ في الموضوع هو تدنّي المستوى التعليمي للمؤهلين لقيادة العملية التعليميّة.
لو عدنا إلى من يقبلون في مسابقة أهليّة التعليم الابتدائي على سبيل المثال، ومنذ سبعينيات القرن الماضي حيث تغيّرت أسس القبول جذرياً، فبعد أن كان هناك قبول لذوي العلامات المتقدمة، مع فحص شفوي لملاحظة كيفيّة النّطق أصبح غالية المتقدمين إلى مسابقة أهلية التعليم من ذوي الدرجات المتدنّية، وحسب المحسوبية، فمثلاً معلمة الموسيقى في معهد إعداد المعلمين لا تجيد العزف على آلة موسيقيّة، كما ان المعلمين لا يجيدون اللغة العربية، وأصبحت الأحرف اللثوية غير محسوبة على اللغة، كما أنهم لا يجيدون رياضيات الصفوف الابتدائية فالعملية التعليمية لديهم من أولها حتى آخرها كانت محسوبية . يستثنى من هؤلاء التلاميذ المجتهدين من الفقراء، أو من الذين يهتمّ آباؤهم بهم، وهم عادة ذوي كفاءة عالية- أعني الآباء-
لا يقل التعليم الثانوي والجامعي عن الابتدائي، فأغلب المعلمين إما حزبيين" بعثيين" أو من الجبهة الوطنية، وهؤلاء أيضاً يحتاجون إلى دعم كبير بالمال أحياناً وبالجاه أحياناً كي ينالوا الوظيفة. ناهيك عن مئات الآلاف من الشهادات الجامعيّة في الطبّ والهندسة حصلوا عليها من الدول الشيوعية السابقة بالمال عدا البعض القليل، أما شهادة البروفسور أو ما يدعونه دكتوراه في سورية، فغالبية رجال السلطة والصحافة، وذوي المراكز الحسّاسة نالوها عن طريق ما مشبوه، ولا يخفى علينا كم يوجد من الجامعات التي تمنح شهادات في الدول العربية والغربية، ويصل السّوري الغير حقيقي إلى حلمه عندما يضع حرف د أمام اسمه، بينما زميله الذي تفوّق عليه في الجامعة عاطل عن العمل.
أما في العمليّة التعليميّة، والقبول في كليات الفنون الجميلة ومعهد
التمثيل، والرياضة، فهي محصورة بقلة من غير المبدعين، وعندما ترى من يقبل في الفنون الجميلة تعتقد أنهم وضعوا شرطاً وهو أن لا يجيد الرسم مثلاً، فكل المواهب الحقيقيّة تخرج من المسابقة خاسرة.
هناك أمر على مستوى كبير من الأهميّة، وهو أنّ رغم عدم توافق أغلبية المتعلمين مع النّظام، إلا أن المثل العليا التي اختاروها كانت على ذوق النّظام، ومن روج له النّظام، فنشأت منظومة دكتاتوريّة في الأدب مثلاً لا يسمح لأحد بالتعدي على حقوقها ، واختصرت أسماء المدن بأسماء الكتّاب الموالين فأطلقوا على سلميّة مثلاً سلميّة محمد الماغوط، وأطلقوا على نزار قباني شاعر المرأة، وعلى محمود درويش شاعر الثورة الفلسطينية، وجميعهم كتبوا أشياء جميلة، وأشياء غثّة ، ولكن لا يجوز اختصار المدن بالأسماء، وسأبدأ بالحديث عن شاعر المرأة نزار. سوف نتحدّث عنه كونه أيقونة الثورة السورية، لكنّ المعاصر لسيرة حياته لن ينسى ما كتبه نزار حول حافظ أسد

"إن الرئيس حافظ الأسد هو صديق الشجرة والغيمة وسنبلة القمح والحقول والأطفال والغابات، والجداول والعصافير والشعراء وفيروز وعاصي الرحباني. ولو أن عصفوراً واحداً سقط أو غمامة واحدة بكت أو سنبلة قمح واحدة انكسرت لحمل إليها حافظ الأسد وعاء المهل ووقف فوق رأسها حتى تشفى"
وهذا القول سوف يبقى ملصوقاً به، وهو الذي مدح عبد الناصر، وصدام، ثم شتم العرب ، في قصيدته المشهورة" متى يعلنون وفاة العرب" ويبدو أن أدونيس قلّده عندما خرج من بيت الطالباني في" كردستان العراق" حيث قال: "العرب أمّة سوف تنقرض"، وهو مرادف "لوفاة العرب" التي قالها نزار لإرضاء فئة سياسيّة، وقالها أدونيس من أجل كسب الأكراد.
نحن لا نتحدّث عن إنسان عادي. نتحدّث عن إنسان يسمونه شاعر المرأة وشاعر الثورة. استطاع أن يتقرّب من جميع الحكام، وحتى لو قال:" أنا هنا أيّها الأوغاد" لصفّق له ملايين العرب، فهو شاعر القومية، والحبّ، والوطنية بلا منازع، وإذا كان البعض سوف يقول: جميعنا خدعنا بالثورة الخمينّية مثلاً مع أنها واضحة، فإننا لن نغفر لشاعر" كبير" أن يقحم نفسه في السّياسة من أجل الشهرة والمال لدرجة أن يمدح رجل دين كالخميني حيث قال:
زهّر اللوز في حدائق شيراز
وأنهى المعذبون الصياما
هاهم الفرس قد أطاحوا بكسرى
بعد قهر و زلزلوا الأصناما
شيعة .. سنة
كسروا قيدهم وفكوا اللجاما
شاه مصر يبكي على شاه إيران
فأسوان ملجأً لليتامى
والخميني يرفع الله سيفاً
ويغني النبي والإسلاما
أما موقفه مع النظام السوري فقد كان البعيد القريب من النّظام ، ولو كان فعلاً كما يصفونه بالمعادي. لما احتفى به النّظام ودفنه في دمشق، ومع هذا نحن لا نلغي أعماله. نقرأ له، ونحبّ ما نحبّ من شعره بغض النظر عن موقفه السياسي الملتبس مع عبد الناصر، والأسد، وصدام.
هي دراسة نقدية تحمل شواهدها، وعلينا أن نبحث فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال