الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الماركسية - ماركس بعد مئة سنة (1/تمهيد)

موسى راكان موسى

2017 / 7 / 30
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ماركس ، بعد مئة سنة (175ـ176) :


إن إحدى التساؤلات الأكثر صعوبة التي يطالبنا بها ماركس ، بعد مرور مئة سنة على وفاته ، هي تلك المتعلقة بتفسير أسباب (( مصيره )) الخارق للعادة ، و النجاح التاريخي الذي لا مثيل له الذي عرفه (( عمله )) . هناك واقعة أكيدة و هي أن ماركس قد غيّر بعمق العالم الثقافي للرجال ، و أنه قد حوّل حتى الجذور (( نظرتهم إلى العالم )) ، و لكن الواقعة الأخرى التي لا مجال لإنكارها هي أن الماركسية اليوم هي الأيديولوجية الرسمية لدول يعيش فيها أناس يشكلون حوالي ثلث البشرية (و ذلك دون أن نحسب القوى السياسية التي تتبنى الماركسية في بقية أنحاء العالم) .


و لذا فأنه من العبث تجاهل إحدى هاتين السمتين أو قصر الماركسية على اعتبار أنها مجرد فلسفة . لقد كان نجاح العقيدة في الواقع (( شاملا )) . فهو قد استحوذ في آن معا على عالم الأفكار كما على عالم الوقائع الحقيقية (ليس فقط حقل الواقع و الحقائق و إنما أيضا حقل المثل و الأفكار) . مطلوب منا إذن أن نجيب على هذا السؤال : كيف و بمقتضى ماذا نجحت الماركسية هذا النجاح ؟ .


ذلك إنه أمام الطبيعة (( البرمائية الكاسحة )) للعقيدة ، تبدو المعايير التقليدية في أزمة و عاجزة عن الإمساك بكلية و طبيعة الظاهرة . ما كان ماركس في الحقيقة ؟ و ما هي نوعية (( عمله ـ نتاجه )) ؟ .


أمام هذه الأسئلة فإن الانطباع الذي نشعر به غالبا هو أننا نتقدم في ظلام مطبق . إن النفوذ أو التأثير الثقافي الفكري الخارق للعادة الذي مارسته الماركسية يقود غالبا إلى إعتبارها على إنها أحدى أكبر (( الثورات العلمية )) الحديثة ، و يتم حينذاك ربط إسم ماركس بإسم داروين أو حتى نيوتن .


و بالمقابل فإن واقعة كون الماركسية اليوم و في كل البلدان الشيوعية هي (( معادل دهري ـ علماني للاهوت )) و إنها تتغلغل تحت هذا الشكل في حياة جماهير غفيرة من البشر ، تقودنا إلى تشبيه نجاح ماركس بنجاح مؤسسي الديانات القديمة . و هكذا يظهر أن ماركس ، و حسب الحالة ، تارة كـ(( حكيم )) و تارة كـ(( نبي )) . إن التفسيرين (الحكمة و النبوة) يترجحان و يتداخلان على الدوام ، بل و أكثر من ذلك (و هذا ما يدهشنا) نجدهما معا لدى نفس الكاتب .


فعلى سبيل المثال نجد في البحث الهام الوارد في الجزء الرابع و الأخير من (( تاريخ الماركسية )) الذي قام إينودي بنشره حديثا ، إن المؤرخ الماركسي الإنكليزي إريك هوبزباوم ، يعتمد الإجابتين معا مرجحا هذه و تلك في آن معا و كل واحدة على حدة .


إنه يضع إسم ماركس مع أسماء نيوتن و داروين (و حتى فرويد) و قد كتب يقول بأن (( المفكرين الوحيدين الذين نستطيع تعريفهم (( فرديا )) و الذين وصلوا إلى وضع مماثل لوضع ماركس هم مؤسسو الديانات الكبرى في الماضي ، و بإستثناء محمد فإن أحدا منهم لم ينتصر على مستوى مماثل و بسرعة مماثلة )) .. و يختتم هوبزباوم قائلا أنه : (( من وجهة النظر هذه ، لا يوجد أي مفكر علماني يمكن مقارنته مع ماركس )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟