الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الملك يعفي مجموعة من الوزراء
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
2017 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية
مع تفاقم مشكلة الريف وبالأخص في مدينة الحسيمة ، بدأت العديد من المواقع الالكترونية ، تروج لحملة تطهيرية ، سيقوم بها الملك إزاء مجموعة من الوزراء ، الذين فشلوا في مأموريتهم ، بسبب التهاون ، او التقصير، او بسبب الفساد ، او لأسباب أخرى متداخلة مع الأسباب أعلاه .
فهل من شماعة تلصق بها أحداث الحسيمة ، التي لا تزال تفعل فعلتها منذ أكثر من تسعة أشهر ، مع العلم ان المسؤول المباشر عن كل ما حصل ، يبقى الملك باعتباره رئيس السلطة التنفيذية الحكومية ، وليس الوزراء الذين لا سلطة لهم خارج سلطة القصر .
وبالرجوع إلى الدستور الأخير لسنة 2011 ، تتضح هذه الحقيقة التي تجعل من الوزارة الأولى ، مجرد غرفة للتصديق على كل ما يأتي من القصر مباشرة او بموافقته ، من قرارات تهم المشروعات الكبرى ، وتهم أعمال السيادة .
ولي أن أتساءل بعد كل هذه الإشاعات ، التي ربما تروم إلى تهريب مسؤولية الملك كأعلى سلطة سياسية ، وإلصاق الفشل ببعض الوزراء ، كشماعة تمرر عليها الأزمة ، عن كيفية توصل هذه المواقع ، إلى هذه الأخبار بإعفاء الوزراء . وهل الملك من خلال صديقه ، ومستشاره فؤاد الهمة ، قد يكون هو من يقف وراء التسريب ، الذي يريد بث الخلط ، وتضبيب الرؤية ، ورمي الفشل إلى طرف لا يملك من القرارات والسلطة غير الاسم .
إذا عدنا الى التشكيلة الحكومية ، سنجد أنها تتعارض مع الهدف المتوخى من الانتخابات . فإذا كان الدستور ينُصُّ على أن الحزب الفائز بأغلبية المقاعد البرلمانية ، هو المؤهل لتشكل الحكومة ، فان التقطيع الانتخابي ، والقانون الانتخابي كذلك ، بالرغم انه لا ولن يسمح لهذه الحزب بتشكيل الحكومة لوحده ، فهو يكون مضطرا للدخول في تحالفات سياسية مع الأحزاب الأخرى ، لتشكيل الحكومة . وفي الحالة المغربية ، فان التفاوض بين الأحزاب ، لا يكون من اجل البرنامج الحكومي ، لأن البرنامج الذي يُطبق ، هو برنامج القصر . وقد سبق للملك ان صادق على البرنامج الحكومي لسنة 2017 ، في 26 شتنبر 2016 أي ، قبل الانتخابات التي دخلها كل حزب ببرنامجه ، لكن بعد انتهاء العملية الانتخابية ، وجد الجميع أنفسهم يطبقون برنامج الملك ، لا برنامج الأحزاب التي تقدمت بها الى الانتخابات . لذا فالتفاوض بين الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات ، وبين غيره من الأحزاب الأخرى ، تدور في العرف المغربي ، حول المقاعد الوزارية ، ونوع الوزارات التي يطمح كل حزب الظفر بها ، لتنفيذ برنامج الملك ، لا برنامج الحكومة التي تتنافس أحزابها الظفر بهذا الشرف ، شرف تنفيذ برنامج القصر .
لكن هل التشكيلة الحكومية ترتبط فعلا بنتائج الانتخابات ، وبعدد المقاعد التي يكون كل حزب قد حصدها من هذه الانتخابات ؟
إذا عدنا إلى كل الطرق التي تشكلت بها الحكومات السابقة ، وهنا أتحدث عن ما بعد تعديل الدستور في سنة 2011 ، فإننا سنجد ان الحكومة ، يتشكل وزراءها ، من الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، كما يمكن ان ينضم إليها أحزاب لم تحصل ولو على مقعد واحد بعد الإعلان عن النتائج .
لكن الغريب ان عددا من الوزراء ، يتم تعيينهم بالحكومة ، بالرغم من أنهم لا ينتمون إلى الأحزاب ، وبالرغم من أنهم لم يشاركوا في الانتخابات ، بل إننا سنجد ان عددهم ، أكثر بكثير من وزراء الأحزاب التي شاركت في الانتخابات . وهنا سنجد ، انه بالرغم من ان وزراء الأحزاب ، يمكن القول مجازا ، ان لهم مشروعية شعبية استمدوها من الانتخابات ، أي صوت عليهم الناخبون ، فان الجاري به العمل ، هو وجود تمييز ، وربما نوعا من الحگرة ، بين هؤلاء المنتمين سياسيا ، وبين الوزراء غير المنتمين سياسيا لأي حزب ، ويستمدون مشروعيتهم من الملك الذي عينهم ، ومن نوع الوزارات التي يشرفون عليها ، والتي توصف بوزارات السيادة ، ووزراءها يطلق عليهم في العرف المخزني المؤطر بالتقاليد المرعية ، بخدام الدولة الذين هم دائما فوق القانون .
ان بعض الوزارات مثل الداخلية التي تتبعها شكليا اليوم ، الأجهزة الأمنية المدنية ، تخضع للملك مباشرة من خلال خضوعها لصديقه ومستشاره فؤاد الهمة . كما ان التعيين في هذه الوزارة ، من ولاة ، وعمال ، ومدراء عامين ، ومدراء ، يتولاها القصر ، وليس الحكومة التي تكتفي بالتصديق على كل ما جاء من تعيينات ، وليس اقتراحات من الديوان الملكي .
ان نفس الشيء يلاحظ بالنسبة لوزير الخارجية ، إذا كان ينتمي الى حزب كصلاح الدين مزوار . ان الوزير هنا ، يفتقد لكل سلطات تعيين السفراء ، التي يرجع تعيينهم الى القصر ، خاصة بالنسبة لبعض السفارات ، كباريس ، وواشنطن ، ولندن ، والرياض ، ومدريد ، برلين ، نواكشوط ، الجزائر ... الخ .
إذا كانت هذه هي الحقيقة في من يحكم ، فهل من الجائز والعدل ، تحميل وزراء مسؤولية فشل انجازات الحسيمة ، ومسؤولية كل المشاريع التي فشلت عبر كل التراب الوطني ، في حين أن وجودهم بالوزارة ، هو مجرد ديكور لتزيين الواجهة لذا الدول المانحة ؟
لقد اعتبرت الملك كرئيس للجهاز التنفيذي الحكومي مسؤولا ، لأنه بالرجوع الى ظهير 1977 الخاص بالعمال ، سنجد ان الظهير ، يعتبر العامل ممثلا للملك بالإقليم وبالعمالة . والظهير هنا يتلكم عن العامل ، وليس عن الوالي .
وبالرجوع الى التعديل الدستوري الذي أُدخل على الدستور في سنة 1996 ، سنجد ان الدستور ، وحتى بعد التعديل الذي عرفه في سنة 2011 ، يتحدث عن العامل ، ولا يتحدث عن الوالي ، ويعتبره ليس ممثلا للملك فقط ، بل يعتبره ممثلا للدولة المغربية .
وهنا مكمن الخطورة ، لان الدولة في المصطلح السياسي التقليدي المخزني ، تعني العائلة الحاكمة ، ولا تعني الشعب المحكوم الذي يتكون من إثْنيات مختلفة . فالدولة بهذا المفهوم تختلف عن الدولة في القانون الدولي التي هي دولة الشعب . لذا فحين كانت تسقط الدولة في المغرب ، كانت تسقط العائلة ، ولتأتي على أنقاضها دولة أخرى ، تنتمي إلى عائلة أخرى وهكذا .
ان العامل الممثل الشخصي للملك حسب ظهير 1977 ، وممثل الدولة المغربية حسب دستور 1966 و 2011 ، هو يتبع الملك مباشرة ، من خلال وزير الداخلية الذي يختاره الملك ، ويعينه الملك ، والذي يخضع لسلطة الملك ، لا لسلطة الوزير الأول ، خاصة إذا كان من طينة عبدالرحمان اليوسفي ، وعبدالاله بنكيران ، وسعد الدين العثماني .
ومما يؤكد ، ويدلل على الطابع المخزني القح لوزارة الداخلية ، وحرصها على التقيد بالأعراف ، وبالتقاليد المخزنية المرعية ، واعتبار خدامها ، خداما للقصر لا غير ، وجود بعض الوظائف الاركاييكية ، التي لا وجود لها إلاّ في المغرب المخزني ، وهي التي تضفي على النظام الاوليغارشي ، الثيوقراطي هِبَةٌ تقليدانية ضاربة في جهل الشعب ، وتجعله بذلك ، اي النظام متميزا عن غيره من الأنظمة السياسية في العالم .
فوظيفة جاري التي تم حذفها ، ومقدم ، وشيخ ، وخليفة قروي ، وخليفة قايد ، وباشا قايد ، وباشا ، ورئيس دائرة الذي كان يسمى بقياد ممتاز ، ثم الدور الأساسي الذي تضطلع به الوزارة أثناء أداء شعائر البيعة ، سواء تلك التي تتم عند حلول ذكرى جلوس الملك على كرسي الحكم ، او عند انعقاد الدورة البرلمانية في كل جمعة ثانية من كل شهر أكتوبر ، او عندما تُجيّش العامة ، ضد شخص ، كبن كيران في الدارالبيضاء ، وبانكيمون في الرباط ، وضد جييل بيرو صاحب كتاب " صديقنا الملك " .... الخ
كل هذا يجعل القصر من خلال الملك الذي هو الرئيس الفعلي لوزير الداخلية ، ومن خلال ولاته وعماله ، المسؤول الرئيسي عن التعطيل ، او التراخي ، او التقصير ، او التبذير ، او الفشل الذي أصاب المشروعات ، التي لم تراوح مكانتها منذ تدشينها من طرف الملك نفسه .
ان العامل ممثل الملك حسب ظهير 1977 ، وممثل الدولة العلوية حسب دستور 1966 و 2011 ، هو المسؤول عن كل ما يجري ويحصل بالإقليم ، او العمالة التي يوجد على رأسها .
ان العامل هو الرئيس الفعلي لكل المديريات الجهوية للوزارات بالإقليم ، وبالعمالة ، ومن ثم فان دوره في نجاح ، او فشل انجاز اي مشروع ، واضح ولا غبار عليه .
ان العامل مجبر وملزم ، بتتبع كل الانجازات ، وكل المشاريع التي تتم بأموال الشعب ، في الإقليم او العاملة التي يوجد على رأسها ، من بداية المشروع الى نهايته ، مثل تزفيت الطرق ، والأزقة ، والشوارع ، وبناء القناطر وإصلاحها ، والمركبات الرياضية ، والمحطات الطرقية ... الخ
ا ن أي فشل بسبب الغش ، او الاختلاسات لأموال المشاريع ، يتحملها العامل ، ومن بعده يتحملها وزير الداخلية ، ويتحملها الملك الذي يتبعه مباشرة العمال ، والولاة ، ويتبع إليه وزير الداخلية .
أما إلصاق تهمة الفشل ببعض الوزراء المغلوب على أمرهم ، لتهريب مسؤولية الملك ، ومن خلاله تهريب مسؤولية وزير الداخلية ، والولاة ، والعمال ، سيكون بمن يشاهد الحقيقية بالعين المجردة ، لكن يتهرب من مواجهتها ، لأن الحقيقة دائما صادمة ، ولا يقوى عليها إلاّ العصاميون والجرّيئون .
ان المدخل الأساسي لتفادي مثل هذا الخلط في تحديد المسؤولية ، هو ربطها بالمحاسبة ، وبدولة الحق والقانون . فبدون نظام ديمقراطي حقيقي ، يحدد السلطات ، ويرتب المسؤوليات ، فان اي محاولة للالتفاف على الأزمة المستشرية بالريف ، وبعموم المغرب ، لن تجدي شيئا ولا نفعا ، وستؤجل الصراع الى الأمد المتوسط ، ان لم يكن الأمد القريب .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مسؤولون أميركيون لسكاي نيوز عربية: 80 طلعة جوية يوميا لحفظ أ
.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 3 أشخاص في عملية إطلاق نار على ح
.. 11 شهيدا بقصف إسرائيلي استهدف منازل بمدينة رفح جنوب قطاع غزة
.. إسرائيل تحتل المرتبة الـ15 ضمن أكبر مستوردي الأسلحة بالعالم
.. إسرائيل تواصل حصار مستشفيات غزة رغم التحذيرات من انهيار المن