الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في ديوان ( قهوتي والتتار وأنت )

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2017 / 7 / 26
الادب والفن


قراءة خاطر مُرتبك في ديوان "قهوتي والتتار وأنت"
صدر عن دار استنبولي بحلب 2017 الديوان الأول للشاعر السوري "مزعل المزعل" والمعنون بـ قهوتي والتتار وأنت..ضمّت صفحاته ذات القطع المتوسط عدداً غير قليل من قصائد الشعر الحديث ، التي صُكّتْ على هيئة شذرات شعرية مُدهشة ، تمنح ذائقة القارئ المُتأنّي منذ السطور الأولى فضاءات بيانية جديدة كلياً ، وتُصيّر ذهنه فجأة إلى حال من الغرابة ، والدهشة من مهارة الشاعر وقدرته على تقديم كل هذه الحساسية الشعرية عبر انسجام لغوي بديع وسلس ، يصيب ذاكرة المتأمل في صورها البيانية بإرباكٍ شديد ، ويضعها في حال تساؤل ونبش فوضوي لكل ما قد عَرفَت مسبقاً منْ مُفردات ، أو أدرَكَت من مَعانٍ لغوية سابقة ..
" قهوتي والتتار وأنت " عبارة عن فضاءات و شذرات وجُمَل تربكُ عاقليتك بلهاثٍ غير مسبوق للصور والتراكيب البيانية ، فتظن للوهلة الأولى بعد قرائتها أن كل نزق العالم قد قفز إلى رأسك واستوطن التشوش ذهنك دفعة واحدة ، وان كل ما قد كتبته النفوس الرهيفة يوماً من فيوض مُتنازعة الهوى ، قد اجتمّع فجأة أمام ناظريك ..
ديوان شعري بدا كدفقات إنسانية مُتشاكلة أتتْ في زمن إستثنائي ، أراد الشاعر مزعل من خلالها أن يُبينَ لنا معاركه المُحتدمة ، مع الذات و الموقف والوقت و الحدث ، لذلك راح يرصف من خلال تشكيلاته اللغوية ملامح المشاعر المتناقضة فيمن يحب بعمق شديد ، ويصرخ بكل جوارحه في هذا المكان ، منادياً على عُمرٍ مازال يتعلق به إلى حد الكراهية ..وصيرورةٍ ثقيلة لا فكاك منها على الإطلاق ..
لذا يمكن القول عن هذه القصائد إنها دفقات وجودية احتجاجية بإمتياز ، ذات هاجس لا ينقطع عن المحاولة الدائمة للفرار من إسار الجملة التعبيرية التقليدية بشكلٍ مستمرٍ ، لتشاكس بلا هوادة الفهم البدئي للمُتلقي المُتسرع ، وتحاكي في اندفاعاتها المتتالية ذاك اللهيب الغاضب والمُستعر في حنايا أنفاس الشاعر و إدراكاته غير المُنجزة ..
أو لنقل هي علامات لغوية فريدة ، أراد لها الشاعر" مزعل المزعل" أن تكون في الأمكنة الأكثر إزدحاماً في الفهم ، إمّا أملاً في ألا تتوه عنا الحلول للأبد ، أو خوفاً من أن يَشعرَ أحدنا بفراغه الداخلي فيختفي عن الوجود دون أية إيماءة أو ذِكر ..
لكن في النهاية " قهوتي والتتار وأنت " هي أيضاً إيماءات شعرية إنسانية ، تتناسب وحضورها الصاخب، مع ما يمرُّ به الوطن السوري المكلوم ، من قهر وحسرة وأسف من جهة ، ومع ما تبثهُ هذه الايماءات من إشارات أمل ، بحياة مُفتقدة ونصر باكٍ ، على أشرس أنواع المَوَات العقلي في الإنسان الحالي من جهة أخرى ..
صفوة القول :
في إعتقادي ، إن محاولة الكتابة عن هذا الديوان الشعري الإشكالي ، مغامرة غير مأمونة العواقب ، وهي تشبه إلى حدٍ كبيرٍ محاولة القبض بإحكام وثبات على المُتغير دائماً في هذا الوجود المعيش ..
لم أعد أُجيد الرقص / الرقص يحتاج لأرض صلبة ـ إلى وطن / أحمق من يرقص بلا وطن ..
الخشوع يلزمه ليل / ولا رقص بدون ليل / والندى بحاجة لليل / أيُّ مسرح هذا .؟!
الشاعر السوري "مزعل المزعل" شكراً معرفياً جزيلاً لك ..
لقد أضفت إلى ذائقتنا براحاً شعرياً واسعاً رهيفاً لا ينتهي أثره ..

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا