الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخراب في كتاب -خريف الغضب- محمد حسنين هيكل

رائد الحواري

2017 / 7 / 24
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الخراب في كتاب
"خريف الغضب"
محمد حسنين هيكل
من يقرأ هذا الكتاب يكتشف حجم الخراب الذي لحق بالأمة العربية بعد خروج مصر من الصف العربي، ويعرف أن ما يجري في منطقتنا الآن من خراب يقف وراءه "السادات" الذي اسقط أهم وأكبر لاعب في المنطقة العربية ـ مصر ـ وجعلها مجمدة في جبال الجليد من خلال اتفاقية "كام ديفد" المشؤومة، فهي تتماثل بضررها على المنطقة العربية باتفاقية "سيس بيكو" التي قسمتنا إلى دويلات هزيلة تابعة للغرب الاستعماري بطريقة أو بأخرى.
الكاتب يقوم بتحليل شخصية السادات المريضة، والذي يسعى ليكون عظيما كسلفه "عبد الناصر" لهذا نجده يتخذ خطوات دراماتيكية تشير إلى حالة من جنون العظمة التي يعاني منها، فيقلب الانتصار إلى هزيمة مدوية، ويحول أكبر وأهم دولة عربية وقفت في وجهة الاستعمار الغربي إل دولة حليفة وتابعة للغرب، كل هذا ليكي يثبت مكانته كقائد عظيم للغرب عامة وللأمريكي خاصة، فها هو يتخلى عن نتائج حرب 1973، بجردة قلم: " ... ولقد احتاج الأمر منه أربع رحلات مكوكية بين أسوان وتل أبيب لكي يصل إلى اتفاق توقعه كل من مصر وإسرائيل، لكنه حينما استأنفت نفس الدبلوماسية المكوكية فيما بين إسرائيل وسوريا اقتضاه الأمر أربعين يوما حتى يخرج منتصرا وفي يده ورقة اتفاق" ص22، الحديث يدور عن "هنري كيسنجر" الذي لعب دورا حيويا في انقذ إسرائيل من هزيمة محققة إلى نصر عظيم، ف"أنور السادات" يتعامل مع الحرب وكأنها رحالة استجمام قام بها الجنود المصريين، لهذا نجده يتنازل كليا عن الانتصار فقط لأن من يقابله هو مستشار الأمن القومي الأمريكي.
وإذا ما توقفنا عن موقف "السادات" الذي وافق على مشروع وقف القتال، نجد المعطيات التالية:، كان الجيش المصري في أوج انتصاراته، وكان يمكن له أن يستمر في التقدم ليصل إلى تل أبيب خلال أقل من بضعة أيام، بينما كان الجيش السوري قد أصابته انتكاسة من خلال الكمين الذي وقع في منطقة طبريا، عندما حاصرته قوات الاحتلال وتم تدمير العديد من دباباته، ومع هذا نجد القيادة السورية متمسكة بموقفها ومصره على استمرار الحرب، لهذا احتاج الأمر لتوقيع وقف اعمال القال إلى أربعين رحلة، على النقيض من موقف "السادات"، الذي اتخذ خطوة في غالية الغباء والسذاجة.
ما هي الدوافع والأسباب والمعطيات التي تجعل "السادات" يخطو مثل هذه الخطوة المدمرة؟
يجيبنا الكاتب قائلا: "فلقد كان الاحتفاظ بمرتبة النجم اللامع يحتاج من "السادات" الآن ما هو أكثر من مجرد معركة، وهذا ما حققه "السادات" حينما قام برحلته التاريخية إلى القدس في نوفمبر سنة 1977" ص22، رجل مصاب بمرض جنون العظة يجعله ينقلب رأسا على عقب، ليس أكثر.
ويضيف "محمد حسنين هيكل" محللا شخصية "السادات" : "كانت مشكلة "السادات" أنه ابن عصر التلفزيون لم يستطع مقاومة إغراء الافراط في استغلاله، لقد كان أول فرعون في تاريخ مصر جاء إلى شعبه مسلحا بكاميرا، وكان أول فرعون في تاريخ مصر يقتله شعبه" ص24، إذا هناك مشكلة نفسية يعاني منها "السادات" جعلته يتخذ خطوات في غالية السوء للأمة العربية وللشعب المصري، لكنها رفعته عاليا ليكون أهم شخصية في عصره، وهنا نجد الهوة الكبيرة بين المصالح الوطنية والقومية وبين المصلحة الشخصية، فقد تم تدمير أمة ووطن لحساب شخص واحد فقط/ السادات".
من اشكال الغباء/المرض الذي اصاب "السادات" أنه لم يكن يفهم/يعرف ألف باء الاستراتيجية العسكرية، وألف باء الصراع في المنطقة العربية، لهذا نجده: "لم يكن في دخيلة نفسه يستوعب أن العبرة في الصراعات ليست بالاحتلال المؤقت لأجزاء من الأرض طالما أن الحرب لم تنته والتاريخ لم يتوقف، ولكن المشكلة تنشأ وتتفاقم حين يقع احتلال الإرادة الوطنية وحين تتعطل بذلك حركة التاريخ" ص117، هل فعلا لم يكن "السادات" بهذه العدمية من المعرفة، أم أنه كان يعرف فهو خريج كلية حربية، وقد استمع لأكثر من مرة إلى قادة الجيش بضرورة الاستمرار في المعركة حتى النهاية، لكنه كان يسعى لتحقيق مجده الشخصي على أكتاف ودماء الجنود المصريين الذي خاضوا أهم وأكبر معركة من خلال اختراقهم لتحصينات خط "بارليف". رجل مريض نفسيا فماذا نتوقع منه؟ غير هذا الشكل من التصرفات والخطوات المجنونة.
عظمة الجيش المصري
لكي نعرف حجم الخيانة التي اقترفها "السادات" في حرب 73، يحدثنا الكاتب شيئا عن هذه الحرب فيقول: "أن تحدا لم يتوقع أن يتصرف الجيش المصري بالطريقة التي تصرف بها، ولم يتصور أحد أن يصل مستوى الأداء إلى هذه الدرجة من القدرة والكفاءة، أن هذا الأداء كان أكبر مفاجأة في المعركة ليس فقط للإسرائيليين وللأمريكيين، ولكن للسادات نفسه، لقد اذهلته تلك الدقة في الخطيط والتنفيذ التي جرت بها المراحل الأولى لعملية العبور" ص139، وهنا نطرح سؤال، هل كان "السادات" على يقن بانتصار الجيش المصري أم أنه كان يتوقع العكس، وأن هذه الحرب ما هي إلا "عملية تحريك" ليس أكثر؟.
يجيب الكاتب من خلال مقابله شخصية مع "السادات" الذي قال: "مهما يكن من أمر ما يحدث فسوف يقول الناس لأنني أديت واجبي، وإذا هزمنا أثناء العبور فسوف يكون ذلك قدرنا، ولكن الشعب لا يستطيع أن يلومني، لقد دافعنا عن شرف مصر بصرف النظر عن الثمن، حتى إذا وصلت خسائرنا إلى عشرين ألف أثناء العبور" ص139، هل يقعل لأن يقدم (رئيس) على خطوة غير مدروسة ويتوقع فيها أن يقتل من جيشه "عشرين ألف"؟ هل هذا رئيس؟ أم شخصية خائنة أو مجنونة؟، أم كلهما معا؟.
لهذا نجده يقوم: "بسخاء شديد قام بتسليم 99 في المائة من أوراق لعبة الشرق الأوسط إلى أيد في واشنطن" ص141، ف"السادات" لم يكن رجل حرب بل رجل يسعى لمجده الشخصي على حساب مصر والجيش المصري.
حال مصر الاقتصادي بعد اتفاقية "كامب ديفيد"
يلخص لنا الكاتب واقع مصر قائلا: " منذ أيام الخديوي اسماعيل لن تتعرض مصر قط لعملية نهب منظم وعلى نطاق واسع كتلك التي تعرضت لها في السنوات الأـخيرة من حكم الرئيس السادات، لقد عم الفساد على الهرم الاجتماعي في مصر من القاعدة إلى القمة" ص393، هذا كلام عام يبين لنا حجم المأساة التي أوقع فيها "السادات" مصر والمصريين، لكن ما هي تفاصيل هذا الخراب الذي وقع؟ وهل يمس ناحية معينة أم نواحي متعددة؟، يجيبنا الكاتب: "...حديد تسليح أقل في مواصفاته مما هو مقبول عالميا... صفقة اسمنت مصري بيعت بسعر يقل كثيرا عن سعر السوق العالمية... صفقة التلفونات التي كانت قيمتها تزيد على 2 بليون دولار" ص398، هذه يشير إلى الاختراق الاجتماعي والاقتصادي والتنظيمي لمؤسسات الدولة المصرية كافة.
ويحدثنا عن واقع "الانفتاح" الذي جعل من مصر مجرد سوق للاستيراد ليس أكثر، وجردها من عمليات الانتاج والتصدير، لكي تصبح ضعيفة ومعتمدة على الخارج في كل شيء: "ما بين 1974 1980 تضاعفت واردات مصر من المنسوجات وادادت وارداتها مصر من مستحضرات التجميل ثلاثة مرات، وازدادت واراداتها من السجائر والساعات والأثاث عشر مرات، وازدادت وارداتها من الاجهزة الالكترونية كأجهزة الراديو والتلفزيون والثلاجات اثنى عشرة مرة وازدادت وارداتها من السيارات أربعة عشرة مرة وازدادت وارداتها من أصناف الأطعمة الفاخرة ثمانية عشرة مرة" ص438، لقد تم تجويل مصر إلى سوق مفتوحة لسلع ومنتجات الغرب، مما جعلها رهينة له، بعد أن تم قتل أو محاصرة انتاجها
إن كان على صعيد الغذاء أو المواد والأدوات الأخرى، ف"السادات" نقل مصر من دولة منتجة وتعتمد على انتاجها الوطني، إلى دولة مستوردة معتمدة على الاستيراد من الخارج، وهنا تمكن الخيانة التي أقدم عليها السادات، فهو لم يخرج مصر من المعركة مع دولة الاحتلال فحسب، بل جعل/حول مصر من دولة قوية إلى دولة ضعيفة وهزيلة، لهذا كانت خيانته مزدوجة، تدمير مكانة مصر عسكريا وقوميا وتحطيمها اقتصاديا واجتماعيا.
الكتاب بدون دار نشر، الطبعة الأولى 1983.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فليراجع الكتاب مفاهيمة وليرتهن الي مفكرين لهم قيمة
محمد البدري ( 2017 / 7 / 24 - 17:41 )
يسقط كل ما قيل في هذا المقال الغير علمي وغير معرفي وغير سياسي ايضا ليس فقط بسبب اعتماده علي الاستاذ ميكي وكتابه خريف الغضب انما لان السادات هو الشخص الوحيد الذي اختاره عبد الناصر ليكون نائبا له ضمن الـ 35 مليون مصريا ليكون رئيسا ويقرر مصير مصر البائس الذي اسس له عبد الناصر لمدة 18 عاما قبلها بخلع مصر من تاريخا الارقي من العروبة بكثير والانضمام الي العروبة بجاهليتها الثقافية

اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم