الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-عبدالناصر- .. كبيرهم الذي علمهم النصب

سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)

2017 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


عانت مصر في القرن الماضي من سقطات وفلتات الملك فاروق وحاشيته، وربما جل أفراد أسرة محمد على، إلا أن بعضهم ممن حكموا مصر كان له تاريخًا معماريًا وثقافيًا، لا يُنكره إلا جاحد.
قامت حركة الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952 ضد الملك الإقطاعي، لكنها جاءت بـ23 إقطاعيًا تفننوا في القيام بأفعال قالوا أنهم عزلوا الملك من أجلها، فلو كان للملك نزوات، فبعض الضباط "غير الأحرار" منهم انغمسوا في النزوات وسقطوا تحت أقدام الراقصات، وناموا على صدورهن، ولم يستيقظوا إلا على نوبة صحيان عسكرية في هزيمة 67.
"فاروق" احتكر الثروات، وجعل الأطيان حكرًا لسلالة بعينها، وقيادة الحركة فعلت الأمر ذاته، فأثناء التأميم والحصول على أموال الإقطاعيين ممن أعلنوا تجريدهم من ثرواتهم احتفظ الضباط لأنفسهم بنصيب الأسد، من ذهب ومقتنيات.
مع تخبطات الحركة وانقساماتها وأمام مطامع جل ضباطها، كان طبيعيًا أن يحدث الانقسام وأن تكون الغلبة لمن لديهم مطامع استعمارية في الشعب، ومن ثم كان لا بد من الإطاحة تدريجيًا بمن يريدون سلطة الشعب أو عودة العسكر للثكنات، أو بالأحرى من يرغبون في الحكم الديمقراطي.
انتهت صراعات القائد الشكلي "محمد نجيب" والبكباشي "جمال عبدالناصر"، بهزيمة حلم المدنية أمام بطش العسكرية.
البكباشي تنكر لـ"نجيب" مستعينًا عليه بالفاشية الدينية –الإخوان- فأسقطه، وعزله بعيدًا منفردًا بالقرار ليصبح كبيرهم الذي علمهم السحر، فيما لم يختلف مصير الإخوان الذين شاركوا في الإطاحة بنجيب بل لاقوا مصيرًا أسوأ منه، فواجه أعضاؤها أحكامًا ما بين المؤبد والإعدام.
ربما كانت مصر في حاجة فعلًا إلى ثورة على الملك، لكنها لو بحثت عن أسوأ النماذج لم تكن لتجد أسوأ من يوليو 1952 وهو ما عبر عنه الكاتب الراحل جلال عامر قائلًا مصر كانت في حاجة إلى ثورة 52، لكنها بعد 52 أصبحت في حاجة إلى 52 ثورة".
أصبح البكباشي "ناصر" زعيمًا، وقائدًا أوحد للثورة، إلا أنه لم يكن زعيمًا إلا في شيء واحد، وهو اللعب على عاطفة المصريين، فاستخدمهم استخدامًا لا يقل عن ممارسات الملك، فإذا كان فاروق رأى أن الملكية مقدسة، فناصر أيضًا رأى حركة الضباط الأحرار مقدسة، أي أنه أصبح ملكيًا أكثر من الملك، فلم تكون يوليو 52 إلا ملكية جديد بـ"كاب وأفرول".
سَوّقَ عبدالناصر لفاشيته بمفاهيم عسكرية أيضًا، ما بين خطب رنانة تشعل حماسة الشعب أو الجنود، وأوامر لا تقبل النقاش، بها صبغة مدنية.
سار "ناصر" على نهج هتلر في السيطرة على الإعلام، فقدم لمصر مفهومًا جديدًا سار عليه من خلفوه وهو "إعلام الحرب"، ووظفه كيفما يريد في كسر الأقلام وفرض الرقيب وملاحقة المثقفين وهنا كانت نقطة الانطلاق نحو مرحلة تاريخية من التنكيل، وجد فيها مرؤوسيه مبررًا لتكرار أفعاله، فغض الطرف عن القمع فكانت إيذانًا بشرعية الغابة والتنكيل.
أمم الصحافة بسبب هفوة لجريدة قومية لم تفصل بين عنوانين، هما "مقتل السفاح" والعنوان الآخر "عبدالناصر في باكستان" فاتخذها ذريعة لتأميم الأقلام وكسر الحر منها وتقوية المؤيد منها وقتل المُعارض.
افتضح الأمر في هزيمة 67، بعدما أذاع أحمد سعيد مذيع الهزيمة أخبار كاذبة عن نصر لم يتحقق، وتفوق لم يكن إلا انكسارًا، وعلو لم يكن إلا سقوط في الهزائم التاريخية.
هنا لو كان الإعلام حرًا لما سقطنا في فخ أحمد سعيد، والتصديق المُطلق، لكن في الحقيقة تظهر مهما حاول المزيفون إخفائها.
بعد افتضاح أمر إعلام الصوت الواحد الذي اخترعه البكباشي، انتهج أسلوبًا آخر، وهو التباكي، ودموع التماسيح فخرج في خطابٍ تقمص فيه دور أحمد سعيد ليعلن التنحي، معترفًا بالهزيمة، ورغم اعترافه إلا أنه لم ينس أن يُبلغنا أنه مقتنع بالأسباب التي بنى عليها موقفه الذي تسبب في الهزيمة السوداء.
كان ملك "الفنكوش السياسي"، خطب عن صواريخ القاهر والظافر التي تدمر تل أبيب عن بكرة أبيها، في صورة أشبه بفنكوش جهاز "عبدالعاطي كفتة"، وأسس لسياسة الكيل بمكيالين، وفرق تسد, ومن ليس معنا فهو ضدنا.
رفض اعتراض أحد الضباط على غناء أم كلثوم باعتبار أنها غنت للملك وسلطته، وقال "إذا منعنا أم كلثوم من الغناء لأنها غنت للملك، فعلينا أيضًا أن نمنع الشمس والقمر من الخروج لأنهما ظهرا في العهد الملكي، لكنه نسى هذا القول أو تناساه مع محمد فوزي الذي تفنن في تجريده من أمواله والسيطرة على شركته وإضاعتها، لكنهم يوم هزيمة 5 يونيو لم يجدوا ما يذيعوه إلا أغنيته التي تعبر عن مصر الحقيقية وليست مصر يوليو "بلدي أحببتك يا بلدي.
استمر في سياسة التزييف الإعلامي والكذب، ففي إحدى خطاباته قال عن مرشد الإخوان في ذلك الوقت إنه يريد تحجيب النساء، وأن ابنته ليست محجبة وكان رد أحد الحاضرين "كنت تلبسهوله هو"، والحقيقة أن ابنة المرشد كانت بالفعل محجبة، وهذا ليس دفاعًا عن إخواني أو حتى مرشد، لكن حينما تصل إلى مرحلة الادعاء على الإخوان وهم فيهم ما يكفي السوءات فهنا يستحق عبدالناصر الشفقة.
اعتمد في سياسته على العنتريات المسبوقة بالخطب الرنانة، وكأن السياسة "عركة في خمارة"، أمم قناة السويس، دون الانتظار عامين على انتهاء رئاسة الأجانب لها، وظلت مغلقة العامين أيضًا، لكنه هو وأنصاره اعتبروا القرار السلبي بتأميم القناة والذي لم يحقق أي شيء إيجابي، بل كان سببًا في شن حرب على مصر قرارًا صائبًا، وكأن القول ما قال رئيسهم.
الإخوان تعلموا من ناصر فكرة أهل الثقة وليس أهل الكفاءة والتي جسدها باختياره للصاغ أو الرائد عبدالحكيم عامر وزيرًا للدفاع، بأن جعله يقفز 4 ترقيات دفعة واحدة ليعينه قائدًا للقوات المسلحة، رغم خبرته العسكرية التي لا تتجاوز رتبته الحقيقية، لكن عامر كان يجيد سياسة كله بالحب، فتبرير أتباع ناصر ومريديه لاختياره عامر قائدًا للجيش أنه كان يتمتع بحب الجنود والضباط.
كثير من الجرائم التي ارتكبها يرى مؤيدوه أنه لم يكن يعلم بها وكانت تحدث دون علمه، والحقيقة أنه لو كان يعلم فهي مصيبة أما لو كان لا يعلم فمصيبتان.
الترويج أن عبدالناصر لم يكن طائفيًا نوع من التضليل، فلو عاش الأقباط في عهده عيشة هنية، فنفس الرجل سحل اليهود وتجبر عليهم، ولم تشفع لهم مصريتهم.
صناعة أسطول القطاع العام وبعض الإيجابيات في عهد ناصر لا يمكن أن تكون غطاءً على الجرائم التي ارتكبها، وبعيدًا عن تبريرات الناصريين التي تفتقد المنطق، فعبدالناصر يتحمل وزر أفعاله إلى يومنا هذا، فقد سن سُنة سيئة يتحمل وزرها ووزر من عمل بها.
"ناصر" لا يتحمل وزر دروشة الناصريين به، وتقديسهم له، خاصة أنهم يحجون إلى قبره في ذكرى مولده ووفاته وتنصيبه، ويرون فيه الصادق الأمين أو الزعيم المخلص، لكن دروشتهم به وتناقضاتهم المريبة تظل نافذتنا التي نعرف منها كيف كان ناصر زعيمًا للعبث السياسي؟ من تناقضات الناصريين أنهم يكرهون السادات ويصفونه بالخائن، لكنهم قد يفتكون بمن يقول أنه اختيار زعيمهم وتبريرهم دائمًا جاهز، بأنه كان سيقيله من منصب نائب رئيس الجمهورية عند العودة من الخارج، فحسب اعتقاداتهم زعيمهم منزه عن الخطايا.
كلمات الترحم على الملكية غير مقبولة، ونترحم عليها من باب الحنين إلى الماضي فقط، الديمقراطية التي أردناها في 25 يناير كانت ستهب على الملكية في أي وقت وتنجح، بعيدًا عن استنساخ ملكية جديدة أكثر توحشًا ترتدي زيًا عسكريًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة تعلو ولا يعلى عليها
معلق قديم ( 2017 / 7 / 25 - 02:55 )
مقال صادق

هذه هي الحقيقة عن عبد الناصر..فلا تصدقوا أكاذيب أولاد الحواري


2 - لعنه دائمه
على سالم ( 2017 / 7 / 25 - 15:36 )
لاشك ان جمال عبد الناصر وعصابه الرعاع او الضباط الاشرار كانوا جميعا لعنه مغلظه على مصر , مصر تحت حكم العسكر كارثه بجميع المقاييس لاانهم لصوص وجهله وحمير , لقد تم تجريف الانسان المصرى بالكامل من هويته واصبح مسخ تافه جاهل سطحى حتى يسهل قيادته واستعباده , المصرى يتم استعباده على يد المصرى , عبد الناصر كان نذير بؤس وخراب وشؤم على مصر

اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح