الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a_I):

بشاراه أحمد

2017 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في إطار - المُنَاظَرَةُ,, الَّتِيْ قَصَمَتْ ظَهْرَ البَعِيْر (1-4):

قسم المحروقات - بالليزر:

(11): سحق الفرية الحادية عاشر بعنوان: ((... تغرب فى عين حمئة ولا هى مجاز ولا يحزنون...)), والتي جاء فيها بما يلي:

هنا خيبلة ثقيلة, وليست إشكالية الكاتب فقط,, لقد جن جنون المحبطين من بعض النصارى من وقع هذه المواضيع التي ليس فقط بينت معدن الإسلام الأصيل,, بل لقد كشفت زيفاً وأسقطت أقنعة وحرقت أوراق كثيرة ضج أصحابها فأركهم اللهيب فألهب وجدانهم وهذا واضح من التخبط والإضطراب ومحاولة التزوير والتحريف في المواضيع بحشر إعلاناتهم ورسوماتهم حشراً في داخل موضوعاتنا وحولها وتحتها بطريقة تثير الشفقة على ذلك الساذج الذي إرتضى لنفسه أن يظهر بهذه الصورة المذرية القبيحة, ولكنها ستأتيه بعكس مراده ومسعاه. لقد قدمنا تعليقاً غايته لفت نر القراء إلى هذا النوع من التردي, بعد أن عجزوا عن الرد أو التعليق على فقرة واحدة فقط من هذه المواضيح الحية الصادقة التي لم تكن في حسبانهم. على أية حال لن تثنينا هذه التراهات والصغائر عن مواصلة المشوار, فقط نقول لأولئك قد زدتم طينكم بلة لا أكثر.

أما الكاتب سامي لبيب, فيتضح قوله هذه المرة انه بعيد كل البعد عن المنطق والموضوعية وذلك للآتي: ((...
أولاً,,, قال: عندما تتلى آية ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا) كان التبرير بقصة غروبها فى عين حمئة أن هذا تصور الإنسان لغروب الشمس عندما تلامس الأرض والبحر فى الأفق لأمرر هذا التفسير مع تحفظى على أن الله يدون تخيلات وأوهام إنسان ونظرته القاصرة للطبيعة...)).

ثانياً,, قال: ((... ولكن محمد فى حديثه يؤكد حقيقة الغروب فى عين حمئة. (حدثنا ‏ ‏عثمان بن أبي شيبة ‏‏وعبيد الله بن عمر بن ميسرة ‏ ‏قالا حدثنا ‏يزيد بن هارون ‏عن ‏‏سفيان بن حسين ‏عن ‏‏الحكم بن عتيبة ‏عن ‏إبراهيم التيمي‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏عن ‏ ‏أبي ذر ‏‏قال‏ : كنت ‏ ‏رديف ‏رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏وهو على حمار والشمس عند غروبها فقال هل تدري أين تغرب هذه قلت الله ورسوله أعلم قال ‏ فإنها تغرب في عين حامية )...)).

ثالثاً,, قال: ((... ويروى ابو هريرة عن محمد ( إن بالمغرب بابا للتوبة مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها) أى هناك مكان إسمه مغرب . الراوي: أبو هريرة -خلاصة الدرجة: مشهور صحيح - المحدث: ابن القيسراني - المصدر: ذخيرة الحفاظ ...)).

مرة أخرى يطل علينا الكاتب بإشكالياته المعرفية واللغوية والعلمية التي تؤطر شخصيته, وتشهد عليه بأنه ليس أهلاً للبحوث العلمية والنقد الأدبي لما يقرأ لأنه لا يفهم ما يقرأ, وقد إعتاد على خلط الأوراق وإدخال متناقضات المعاني مع بعضها البعض بطريقة حرفية إحترافية,, دون دراية بما يقول ويُفعِّل,, وذلك للآتي:

أولاً: لا بد من تصحيح مفاهيم أساسية لدى الكاتب نراه قد شوهها حتى يسهل علينا تتبع وتفنيد إدعاءاته التي لا نراه وحده المنفرد بها ولكن هناك محبطين آخرين سبقوه أو لحقوه إلى هذه الإفتراءات المغرضة والتي تقف وراءها مؤسسات نصرانية مشبوهة غايتها تشويه الدين الوحيد الذي يظهر عورها وزيفها فكانت محاربة الإسلام والقرآن بصفة خاصة هدف دولي مرصود له الأموال والذمم المأجورة لتحقيق هذا الهدف الذي يرونه بعيد المنال كلما تفننوا في أساليبهم ووسعوا مواعينهم وغيروا في إستراتيجياتهم فلم يجدوا بداً من أن يجربوا آخر أمل لهم وهو محاربة الدين من داخله وبمعاول منسوبة إليه رغم أن الدين قد تبرأ منهم وقلاهم, بل ووصفهم وصنفهم مع أعدائه من المنافقين والملحدين والمرتدين مقابل حطام الدنيا الفاني.

(أ): أول المفاهيم الخاطئة التي بنى عليها الكاتب أوهامه هي ظنه بأن المسلمين المتدبرين للقرآن الكريم وإعجازه البلاغي البياني يسعون لإيهام الناس بأن قول الله تعالى عن رؤية ذو القرنين للشمس بعبارة: (... وَجَدَهَا تَغْرُبُ ...), بأن ما وجده كان "مجازاً" وليس تصويراً صادقاً للحقيقة التي كانت ماثلة أمام ذي القرنين وكان ينظر إليها عياناً بياناً. وهذا بالضبط ما صوره الله تعالى في الآية الكريمة المحكمة,, فظن الكاتب, أو لعل البعض من غير العارفين بملكات علم البيان وبفن التدبر قد أوهمه بذلك لذا نراه قد قال: (... كان التبرير بقصة غروبها فى عين حمئة أن هذا تصور الإنسان لغروب الشمس عندما تلامس الأرض والبحر فى الأفق ...). لا يا سيد هذه إفتراضات غبية لا أصل ولا علاقة لها بالحقيقة. لا بلا المشهد لا يحتمل أي تبرير ولا مجاز أرح نفسك ولا تشطح وتعتمد على هذه الفكرة الساذجة حتى لا تُصدمَ بالحقيقة الحقة فتصاب بمزيد من الإحباط.

فإن كان لديك تحفظ واحد, فنحن لدينا عشرة أمثاله. وهذا بالطبع لا يعني أننا معك في قولك التالي: ((... لأمرر هذا التفسير مع تحفظى على أن الله يدون تخيلات وأوهام إنسان ونظرته القاصرة للطبيعة ...)), لأنك مخطئ في فهمك عن الله وتصويره للواقع, بل الله يحكي الواقع كما هو حتى إن كان خيالاً ووهما صادر من المحكي عنه,,, فأنظر إلى وصف الله تعالى حال فرعون مثلاً في سورة النازعات, قال: (فَحَشَرَ فَنَادَى 23), (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى 24), فهل تخيلات وأوهام فرعون ونظرته القاصرة لحقيقته حالت دون ذكر الله تعالى وتدوينه لقوله ووهمه وإفكه؟؟؟ ..... وهناك أمثلة كثيرة بالقرآن الكريم, مثلا في سورة البقرة وصف الله تعالى مشركي النصارى وإدعاءهم الآثم بنسبة الولد له,, قال: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ 116),, (تعالى الله عن إفكهم علواً كبيراً),, فهل هذا الإفك المبين حال دون ذكر الله لقولهم الكاذب تماماً كما قالوه, قبل أن ينكره عليهم ويزجرهم فيه؟؟؟

(ب): دخل الكاتب كالعادة ما بين مطرقة الجهل وسندان التزوير, فقد أخفق تماماً في التفريق ما بين مفردتي (... حَمِئَةٍ ...) التي جاءت في الآية الكريمة وبين (... حَامِيَةٍ ...) التي جاءت في الحديث,,, وواضح بالنسبة لهذا الكاتب ان (كله عند العرب صابون). فشتان ما بين الحمِئة والحامية ولكن أكثر الناس لا يفقهون.

(ج): والغريب في الأمر أن هذا الحديث الذي إستشهد به هنا لا علاقة له بالآية التي عرضها من سورة الكهف عن ذي القرنين, فهو سبحانه يحكي حالة أخرى بعيدة كل البعد عن ذي القرنين.
وهل لأن الأمر إشتبه عليه فخلط ما بين المفردتين "حمئة" و "حامية" وإذا به قد هرول مترمماً على فتات وفضلات المواقع ليأتي بأي حديث أو أثر فيه هذه المفردة أو تلك, دون أن يكلف نفسه عناء التقصي والتوثق حفظاً لماء الوجه الذي أصبح غوراً وقاعاً صفصفاً؟؟؟

(د): ثم لماذا لم يأت ببقية الحديث,, أهو ضرب من ضروب التزوير والتحريف أم هو الران على القلوب من ثِقَلِ أثقال الذنوب؟؟؟

(هـ): المضحك المبكي أن الكاتب الهمام قد وهم بأن عبارة (... بالمغرب بابا للتوبة مفتوح ...) في الحديث الثاني الذي إستشهد به (... المقصود بها مكان إسمه "مغرب" ...), وهذا حقيقة أمر محزن أن يتعرض كتاب الله الكريم وسنة نبيه الشريفة إلى عبث الأقذام وأرازل الخلق للخوض فيه وهم أجهل من الجهل نفسه,, ولكن نظن أن في ذلك خير إن صدق ووقف العلماء الحقيقيون في الساحة وفعَّلُوا تدبر القرآن الكريم حتى يخنس الخناسون ويحرزوا إلى جحورهم ودفن غلهم وفجورهم في صدورهم. لا أيها الكاتب الهمام,,, أنت أوغلت في الخطأ وتبحرت في الإخاقات المحبطة.
المقصود بالمغرب هو (وقت الغروب), بعد غياب الشمس ودخول وقت صلاة المغرب, فهو وقت مبارك مشهود لذا بين النبي الكريم ان باب التوبة مفتوح في ذلك الوقت يومياً دون إنقطاع حتى يتم قفله بخروج الشمس من مغربها حيث لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل.

ثانياً: هناك أحد المعتوهين أيضاً خاض في هذه الآية الكريمة ظناً منه بأنه بلغ الثريا من إكتشافه للكنز المفقود,, والعجيب أننا دائماً نجد أمثال هؤلاء المختومين يدعي أحدهم بأنه كان مسلماً ملتزماً ومن أسرة ملتزمة متدينة, أو يدعي بأنه ذو خلفية مسلمة,,, الخ وهي البدعة التي إبتدعها مسيلمة العصر الأفاك زكريا بطرس وصبيه الغبي رشيد حمامي الركامي,, حتى يعطي إنطباعاً بأنه كان يعرف الإسلام حقاً ثم تركه للنصرانية بعد أن إكتشف أن الإسلام فيه كذا وكذا, وطبعاً هذه ديباجة نصرانية مكشوفة تقدَم للهالك كوثيقة ولاء وإلتزام بفعل كل ما يطلب منه بأجر وإمتيازات لا يحلم بها لأن الغاية التي يسعى لها هؤلاء التعساء هي بمثابة حياة أو موت, فهم أمام قرآن كاشف فاضح لسترهم ومسفهاً لتراهاتهم وضلالاتهم وأحلامهم بالحق والحقيقة.

وطبعاً هؤلاء يقبلون هذا الدور بشروطه, لأنهم ليس لديهم أو بالأحرى لم يبق لهم ما يخافون عليه كالمومس التي تبيع الهوى في الطرقات, فهي لا تأمل في العفة الكاملة حتى لو أقلعت وتابت, وكثير من هؤلاء الذين - في الحياة العملية قد لفظهم الإسلام وقلاهم - فهم يعرفون أو يظنون أنهم قد بلغوا المهلكة من أركانها,, فيهرعون إلى تُجَّارِ الذِّممِ ليسخروهم لمثل هذه الأدوار القذرة من الإفتراءات والإفتئاتات مقابل سقط الفتات,, من هؤلاء أمثال رشيد حمامي وغيرهم من الكفرة الفجرة.

فماذا قال هذا المعتوه؟؟؟
جاء بنفس الأحاديث التي جاء بها الكاتب سامي لبيب, بالحرف الواحد, وركز أيضاً على عبارة (فإنها تغرب في عين حامية ), مع أن الحديث لم يكن يتحدث عن قصة ذي القرنين التي جاءت فيها عبارة (عين حمئة). والفرق الوحيد أنه جاء بالرواية الثانية كاملة ولكنه لم يفهمها, وإليك نص الحديث كما جاء به في تخريفاته وإفكه:

قال: ((... 179340- عن أبي ذر قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار والشمس عند غروبها فقال هل تدري أين تغرب هذه قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها ««« تغرب في عين حامية »» تنطلق حتى تخر لربها عز وجل ساجدة تحت العرش فإذا حان خروجها أذن الله لها فتخرج فتطلع فإذا أراد أن يطلعها حيث تغرب حبسها فتقول يا رب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعي من حيث غبت فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها ...)).

المهم في هذا الحديث أيضاً عبارة (فإنها تغرب في عين حامية), وإن كان توهمهم بأن المقصود بها قصة ذي القرنين, ولكن لإرادة الله خزلانهم قد أوقعهم في هذا الخبل الذي شهدوا به على أنفسهم انهم مغفلون. مع ملاحظة أن أرقام الأحاديث التي جاء بها هذا الأفاك (179340) و (31545), غير صحيحة, ومصادرها غير موثقة بل منقولة كما هي من مواقع ليست بثقة, ولكن إن لم تكن الخسة معيارهم لما خسئوا.

لجأ هذا المعتوه للتزوير,, فنراه يقول: (... اما الغروب في عين حمئة فقد وجدت حديثا حسن و يمكن الاستئناس به: ثم جاء بهذا الحديث المغلوط, وأعطاه رقماً نقله "نسخاً" كما هو حتى يوهم الناس بأنه حديث معتمد ولكنه على غير ذلك كما سنرى, المهم كان حرصه الشديد على هذا النص لأن فيه خطأ في عبارة (... فإنها تغرب في « عين حمئة » ...), التي وجدها مختلفة عنها في كل روايات الحديث التي جاءت بها عبارة (... فإنها تغرب في « عين حامية » ...).

فصيغة هذا النص الذي جاء به كانت هكذا:
(31545- عن أبي ذر قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار عليه برذعة أو قطيفة ، وذلك عند غروب الشمس فقال لي : يا أبا ذر هل تدرى أين تغيب هذه ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : « فإنها تغرب في عين "حمئة" » تنطلق حتى تخر ساجدة لربها تحت العرش، فإذا حان وقت خروجها أذن لها فتخرج فتطلع فإذا أراد الله أن يطلعها من حيث تغرب حبسها ، فتقول يارب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعى من حيث غبت. الراوي: أبو ذر الغفاري - خلاصة الدرجة: إسناده حسن - المحدث: الذهبي - المصدر: العلو - الصفحة أو الرقم: 83 ...).

طبعاً,, هذه العبارة الفريدة بالنسبة لهذا المتربص تعتبر مفتاح الكنز له,, لذا سارع بالقول خبثاً: ((... وعليه فالاحاديث واضحة و تتطابق مع المعنى الظاهري للاية. لاحظ أن عبارة (... فالاحاديث واضحة و تتطابق مع المعنى الظاهري للاية ...)), كما يرى القارئ, فالخبث ظاهر فيها لأنه جمع هذه الصيغة المشبوهة الشاذة « فإنها تغرب في عين حمئة » مع الصيغ الصحيحة « فإنها تغرب في عين حامية » ليمررها بينهم, ويقول بأن الأحاديث تقول بما قالته الآية الكريمة. قاتل الله شياطين الإنس قبل شياطين الجن وأذاقهم وبال أمرهم وعجل لهم شيئاً مما توعدهم به.

ولكن,, فلنسأل هذا المزور,, هل هناك حديث بهذا الرقم؟ ..... نعم أنت نسخته ضمن نص الحديث الذي نسخته كما هو copy & Paste, وبالطبع, لن نتوقع منك تدقيقه, فشئ من الفبركة سيؤدي الغرض الخبيث المطلوب. على أية حال, نحن سنوفر عنك المجهود ونقدم للقراء الكرام الصفحة التي نسخت منها هذا الحديث من موقع: المنتدى الإسلامي العام: (منتديات تونيزيـا سات TUNISIA-SAT FORUM), على الرابط التالي:
https://www.tunisia-sat.com/forums/threads/3281365/page-4

فهو ليس منسوخاً من مصدر موثق كمرجع, وبالتالي وجد هذا الضحل فيه ضالته لوجود عبارة (... فإنها تغرب في عين حمئة ...), وهو التزوير الذي يسعى إليه لأن كل الروايات المذكورة عن هذا الحديث تقول (فإنها تغرب في عين حامية), ولأنه وجد أن علماء المسلمين قد أوصلوا إلى أسماعهم مراراً وتكراراً الفرق الشاسع الواسع ما بين (حمئة) و (حامية), وهم لا يريدون أن يعترفوا بفشلهم وهزيمتهم بسهولة حتى يستمروا في المراوغة والمغالطة التي لن تجديهم شيئاً من نفع لأن الآية بمفرداتها وتركيبها وبيانها كافية لأن تجبرهم على الإنكسار رغماً عن أنوفهم,, كما سنرى ذلك من خلال تفنيدنا لإفتراءاتهم,, ثم بعد ذلك نعمل على تدبر هذه الآية المحكمة بتلك السورة الكريمة التي وصف موحيها أياتها بأنها "عجباً".

وقبل ذلك نعرض هنا الحديث الصحيح الذي تتفق عليه جميع الروايات في ما يلي:
رقم الحديث: 20933 (مرفوعاً):
حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: ( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَيْهِ بَرْذَعَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ، قَالَ: وَذَلِكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ لِي: « يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغِيبُ هَذِهِ؟ » قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: « فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ »، تَنْطَلِقُ حَتَّى تَخِرَّ لِرَبِّهَا سَاجِدَةً تَحْتَ الْعَرْشِ، فَإِذَا حَانَ خُرُوجُهَا أَذِنَ اللَّهُ لَهَا فَتَخْرُجُ فَتَطْلُعُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْلِعَهَا مِنْ حَيْثُ تَغْرُبُ حَبَسَهَا، فَتَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّ مَسِيرِي بَعِيدٌ فَيَقُولُ لَهَا اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غِبْتِ ، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا).

نقول عن هذا الحديث الشريف, ما يلي:
أولاً: هذا الحديث ليس له علاقة إطلاقاً بالآيات البينات العجيبات التي ذكرها الله في سورة الكهف عن ذي القرنين ولم تأت بذكر أو تلميح أو داعٍ بقصته,, لا من قريب ولا من بعيد,,, فقد نظر النبي الكريم إلى الشمس عند غروبها ثم قال لصاحبه « يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغِيبُ هَذِهِ؟ »؟ فمَنْ حاجج أو ماحك في هذا الحديث أو أراد أن يوجد لنفسه أو لأوهامه موطئ قدم فهو على سفه وضلال وغباء, بل يجب عدم الإلتفات إليه فنحن لا يهمنا أمره أو يعنينا إفهامه, وليذهب إلى الجحيم حيث إختار لنفسه ورسخت قدماه وإستحقه على أدائه.

ثانياً: قال رسول الله لصاحبه عن غروب الشمس « فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ »، فهل العين موجودة فقط على الأرض, ولا توجد في مكان آخر في هذا الكون الفسيح من السماء الدنيا, أو أحدى السماوات السبع الطباق؟؟؟ ..... وهل إستطاع أو يستطيع الإنسان أن يلم بما في الكون من مكونات حتى يثبت أو ينفي وجود عين أو عيون في ملكوت الله تعالى,,, وهل لدى هؤلاء العقلاء أو الرعاع الشواذ من علماء الفلك السابقين والحاليين واللاحقين خارطة بكل محتويات الكون تحت السماء الدنيا؟؟؟ فضلاً عن السماوات الثانية وحتى السابعة فأدركوا عدم وجود عين حامية تغرب فيها هذه الشمس كما قال خالقها ومبدعها والوحيد العالم بسرها وعلنها؟؟؟

فهل قال النبي لصاحبه أبي ذر إن العين هي من عيون الأرض؟؟؟ ألا يبحث العلم بإستمرار عن آثار لمياه أو مكوناته في الكواكب حتى يعرف أن كانت هناك إمكانية لبقاء أحياء عليها؟؟؟ وهل الإنسان يعرف كل عيون الأرض التي لم يظهرها الله للناس بعد؟؟؟ ..... فإذا كان ذلك كذلك,, فلِمَ يُعير المؤمنون هؤلاء الملحدين البؤساء إهتماماتهم والرد عليهم وقد أمر الله رسوله الكريم بتبليغ ما أوحي إليه من ربه وأن يعرض عن الجاهلين, فلماذا نعيرهم إلتفاتاً سوى كشف ضحالتهم وزجرهم بالحقيقة لكبتهم وإلجامهم بالبراهين؟؟؟
نعم,, وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم,, إن الشمس تغرب في حين حامية, فإذا كانت الشمس في الأساس مشتعلة مسعَّرة, فهل ستكون العين التي تغرب فيها من جليد؟؟؟

ثالثاً: قوله صلى الله عليه وسلم عن الشمس بأنها: « تَنْطَلِقُ حَتَّى تَخِرَّ لِرَبِّهَا سَاجِدَةً تَحْتَ الْعَرْشِ »,,, فهل سجود الشمس أمر شاذ عند المؤمنين أم أن سجود الكون كله - ما نعلم منه وما لا نعلم - هو في حقيقته وواقعه ساجد لله تعالى الذي قال: (والنجم والشجر يسجدان)؟؟؟ ..... فإذا كان الكون كله بسماواته وأراضيه وما بينهما ساجداً مسلماً قياده للرحمان,, وكل آتيه عبداً, فما الغرابة في سجود الشمس لربها عندما تبلغ في حركتها ومسارها في فلكها مستقرها تحت العرش,, فهل كلمة "تحت" تعني "لصق" أو "رتق" العرش؟؟؟ أليست الأرض تحت السماء والبئر تحت السماء وقمة الجبل كذلك؟؟؟

نعم وألف نعم فإن الشمس عند بلوغها مبلغاً في حركتها تحت العرش فإنها يستحيل أن تكمل مسيرتها دون السجود لربها وإستئذانه قبل مواصلة مسيرتها مرة أخرى, لأنها بإختصار, هي ليست بغباء وضحالة فكر المشرك بصفة عامة والملحد بصفة خاصة الذي أوبق نفسه وأوردها المهالك بنكرانه لحق الله عليه من الحب والعبادة والتودد؟ وهل هذا السجود والسلام والإستئذان يقتضي - بأي حال من الأحوال - التوقف عن الدوران حتى تفرغ من الإجراءات المكتبية وتأشيرة الدخول وتأشيرة الخروج وختم الأوراق بعد مراجعتها,,,,, الخ؟؟؟ مالكم كيف تحكمون.

فهل هذا الملحد الساذج الضحل يعرف أنه في نومه هو في حالة وفاة وأن روحه قد فارقت جسده المادي وذهبت عند بارئها, فإذا ما إستيقظ فجأة مزعوراً مثلاً, فإن الله يرد له روحه في التو واللحظة عبر هذه الفترة والوجيزة ما بين سماعه للصوت المزعج وإستيقاظه من الوفاة. قال تعالى في سورة الزمر: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ - « حِينَ مَوْتِهَا » وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ « فِي مَنَامِهَا » - فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ « وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى » إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 42).

رابعاً: النبي الكريم في هذا الحديث لم يتحدث عن الليل والنهار إطلاقاً, كما يأفك هذا الكاتب,, ولكنه كان يتحدث عن الشمس كجرم سماوي ومخلوق عابدة لربها شاهدة له بالوحدانية,, لذا بَيَّنَ خصوصيتها مثلها في ذلك كمثل الجندي الذي يعطي التمام للضابط المختص قبل أن يقوم بأداء بمهمته التي أوكلت إليه, ماشياً أو واقفاً,, فإذا أذن له بالإنصراف سعى وإلَّا ظل واقفاً في حضرته حتى يتلقى الأوامر منه (ولله المثل الأعلى). فهي إذاً لها خصوصيتها كمخلوق عابد مطيع لربه, و تضبط علاقتها بربها قبل أن تقوم بدورها الذي "جعلها الله مكلفة بأدائه". ومن ثم فهي تستأذن الله فإذا أذن لها تخرج فتطلع, وتستمر على هذا الحال إلى آخر يوم لها, فتخرج من حيث أمرها ربها حيث تُرَدُّ توبة التائب ولا تقبل منه.

حينئذ يحبسها الله ولا يأذن لها كما جاء في الحديث بقوله: « فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْلِعَهَا مِنْ حَيْثُ تَغْرُبُ حَبَسَهَا », لأنه ليس لها طلوع من المشرق بعد ذلك, فيأمرها بالطلوع من حيث غابت لقول حِبِّيَ الرسول الكريم في الحديث « فَتَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّ مَسِيرِي بَعِيدٌ فَيَقُولُ لَهَا اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غِبْتِ », فهذا اذان بقفل باب التوبة لقول الرسول: « فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا ».
وهذا الحدث الذي تخرج فيه الشمس من حيث غربت ليس في مسيرتها المعتادة, وإنما سيحدث في آخر الزمان حيث بداية النهاية للكون, وليس له علاقة بتقلب الليل على النهار وتقلب النهار على الليل المعتاد. ثم أولاً وأخيراً ما علاقة هذا بذي القرنين إبتداءاً ثم إنتهاءاً,, ولماذا نشغل بالنا بالمحبطين المختومين ونعطيهم قيمة قد أذهبها الله عنهم وكتب لهم عذاب مهين عقيم؟؟؟

فلماذا إذاً يلقي المؤمنون بالاً لخزعبلات المحبطين المغبونين من مشركي أهل الكتاب والملحدين الذين لا دين لهم ولا ملة ولا عهد ولا إعتبار عند الله لا في كتابة ولا في سنة نبيه المطهرة؟؟؟ ..... لماذا لا يتركونهم يتلوون من الألم والإحباط والشنآن والحسد من جراء الضياع الذي أدخلوا أنفسهم فيه فأتمه الله لهم وثبته عليهم ليذوقوا وبال أمرهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم؟؟؟

يقول المعتوه صاحب المقال: إن لديه الادلة من القرآن الكريم,, تدل على أن كلمة (وجد), في آيات وردت في كل القرآن معناها واحد وهو المعنى الحقيقي لها ولا تعني شيئاً آخر ثم جاء بعدد من الآيات التي تتضمن هذه المفردة. ولكن قبل أن ننظر إلى هذه الآيات التي نحن أدرى بها وبما في كتاب الله منه, يجب أن نصحح مفاهيم هؤلاء الشواذ ليعرفوا ماذا تعني هذه المفردة في اللغة, وفي قواعدها وفي التراكيب اللغوية التي تتضمنها وذروة سنام ذلك تبيان القرآن الكريم, ثم نتدبرها بعد ذلك في الآيات المعنية من سورة الكهف,, فنقول وبالله التوفيق:

(أ): ما هو الفعل (وَجَدَ) إبتداءاً؟, وما حكمه في القواعد, وإلى أي مجموعة ينتمي وكيف يعرب فهذه المعلومات مهمة جداً في فهم إستخداماته في اللغة العربية والتراكيب البيانية التي أساسها القرآن الكريم.
1. هو أحد أفعال « ظَنَّ وأخواتها » الناسخة للمبتدأ والخبر إلى مفعولين لها, التي تسمى (أفعال الشك واليقين ).

2. هذه الأفعال من عوامل المبتدأ والخبر ولذلك احتاجت إلى مفعولين الأوَّل ما كان مبتدأ ، والثاني ما صلح أن يكون خبراً فينصب مفعولاً ثانيا لهذه الأفعال.
3. تنقسم ظن وأخواتها من حيث النوع إلى قسمين، هما: أفعال قلوب, وأفعال تحويل.
4. تنقسم أفعال القلوب إلى قسمين:
- ما يدل على اليقين، ومنها خمسة هي: (رأى، علم، وجد، درى، تعلم),
- وما يدل على الرجحان، ومنها ثمانية, هي: (خال، ظن، حسب، زعم، عد، حجا، جعل، هب).
وأفعال القلوب هذه: منها ما ينصب مفعولين وهو رأى وما بعده, ومنها ما ليس كذلك وهو قسمان:
- لازم: مثل ــ علمتك مجتهد .
- ومتعدِّ لنصب مفعول واحد: مثل ــ رأيت ضيفك.
5. أفعال التحويل: تتعدى أيضا إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر وعدَّها بعضهم سبعة هي: (صيَّر، جعل، هب، تخذ ، ترك، رد، اتخذ).

(ب): فالذي يهمنا من هذه الأفعال في موضوعنا القائم هو الفعل (وَجَدَ), وهو من بين أخوات ظن التي تدل على (اليقين), بغض النظر عن تعديها أو لزومها. إذاً معنى هذا أنه لا يختلف اثنان في أن معنى وَجَدَ في قوله تعالى (وَجَدَهَا تَغْرُبُ), - من وجهة نظر ذي القرنين - وما كان يشاهده بكامل حواسه التي صور بها المشهد الذي كان أمامه وناظر إليه, انه وَجَدَها أمامه يقيناً وليس تخيلاً تماماً كما وصفها الله تعالى. ولكن هل هذا معناه أن الشمش في حقيقة أمرها كانت تغرب في تلك العين؟؟؟

وهل « وَجَدَ » هنا هي نفسها - من حيث المعنى والمدلول - تماماً مثل « وَجَدَ » التي في قوله تعالى: (وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا)؟؟؟ ..... ليس القصد من حيث التركيب اللغوي ووظيفة المفرة في التركيب, ولكن من حيث المعنى والمقصود والدلالة؟؟؟ ..... فخير مثال شبيه بذلك قول الله تعالى في سورة النور عن أعمال الكافرين: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ « يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً » حَتَّى إِذَا جَاءَهُ - « لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا » « وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ » فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ 39),
هذه الآية تصور بالضبط ما حدث مع ذي القرنين, وسنبين ذلك بإجراء مقابلة بين الآيتين لندرك مقاصد المفردات ولا نقف عن معانيها اللغوية فقط, وقد مثل الله في الحالتين بصورة منطقية للواقع المشاهد حقيقةً, وبين الحقيقة التي - عند بلوغها - يتضح انها مخالفة لذلك الواقع المشاهد:
1. الصورة الأولى في مواجهة الواقع المشاهد: كانت لظمآن رأى أمامه ماءاً (رأي العين) فتيقن انه ماء لا شك لديه في ذلك وإلَّا لما جازف بحياته وأضاع ما بقي له من أمل في الحياة وراء وهم, فذهب في طلب ذلك الماء. كذلك حالة ذي القرنين الذي في مواجهة الواقع المشاهد: رأى الشمس تغرب أمامه في مكان ما على البعد منه, وحدد ذلك المكان بمعالمه, ثم مشى حتى بلغه,

2. الصورة الثانية, مواجهة الحقيقة التي كانت مخالفة للواقع المشاهد,, فقد أدرك الظمآن أن ما كان ينظر إليه ليس ماءاً حقيقياً بل سراباً لذا: « لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ». وكذلك حالة ذي القرنين قد وجد الحقيقة كانت مخالفة للواقع المشاهد « حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ » , لأنه وجد المكان الذي رأى الشمس تغرب فيه كان عبارة عن عين حمئة « وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ».

3. الصورة الثالثة المواجهة بالحقيقة والواقع الفعلي: فبالنسبة لذلك الظمآن لم يجد ماءاً تماماً كالكافر عند لقائه بربه يوم القيامة لم يجد من أعماله شيئاً يمكن أن يفيده وينقذه من المصير المحتوم الذي كان يكذب به ويراوغ, والآن قد وجد الله « وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ », فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ). وكذلك حال ذي القرنين قد وجد عند تلك العين قوماً قال: « وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا », فكانت له مهمة مع هؤلاء القوم,, قال: (... قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا).

فالمفردة « وَجَدَ » - في الصور الثلاثة مختلفة من حيث المدلول عن بعضها البعض, فمدلولها (عند المواجهة بالواقع المشاهد) يختلف عنه في مدلولها (عند مواجهة الحقيقة التي كانت مخالفة للواقع المشاهد), كما أن مدلولها (عند المواجهة بالحقيقة والواقع الفعلي) عن الصورتين السابقتين لها.
لذا فلا شك في أن الأرعن والجاهل والمدعي المعرفة هو في الواقع ليس من أهلها لأنه ببساطة مغبون فيها, وعليه سيقول بلا تردد (نعم مثلها), حينئذ يمد أبو حنيفة رجله, وسنرى ذلك لاحقاً عبر التحليل والتدبر.

(ج): كذلك في قوله تعالى « وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ »,, هل هذه المفردة تعني نفس المعنى في قوله (وَجَدَهَا تَغْرُبُ), أو هي نفس المعنى في قوله (وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا)؟؟؟ أم لعل من قائل أحمق يقول بأن المفردة في العبارات الثلاثة تعني نفس المعنى (وكله عند العرب صابون)؟؟؟

(د): ثم ماذا لو أخذنا معنا عبارة: (... بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ...), ولنأخذ أيضا المفردة في عبارة: (« وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ ») فهل وَجَدَ في العبارة الأولى هي نفسها وَجَدَ في العبارة الثانية,,, أم هناك إختلاف ظاهر؟؟؟ فإذا رأيت إختلافاً فقط قل "نعم" ولنأخذ معنا أيضاً المفردة في عبارة (« إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا »), قارن هذه بسابقاتها وأجب بنعم أم بلا لتشارك معنا في التدبر الذي هو شئ آخر مختلف على القراءة تماماً كالإنصات الذي هو شأن آخر غير الإستماع.

جاء في سورة الكهف:
أولاً: قول الله تعالى لنبيه الكريم بأن أهل الكتاب و/أو المشركين يسألونك عن قصة ذي القرنين, فأعلمهم بأنك ستتلوا عليهم منه ذكراً وليس كل شئ, قال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا 83). تبدأ قصته بأن الله تعالى قد مكن له في الأرض وآتاه سبباً من كل شئ, قال: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا 84), فلم يتوانى أو يتكاسل, بل بادر بالعمل, قال تعالى عنه: (فَأَتْبَعَ سَبَبًا 85).

وقد كان زاحفاً في إتجاه مغرب الشمس وكانت تتحرك أمامه نحو المغيب فوجدها تغرب في مكان ما بعيد عنه,, فلما بلغ ذلك المكان وجده عبارة عن عين حمئة (ماءها به حمأ), قال تعالى عنه: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ « وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ » ...).

قبل أن نواصل لدينا ملاحظة هامة نود لفت نظر القارئ إليها, وهي أن المشاغبين والمرجفين يركزون دائماً في إفكهم على فعل واحد فقط هو (وَجَدَ), ويهملون الفعل الذي قبله إما جهلاً وجهالة أو خبثاً وتجاهلاً حتى يحققوا غايتهم الخبيثة وهي التشكيك في قول الله تعالى وإحكامه. فنقول:
1. أولاً,, ذو القرنين قد (... « بَلَغَ » مَغْرِبَ الشَّمْسِ ...), وهذا يقول بصريح اللفظ إنه كان يرى الشمس تغرب في مكان ما بعيداً عنه (رأي العين - يقيناً), ثم واصل سيره حتى « بَلَغَ » ذلك المكان الذي وجد الشمس تغرب فيه, فماذا وجد هناك؟؟؟,

2. فما أن « بَلَغَ » ذلك المكان الذي كان يراه من على البعد وجده عبارة عن عين مائها به حمأ قال: « وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ », ثم ماذا وجد هناك في هذا المكان؟؟؟

هذا ما سنعرفه بعد قليل,, ولكن لتقريب فهم المشهد للشمس وهي متجهة للغروب الذي كان ينظر إليه ذو القرنين حسب وصف الآية الكريمة نقدم للقارئ مجموعة من الصور الفتوغرافية لغروب الشمس في أوضاع مختلفة ستساعد على فهم المشهد أكثر وسداً للذرائع,, وذلك على الروابط التالية:
1. أنظر إلى الشمس هنا وهي على وشك الغروب أمام وجه الكلب الظاهر على الصورة مباشرة
http://greatinspire.com/wp-content/uploads/2013/06/Beautiful-Dog-Photography-2.jpg

2. وإليك صورة أخرى,, تخيل نفسك كنت في مكان ذي القرنين أسفل هذه الصورة,, وأنك تتابع هذا المشهد حيث توشك أن تغرب الشمس,,, أين تراها تغرب؟ ثم تخيل نفسك قد وصلت إلى ذلك المكان, ألا تتوقع أن ترى واقعاً أمامك لم تكن تراه من على البعد؟؟؟

http://monthlybrands.com.pk/wp-content/uploads/2016/08/maxresdefault-2.jpg

3. الآن,, تخيل نفسك واقفاً أيضا مكان أو مع ذي القرنين أسفل هذه الصورة,, وأنك تتابع هذا المشهد حيث توشك أن تغرب الشمس,,, خلف هذه الأشجار؟ هب أنك حددت المكان بمعلم معين, ثم ذهبت إلى حيث يوجد ذلك المعلم, ألم ترى أشياء وواقع لم تكن تراه من على البعد؟؟؟ قد يكون بشر أو وحوش أو آفات أو عين أو بحر.... الخ؟؟؟

https://i.ytimg.com/vi/ai8snipnyvE/maxresdefault.jpg

4. أيضاً تخيل نفسك مكان ذي القرنين أسفل هذه الصورة,, وأنك تتابع هذا المشهد الرائع, حيث توشك الشمس أن تغرب,,, أين تراها تغرب,, ألا تراها تغرب حقيقة في الماء؟

https://media-cdn.tripadvisor.com/media/photo-s/0a/f0/04/bf/april-2016-sunset.jpg

5. كذلك لك أن تتصور نفسك هنا في مكان ذي القرنين تقف أسفل هذه الصورة,, وأنك تتابع هذا المشهد الرائع, حيث توشك أن تغرب الشمس,,, أين تراها تغرب,, ألا تراها تغرب حقيقة خلف الأشجار؟ وأفرض أنك واصلت المسير حتى بلغت النقطة التي بها الأشجار التي كنت ترى الشمس قد غربت فيها خلفها, وهب أنك عند بلوغك إياها وجدت أناساً يسكنون هناك ويرعون أغنامهم, ما الغريب في ذلك؟؟؟.

https://c1.staticflickr.com/9/8854/16732480594_c5f18e03e1_z.jpg

6. أيضاً تخيل نفسك مكان ذي القرنين أسفل هذه الصورة,, وأنك تتابع هذا المشهد الرائع, حيث توشك أن تغرب الشمس,,, أين تراها تغرب,, ألا تراها تغرب حقيقة في الماء؟

http://www.massachusetts-prenuptial-agreements.com/wp-content/uploads/2011/05/Sunset-1.jpg

7. أيضاً تخيل نفسك مكان ذي القرنين أسفل هذه الصورة,, وأنك تتابع هذا المشهد الرائع, حيث توشك الشمس أن تغرب,,, أين تراها تغرب؟

http://www.atravelbroad.com/wp-content/uploads/2013/11/sunset.jpg

قال تعالى إن ذي القرنين عندما بلغ تلك النقطة أو البقعة التي كان قد وجد الشمس تغرب فيها, وجد عندها قوماً يعيشون هناك, قال: (... « وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا » ...), ولعلهم كانوا أشراراً أو كفرة, فخير الله ذي القرنين في تحديد الطريقة التي سيعاملهم بهم, قال: (... قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا 86) الخيار لك وعندك حرية التصرف معهم بالكيفية التي تراها.

واضح أن ذي القرنين قد إختار طريقتين ليعاملهم بها, إحداهما للظالمين وهؤلاء سيعذبهم والثانية لمن آمن وعمل صالحاً , فهؤلاء سيتخذ فيهم حسناً وسيقول لهم من أمره يسراً,, قال الله عن ذي القرنين: (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا 87), (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا 88). ثم ماذا بعد؟؟؟

واصل ذو القرنين مسيرته, قال تعالى عنه في ذلك: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا 89), وظل في زحفه في إتجاه الشرق هذه المرة, وكانت الشمس قد أشرقت, عند بقعة محددة بعيدة منه, فواصل زحفه حتى وصل تلك البقعة التي وجد الشمس تشرق عندها وجد فيها قوم في العراء لا يسترهم شئ من الشمس,, قال تعالى عنه: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ « وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ » لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا 90), (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا 91).

أيضا لدينا هنا ملاحظة هامة قبل أن نواصل نود لفت نظر القارئ إليها, وهي أن المتربصين من مشركي أهل الكتاب والملحدين يركزون دائماً في إفكهم على الفعل (وَجَدَ), فقط ويهملون الفعل (بَلَغَ) الذي قبله بغرض التشكيك في قول الله تعالى وإحكامه. فنقول:
1. أولاً,, ذو القرنين قد (... بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ...), أولاً وهذا يقول بصريح اللفظ إنه كان يرى الشمس تطلع من مكان ما بعيداً عنه (رأي العين - يقيناً), ثم واصل سيره حتى بلغ ذلك المكان الذي وجد الشمس تطلع منه, فماذا وجد هناك؟؟؟,

2. فما أن بلغ ذلك المكان الذي كان يراه من على البعد « وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ » من البشر,, يسكنون في العراء ليس لديهم ما يسترهم من أشعة الشمس وحرها, قال عن حال هؤلاء القوم: « لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا » واضح أنه لم تكن هناك كهوف أو غابات كثيقة الأشجار حتى تقيهم الشمس وتستر عنهم أشعتها المباشرة؟؟؟

ثم واصل ذو القرنين زحفه من تلك البقعة, لقوله تعالى: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا 92), إلى أن وصل منطقة بين سدين فوجد هناك قوماً آخرين وصفهم الله بأنهم لا يكادون يفقهون قولاً, قال تعالى عنه في ذلك: (حَتَّى إِذَا « بَلَغَ » بَيْنَ السَّدَّيْنِ « وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا » 93).

هذا هو الجزء من الذكر الذي أراد الله أن يقصه على نبيه الكريم وفي منتهى الروعة والبساطة والوضوح والجمال,,, وقد خسئ المبطلون الملاحدة ومشركي أهل الكتاب المغبونين.

فالآن لا نحتاج إلى ما قاله المفسرون بعد أن شهدت الآيات بنفسها بالحقيقة الواضحة وضوح الشمس. ولا يعني هذا أن ما قاله المفسرون والعلماء ليس بكافٍ,, بل على العكس من هذا المفهوم, وذلك لأن القرآن الكريم قد أنزله الله خصيصاً "هدىً للمتقين", فالمؤمن المتقي تكتفيه بتلاوة الآيات فقط وتدبرها, ولا يحتاج إلى زيادة أو دخول في مماحكات ومزايدات كالتي يقوم بها المتربصون المكذبون الكذابون الملحدون, فالمفسرون كان مستمعهم من المؤمنين أما الآن فقد إرتفع صوت الأقذام وجخت القلوب بالظلام.

أما وقد ظهرت الآن أفاعي وقوارض وكواسر ومرجفين,,, فإن جنود ربك لا يعلمها إلَّا هو, فهم في الساحة يذبون عن كتابهم وسنة نبيهم جهاداً بالكلمة والحجة والبينة,,, قال تعالى في سورة الصافات: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ 173), وفي سورة المائدة, قال (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا « فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ » 56).
طبعاً جاء المخبول بعدد من الآيات الكريمات التي تتضمن كلمة (وَجَدَ), ليقول بأنها تعني معنىً واحداً فقط,,, ولكن قد لمسنا من الآيات المعنيات أن لها أكثر من معنى ومدلول وغاية,, ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الآن بانت الرؤيا, وظهر للعيان كم أخطأ هذا المخبول بقوله: ((... الادلة اللغوية من القرآن: اعتقاد القرآن ان الشمس تغرب فى عين حمئة كحقيقة وليس ما تخيله ذو القرنين بشهادة القرآن اللغوية. ثم جاء بالآيات التي إستدل عبرها على أن كلمة (وَجَدَ) في القرآن كله معناها وجد حقيقة وليس ظناً...)). ونحن نقول له ونؤكد بأن ذي القرنين قد رأى الشمس حقيقةً كما وصفها عنه القرآن وليس توهماً,,, لقد كان ينظر إلى الشمس بذاتها وهي تتجه نحو الغروب, فحدد المكان الذي كانت تغرب فيه فلما بلغه وجد أن ذلك المكان عبارة عن عين حمئة. فما الذي يسعى إليه هؤلاء المسطحون المغبونون ويريدون عمل قبة من حبة,,, ولكن هيهات هيهات.

لا يزال للموضوع بقية,

تحية كريمة للقراء الأكرمين والقارءات,

بشاراه أحمد عرمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س