الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سورية-4-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 7 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أدب السّجون السّورية
أنت في سورية، في دمشق " عاصمة الثقافة العربية" كما يسمونها، أو قلب العروبة النّابض، هي كلمات كبيرة لا علاقة لها بالواقع. في الحقيقة أن الثقافة في سورية تخصّ الكتّاب والمفكّرين والفنّانين " النّجوم" ، وهؤلاء يتكلمون، وكأنّهم سلطة، والحياة الثقافية متاحة أمامهم. فقط يسكنهم الخوف فيؤلّفون حكايات تجعل رأس النظام يشعر بالسّعادة.
لا نستطيع إحصاء عدد الكتّاب، والشعراء، والمفكرين الذين ينتظرون فرصة لعرض إنتاجهم، وقد يضيق بهم الزمان والمكان، وتضيق بهم لقمة عيشهم فتدفن أشعارهم، وأفكارهم حيث يعيشون أشباحاً ويموتون أشباحاً، وكما نعلم فإنّ النّشر في غاية الأهمية لأنّه يوصل الفكر إلى النّاس . دور النشر لا تتبنى إلا الكتاب النّجوم. بإمكان هؤلاء أن يصبحوا معارضين، وتوظّفهم دولة عربية غنيّة على خبرتهم النجومية، وممكن أن يحصدوا جوائز عربية وعالميّة، وهو موضوع تصويتي تسويقي، له بيئة حاضنة، وقد فرّ الكثير منهم من سوريّة وهم في حال يحسدون عليها، بل ويشكون إهمال السّوريين لهم مع أنّهم معارضون، مقتنعون بأنّهم سوف يذكرهم التّاريخ ممتناً لهم.
إن كلّ ما أكتبه يتناول الفكر والأدب السوري، و الفلسطيني كونه جزء هام من الفكر السّوري، كما يتضمن الفكر والأدب السرياني والكردي، والذي كتب باللغة العربية، وعن سوريّة، وقد تفوّق هؤلاء في النحو والصرف على السّوريين ا العرب أحياناً، وسوف أبحث فيه لاحقاً، كما أتناول الفكر الذي له علاقة بسورية
أتناول أيضاً أدب المدن المهمّشة التي اختير منها شخص ليمثل بلداً كاملاً كسلميّة التي اختصرت بمحمد الماغوط، ولم تتح الفرصة لمئات الكتاب منها لأخذ مكانهم الطبيعي لأسباب كثيرة.
سوف أتحدّث باختصار عن أدب السّجون، وربما هم أدباء ومفكرون قبل أن يدخلوا السجن ، وهي تسميّة خاطئة. كان يجب تسميته أدب الإنسان.
قبل أن أتحدّث عن أدب السّجون لا بدّ لنا أن نتحدّث عن سوريّة الطّائفية، تنظر إلى الأماكن نظرة عنصرية ، فالموقف من الجزيرة السورية العليا ذات التنوع القومي والديني مثلاً هي نظرة مستعمر إلى الدّولة المستعمرة، هم ينهبون خيراتها، وينعتونها بالتخلّف، وجميع سكانها من العرب، والأكراد، والسريان والآشوريون وكل القوميات توصف بالتّخلف، وثقافة السّلطة تنعكس على ثقافة المجتمع، بل إنّ قسماً كبيراً من المجتمع السّوري لم يكن يسمع بأسماء مدنها إلا بعد الثورة السورية عام 2011 ، والتي انتهت إلى حروب متعدّدة تدار من مراكز متعدّدة حيث يوظف السّوري فيها من أجل قتل السّوري.
نعود إلى أدب السجون، وننوه أن سجناء الرأي في سورية هم المعنيون، فالمجرمون لا يعاقبون عادة إلا بعقوبات سهلة ، سجناء الرأي أغلبهم من الشّباب المبدع الذي دمروا مستقبله وحياته، ولن ننسى قصّة الصيدلاني زميل بشرى الأسد عندما ناقشها في أمر يتعلّق بالدواء فسحبوه إلى الفرع ، ثم خرج من سورية مخصيّاً مع مصّدقة تفيد أنه لا يستطيع ممارسة الجنس هذا ما كتبه في عام 2008 من ألمانيا.
لا نستطيع أن نحصي الأفكار التي كتبها السّجناء، فهي بحجم الألم . أترك لكم حريّة التّصور، وأبدأ بسجن تدمر الذي كتب على أبوابه " الداخل مفقود، والخارج مولود" وهذا يعني أنك متّهم وليس مهمّاً أن تدان ، أو لا تدان ،فنحن لسنا في فرنسا حيث المتهم بريء حتى يدان. فلا محاكمة، ولا إدانة .من يقرّر وضعك هو الجلاّد، يوجد كتب كثيرة كتبت عن السجن ومنها:
كتاب" تدمر شاهد ومشهود "
يعد أول كتاب يتناول سجن تدمر، أصدره المعتقل الأردني سليم حماد الذي اعتقلته المخابرات السورية في التسعينيات عندما كان يدرس في إحدى الجامعات السورية، اتهم حماد بالانتماء للإخوان المسلمين، وقضى (11) عامًا قبل أن يطلق سراحه

كتاب " عائد من جهنّم"
علي أبو دهن.

يعد هذا كتاب التوثيقي الذي صدر عام 2012 من أهم ما صدر عن سجن تدمر، كتبه اللبناني علي أبو دهن الذي قضى (13) عامًا في السجن، منذ اعتقاله في مدينة السويداء عام 1987.
القوقعة

تعد “القوقعة” من أهمّ أدب السجون السورية، كتبها الروائي السوري مصطفى خليفة، وهو مسيحي اعتقلته مخابرات نظام الأسد بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين.
خليفة الذي قضى عشرة أعوام في السجن دون أن يعرف التهمة الموجّهة إليه يتحدث في “القوقعة” عن يوميّات شاب أُلقي القبض عليه لدى وصوله إلى المطار عائدًا إلى وطنه سوريا من فرنسا بعد الانتهاء من دراسة الإخراج السينمائي. عاد الشّاب وهو يحلم بالمستقبل.
من كتاب "القوقعة":
"يمكن استعادة الأجواء الجحيمية للتعذيب بـ"بساط الريح": "خذوه على بساط الريح، وبس يقرر يعترف هاتوه لهون"، قال السجان. "سحبوني بعنف. ألقوني على لوح خشبي، ربطوني من جميع أنحاء جسمي، رفعوا الجزء السفلي من اللوح الخشبي عالياً"، قال السجين. بعد تثبيته، بدأ الضرب وبدأ الصراخ. تخدرت قدماه، وتوقف جسمه عن الاحساس بالألم، فأمر سجانه: "اتركوه... اتركوه، خذوه على الزنزانة، العمى ما أيبس راسه، متل راس الجحش"
كتاب" من تدمر إلى هارفارد. . رحلة سجين عديم الرّأي"

ألف هذا الكتاب الدكتور البراء سراج الذي قضى 12 عامًا في السجون السورية، في هذا الكتاب يعتبر سراج نفسه محظوظًا، فقد شاهد عشرات عمليات الإعدام في عدد من السجون السورية، وكان يتوقع مع كل دفعة تساق إلى الإعدام أن يحل دوره هو الآخر، ويصف السراج معاناته تحت التعذيب، في الغرف المظلمة والزنازين الرطبة الضيقة، والضرب اليومي والعقوبات المريرة، وقوافل الرجال الذين يقودونهم إلى ساحة الإعدام
.
الرحيل إلى المجهول كتبه آرام كربيت
سجن في العام 1987 وخرج من السجن في 2000, منها ثمانية اعوام في عدرا بدمشق وخمسة اعوام في سجن تدمر العسكري
من كتابه الرّحيل إلى المجهول:
"الحلم والزمن.. غربة وحنين متيقظ.. مدارات طويلة.. تستلقي خلف الجدران السوداء العالية
ونحن.. ننتظر..
في المساء.. وكل مساء.. حلول الظلام وهبوطه.. خلف الجدران السوداء والعالية لتمد مخالبها وأنيابها المفترسة.. لتزحف فوق الاماكن المسترخية من جسدنا.. لتقطعه وتأكله بلذة لذيذة وفق طقوس مدروسة..
في هذه الليالي الطويلة سنمتهّن الخوف والقلق.. وسكرات اليأس والفراغ والهروب..
تحت سطوة الخوف .. كنت أقول لنفسي..
هؤلاء الذين يحكمون بلادنا.. لا منبت لهم ولا تأريخ.. قطاع طرق.. سمحت لهم العجالة المترافقة بالخوف الى البروز.. انبثقوا من العتمة.. من الليل المدلهم.. سنين طويلة كانوا في عزلة خارج مساحة الزمن المتحرك.. يقتادون الدم الفاسد والتسول..
لن يقتلونا.. لكنهم سيمثلون بأجسادنا ونحن أحياء.. لنكون عبرة لمن اعتبر.. حتى لا تسول للأخرين أن يحذو حذونا.. وبعد أن يضعفوا أروحنا وأجسدنا سيتركنا لأمراضنا المتعددة والمستعصية لتكمل الباقي.. تفتك بنا وتنهي ما تبقى لنا من أنفاس سليمة..
هؤلاء هيولة لدنة.. اخطبوط.. يلتصقون بالجلد ويفردون أنصالهم في المسامات الدقيقة.. يفردونها على طول مساحات وجودنا.. يبدأون في مص الدماء الحارة بشبق ولن يتركوا شيء على حاله إلا كرماد مبدد مجهول الهوية"

رواية “خمس دقائق وحسب” هبة الدّباغ
هي فتاة حموية اعتقلت وسجنت تسع سنوات بالنيابة عن أخيها أي" رهينة" وفي روايتها تصف ليلة اعتقالها، وتقول أنها لا تعرف السبب الذي اعتقلت من أجله
في صفحات الرواية .قصص شتى لنساء وأطفال ساقهم النظام السوري إلى السجون دون أي مراعاة أو شفقة ودون أي ذنب أو تهمة.
بالخلاص، يا شباب! 16 عاماً في السجون السورية
ياسين الحاج صالح
اعتقل الشاب ياسين الحاج صالح من كلّية الطب في جامعة حلب بتهمة الانتماء إلى حزب معارض... تنقّل بين سجن حلب المركزي ومعتقل عدرا في دمشق مدّة خمسة عشر عاماً. قبل أن تنتهي مدّة حكمه يُعرض عليه أن يصبح مخبراً، يكتب التقارير ويشي بأصدقائه. يرفض ياسين، ويرحَّل مع ثلاثين سجيناً إلى سجن تدمر الرهيب، ليمضي سنة إضافية في مكان جحيمي لا تنفتح أبوابه إلا لتلقي الطعام والعقاب. .
"هناك، لا أخبار جديدة، لا طعام شهياً، لا زاد عاطفياً، لا شيء طازجاً من أي نوع. زمن آسن متجانس، أبدية لا فوارق فيها ولا مسام لها. سجناء يقتلون الوقت بما يتاح من وسائل التسلية، وآخرون يروّضونه بالكتب والأقلام. عالم بلا نساء، لا أسرار فيه ولا خصوصيات"
ولا يزال الكاتب يعاني حيث اختطفت زوجته سميرة الخليل، وحتى اليوم لم يعرف مصيرها.
هذا غيض من فيض مما تسنّى لي أن أطلع عليه، والرقم أكبر من ذلك بكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا