الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنوان الخطاب الملكي - الملك ينتصر لصديقه فؤاد الهمة -

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2017 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بعد طول انتظار من قبل العديد من المتتبعين للشأن العام المغربي ، لِما قد يكون عليه الحال بعد الخطاب الملكي ، بمناسبة مرور ثمانية عشر سنة من جلوس الملك على كرسي الحكم ، جاء الخطاب كغيره من الخطابات التي مرت بمناسبات عديدة ، ليؤكد على الاستمرارية ضمن نفس الطقوس والتقاليد المرعية .
والخطاب الذي قرّع الإدارة باتهامها بانعدام الكفاءة ، وغياب الحكامة ، والتقاعس ، والبيروقراطية ، هو خطاب لا يختلف عن خطابات سابقة ، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية ، حين وجه الانتقاد إلى الإدارة ، وكأنها تعمل في فراغ ، وليس ضمن منظومة تقليدانية تشكل أهم أسس العرقلة التي تعرفها الإدارة المغربية منذ أكثر من خمسين سنة خلت .
قد يبدو خطاب الملك عند البعض انه حقا ثورة . لكن لنتساءل إن كان الأمر كذلك : الخطاب ثورة على من ، وضد من ؟
فهل الملك يثور على الإدارة التي هي إدارته ، وتنتمي لوزارات على رأسها وزراء هم وزراءه ؟
فهل الملك يثور على نفسه ؟
وهناك البعض اعتبر الخطاب ، بمثابة نقد موجه إلى الإدارة . وهنا حين نتكلم عن الإدارة ، فإننا لا نلمس حدود نقد الملك لها . هل هو موجه إلى الهياكل ، والقوانين ، والمساطر ، ام انه موجه إلى المسؤولين الذين هم جزء من الفريق الذي يعمل تحت إشراف الوزير الذي عينه الملك ، ويعمل تحت أوامره ضمن المبادئ العامة المتحكمة في العمل الإداري ؟ .
أم ان ما قام به الملك ، ونيابة عن وزراءه ( المتهاونين الفاشلين ) ، هو نوع من النقد الذاتي الذي يقوم به أي شخص ، بعد الفشل الذي يكون قد أصاب تجربة ، او بعد الاقتناع بخطأ تنظيرات خاطئة كانت تصب في واد ، والواقع يصب في آخر ، او بسبب مراجعات فكرية وسياسية يقوم بها أي مسؤول لإعادة البناء ، ضمن شروط العصر الفارضة لنفسها ، في اي عملية لتدبير الشأن العام .
ومن المفارقات الغريبة ، ان ما جاء في الخطاب الملك يعاكس المقالة التي نشرتها ساعات قبل الخطاب بعنوان " الملك يعفي مجموعة من الوزراء " ، وكأن بالذي حرر الخطاب ، كان يرد على ما جاء في مقالتي عندما حمّلت الملك المسؤولية عن الفشل أصاب المشروعات التي دشنها شخصيا ، من خلال المسؤولية الواضحة لوزير الداخلية ، والولاة ، والعمال المفروض فيهم ان يكونوا السّاهرين الأولين على انجاز المشاريع ، ومن ثم تحميلهم مسؤولية النجاح او الفشل ، لان العامل والوالي الذي يعتبر الرئيس الفعلي لجميع المندوبيات الوزارية ، ومن خلال مختلف اللجان التي تعمل تحت سلطته ، يعتبر مسؤولا عن فشل انجاز المشروعات ، ومنه فان المسؤول الأول عن الفشل ، يبقى صديق الملك فؤاد الهمة ، لأنه هو المسؤول المباشر عن المجال الترابي السياسي ( وزارة الداخلية ) ، والمسؤول عن المجال الأمني ( الرئيس الفعلي للأجهزة الأمنية المدنية ) .
وفي مقالتي ، برأت الوزراء من تهمة الفشل ، لان وجودهم كمنتمين لبعض الأحزاب في الحكومة ، هو لتبرير ديمقراطية مخزنية ، بهدف ضمان استمرار مساعدات الدول المانحة . وبتعبير عبدالاله بنكيران في مرات عديدة قال : " الملك هو الذي يحكم ، وأنا أساعده فقط " ، وقالها مرات عديدة ، وهي من سببت له ما سببته من إبعاد ، بعد بلوكاج مصطنع ، وتعويضه بأضعف منه هو سعد الدين العثماني .
في مقالتي السباقة بساعات عن الخطاب الملكي ، تساءلت عن كيفية تشكيل الحكومة ، خاصة منذ تولي محمد السادس مقاليد الحكم ، وخاصة بعد التعديل الذي ادخل على الدستور في سنة 2011 .
فإذا أصبحت اللعبة تقتضي ، ان الحزب الذي تصدر الفوز في الانتخابات ، هو من له حق تولي الوزارة الأولى ، فان الواقع العملي اثبت ، ان هناك من الوزراء في الحكومة ، من لا ينتمي الى الأحزاب ، ولم يشارك في الانتخابات ، وعددهم أكثر بكثير من عدد وزراء الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، رغم ان كل الأحزاب هي أحزاب ملكية ، تخدم على أساس برنامج الملك ، لا على أساس برنامج الحزب ، او الأحزاب ، و الذي يختفي بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات .
ورغم ، ولو شكليا ، ان وزراء الأحزاب يستمدون ( شرعيتهم ومشروعيتهم ) من ( الناخبين الممثلين عن الشعب ) ، فان مشروعية الوزراء الغير المنتمين الى الأحزاب ، يستمدونها من الملك الذي اختارهم ، وعينهم على وزارات تعتبر بوزارات السيادة ، وهؤلاء الوزراء يسمون بخدام الدولة ، وهم دائما فوق القانون .
وهنا لنا ان نتساءل : كيف للملك ان يميز بين وزراء حكومته ، حين حمّل المسؤولية عن الفشل الذي أصاب المشاريع إلى الأحزاب ، من خلال الوزراء الذين ينتمون إليها ، وكيف له ان يثني ، ويشيد ، ويبرأ وزير الداخلية ، والولاة ، والعمال ، والأجهزة المنية ؟
ألا تعمل الحكومة ضمن منظومة متكاملة ومنتظمة ؟
الم تتحدد المسؤولية الحكومية جماعة أمام الملك رئيسها التنفيذي ، وأمام البرلمان شكليا ؟
كيف للملك ان يتهم وزراء ، ويبرأ وزير الداخلية ؟
وكيف للملك أن يحكم بفشل وزارات ، ويشيد بواحدة التي هي وزارة الداخلية ؟
وهنا الم يصبح الملك طرفا في ( نزاع ) بين وزراء فاشلين ينتمون الى الأحزاب ووزير ناجح ( الداخلية ) ؟
وهنا الم يعد معيار الملك للحكم على المؤسسات ، هو معيار الأمن من اجل الأمن ، وليس معيار التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
وهنا ، وبما ان الرئيس الفعلي لوزارة الداخلية ، وللأجهزة الأمنية المختلفة ( المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، المديرية العامة للأمن الوطني ، المفتشية العامة للقوات المساعدة ، هيئة رجال السلطة من ولاة وعمال ) ، هو صديق الملك فؤاد الهمة . ألا يعتبر خطاب الملك انتصارا للمقاربة الأمنية وللغة العصا . ويصبح السؤال : ألا يعتبر خطاب الملك انتصار لصديقه فؤاد الهمة ، ليس فقط ضد حزب اللاّعدالة وللاّتنمية ، بل ضد منافسين وأعداء الهمة بالمحيط الملكي ؟
وهنا يجب ألاّ ننسى ان الهمة هو من يقف وراء إبعاد رشدي الشرايبي المدير العام السابق للديوان الملكي ، كما انه وراء أبعاد أول ناطق رسمي باسم القصر الملكي حسن اوريد . وإبعاد الوالي محيي الدين أمزازي بتوجيهات المتواري عن الأنظار الرديء المدعو الشرقي ضريس .... الخ .
ان أحسن عنوان للخطاب الملكي هو : الملك ينتصر لصديقه فؤاد الهمة ضد الجميع .
وبهذا يكون من حرر خطاب الملك ، قد جعله ينتصر للأمن من اجل الأمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع