الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة حول تراجع الفكر والأدب في سورية-6-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 7 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ما قبل وما بعد الثورة السورية 2011
من فجّر الثّورة؟
سؤال يستحق الإجابة عليه. الذي فجّرها هو الظّلم بالدّرجة الأولى.
يوجد في سورية معارضة سياسية حاولت أن توحد جهودها ولو بشكل ما مع ربيع دمشق الموهوم، لكنّ أغلبهم دخل السجون السّورية.
أغلب السوريين ينتمون إما إلى البعث، أو إلى الشبيبة في أضعف الأحوال ، أو من أحزاب الجبهة، فحزب البعث منظومة تضم أغلب السوريين، حيث لا وظيفة أو عمل لمن لا يأتي بورقة أنه عضو في البعث، أو الاتحاد النسائي، أو الشبيبة، أو أحزاب الجبهة، ونحن نعرف أن طلاب الثانوية هم من الشبيبة بنسبة 95 بالمئة عدا في مناطق تواجد الأكراد فقد كانت النسبة تنخفض إلى 80 بالمئة.
التّعدد كان موجود ضمن حزب البعث نفسه ، فيكون الشّخص ظاهريّاً بعثي، وضمنيّاً إسلامياً على سبيل المثال . أن ما يجري في السّر هو مختلف.
عندما تقدم دراسة عليك أن تكتب الأمور بشكل محايد، وأحاول أن أكون محايدة في الأمور التي أنقلها حسب ما رأيتها.
إن قال لك سوري بأنّه ابتعث للدراسة في الخارج دون واسطة فصدّقه، فهو ابتعث لأنّه حزبي، وينتمي إلى منظومة الضّابط الفلاني، أو الشخص المتنفّذ الفلاني، وإذا قال لك سوري أنه اختير لكفاءته فلا تصدّقه، فالكفاءة آخر ما ينظر له في المناصب، وحتى الوظائف الصّغيرة.
لا يعني أن يكون الجيش، والموظفين، وطلاب المدارس بعثيين أنهم يتساوون معاً ، فهناك تقسيم في رأس الهرم: بعثي من المقربين من النظام وطائفته" العلويون" ، وهؤلاء احتلوا المناصب العليا الداخليّة والخارجيّة، بعثي من الأقليات الطائفية، وهم أبناء الزّعماء في المناطق الطوائف ومواليهم، وهؤلاء لهم نصيب من الكعكة كون زعماء الطوائف يقوم النظام بتعيينهم، وهؤلاء يخضعون لهؤلاء ،والبعثيين الذين لا حقوق لهم هو الشعب الفقير الذي لاحول له ولا قوّة، وهنا أرغب أن أشير إلى أنّه وبالرّغم أنّ بعض الأحزاب الكرديّة أنشئت بضوء أخضر من السلطة ، لكن الأكراد كشعب كانوا من أكثر الفئات السّورية التي لم تنتمي إلى حزب البعث، وأكثرهم تعرّضاً للظلم ، ومن أجرأهم حيث كانوا يحييون ذكرى المناسبات الخاصة بهم كحلبجة في المدارس رغم عدم السّماح لهم، وتعرّض الكثير منهم إلى القتل في احتفالات النيروز، كما تم حرقهم في سجن الحسكة، وكانت أحداث ملعب القامشلي 2004 هي ثورة حقيقيّة من قبل الشعب الكردي الفقير، وبينما كان بعض أفراده يموتون، كان بعض أفراد الأحزاب الكردية يحرسون تماثيل الأسد بناء على توجيه الأمن، ولم تطرح في المسيرة أفكاراً انفصالية.
كنت وسط أحداث 2004، لم أشارك في التّظاهرة. كنت إلى جانبها أراقب، وكان زوجي يقول لي:
اسمعي ما أجمل هذا النشيد. كان المتظاهرون يردّدون بصوت خفيض:
يسقط حزب البعث فقط، .أحداث لن تغيب عن ذاكرتي،
وكان زوجي من أوائل الناس الذين رافقوا الشهداء إلى مثواهم الأخير، وأتى الرّد علينا حيث كان ما كان في 2006 ، فقد كانت العقوبة من نفس العمل، وأرسلت المخابرات عملاءها من الأكراد لينزلوا يافطة معهد الرّواد الخاصة بابنتي سيناء ، ويهدّدونا ، مما اضطرنا إلى مغادرة البلد، والأسماء جميعها موثّقة من قبلي ومنشورة في سلسلة اسمها" في دارة أم العبد" في موقع ألف تودي تتحدّث عن الموضوع.
عندما أناقش السّوريين حول الفقر لا يقبلون الفكرة ، يقولون أن سورية لم يكن فيها فقر، لكنني لا بد أن أدلي بشهادتي الشّخصية هنا، ولا بد أن أطرحها رغم عدم التّوافق حولها، فقد رأيت الأطفال الذين ليس بأرجلهم أحذية في ريف الحسكة، والأطفال الإناث اللواتي يعملن في خدمة عائلات من محيطهم، وقد تركوا مدارسهم. رأيت الفقر المدقع في أغنى بقعة من أرض سورية، وهي الجزيرة السّورية العليا. كما رأيته في دمشق على الجسور التي تعجّ بالأطفال الذين يبيعون الكبريت، أو السجائر، وبالرجال والنساء من ذوي الاحتياجات الذين يمدون أيديهم للمارة، وأرى أنّ أحد أسباب الثورة السورية هو الفقر، فقد تكون الوظيفة قد حمت البعض من الفقر العلني، لكن نسبة 90 في المئة من الجزيرة السورية العليا ليس لهم وظائف، يستوردون لهم الموظفين من السّاحل السوري ، أو من وسط سورية، وهذا يعني أن أغلب أهل الجزيرة عاطل عن العمل، ولو ذهبت إلى السّاحة لاستطعت الحصول على عمال بأجر يومي زهيد.
إذا كان أهل الجزيرة السورية العليا يعتمدون على العمل الزراعي في المواسم، والذي كان يضمن كفاف عيشهم، لكنّ هذا توقّف فيما بعد فقبل الثورة بزمن طويل كانت عامودا تملك أعلى نسبة جرارات في سورية ،أصبح أهلها يغادرونها لضيق العيش إلى لبنان، وأطراف دمشق، فالمواسم القليلة ترافقت مع استنزاف المياه الجوفية بحفر الآبار البحرية التي كان يشارك فيها ضبّاط الأمن، أو على الأقل يأخذوا حصّتهم حتى يسمحوا بفتح هكذا بئر، وأصبحت الجزيرة السّورية التي يمكن أن تسدّ مجاعة العالم بالقمح .لا يكفي محصولها للأفران المحلّية، والحصول على ربطة خبز أمر شاق، أما الفساد داخل مؤسسات استلام المحصول فقد تجاوز الحدّ، وهذا ما جعل الكثير من الملاك الذين كانوا يملكون آلات زراعية إلى بيعها، والتّوقف عن العمل الزراعي لأنّ أغلبه يشبه القمار كونه يعتمد على الزراعة البعلية.
ربما كان وضع السريان والآشوريين المعيشي أفضل . ليس لأنّ ظروفهم أفضل بل لأنّ في كلّ بيت مهاجر يدعم عائلته، فهجرتهم تمتد إلى فترة المجازر العثمانية، وبعد أحداث لبنان أصبح يشار لهم كخونة، وأنّهم ليسوا مناصرين للكتائب فحسب. بل هم من الكتائب اللبنانية، وقتل بعضهم في الحرب السورية على لبنان حيث كان في الجيش العربي السوري، وهذا ما أخافهم فهاجرت أكبر نسبة منهم في تلك الفترة عن طريق لبنان، وقدموا أنفسهم كلبنانيين، وبعد حصولهم على جنسية الدولة المضيفة أظهروا هويتهم السّورية، وقد سهلّوا الهجرة لأقاربهم بعد الثورة كي لا يتعرّضوا للموت في البحر فعملوا لهم عقود عمل أتوا من خلالها، وأنا هنا أتحدّث عن الأغلبية، ومع ان " المسيحي من الجزيرة السّورية" يعتبر أن تلك المناطق هي تراثه وتاريخ أجداده، فاسم سوريا نفسه سرياني، وهناك بعض النساء السريان اسمهن سوريا، لكنّهم يتوجّسون من القتل، فقد حدث أن قتلوا في طقّة عامودا أو- كما يسميها الأكراد انتفاضة عامودا عام 1937-، حيث اعتبرها الأكراد انتفاضة ، بينما يعتبر المسيحيون أنهم قتلوا لأنّهم مسيحيون، وقد يتكرّر الأمر، فترك أغلبهم مدينة عامودا إلى أماكن أخرى في سوريّة، وهم اليوم يعتبرون أن هناك عمليّة تزوير للتاريخ، وهذا ما قاله لي أحد الآشوريين الذي أراد أن يبقى في قريته، ولكنه لجأ للسويد، وقد كان معلّماً في قرية قرب قرية تل تمر، وقد تواصل مع أقاربه في القرية فقالوا أن المدرسة أغلقت أبوابها حيث بقي فيها 4 طلاب فقط.
قال " هذه القرى نسكنها أباً عن جد، وهي تمثّل تاريخنا. نحن الآشوريون في سورية والعراق يتمّ سرقة تاريخنا أمام العالم"
ليس لي رأي في أحداث عامودا فقط أنقل الحدث وتاريخه ورؤية طرفين قد يكونا متصارعين، أحدهم يعتبر نفسه بطلاً بينما يعتبره الآخر قاتلاً .
أسباب الثورة عام 2011 كثيرة، لكن أهم سبب قريب كان نجاح المصريين في حمل مبارك على الاستقالة.
اعتمدت الثورة على الشباب الذين كانت طروحاتهم" الشعب السّوري واحد" وتقارب المكون الكردي، والعربي والمسيحي تحت هذا الشّعار. لم يستمر الأمر طويلاً حيث بدأت ترتفع الشّعارات الإسلامية، فأخافت الكثيرين من الأقليات المعارضة لحكم الأسد، والتي لا ترغب في حكم إسلامي.
قتل الشّباب الثوري، واعتقل، وبدأت مرحلة جديدة هي مرحلة قتل الثورة عن طريق أسلمتها، وهذا ما جرى.
وبدأت مرحلة هجرة السّوريين الأولى من ميسوري الحال، والذين لم يتضرّروا، وقد كانت مكلفة جداً حيث سعر تهريب الفرد الواحد من ثمانية إلى عشرة آلاف يورو، وهي هجرة بالطّائرة. إما من تركيا أو اليونان، وهذه المرحلة كان الغرق في البحر قليلاً.
الموجة الثانية من المهاجرين كانت الأرخص سعراً، والأكثر موتاً، وهي إمّا من مصر أو ليبيا، حيث كان يدفع الشّخص الواحد من ألف إلى ثلاثة آلاف دولار، وهذه الموجة كان ضحاياها، والغارقين في البحر كثر، ثم أتت الموجة الثالثة مشياً على الأقدام من اليونان، وفي هذه المرحلة نجح رئيس جديد في اليونان وفتح الباب إلى أوروبا وأتى النّاس بأثمان بخسة، وكان الأمر مغرياً، لكن تلك الرحلات كلّفت الكثير من الضحايا في البحر بين تركيا واليونان، حيث كان آلان الكردي رمزاً لهؤلاء الضحايا.
ليس صحيحاً أنّ كل المهاجرين هربوا من الحرب، والدليل أن بعضهم لا يزال يزور سورية بالسّر، وله أعمال داخل سورية. مع أن إقامته حماية، ولو عرفت الدولة التي منحته الحماية لسحبت منه الإقامة، بعضهم أتى متحمّسً من أجل مستقبله، ومستقبل عائلته، وهم يعملون بجد وينالون تقدير المجتمع، والكثيرين لم ينهوا اللغة، ويعيشون على الضّمان، وبعضهم تستغرب لماذا أتى، فهو يزوج بناته في الخامسة عشر بعد شهادة الشهود، دون أن يسجل الزواج، ولا زالت جريمة الشرف قائمة، حتى أنّ السويد وضعت لها عقوبة قاسية في القانون.
لا بد أن نتحدّث عن تلك الرّوح الإيجابية التي سادت المجتمع السوري مع بداية الثورة، وهذا الإحباط والانقسام اليوم، فشعار الشّعب السّوري واحد اختفى، وبرزت قضايا قوميّة ودينية حيث أصبحت الأسرة الواحدة منقسمة.
كثر الإنتاج الأدبي، والفنّي، والدراسات، والبحوث على حساب المضمون. زادت قصص التفوّق الوهميّة في الإعلام، وكأنّنا نحن نعيش حالة البعث عندما نتباهى بتفوقنا، وهي قصص في أغلبها وهميّة، فالكثير ممن تفوقوا. لم يقربوا الإعلام. زاد إنتاج الأعمال الفنّية، وعاد من كان يسيطر على الفن والأدب في الدّاخل للسيطرة من جديد، وهم مجموعات مغلقة لا يمكن اختراقها. أغلب الصحف، والفضائيات مموّلة ، والفكر النقي سيبقى " في دائرة الصّمت"
زادت الجمعيات الخيرية التي توزّع الفلافل، ويقتني أصحابها السّيارات الفارهة، كما زادت المنظمات الحقوقيّة، ومنظمات حقوق الإنسان التي تعيش على التّربح من الثورة، وكانت الحالة الفكرية حتى الآن بعد الثورة في أدنى مستوى لها، حيث أصبحت الشّتيمة والألفاظ النّابية تنزل في مقال صحافي، أو على الفضائية، أصبح عدد المتاجرين بالثورة يفوق عدد التنظيمات، وأصبح الشعب السوري الأعزل في قبضّة المناهضين للثورة سواء كانوا من أنصار إيران أو من أنصار دولة عربية غير إيران، أو أنصار النّظام، أصبح الشعب السّوري اليوم محاط بسياج من الحواجز التي تعيق حركته الجسديّة، والفكرية.
سمى بعض المهاجرين أنفسهم شاعر الثورة، أو إعلاميّ الثورة، وسّجل أحداثاً قد يكون بعضها حقيقياً، وبذلك أصبح أغلب السوريين حتى الذين انضموا إلى الحراك غير مرغوب بهم.
اخترت قصّة يقول كاتبها أنّها حقيقيّة، وقد سمى نفسه شاعر الثورات عنوان القصّة: حين يوضع المسدس على طاولة الامتحان
يكرّم المراقب أو يهان
من الحياة اليومية لمواطن سوري
بقلم طريف يوسف آغا
يقول في مقدمته : إهداء إلى جماعة كنّا عايشين
ويقول أيضاً أن القصة جرت على مرأى منه عام 1975-1980 عندما كان طالباً في كلية الهندسة في دمشق
القصة منشورة على الموقع https://sites.google.com/site/tarifspoetry/tarifspoetry-10/hyn-ywd-almsds-ly-tawlte-alamthan
اكتفيت بوضع الرابط لضيق المساحة، وأترك الرأي لكم حول الشكل، والمضمون، والمستوى، ولا يحتمل البحث شهادات كثيرة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا