الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجليات الجنون(رواية) -8-

ريتا عودة

2017 / 7 / 26
الادب والفن


-8-
= يا ملكة التعبير أين أنتِ؟
- هلا. كيفَكْ؟
أعتذر أنّني انشغلتُ عنك اليوم . اتصلتْ بي صديقة في ضائقة . حكيت معها ساعتين. ساندتُها.
= نيالها.
ههههه..على فِكْرَة..إنتَ بتغار من خالد ..والآن من صديقتي. هل الغِيرَة من طَبْعك؟
= لا.
-كيف كان يومك؟
= بعده..ما انتهى.
ريتا.. كم بقيتِ في المستشفى بعدَ حادث الإعتداء؟

=المَزْهَريّة.
-فهمتْ. هذا مَشهَد مُتَخَيَّل.. يخدم الحبكة.
= هل تُصَدِّقي أنَّ بعضَ النّساء تُحِبّ الضَرْب؟
- أصدّق. هنالك رجالٌ أيضًا يُحِبون الضَرب. لكن.. كلّ هذه حالات مَرَضيّة. هؤلاء ليسوا أسوياء نفسِيًّا.
= يجدون ذلكَ مُغريًا. كانَ لي علاقة بأمريكيّة غربيّة. كنتُ مضطرا أن أضربها. هذا ما كانت تُحِبّ.
-أووف!! لستَ مضطرًا!
= عندي اجتماع لساعة .. أقلّ أو أكثر.
-أوك. صديقي.
(((بعد ساعة)))
= ريتا.
-كيفَك؟
=أنا ممتاز. كيفَ إختاروا لكِ إسمَكِ؟
- كان لنا جيران أرمَن. ابنتهم اسمُها ريتا. ماما سَمَّتْنِي ع اسمها.
= لا بُدِّ أن تلتقي بي ريتا. أنا غريبٌ بطبعِي.
-أحاولُ أن أكتشفك.
= تربَّيْتُ على يدِ ذاتي فلا أشبِهُ الحَضارَة ولا الثقافة.
وأنا كأديبة.. يُغريني أن أكتشف أفكارك.. سلوكك.. مشاعرك.. خفاياك كي أكتبَ من داخل أتون التّجربة.
= أذكُر أنّني كنتُ طفلا في الثالثة عشر من عُمري.. ريتا. وهذه آخر أيام طُفولَتي. ثقافَتي لَم تَكُن مُستوحاة مِن الحَضارات المُحيطة بي فقَد ثُرْتُ على كُلِّ الثقافات وقررتُ أن أسلُكَ حَسَبَ ما أراهُ أنا صالحا وأبتعد عن الطَّالِح.
- جميل. أظُنّ أنَّكَ تُشبِهُني. فأنا لا يَقُودُني إلاّ إحساس داخلي. لا يَهُمُّني التقاليد المُتَّبَعة فأغلبها بالية. يهُمُّني ما يُرضيني أنا لكن ضِمْن ألإطار الأخلاقي.. فأنا مؤمنة.
= أتبَعُ الكُتُب السَّماويَّة..فلا أحتَمِل الخُرَافات ولا إستِغباء القارئ للكُتُب السَّماوية.
- سنتحدّث في ذلك لاحقا فأنا الآن مُرهقة وأحتاج أن أنام. أنا مؤمنة لكنني لا أتبعُ ديانةً مُعَيَّنة.
= احترامي لكِ.
-أعبُدُ إلهي مباشَرَةً .. دونما وسيط.
= هذا ما أنا عليهِ يا ريتا. لا أتبَعُ أحدًا.
- الدِّين هو دعوة للإنسانيّة. الإيمان ليس مظاهر التقوى. هو السّلوك كما سلك الأنبياء حسب وصايا الله.. بقداسة.. بطهارَة.. بنقاء. الإيمان هو السّلوك لا الكلمات. أرِنِي إيمانَكَ بأعمَالِكَ.
= ما غيّرني كان صاعقة أهل الدّين وتُجَّار الديانات فثُرْتُ عليهم . مَحَوْتُ كلّ ما تعلمتُ منهم وقرَّرْتُ أن أكتشف الحقيقة بنفسي.
- جميل.
=أحفظُ القُرآن وأجيدُ التَّجويد.
- مكتوب: فَتِّشوا الكُتُب لأنَّكم تظنون أنَّ لكم فيها حَياة أبديّة..
= ربحتُ جوائز في مُسابقات إسلاميّة. بعدَ الثورة .. أحبَبْتُ المسيحيّة. بحثتُ في الكتاب المُقدَّس عن الحقائِق.
-الله قال للإنسان: يا ابني.. أعطِني قلبَكَ ولِتُلاحِظ عيناكَ طُرُقي. هذا هو الإيمان.. أن أعطي قلبي لله. أن أعرف طرقه.. وصاياه.. وأسلك فيها باستقامة كما سَلَكَ الأنبياء. وصايا الله هي الإنسانيّة ذاتها.. لا تَسْرق.. لا تقتُل.. لا تَزنِ.. لا تشتَهِ امرأة قريبك ولا ماله..الخ.
لو كنّا جميعًا نسلك حسبَ وصايا الله لكانت الدُّنيا بمليون خير.
= الشَّر يَغْمُر الأرض..ريتا. سلالتي الرّيح وعُنواني المطر. هل قرأتِ هذهِ القصيدَة؟
- لا. لم أقرأها.
نور.. هذا العَالَم وُضِعَ في الشِّرير.
= ما معنى ذلك؟
- هذا العَالَم واقعٌ تحتَ سيطرة إبليس وجندُه. الله خلق الملائكة جميعا. قسم منهم تمرَّدَ عليهِ. أرادَ أن يضع كرسيهِ فوقَ كُرسي الله. هؤلاء هُم إبليس وأعوانه. فطردهم من ملكوتِهِ. نزلوا الأرض ليعيثوا بها فسادًا ويُضِلُّوا كثيرين.. وإن أمكن يُضِلُّوا المؤمنينَ أيضا. السَّارق يأتي للشجرة المُثمرة. أمّا الشجرة الفاسِدة فيتركها في فسادها. لكن.. زمن الشّرير محدود وأَوشَكَ على الإنتهاء. لذا هو يعمل بقُوّة الآن في العَالَم.
= كيفَ تعرفينَ ذلك يا ريتا؟
-درستُ الكُتب السّماوية.. الكتاب المُقَدَّس والقُرآن.
= لكن.. لا أرَى شيطانا غير بني البَشَر. أليسَ كذلك؟
- نور.. إفهمني أرجوك. نحن لسنا أجسادا فقط. يوجد داخلنا روح. بدونها لن نحيا. هذه الرّوح إمَّا أن تكون روح الحَقّ.. روح القَدَاسة والطَهارَة وهي روح الله.
أو روح النّجاسة والقذارَة.. وهي روح إبليس.
= كيفَ لي أن أصدِّق قصة إبليس وأعوانه وهذه الهَلْوَسَات؟!
- هذا ما تُخبرنا بهِ الكُتُب السّماويّة.
= هل سيُحاكمُ الأشرارُ على أعمالهم .؟ أم أنَّ إبليس سيُحَاكَمُ في الآخِرَة على كُلِّ الشَرِّ الذي اقترفه؟
- إبليس سيُطرَحُ في الآخِرَة في بُحَيرَةِ الكبريتِ والنّار هو وجنودُهُ وأتباعه. سيأتي يوم الدينونة وهو قريب.
= إذا أنتِ تقولينَ ذلك.. فأنا أُصَدِّقُكِ.
- لا تُصَدِّقني أنا.
فتِّش الكُتُب وصدّقها فهي رسالات لنا مِن الله كي نَتَعِظ .
ماذا ينفعُ الإنسانَ لو رَبِحَ العَالمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفسَهُ.
اشترِ حياتَكَ الأبديّة الآن.. قبلَ أن يفوتَ الأوان. المُؤمنون الذين صبروا على أوجاع الأرض سيحيون في ملكوت الله إلى الأبد.
= هذه القصة مكتوبة لتجعل المظلوم يرضَى بالظُلم الذي يمارس ضدَّهُ.
- هذه هي قصة الخليقة.. التّمرُّد.. السقوط. نحن في قبضة الشّرير.. لكن إن آمنّا سنكون في قبضة الخالق. سيكون ملجَأنا. سيكون حصننا الحَصين. لن تقدر يد أن تسرقنا منه. سيحفظنا في بُؤبؤ عينيهِ. لكنّ الله.. كما في قصة أيوب.. يسمح لنا أن نُجَرَّبَ من أجل تنقيتنا وإزالة الشَّوائِب التي فينا . كما يضع الضائغ الذَّهَبَ في بوتقة ويُعَرضّهُ للنّار.. فيخرج دونما شوائب.. بعدما كان ممتزجا بمعادن غير نقيّة.. هكذا نحن. يسمح لنا الله في أن نُجرّب كما جُرِّبَ يوسف عليه السّلام فاحتملَ غدر إخوته الذين باعوه وعاشَ غريبا عن وطنه.. بعيدا عن حضن والده الذي أحبّه.. ثمّ سُجِنَ لأنّهُ رفضَ أن يخونَ الله ويقع في الخطيّة. لكنّه.. في النهاية حصل على التّعويض الإلهي فأنقذ أسرته وهذه كانت خطّة الله له من وراء التّجربة.. وصار الرّقم الأول في مصر. كذلك أيوب.. بعدما صَبَرَ على التّجربة واحتملَ حتَى النّهاية.. أتى التّعويض الإلهي.. فعاش شبعانا عُمرًا كما هو مكتوب عنه. وعوَّضه الله
بأن منحه ممتلكات أضعاف ما كان يملك قبل التّجربة وبارك بناته فكُنَّ أجمل البنات.
لكنّ.. المُشتكي هو من أتى لله ليشتكي على أيوب أنّهُ ليس مَجَّانًا يَعبُد الله. فالله قد سيَّجَ مِن حَوْلِهِ.
قالَ ابليس لله: ارفع الآن السّياجَ مِن حول أيوب لترى كيفَ أنَّهُ سيكفُر ويقع في الخطيئة. وسمحَ الله للمُشتكي أن يُجرّب أيوب. وكان مرّة يسمح له أن يمسّ ممتلكاته.. ومرّة أخرى يسمح له أن يمسّ أسرته.. ثم سمح له أن يمسّ جسده بالقروح. لكنّ أيوب صَبَر حتّى المُنتهى. قالت له زوجته وهو في قمة الأوجاع: العن الله ومُتْ
فأجابها: أنقبل الخير مِنْ يدِ الله والشَّرَ لا نقبله!
صبرُ أيوب تتغنَّى بهِ الأمم للآن.
إذن الله يسمح لنا أن نُجرَّب لا ليُعذّبنا بل ليُنقينا كما الذهب الخاص حينَ يرفع الصائغ النّار عنه.. يلمع.. فيرى الصّائغ وجهه فيه.
هكذا.. حين نصبر.. في التّجربة.. نتنقَّى.. فيرى الله وجهه فينا ويرى الآخرون نقاءنا.. إيماننا.. فيسألونَ عن سببِ النَّقاءِ فينا.. ويُمجِدُّونَ الخالق.
= أنتِ مَلاكٌ ريتا. كلامُكِ عذبٌ جدا.. ومريح لمن يُصغي لكِ.
أنا أعزّكِ جدا.
- وأنا كذلك.
= أنا أحبُّ الخير لأنّهُ يُشعرني بسعادة.
- وأنا مضطرّة أن أغادر فقد أتت ساعة النّومِ.
= كما تشائين.. ولو أنّ حديثك مريح وفراقك صعب.. لكنّ الغد قريب.
-الفراق الحقيقي ليس الفراق الجسدي يا نور! أنتَ في القلبِ مقيم كأعزِّ النّاس.. حاضرٌ بكامل بهائكَ.
= ربّي يسعدك ويحميكِ ريتا. وأنتِ أيضا في القلب مقيمة إلى ما لا نهاية. هذا وعد.

























التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا