الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة نادية مراد لإسرائيل صائبة

محمود عباس

2017 / 7 / 30
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


بدون أية مقدمات، زيارتها إلى إسرائيل صائبة وفيها حكمة، ولا تحتاج إلى تبريرات، ولا شهادة حسن سلوك من المجرمين، والمنافقين المتغطيين تحت عباءة الداعمين للقضية الإيزيدية، لها الحق بأن تصرخ في جميع أركان الأرض، وتطرق كل الأبواب في العالم، وتذهب إلى كل هيئة عالمية يؤمل منها خدمة لقضيتها وقضية أخواتها السبايا. فكل من يتهم أو يخون زيارة سفيرة السلام نادية مراد إلى إسرائيل، داعشي بشكل أو آخر، حتى ولو تغطى بعباءة النبوة، ومعظمهم ذوي نهج عروبي عنصري أو إسلامي تكفيري، والطرفين يكرهون الإيزيدية دينا وقومية، وبما أن الإيزيديين نواة الأمة الكردية قومية ودينا، فلا بد وأن يكونوا أكثر الشرائح الكردستانية معرضة للتهجم والدعايات المغرضة، وفي الحالتين يغطي المخادعون تهجماتهم تحت حجج ساذجة، غارقة في النفاق.
لا نعلم أين كانوا جميع هؤلاء الحريصون على سمعة الإيزيدية والناجية نادية مراد، فلم نسمع أيام مجازر كوجو أو عند تدمير شنكال، أصوات هؤلاء المحللين السياسيين والمثقفين المستميتين على العباءة الوطنية وعلى مصير المجتمع الإيزيدي، ولا أثناء عمليات السبي أو تجنيد الأطفال الإيزيديين، واليوم وبعد هذه الخطوة الدبلوماسية المهمة والحكيمة خرجوا يزعقون، ويقدمون المشورة وراء أخرى، ويناقشون أبعاد الزيارة التاريخية، ويدعون بأنه لا يحق لها كممثلة عن أخواتها زيارة إسرائيل وكان عليها أن ترفضه، لكن أحكامهم ومطالبهم أخبث من أن تستأهل الأخذ بها، لأنها دعوة مطعونة فيها ومن عدة نواحي:
أولا، أن الزيارة تخص قضيتها التي تندى لها جبين الأمتين العربية والإسلامية قبل العالمية، والذين سيستمعون إليها شخصيات عالمية ولهم ثقل دولي.
والثانية، بما أنها سفيرة هيئة الأمم، ولا علاقة لها بالسياسة، والنفاق التاريخي الدائر بين اليهود والمسلمين، أو بين اليهود والعرب ومنذ قرون، وتغطى اليوم تحت عباءة الصراعات السياسية والدينية والقومية، ومهمتها الأولى قضيتها الإنسانية، ولا علاقة لها بالصراعات، التي يقحمونها فيه المتربصون بها، لبلوغ مآربهم. فحتى وإن كانت زيارتها ستندرج ضمن هذا الصراع الموبوء، فإسرائيل أقرب إلى الإيزيديين من الذي يجرمون بحقهم جهارا، ويتبرؤون من بشائعهم بعد التنفيذ. وفي الطرف الأخر فإسرائيل عضوة في هيئة الأمم، وتقدمت بطلب رسمي، لذلك فالأصوات التكفيرية العروبية الإسلامية المتعالية والمزركشة بالمنطق والخطأ، والحجج الواهية، لا تقدم حجة منطقية تقنعنا والإيزيديين وخوشكا نادية مراد بأن التحدث أمام الكنيست ستؤثر سلبا على القضية الإيزيدية، بل وبالعكس تظهر وبشكل فاضح وواضح أنها في مجملها دعوات وتأويلات نابعة من الحقد والكراهية تجاه الأخر الإيزيدي الكردي والإسرائيلي اليهودي، والمطلب لم يستند على الدساتير الدولية ولا على القوانين الإنسانية، ومنطقهم نابع من الخلفيات العنصرية الغارقة في كراهية الأخر، ومعظمهم خريجي المدارس العروبية العنصرية والراديكالية الإسلامية فالعلاقات الإنسانية وحسب مفاهيمهم يجب أن تمر من أقنيتهم السياسية فقط، فدونها خيانة أو على أقله خطأ لا يغتفر، لذلك فعلى هذا المبدأ الساذج يحكمون على زيارة نادية مراد. فكل كردي إيزيدي أو مسلم يرى مثلهم بأن الزيارة كان خطأ يجرف بالقضية الإيزيدية إلى أحضان هؤلاء المنافقون التكفيريون الإسلاميون، لذلك نأمل ألا يؤثر هذه التهجم السافر الموبوء على مساندتهم لخدمات سفيرتهم نحو العالم، ولا بد من دعمها. فلا يهمنا إن كانت إسرائيل ستستفيد من هذه الزيارة أم لا؟ بل من الأهمية هو أن نعرف أنها ستعكس سلبا على الإسلاميين الإرهابيين والتكفيريين، وستخطو بالقضية الإيزيدية خطوة إيجابية أخرى نحو المحافل الدولية، ولتخرس الأبواق التي تطالبها بالاعتذار. وبالمناسبة فالاعتذار مِن مَن ؟! من الإسلاميين التكفيريين أم من الإرهابيين أم الأبواق المنافقة؟!
والأغرب بل والأبشع، أن العديد من السياسيين والمثقفين العراقيين، ظهروا فجأة على الساحة، وحملوا راية الافتخار بنادية مراد وبشجاعتها وحكمتها. والبعض يمجدها كمواطنة عراقية، وأنها مثلت ليس الإيزيديين فقط في مجلس الأمن بل العراقيين كلهم، لينتقدوها من خلف هذا الافتخار المليء بالنفاق، لأن زيارتها تطعن في عمقهم التكفيري العروبي، فهؤلاء مثل غيرهم لم يسمع لهم يوما قبل الأن صوتا في أي محفل إقليمي أو دولي ولا حتى في الإعلام، يجرمون فيها بشائع داعش. والبعض الأخر نافق أكثر فأصبح يتلاعب وبخبث بالتحليلات، على أن الزيارة خاطئة، لأن إسرائيل تدعم داعش، ويحكمون إلى أنها وقعت في زلة لدبلوماسية إسرائيل الخبيثة، متناسين أن جامعة الأزهر، الساكتة عن الحق! أخبث إسلاميا من إسرائيل، ودبلوماسية هذا المرجع الإسلامي المنافق دفعتها إلى أن تكون من أوائل الذين قدموا لها الدعوة، مع ذلك استجابت، وحينها نبهناها ما يتوقع من خلفية الدعوة، وما يجب ذكره، وعلى خلفية الجرائم ما الفرق بين إسرائيل والأزهر أو الدول العربية الإسلامية؟!
وبشكل عام فإن تركيز المنافقين على هذه الزيارة يحتمل أن تكون من جملة مخططات الطعن في شخصية نادية مراد بين المجتمع الإيزيدي بشكل غير مباشر، وهنا نأمل من جميع الإخوة الإيزيديين الانتباه إلى هذا النوع من النفاق والعوانة.
فكل الأقلام المذكورة، المتخفين تحت عباءات وهمية، يتناسون أن الدول العربية الإسلامية التكفيرية تعتبر من أكبر وأغزر المنابع الداعمة لداعش، وغيرها من المنظمات الإرهابية والتكفيرية الإسلامية، ولم تعد هذه الحقيقة مخفية عن العالم بل أصبحت أكثر من معروفة لجميع المحللين السياسيين ووكالات المخابرات العالمية، مع ذلك نادية مراد لم تتخلف عن تلبية دعواتهم جميعاً، بدءً من الأزهر كما ذكرنا، إلى ملوك وبرلمانات الدول العربية، ولم ترفض لأن الدولة أو السلطة الفلانية دعمت أو تدعم داعش فكريا أو تمويلا، ذهبت إليهم وواجهتهم وبشجاعة، أملة بالحصول على مساعدة ولو إعلامية لقضيتها، أو تقليص الدعم عن المنظمة الإرهابية، أو تغيير القليل من مواقفهم، وطلبت وبصريح العبارات من المتهم إلى المؤكد في الدعم، وبجرأتها المعروفة لكل البشرية، بدعم قضيتها وتجريم الإرهاب الداعشي.
فلذلك وحتى لو كانت إسرائيل تدعم داعش، يحق لها، وبناءً على جميع القوانين الإلهية والبشرية، أن تذهب إلى كنيستهم وتواجههم وتعرض قضيتها وتجرم داعش أمامهم علها تقنعهم بإيقاف الدعم عنهم! فيما إذا كانت تهمة دعمهم لداعش صحيحة أصلا!
والسؤال: لما لا تقوم بالزيارة؟! فالمعترضون يجب أن يجادلوا من منطق الفتاة الإيزيدية السبية، والطفل الذي فرض عليه الإسلام كرها، ومنطق العائلات اللواتي ضاعت أهاليهم في المجازر الجماعية. فهل الدبلوماسية الدولية حق للعرب التكفيريين فقط؟ أم للذين فتحوا قنوات سرية مع إسرائيل؟ أم لسلطات وقادة العواصم العربية التي تستقبل سفراء إسرائيل وبابتسامة؟ وماذا عن الذين المسلمين والعروبيين الذين يزورونها سرا، ويكذبونها جهاراً؟ ولماذا لا يحق لنادية مراد أن تعرض معاناتها ومآسي مجتمعها على المجتمع اليهودي؟ أليست هي من أحضان الشعب الذي تآذى ويتآذى من العروبيين الإسلاميين التكفيريين على قدر ما يتآذى منهم اليهود، أليست قضيتهما متشابهة بمجازرها؟
نأمل ألا ينافق البعض ويبيعنا الوطنيات حول القضية الفلسطينية هنا، فهي مسألة تخص العرب وإسرائيل، والدول العربية متهمة قبل إسرائيل، حول ما يعانيه الشعب الفلسطيني، كما وأن القضية الإيزيدية في عمقها التاريخي أعمق بمآسيها ومعاناتها من القضية الفلسطينية وبكثير، على الأقل النساء الفلسطينيات لم تسبى ولم تباع في أسواق النخاسة أمام سكوت المجتمع والسلطات العربية والإسلامية!
فليعلم الجميع بأن مثل هذه الزيارات لا تحتاج إلى الخبرة والنفاق السياسي، بل تحتاج إلى الجرأة والإحساس بالمسؤولية، فسفيرة الأمم المتحدة نادية مراد تحمل إحدى أكبر القضايا الدينية والإنسانية على كتفها، فمن المعيب أن تتهم بالمنطق الدبلوماسي والعلاقات السياسية، وبما أنها أصبحت من الرموز الأكثر سطوعا للمجتمع الإيزيدي في العالم، فلا يحق لأي شخص حجب تنويرها لقضيتها على العالم، وكل من ينتقدها عن خبث، جريمة لا تقل عن جريمة داعش، وإن كان نقدهم عن جهالة فنأمل أن يراجعوا ذاتهم، ويحللوا خلفيات الزيارة من خلال آلام الإيزيديين ومعاناة نادية مراد ذاتها وغيرها من أخواتها اللواتي لا زلن سبايا في داعش أو أمثالهم من المسلمين التكفيريين أو غير التكفيريين، فلا نظن أن الذين باعوهن واشتروهن من مجتمع خارج المجتمع العربي ولا من ديانة غير الديانة الإسلامية، فالسابي والبائع والشاري جميعهم من ضمن الجغرافية العربية والإسلامية، وليست الإسرائيلية أو اليهودية.
فإذا كانت إسرائيل محرمة على التكفيريين وبعض السياسيين العرب، فالإيزيديين ليسوا بعرب، ولا هم بمسلمين، بل أن المسلمين بشكل أو آخر، تحت غطاء أو آخر وعلى مدى 14 قرنا عملوا فيهم كل أنواع المجازر، في الوقت الذي لم يقتل فيه إسرائيل إيزيديا واحدا، بل قدمت وتقدم لهم العديد من أنواع المساعدات، والزيارة والتحدث في قضيتها أمام كنيستهم واحدة من هذه المساعدات، فبلوبيهم العالمي يؤمل أن تنتشر قضية السبايا في العالم، وعن الجريمة التي لا تزال شريحة من المسلمين التكفيريين يؤيدونها، أو لا يعترضون عليها. فهناك لا تزال فرق أخرى مسلمة ضالة تدعم المجرمين، بل وإن تمكنوا لأبادوا المجتمع الإيزيدي برمته. فمن هم الأحق لنادية مراد بزيارتهم؟ الجامعة العربية عواصم المنافقين من السلطات العروبية التكفيرية، والتي لم تقدم حتى اليوم أية خدمة ملموسة حول قضيتهم؟ أم الكنيست والتي قدمت الكثير مقارنة بالمذكورين ومعهم المنظمات الإسلامية السياسية العالمية؟
نعم، لا تحتاج نادية مراد إلى أية تبريرات أو توضيح، حول زيارتها، فلا الدول العربية ولا جامعتها بمحكمة، فهما خاليتان من القيم الإنسانية، ولا يملكان صفة من صفات المحاكم الإنسانية، ولا السياسيين العروبيين التكفيريين والإسلاميين الإرهابيين بقضاة، ليطلبوا منها توضيحات حول زيارتها لإسرائيل، والأولى بهم أن يقيموا ذاتهم ومواقفهم، ويحكموا على أنفسهم لجرائمهم التي يندى لها جبين الإنسانية، وتدفع بالبشرية على كره أسم العرب والإسلام.
فلقد أصبحت داعش معروفة للعربي قبل الأخرين بأنها عربية القومية وإسلامية الدين، رغم كل التأويلات والتدخلات الخارجية والأيادي التي تسخرها لمآربها، ولا يستبعد على خلفية أفعالها وأعمال المنظمات التكفيرية الإرهابية الإسلامية المشابهة لها، أن يحدث تراجع في هيمنة الشعب العربي ويعود بالقهقري في القادم من الزمن إلى مرابعه الأولى، ويتجمع في أعماق شبه الجزيرة العربية، على خلفية مواقفهم الدونية وبشائعهم وجهالتهم، وينكمش معهم المد الإسلامي، ولربما ستبقى فقط تلك الفرقة الناجية الوحيدة.
فنادية مراد سفيرة الأمم المتحدة لم تخطأ ونبارك لها نشاطاتها العالمية.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
29/7/2017l








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماذا ابقوا لها ولقومها اساسا
بولس اسحق ( 2017 / 7 / 30 - 07:29 )
اغلب العروبيين المتاسلمين المتفيقهين يتمنون ان يتلقوا دعوة من زبال إسرائيلي... فهؤلاء أبناء امة الجعجعة الفارغة والتي ان لم تجد ما تلعب به تلعب بالذي يلعب به الطفل...ولكن الذي يلعب به الطفل يخرج من المؤخرة وهو كالذي يخرج من افواه هؤلاء المتباكين ...وعلى فرض صحة ادعاءاتهم العنصرية الشوفينية... ما الذي ابقوه لليزيدين حتى يخافوا على فقدانه اساسا!!! تحياتي.

اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا