الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار - العدد 6

الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)

2017 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



جريدة ناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
المسار- العدد (6)- حزيران- يونيو 2017












المسار- العدد (6)- تموز- يوليو 2017

الافتتاحية
هل داعش على وشك الأفول؟.....
كان من أهم النقاط التي وردت في البيان الانتخابي للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بعد " الإقتصاد أولا " سحب القوات الأميركية من خارج الولايات المتحدة و عدم الزج بالجيش الأميركي بحروب خارج أراضيه ،و الإنكفاء عن التدخل بالقضايا البعيدة عن الولايات المتحدة الأمريكية ، و تخفيض ميزانية مكافحة الإرهاب .
و عندما بدأ الحراك العربي العفوي في تونس ليمتد إلى خارجها كان لابد، وفق منطق المصلحة، للغرب و تحديداً أميركا من استغلاله .
ما إن وصل هذا الحراك إلى سوريا عبر بوابة درعا حتى بدا واضحا خصوصية الحالة السورية و تعقيدها مقارنة بباقي دول الجوار .
توازن القوة في الأزمة السورية و التدخل الإقليمي و الدولي مع طرفي الصراع في سوريا جعلا من هذه الأزمة أكبر أزمة منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، فلم يستطع أي طرف أن يهزم نظيره رغم التصعيد العنفي و الجبهات المفتوحة ضمن مدن مأهولة .
لكن كل هذا لم يكن كافياً للتدخل الغربي و الأميركي بشكل مباشر و كان لابد للإرهاب أن يتضخم ليصل إلى مستوى أن يوضع على مكتب الرئاسة الأمريكية في البيت الأبيض بعد أن كانت سياسة الرئيس أوباما الابتعاد عن المنطقة للتركيز على الشرق الأقصى لمواجهة الصعود الصيني.
ظهر تنظيم داعش في العراق وسوريا يوم9نيسان 2013 و أظهر بظهوره قدرة الغرب و أميركا و فروع المخابرات الدولية و الإقليمية على استغلال أوخلق كيانات في منطقتنا تحول صيغة و كيانات المجتمعات إلى حالة لا يمكن فيها الإعتماد على قدرة أفراد أي مجتمع على الحفاظ على الكيان الاجتماعي أو تفعيل حمائية هوياتية في وجهها .
فبدا هذا التنظيم كيان احتمالي أكثر من كونه كيان إيديولوجي يمكن مصارعته سياسياً أو مقاومته اجتماعياً و فكريا .
أغرب ما يميز تنظيم داعش أنه ليس حصان طروادة الذي عرفناه و سمعنا عنه، بل هو النسخة المحدثة من حصان طروادة يناسب و يلائم كل من أراد أن يختبئ به خصومأ كانوا أم حلفاء و ذهب ليكون أكثرمن ذلك فحراس القلعة هدموا أبوابها لأجل سقوط مدينة كالموصل في اليوم العاشر من حزيران عام 2014 حيث استطاع هذا التنظيم بمشاركة أقل من ثلاثة آلاف رجل احتلال مدينة المتواجد فيها من الفرقة الثانية و الفرقة الثالثة و من قوى الشرطة ما يقدر بأكثر من خمسين ألف رجل .
تم تسليم المدينة لداعش و لكن هذا الأخير سماها " غزوة " و أطلق عليها اسم أحد قادته القتلى:( أسد الله البيلاوي) .
هنا كان لابد للغرب من أن يتدخل " للقضاء على الإرهاب " فكانت الضربات الجوية لطائرات التحالف في سوريا في آب عام 2014 بناء على القرار 2170 .
و بعد ما يقارب العام كان التدخل الروسي بناء على طلب دمشق لمحاربة الإرهاب أيضا .
رغم كل هذا كان داعش " تتمدد " و تسيطر على مساحات أكبر .
لم نثق بالغرب الأمبريالي يوما و ندرك أن تلك الدول لا تهتم لقضايا التنمية و العدالة و المواطنة ( كما ظهر ذلك في مشاريع الدساتير التي قدمت لسوريا على سبيل المثال لا الحصر ) لكنهم يستيقظوا للتخيلات الهوسية لتنظيمات مارقة فداعش لم تستطع تحصيل أي نوع من أنواع الهيمنة الإجتماعية ( بحسب انطونيو غرامشي ) .
أي أن داعش لم تحقق أي مكسب اجتماعي أو سياسي و أسلوبها في القتل و الترعيب و الترهيب سبب نفور اً و تمرداً ضدها لم يكن مدعوماً دولياً إلاباتجاه الأكراد و هذا مايقود إلى سؤال كبير:لماذا تم تفضيل مليشيا كردية على جيش عضو في حلف الناتو ؟!.....
أراد الأميركي أن يثبت إبرة فرجاره لرسم الدوائر و كان الإختيار الأنسب له:الأكراد كموقع و كجماعة لأنهم الأكثر حاجة للدعم و الأكثر قابلية للتعاون و بالأجر الأدنى بسبب ضعفهم و العداء المتبادل مع الجوار بالإضافة لانقلاب سياسة اوباما على الاخوان المسلمين منذ عام 2013 ( مما ترافق بخلاف أميركي مع التركي)، فرأى الأميركي بأكراد سوريا كيان متجانس غير مطيف لم تنجح فئات مدعومة من تركيا و غيرها في شق صفوف الأكراد فصاروا الكيان الوحيد القادر على التنظيم و الإستقرار السياسي و الأمني .
احتلت داعش مدن بأكملها و سارت مئات الكيلومترات في الصحراء و لم يعترضها لا تحالف و لا نظام و لا قوات روسية لكنها تهزم في أيلول 2014بمعركة عين العرب لأول مرة و في يوم 18 كانون الثاني2015 تقر داعش و تعترف بالهزيمة أمام وحدات الحماية الكردية .
الأكراد الوحيدون الذين وثقوا بالسماء حيث لم تقلع اي طائرة لضربهم منذ أن حملوا السلاح .
العد التنازلي لداعش :
كانت المسألة الشرقية في القرن التاسع عشر الذريعة لتدخل القوى الامبريالية في منطقتنا .هذه " المسألة الشرقية " مستمرة في أشكال أخرى كتنظيم داعش مثلاً .
يبدأ الان ضرب داعش بشكل فعلي و حقيقي حيث تم تحرير الموصل ،و الرقة قاب قوسين أو أدنى، لكن لا يمكننا أن نتساءل: ماذا بعد داعش ؟ داعش ليست الحكم الملكي في فرنسا او الحزب الشيوعي السوفياتي .
داعش كيان وظيفي ما أن يتم وظيفته حتى ينتهي أو يرحل أو يتبخر . ما حصل بوجود داعش سيستمر و يبقى . تم تحديد النفوذ الأميركي و الروسي و مناطق نفوذ كل منهما و تم تثبيت القواعد العسكريةفي سوريا برا و بحراً لهما، الغرب لم يعد يرى أن رحيل الأسد أولوية بل على العكس سمعنا من بعض مسؤوليهم أن الأسد الوحيد الضامن لوحدة سوريا و لا بديل له او عنه ، القوى السياسية بغالبيتها لم تعد مستقلة فهي تتبع لدول اقليمية أو دولية و تعمل بأجندات تلك الدول، تفتيت البنى التحتية و الحالة الإجتماعية ،تدهور اقتصادي محلي و انتعاش اقتصاد بعض الدول جراء بيع الاسلحة بمليارات الدولارات ،كل ذلك يدل على أن هذا التنظيم أدى بنجاح مهمته و واجبه الوظيفي . لا ندري قد يكون هناك له مهمات أخرى؟!! ..أم سيتم إنهاء هذا التنظيم رغم أنه أدى المطلوب؟ و في الحالتين يبقى السؤال الأهم و المطروح أمامنا كسوريين ما هو مشروعنا للمرحلة القادمة التي يجب أن تكون مرحلة تحرر وطني و بناء دولة المواطنة في بلد لا هيمنة للأجنبي ،عبر سفاراته وقواعده،عليه؟!




-----------------------------------------------------------------------------------------

ورثة داعش

يكثر الحديث اليوم عن من يرث داعش في سوريا.
هذا الكلام فيه افتراض قطعي بأن داعش على فراش الموت وإن -الورتة- يجب ان توزع فالإرادة الأمريكية والاتفاق الروسي الأمريكي يؤكد إرادة صلبة في محاربة هذا التنظيم، وفرضاً، القضاء عليه.
للاجابة على هذا السؤال والبحث فيه أولا يجب عليا القبول بهذا الفرض اي الارادة الامريكية في وارد القضاء كليا على التنظيم في سوريا.
حسنا اليوم في سوريا من يحارب داعش:
أولا : قوات سوريا الديمقراطية بمساندة ودعم امريكي وقوات التحالف
ثانيا: قوات النظام والمليشيات التابعة له ومن خلفها روسيا
وهنا لابد من الذكر ان المعارضة المسلحة غائبة عن هذه الساحة كليا لأسباب قد تكون لعدم الرغبة او القدرة على محاربة هذا التنظيم الإسلامي المتشدد او لعدم رغبة أي من الاطراف الداعمة (اميركا, روسيا) بدعم هذه المعارضة المسلحة التي تفتقد للتنظيم او للعقيدة المضادة ل داعش
إذا لم يبقى في هذا المضمار إلا الأكراد وقوات النظام.
الأحداث الأخيرة في شرق حلب وعلى تخوم الرقة تثبت فعالية الأكراد ونجاحهم في محاربة داعش ونجاحهم في تحرير الكثير من المناطق من قبضة التنظيم, النجاح الآخر الذي حققوه هو قدرتهم على اقناع الكثير من العرب بالانتساب لهذه القوات في محاولة لتخطي نقطة ضعفهم الاساسية وهي الرفض الشعبي والعشائري لهم في المناطق العربية المستعدين لقبول عودة النظام على أن يقبلو بحكم كردي عليهم ويبدو انهم حققوا الكثير من النجاحات في هذا المجال وخصوصا في منبج, ولكنهم سوف يكونوا مضطرين أيضا في بعض المناطق الأخرى ل تسليمها ل قوات النظام في حال حدوث تدخل تركي في سوريا وهذا احتمال يناقضه عدم قبول روسي امريكي به...
النظام وقواته وبدعم روسي من جهتهم ايضا حرروا الكثير من المناطق في حلب وتخوم الرقة وتدمر ويتم التحضير لحملة كبيرة إلى دير الزور والرقة وهذا إن تم فلن يعطي مجالا للشك إن الوريث الأكبر لداعش والمستفيد الأول من زوال حكم هذا التنظيم هو النظام وسيرث النظام مناطق شاسعة من سوريا كان قد فقدها خلال الأحداث نتيجة غياب أي دور للمعارضة في التخلص من داعش ونتيجة عدم قدرة الأكراد تماما على الحكم في المناطق العربية.
وهذا الأمر يبقى رهنا بمدى جدية الاتفاق الروسي الأمريكي ليس على محاربة هذا التنظيم فقط بل على القضاء عليه وازاله حكمه تماما في سوريا وخصوصا مع الحسابات الأمريكية الجديدة مع ترامب الساعية بجدية للتخلص من الدور الايراني المتنامي في المنطقة والذي سوف يتعاظم أكتر في حال نجاح النظام ومليشياته في التخلص من داعش وكسب الحصة الأكبر من -الورتة-
------------------------------------------------------------------------------------------------

- القانون الدولي الانساني -
(قسم الدراسات في الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي)
ان محاولات جعل آثارالحروب التي يخوضها الانسان اقل فظاعة وضبطها والتخفبف من ويلاتها قديمة جدا ، حيث ان الفلاسفة والمفكرين والديانات من اقدم العصور قد دافعوا عن السلام وجاهروا بضرورة الغاء الحروب من حياة الانسان ، ومن ثم انتقلت هذه المحاولات من افكار الفلاسفة والديانات الى السياسيين و العسكريين وقادة الدول ، حيث سعوا الى تقنين الحرب وتنظيمها والحد من اثارها حتى تم حصرها في الحرب الدفاعية وحدها في ميثاق الامم المتحدة .
ويعتبر الفقهاء ان قواعد القانون الدولي الانساني قدبمة وهي اقدم من البلاغ الامريكي المشهورحول قواعد الحرب البرية لعام 1863 من اتفاقية جنيف الخاصة بتحسين احوال جرحى الحرب لعام 1864 وحتى ولادة فكرة الصليب الاحمر عام 1859 ، اما الاسلام فقد كانت قواعده صريحة في هذا الموضوع ، فقد جاء في رواية مالك في "الموطأ" عن يحي بن سعيد انه : عندما بعث الخليفة ابو بكر جيوشا" الى الشام فقد اوصى يزيد بن ابي سفيان بعشر وصايا : لا تقتل امرأة ولا صبي ولا كبيرا" ولا هرما" ولاتقطعن شجرا" مثمرا"، ولاتخربن عا مرا" ، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا الا لمأكلة ، ولا تحرقن نخلا"ولاتغرقنه ، ولاتغلل ولا تجبن .وكذلك امر الاسلام بالرفق بالاسىير في زمن الحرب ، وكان النبي العربي حريصا" على الرفق بالاسير والوصية به ، وكان يقول : استوصوا بالاسارى خيرا"، كما اوصى الرسول اصحابه يوم بدر ان يكرموا الاسرى ، فكانوا يقدمونهم على انفسهم عند الطعام . اما في القرن ا السابع عشر عندما ظهرت اول قواعد القانون الدولي ا لا نساني، لم يكن هناك قيودا" على اساليب القتال بين الدول المتحاربة سوى بعض القيود ، التي ارتضى بعض المحاربين اختيارا" منهم ان يطبقوها على تصرفاتهم ،كوقف اعمال السلب و النهب في المدن ومنح النساء والاطفال نوعا" من الحماية ، ثم تواترت وتكاثرت الاراء المؤيدة للتقيد ببعض القواعد الانسانية في القتال ، من اجل التقليل من وحشية الحروب . وكان غروشيوس اول من دعا في كتابه المعروف " قانون الحرب و السلم " 1623 ـ 1624 الى مراعاة بعض القواعد التي تضبط سلوك المتحاربين على ضوء التجربة المفزعة لحرب الثلاثين عاما" الدينية التي اجتاحت اوروبا ، حيث اعتبر " غروشيوس " انه لا يصح قتل المهزوم الا في الحالات الا ستثنائية الخطيرة ، كما انه لا يجوز تدمير الملكية الا لاسباب عسكرية ضرورية .كان لاراء الفقهاء مثل غروشيوس وغيره وولادة الدولة الحديثة والا عتماد على القوات النظامية التي تخضع لاوامر وقوانين تسنها الدولة وللافكار الانسانية والدينية المتعلقة بهذا الموضوع الاثر الكبير في تدوين احكام القوانين التي تسعى الى انسنة الحرب ، لكن معظم المؤرخين المهتمين بالقانون الدولي الانساني اعتبروا ان البلاغ الصادر عن وزارة الدفاع الامريكية عام 1863 هو نقطة البداية في تطور مفهوم اانسنة الحرب ، حيث قضى هذا المرسوم بلزوم معاقبة الجرائم التي ارتكبت اثناء حرب الانفصال للولايات الجنوبية1861-1865 ، ثم جاءت اتفاقية جنيف لعام 1864لتحسين احوال الجرحى في الحرب ، وثم تلاها دستور الاتحاد السويسري عام 1874الذي نصت المادة الثانية عشر منه على تخويل المحكمة الاتحادية النظر في الجنايات و الجنح الموجهة ضد قانون البشر ، وتعتبر اتفاقية جنيف لعام 1864 تطورا"كبيرا" في شأن انسنة الحرب مع انها لم تتضمن عقوبات محددة لمعاقبة الجرائم الواردة فيها ، وجاءت فكرة معاهدة جنيف لعام 1864 من شخص سويسري يدعى " هنري دونان " الذي شهد ما تركته حرب " سولفرينو"في ايطا ليا ـ التي اندلعت بين جنود نابليون الثالث وجيوش ما كسيميليان النمساوي عام 1859 ، من اثار مدمرة وصور الجرحى الذين يموتون دون عناية او اسعاف وهم يستنجدون ولا منجد . وقد دعا " دونان " الى انشاء جمعيات لا سعاف الجرحى في الحروب وقد زار برلين وبتروغراد وفيينا و ميونخ وباريس حيث اقنع نابليون الثالث بدعوته وكانت محصلة جهوده عام 1864 موافقة ست عشر دولة واربع جمعيات انسانية على السير في مشروعه الرامي الى انشاء لجنة انسانية ، وقد عقد مؤتمر غير رسمي لهذه الغا ية في شهر تشرين الاول من تلك السنة غايته اسعاف الجرحى حين لا تكون الخدمات الصحية العسكرية كافية ، وتقرر قبول المتطوعين من الممرضين في ساحات القتال بموافقة السلطات العسكرية، على ان يحملوا قطعة قماش ابيض عليه رسم لصليب احمر ، لم يكن لهذا القرار اي قوة الزامية ، بعد ذلك قامت فرنسا بمبادرة الى عقد مؤتمر دولي في بيرن بسويسرا ، ووافق الاتحاد السويسري على توجيه الدعوة الى عقد مؤتمرفي 8اب عام 1864 حيث توصل المؤتمرون الى عقد اتفاقية في 12اب 1864 دعيت باتفاقية " تحسين حالة العسكرين الجرحى ". وبعد عقد هذه الاتفاقية حدثت حروب كثيرة في اوروبا مثل حرب "شلزويغ " في عام 1864وحرب بروسيا ضد النمسا عام 1866 وحرب فرنسا ضد بروسيا عام 1870 ، وكانت هذه الحروب مناسبة لادراك النواقص التي اعترت اتفاقية عام 1864 ، حيث تمت الدعوى لاصلاح هذه النواقص ، حيث توجهت الاطراف الدولية المعنية الى عقد معاهدة في لاهاي عام 1899 وتلتها اتفاقية جنيف لعلم 1906 ، حيث اهتمت اتفاقية جنيف بالحرب البرية واعتنت بضحاياها واوجبت احترام العسكريين و المرضى ومعالجتهم بغض النظر عن جنسياتهم من قبل سلطات الدولة التي وقعوا في قبضتها ، ثم عقدت اتفاقية جديدة في لاهاي عام 1907 تضمنت وجوب تطبيق قواعد جنيف لعام 1906 على الحرب البحرية ايضا". وقد وقعت الدولة العثمانية على اتفاقية عام 1864 والاتفاقيات التي تلتها ، ولكنها ابدت تحفظا" بشأن استعمال الهلال الاحمر بدلا " من الصليب وتمت الوافقة على ذلك ، ثم طالبت ايران بأن يقبل شعار الاسد والشمس ، كما طالبت سيام(تايلاند) بقبول الشعلة البوذية ، اما الصين واليابان فلم تجد في شعار الصليب الاحمر اي بأس في ذلك طالما انه مشابه لعلم سويسرا وليس له اي معنى ديني ، ونصت اتفاقية جنيف لعام 1906 على حماية جمعيات المتطوعين المعترف بها والمصرح لها من جانب الحكومات ، على ان تخضع للقوانين والانظمة العسكرية وعلى ان تقدم قوائم بالقتلى الى الجانب الاخر بواسطة الصليب الاحمر وعلى ضرورة حماية الجرحى والقتلى من السلب و سوء المعاملة ، والزمت هذه الاتفاقية الدول الموقعة عليها بأن تحمي شعار الصليب الاحمر من سوء الاستعمال بنصوص جزائية تضعها قوانينها الوطنية ، واوصت الدول الموقعة عليها على ان تعاقب جزائيا" افعال السلب وسوء المعاملة المرتكبة على جرحى الجيوش ومرضاها . في عام 1929 عقد مؤتمر دبلوماسي في جنيف قام بتوقيع ثلاث اتفاقيات خاصة بحماية ضحايا الحرب من العسكريين وهي : 1 ـ الاتفاقية الاولى : خاصة بتحسين احوال الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان ، وقد جاءت تعديلا "للاتفاقيات الخاصة بهم من قبل وهي اتفاقية جنيف لعام 1864 وتعديلاتها في عام 1906 . 2 ـ الاتفاقية الثانية : وهي خاصة بتحسين حالة الجرحى و المر ضى و الغرقى من القوات البحرية ، وقد جاءت تعديلا" لاتفاقيتي لاهاي لعام 1899 وعام 1907. 3 ـ الاتفاقية الثالثة : وهي خاصة بمعاملة اسرى الحرب ، وتضمنت نصوص اتفاقيات لاهاي الخاصة باسرى الحرب لعامي 1899 و1907 . وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية وا لمآ سي التي ارتكبت بها تقرر اجراء مفاوضات على مستوى عا لمي لمواجهة هذه النكبات و المآسي للحد منها ، حيث عقدت اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 حيث تولت ضمان الحقوق الانسانية في فترات الحرب ، الاتفاقية الاولى : الخاصة بتحسين اوضاع الحرحى و المرضى من افراد القوات المسلحة في الميدان ، الاتفاقية الثانية : خاصة بتحسين اوضاع جرحى ومرضى القوات المسلحة البحرية ، الاتفاقية الثالثة : خاصة بمعاملة اسرى الحرب ، الاتفا قية الرابعة : خاصة بحماية المدنيين اثناء الحرب وتتضمن هذه الاتفاقيات التي تعرف بقانون " جنيف " القسم الاعظم من قوانين الحرب والقواعد الخاصة با لاشخاص ، اما القواعد الدولية المنصوص عليها في اتفاقيتي لاهاي لعام 1899 و1907وفي بروتوكول جنيف عام 1925 الخاصة بمنع استخدام الاسلحة الخانقة والسامة والاسلحة الجرثومية فلم تلغى ، حيث مازالت سارية المفعول . و مع ذلك فقد تم خرق كل الاتفاقيات المنوه عنها أعلاه اثر اندلاع حروب فاقت بضراوتها كل الحروب السابقة وخاصة الحرب الكورية وحرب فيتنام وحروب اخرى ، لذلك برزت اهمية تطوير وتدارك النواقص التي حصلت بالاتفاقيات السابقة حيث بذلت جهود من اجل تطويرها وكانت اهم هذه الجهود اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، حيث عقد في فينا عام 1965 المؤتمر الدولي العشرون للصليب الاحمر وقد اصدر القرار رقم 28 حث فيه اللجنة الدولية للصليب الاحمر على ضرورة تطوير وتنمية القانون الدولي الانساني ، وفي ايار من عام 1968 دعا مؤتمر الامم المتحدة الخا ص بحقوق الا نسان المنعقد في طهران الامين العام للامم المتحدة الى ان يجري اتصالاته مع اللجنة الدولية للصليب الا حمر من اجل اعداد الدراسات الخاصة بهذا الموضوع ، وفي ايلول 1968 ابلغت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ممثلي جمعيات الهلال و الصليب الاحمر والاسد والشمس الحمراويين الوطنيين انها تقوم باعداد دراسة جديدة حول تأكيد وتطوير القانون الدولي الانساني المطبق في النزاعات المسلحة ، وكان الاتجاه هو عدم المساس باتفاقيات جنيف الاربع ، والاصح هو اضافة بروتوكولات جديدة تلحق بهذه الاتفاقيات و تكمل احكامها ، وفي ايلول عام 1969 اصدر المؤتمر الدولي الحادي والعشرون للصليب الاحمر المنعقد في استنبول قرار رقم 13 وقد اوصى فيه اللجنة الدولية للصليب الاحمر بالعمل بالنشاط اللازم لمتابعة جهودها الخاصة لوضع مشروع القواعد التي تكمل القواعد القائمة حاليا"للقانون الدولي الانساني ، كما اوصى المؤ تمر اللجنة بان تدعو الى عقد مؤتمر خبراء حكوميين للتشاور من اجل اعداد هذه القواعد ، واعدت اللجنة صياغة لمشروعي بروتوكولين ، قامت بارسالهما الى الدول المدعوة للاشتراك في مؤتمر الخبراء الحكوميين الذي انعقد في المدة من 24 ايار الى 12 حزيران 1971 وناقشت هذين المشروعين وهما : 1 ـ مشروع البروتوكول الاول الذي جاء مكملا" لاحكام اتفاقيات جنيف الاربع وتضمن الحماية الخاصة بالمنازعات المسلحة الدولية . 2 ـ مشروع البروتوكول الثاني الذي جاء مكملا"لنص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع وتضمن احكام الحماية الخاصة بالمنازاعات غير الدولية . اما على صعيد الامم المتحدة فقد اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة قرارها رقم 3032 لعام 1972 بشان احترام حقوق الانسان في المنازعات المسلحة ، وقد حثت الجمعية العامة في هذا القرار جميع الحكومات كما دعت اللجنة الدولية للصليب الاحمر للاستمرار في المحاولة بو اسطة المشاورات لتحقيق تقارب بين مواقف الحكومات لضمان تبني المؤتمر الدبلوماسي الذي اعلن الاتحاد السويسري عن استعداده لدعوته ، ومن جهة اخرى قدم مشروعا البروتوكولين المشار اليهما الى الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الصليب الاحمر المنعقد في طهران عام 1973 ، حيث لقي عمل اللجنة الدولية للصليب الاحمر في اعدادهما والسير بهما قدما الدعم الكبير من المجتمع الدولي وقد استجاب مجلس الاتحاد السويسري لقرار الحمعية العامة للامم المتحدة سابق الذكر ، حيث قام بتوجيه الدعوة للدورة الاولى للمؤتمر الد بلوما سي المنتظر وذلك باعتبار سويسرا الدولة المودعة لديها اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 ، وانعقد هذا المؤتمر لاربع دورات أعوام 1974 و1975 و1976 و1977 وتكللت اعمال مؤتمر عام 1977 بالنجاح بحضور 109 دول حيث صدر عن المؤتمر نتيجة دوراته الاربع الوثيقتان التاليتان : 1 ـ الملحق " البروتوكول " الاضافي لاتفاقيات جنيف الموقعة في 12 اب 1949 بشأن حماية ضحايا النزاعات المسلحة الحربية ويقع في 102 مادة وملحقين ـ 2 ـ الملحق " ا لبروتوكول " الاضافي لاتفاقية جنيف الموقعة في 12اب عام 1949 بشأن حماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية ويقع في 28 مادة ، واصدر المؤتمر الدبلوماسي في هذه الدورة ـ 1977 ـ مجموعة من القرارات " التوصيات " من اهمها القرار رقم 21 بشأن نشر القانون الدولي الانساني المطبق في النزاعات المسلحة .
تضمنت الاتفاقيات الا نسانية الدولية الاربع لعام 1949 ، لاول مرة تعدادا" للجرائم الخطيرة التي التزمت الدول الموقعة عليها بسن تشريع لمعاقبتها كما الزمت على هذه الدول معاقبة اية جريمة اخرى من جرائم القانون الدولي ولو لم يرد لها ذكر في هذا التعداد ، والجرائم الخطيرةهي 13 جريمة ورد النص عليها في المادتين 50 و53 من الاتفاقية الاولى والمادتين 44 و51 من الاتفاقية الثانية والمادة 130 من الاتفاقية الثالثة والمادة 147 من الاتفاقية الرابعة ، وقد صنفت هذه الجرائم في الفئات التالية : أ الجرائم الواردة في الاتفاقيات الاربع : 1 ـ القتل العمد 2 ـ التعذيب 3 ـ التجارب البيولوجية 4 ـ احداث الام كبرى مقصودة 5 ـ ايذاءات خطيرة ضد السلامة الجسدية والصحية 6 ـ المعاملة غير الانسانية
ب ـ الجرائم الواردة في الاتفاقيات الثلاث الاولى 7ـ تخريب الاموال وتملكها بصورة لاتبررها الضرورات العسكرية .
ج ـ جرائم وردت في الاتفاقيتين الثالثة والرابعة 8 ـ اكراه شخص على الخدمة في القوات المسلحة العسكرية لدولة عدوة لبلاده 9 ـ حرمان شخص محمي من حقه في محاكمة قلنونية حسبما تفرضه الاتفاقيات الدولية 10 ـاقصاء الاشخاص ونقلهم من اماكن تواجدهم بصورة غير مشروعة 11 ـ الاعتقال غير المشروع 12 اخذ الرهائن
د ـ جريمة وردت في الاتفاقيتن الاولى والثانية 13 سوء استعمال علم الصليب الاحمر او الشارات او الاعلام المماثلة . ويرى بعض الفقهاء ان هذه الجرائم يجب ان تكون على سبيل المثال وليس الحصر باعتبار ان هناك جرائم كثيرة ارتكبت بحق الانسان خلال النزاعات التي تلت توقيع هذه الاتفاقيات ، وقد تولى الملحق الاول الذي اقره المؤتمر الدبلوماسي في دورته الرابعة مهمة التصنيف هذه في مادتيه 11 و85 وبموجبها اضحت الانتهاكات التا لية جرائم خطيرة او انتهاكات جسيمة وذلك اذا ارتكبت عن عمد وسببت الوفاة او اذى بالغا" 1ـ جعل السكان المدنيين هدفا"للهجوم 2 ـ شن هجوم عشوائي على السكان المدنيين والمنشأت 3ـ شن هجوم على الاشغال الهندسية التي تحوي قوى خطرة 4 ـاتخاذ المواقع المجردة من وسائل الدفاع او الناطق المنزوعة السلاح هدفا" 5 ـاتخاذ شخص "ما "هدفا" للهجوم عن معرفة بانه عاجز عن القتال 6 ـ قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين الى الاراضي التي تحتلها او ترحيل كل او بعض سكان الاراضي المحتلة داخل نطاق تلك الاراضي 7 ـ كل تأخير لا مبرر له في اعادة اسرى الحرب او المدنيين الى اوطانهم 8 ـ ممارسة الفصل العنصري < الابا رتهايد > او غيره من الاساليب المبنية على التمييز العنصري 9 ـ شن الهجمات على الاثار التاريخية واماكن العبادة والتي تمثل التراث الثقافي او الروحي للشعوب . على ان اهم ما اضافه الملحق الاول لاتفاقيات جنيف الاربع هو ما ورد في الفقرة الخامسة من المادة 85 اذ اعتبر الانتهاكات الجسيمة او الجرائم الخطيرة للاتفاقيات وللملحق بمثابة جرائم حرب مع عدم الاخلال بتطبيق هذه المواثيق .
بناء على سابقتي نورمبرغ وطوكيو توجد اربع جرائم كبرى لا يعاقب القانون الدولي عليها فقط بل يخضع مرتكبوها للاختصاص القضائي الدولي وهذه الجرائم هي : 1 ـ الجنايات ضد السلام 2 ـ جنايات الحرب 3 ـ الجنا يات ضد الانسانية 4 ـ المؤامرة لارتكاب واحدة من الجرائم الثلا ث السابقة . بالنسبة لجنايات الحرب فلها وضع خاص في اعتبارات القانون الدولي ، وهي بالتعريف هي التي ترتكب ضد قوانين الحرب وعرفت المادة 6/ب من لائحة نورمبورغ هذه الجنايات بأنها : "الاعمال التي تشكل انتهاكا" لقوانين واعراف الحرب" ، واجمع ممثلو الاتهام في محاكمات نورمبورغ على تعريف جنا يا ت الحرب بأنها " الافعال التي ارتكبها المتهمون بالمخالفة لقوانين واعراف الحرب ، والاتفاقيات الدولية والقوانين الجنائية الداخلية والمبادىء العامة للقانون الجنائي المعترف بها في كل الدول المتمدنة " ، وقد اوجبت اتفاقيات جنيف الاربع على الدول الموقعة ان تعدل تشريعاتها لمعاقبة مرتكبي هذه الافعال ، وقد عمدت بعض الدول الى انجاز هذا التعديل < المانيا وايطاليا ، وهولندة وضعت فقرة عامة في قانون العقوبات العسكري الصادر في عام 1952 ، وسويسرا .....اخ > غير ان كثير من الدول لم تفعل ذلك مع انها التزمت بوجوب تعديل التشريعات ، او اصدرت تشريعات معينة غير ان محاكمها لم تتقيد بها ، اوان احكام هذه المحاكم الغيت بقرارات من المراجع العسكرية العليا ، وهذا ما حدث وما يحدث بصورة منتظمة في " الكيان الصهيوني " فبعد التوقيع على ملحق عام 1977 حكم على ضابط اسرائيلي اتهم بالتعذيب وقتل اربعة من اسرى الحرب اثناء الاجتياح الاسرائيلي عام 1978 . غير ان الجنرال رافائيل ايتان رئيس الاركان العامة الغى الحكم وعفى عن مجرم الحرب الاسرائيلي . بالمقا بل لذلك هناك احكام صدرت عن مجالس الحرب البلجيكية( منشوران في المجلة البلجيكية للقلنون الدولي عام 1975 ): حكم اول صدر عن مجلس حرب بروكسل على عسكري بلجيكي قتل امرأة في زائير عام 1965 واعتبر فعله غير مقبول ولا مبرر له لا انسانيا ولا عسكريا ولا قانونيا وانه يشكل انتهاكا صارخا لقوانين الحرب وعادتها ، وهنا لابد من ذكر المفارقات الكثيرة التي تحيط بالقانون الدولي الانساني منها عدم وجود مرجع قضائي جزائي دولي يحاكم جرائم الحرب ، الا في الحالات التي يقع فيها مرتكبوها في قبضة العدووفي هذه الحلة يصبح هذا العدو خصما وحكما او في قبضة دولة تسمح قوانينها الجزائية بمعاقبة مجرمي الحرب بغض النظر عن جنسياتهم وعن كونها هي طرفا في النزاع المعني اولا . اما بالنسبة لمحكمة العدل الدولية وهي المرجع القضائي الرئيس في الامم المتحدة فليس في اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 ولا في الملحق لعام 1977 نص على منح محكمة العدل الدولية حق النظر في النزاعات الناشبة عن تطبيق هذه الوثائق ، فا ختصاص هذه المحكمة لا ينعقد الا برضا الخصوم ’ كما ان احكامها لا تنفذ جبرا سوى من قبل مجلس الامن ، وقلما حصل نزاع في العالم لم تكن اي من هذه الدول الكبرى حليفة لاحد الاطراف او متورطة فيه مباشرة وما يحق للدول الكبرى وخاصة الاعضاء الدائمين في مجلس الامن لا يحق لغيرهم < مثلا في الحرب الكورية وحرب فبتنام كانت الولايات المتحدة طرفا رئيسيا فيها وقامت قواتها بارتكاب ابشع جرائم الحرب ، ولا ننسى القاء الولايات المتحدة لقنابلها الذرية على اليابان 1945 ومع ذلك لم يلاحق احد من مجرمي الحروب هذه >.
واذا اردنا ان نتوصل الى خلاصة لما سبق لابد من ان نؤكد على ان القانون الانساني بكل التطور الايجابي الذي قدمه على الاصعدة القانونية وحماية الانسان في النزاعات البشرية ، فان الحل هو في امكنة اخرى ايضا با لعمل على انهاء النزاعات والحروب من حياة الانسانية والغاء اسباب هذه الحروب .
------------------------------------------------------------------------------------------------
الحركة الشيوعية السورية وأسئلة المصير . مسار الحزب الشيوعي السوري ... من النشأة الى الانشقاق الأول


المصدر:جريدة الحياة
الكاتب: محمد جمال باروت
تاريخ النشر(م): 5/11/1998
تاريخ النشر (هـ): 16/7/1419
رقم العدد: 13029
الباب/ الصفحة: 15
تنحدر الأحزاب الشيوعية السورية الراهنة، سواء كانت في "الجبهة" ام خارجها، باستثناء "حزب العمل الشيوعي" مع انه نشأ بهدف "تثوير" تلك الاحزاب، من انشقاقات الحزب الشيوعي السوري الأم، الذي تشكلت نواته التأسيسية في 28 تشرين الأول اكتوبر 1924 تحت اسم "حزب الشعب"، الا ان الكومنترن الأممية الشيوعية الثالثة لم يعترف بعضويته الكاملة والمستقلة عن الحزب الشيوعي الفلسطيني اليهودي التركيب والتطلعات الا في ايلول سبتمبر عام 1928 تحت اسم الحزب الشيوعي السوري - فرع الانترناسيونال. ولم يعلن الحزب الفتي عن اسمه الجديد الا في تموز يوليو 1930 وتطبيقاً لسياسة "الكومنترن" في تعريب الاحزاب الشيوعية العربية، خاض الحزب الذي كانت اغلبية قياداته ارمنية وتجهل اللغة العربية، عملية تعريب شاقة، انتهت بانتصار خط التعريب في الحزب في اواسط عام 1933 على اساس سياسة الكومنترن في وضع الشيوعيين في اطار "الحركة القومية العربية الثورية"، والتي انعقد على اســـاسها مؤتمر المثقفين في زحلة عام 1934 ما بـــين القوميين والشيوعيـــين، ونتــــج عنه اصدار دورية من اهم الدوريات في الثـــــقافة الســـــورية في القرن العشرين هي مجلة "الطليعة".
انقلب الكومنترن في مؤتمره الأممي السابع تموز - آب/ أغسطس1935 على هذه السياسة، واستبدل مفهوم النضال القومي ضد الامبريالية بالوحدة الأممية ما بين الشيوعيين والأمم الديموقراطية في مواجهة النازية والفاشية. وكان وضع عضو هيئة مؤتمره السابع خالد بكداش - الذي انتسب الى الحزب عام 1930، ولعب دوراً في عملية التعريب وفي تقريب وجهات النظر بين وفد الكتلة الوطنية وحكومة الجبهة الشعبية في فرنسا حول اتفاقية 1936، وأول مترجم لـ"البـيان الشيوعي" الى العربية - على رأس الحزب في اوائل 1937، ثمرة من ثمرات ذلك الانقلاب، حيث بدأ بكداش عمله بتطهير الحزب من الشيوعيين الذين دعوا الى استمرار العمل بوثائق 1931 حول التحالف مع القوميين العرب. وترجم فهمه لسياسة "الكومنترن" الجديدة، قبل توقيع اتفاق روبنتروب - مولوتوف عام 1939 الألماني - السوفياتي بتحالف الحزب مع "الديموقراطية الفرنسية" التي كانت تستعمر سورية، قبل ان يضطهد الفيشيون (حكومة فيشي الفرنسية )الحزب.
يكاد يكون مستحيلاً منذ ذلك الوقت فهم سياسة الحزب ومواقفه بمعزل عن شخصية امينه العام خالد بكداش. اذ أحكم بكداش سيطرته البيروقراطية المطلقة على الحزب منذ عام 1937 الى عام 1964 - حين تمرد الحزب الشيوعي اللبناني واستقل فعلياً من طرف واحد عن الحزب الشيوعي السوري على خلفية انتقادات حادة لبكداش لم تجد ادنى رد حتى اليوم -. وكان المسؤول الفعلي الأول عن خطه السياسي. وإذا كان حجم الحزب قد اخذ يتصاعد نسبياً بعيد معركة ستالينغراد وتحطيم النازية، فان سياسة بكداش ادت الى وضعه في مجابهة المسائل القومية العربية الأساسية وضدها.
وبرز ذلك في مواقف مصيرية من اخطرها مواقفه من قرار التقسيم والوحدة والانفصال، وهي المواقف التي حاولت اغلبية حزبه عام 1969 ان ترغمه دون جدوى على تقديم نقد لها. وكانت الفترة القصيرة التي التقى فيها بكداش مع الحركة القومية في الخمسينات محكومة باستراتيجية المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي عام 1956 في اطار الحرب الباردة. وحاول بكداش ان يعرقل قيام الجمهورية العربية المتحدة ما بين سورية ومصر في 22 شباط فبراير 1958، فتغيب عن حضور جلسة البرلمان الخاصة بذلك، الا ان اللجان المناطقية للحزب دعت خلافاً لرغبة بكداش واستناداً الى توجيه اللجنة المركزية، الحزب والأعضاء للتصويت بنعم على الاستفتاء، وبعيد قيام ثورة 14 تمـوز 1958 في العراق عاد بكداش الى دمشق سراً، ليرغم معارضي بنوده "الانفصالية" الثلاثة عشر الشهيرة الموجهة لتفكيك الجمهورية العربية المتحدة على قبولها والالتزام بها، وفتح باعلانه لها في كانون الأول ديسمبر 1958 النار على عبدالناصر، الذي قام بدوره بحملة تنكيل وتعذيب وحشية ضد المعتقلين الشيوعيين، في حين لم يتعرض الشيوعيون قبل ذلك الى اي اضطهاد.
وظهر بكداش في بنوده "الانفصالية" وكأنه مفترق مع السوفيات اذ لم يستجب لرغبة خروتشوف بعدم المواجهة مع عـــبدالناصر، الا ان بـكداش استمد دعم بنوده من الجناح المعارض لخروتشوف في المكتب السياسي وجهاز ك. ج. ب الذي رحّل خروتشوف في اواخر عام 1964.
وفور وقوع الانفصال في 28 ايلول 1961 ابرق بكداش يهنئ "الانتفاضة الشعبية ضد الاستعمار والتحكم الفرعوني"، الا ان قائد الجيش منعه من النزول في المطار، الا انه تم حتى اواخر العام الافراج عن الشيوعيين.
وعاد بكداش الى دمشق سراً في ايلول 1962 ابان حكومة خالد العظم "الانفصالية" في مرحلة وصلت فيها عزلة حزبه السياسية والشعبية الى نفق مظلم. وإثر سقوط الانفصال في 8 آذار مارس 1963 وتعرض الشيوعيين لحملة اعتقالات جزئية غادر بكداش دمشق للتو، الا انه ايد قرارات "التأميم" البعثية التي ادانها قبل اقل من اربع سنوات حين اتخذها عبدالناصر، وقد حاول الحزب الذي قادته فعلياً هيئة رباعية سرية على رأسها دينامو الحزب يوسف فيصل (+دانيال نعمة وظهير عبد الصمد وموريس صليبي)ان يبحث عن موقع له في الحياة السياسية، إبان احتدام ازمة البعث عام 1965 بين ما سمي بـپ"يمين" البعث و"يساره" فاتصل عن طريق دانيال نعمة سرياً بكل من الطرفين على حدة، واختار سياسة الانتظار او اللاموقف. وإثر حسم الازمة في 23 شباط 1966 عاد بكداش الى سورية، وتعاون مع البعث بوزير تم تمثيله بصفته الشخصية وليس السياسية، مع ان تعاونه لم يمنع الشباطيين من اعتقال حوالى 150 شيوعياً في العام نفسه.
لم تتخذ معارضة بكداش شكل المجابهة الا بعد نكسة 5 حزيران، وساهمت قرارات المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني عام 1968 الذي نقد بكداش جذرياً بتغذيتها. الا ان بكداش اضطر ازاء قوة معارضيه ونفوذهم وسيطرتهم الفعلية على الجهاز الى عقد المؤتمر الثالث للحزب في حزيران 1969 بعد حوالى ربع قرن على انعقاد المؤتمر الثاني عام 1943 - 1944. وعلى رغم ان يوسف فيصل الرجل القوي خرج عن المعارضين وانضم اليه، فانه وجد نفسه معزولاً بشكل شبه تام في المؤتمر، الذي كان آخر مؤتمر موحد للحزب الشيوعي السوري. الا ان معارضيه لم يتمكنوا ان ينتزعوا من هذا الرجل "الصلب" اكثر من نقد ذاتي في المسائل التنظيمية، في حين دافع بقوة عن سلامة موقف الحزب من قرار التقسيم والوحدة والانفصال. ولم تجدد اللجنة المركزية انتخابه اميناً عاماً الا بعد تعهده الالتزام بالنظام الداخلي الجديد وبتغيير اسلوب قيادته البيروقراطية والفردية للحزب.
كان من ابرز الذين قفزوا الى عضوية المكتب السياسي من سكرتارية منطقية حمص مباشرة رياض الترك، الذي ترأس مكتب العمل الفدائي، ووظف موقعه القيادي كي يجذّر المعارضة ضد بكداش على اساس يساري جديد يتقاطع مع ما قرره المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني قبل اقل من عام. وقد فرض معارضوه الراديكاليون عليه تمرير "مشروع البرنامج السياسي" أوائل حزيران 1970 الذي تمركزت موضوعات خلافه لاحقاً مع بكداش على تاريخ الحزب وموقفه من القضايا القومية والفلسطينية والعمل الفدائي والاستقلالية عن الاتحاد السوفياتي والدمقرطة التنظيمية. وقد تلقى معارضوه دعم كتلة صلاح جديد البعثية اليسارية إبان انفجار ما يعرف في الحوليات البعثية بأزمة الحزب 1969 - 1970، وطرح بعضهم حل منظمتي اتحاد الشباب الديموقراطي ورابطة النساء السوريات والانتساب الى اتحاد شبيبة الثورة والاتحاد النسائي. ولم يرحب السوفيات الذين سبق لهم ان "عاقبوا" الحزب الشيوعي اللبناني بعدم دعوته الى مؤتمر الاحزاب الشيوعية والعمالية في موسكو عام 1969 بهذا البرنامج، ورأوا فيه كما توضح فيما بعد انه برنامج يصلح لحزب قومي وليس لحزب شيوعي، اذ كان يحرج الاستراتيجية السوفياتية في المنطقة وعلاقاتها الاقليمية، ويتخطى الخطوط الحمر التي رسمتها قمة غلاسبورو بين كوسيغين والرئيس الاميركي جونسون. لقد بدأت ازمة الحزب بالانفجار مع صياغة هذا "المشروع" وارغام بكداش على "بلعه"، الا ان الاستقطاب الواضح والحاسم ما بين كتلتين متمايزتين في اللجنة المركزية لم يظهر الا بعد قيام الحركة التصحيحية في 16 تشرين الثاني نوفمبر 1970، اذ حاولت الكتلة الراديكالية المسيطرة على المكتب السياسي ان تضع الحزب في مواجهة دفاعاً عن الشباطيين. وحين ناقشت اللجنة المركزية موضوع المشاركة في الحكومة عام 1970، وميثاق الجبهة الوطنية التقدمية التي اعلنت في 7 آذار 1972، فان عشرة اعضاء صوتوا على القرارين مقابل خمسة. وبذلك وضع معارضو بكداش انفسهم منذ اللحظة الأولى امام الافتراق عن الرئيس حافظ الأسد.
لم يعان بكداش طيلة حياته السياسية التي استمرت خمسة وستين عاماً دون انقطاع من عزلة حزبية كما عاناها في عامي 1969 - 1970. ولم يخرجه من هذه العزلة سوى تدخل السوفيات المتمرسين بادارة الانشقاقات في الأحزاب الشيوعية والسيطرة عليها، بكل ثقلهم في خلاف الحزب، فوضعوا "الملاحظات السوفياتية" –أيار1971وقبلها "البلغارية" في مواجهة "المشروع". الا انه حين اوضحت الانتخابات الى المؤتمر الاســتثنائي الرابع ســـيطرة الراديكاليين على المؤتمر، وإقرارهم بالتالي "المشروع" في وجه "الملاحظات" بادر خــالد بكداش ويوسف فيصل بتنســــيق تام مع "الخبراء" السوفيات الى اصدار "بيان 3 نيسان ابريل" 1972 الشهير، الذي يصف لأول مرة علناً المعارضين بـپ"الكتلة التحريفية الانتهازية المغامرة التي يقودها رياض الترك"، ولم يتورع عن استعداء السلطة ضدهم. وقع على البيان 7 من اصل 15 من أعضاء اللجنة المركزية واثنان من اصل 7 من اعضاء المكتب السياسي و2 من اصل 6 من المرشحين لعضوية المركزية، و2 من اصل 4 من اعضاء لجنة المراقبة الحزبية. وأدى الى انشقاق عمودي، اخذ فيه الطرفان يتسابقان للسيطرة على التنظيم، وفقد الحزب وحدته نهائياً.
كان اعضاء الحزب ما عدا المرشحين صبيحة 3 نيسان 1972حوالى 12 الف عضواً. وقد استقطبت كتلة الترك ثلثيهم في حين استقطب بكداش الثلث الآخر، الا ان تخلي الثلاثي(دانيال نعمة- ظهير عبد الصمد- ابراهيم بكري) القوي المعارض لبكداش يوم 30 تشرين الثاني 1973 عن كتلة الترك وانضمامهم الى اعضاء اللجنة المركزية المؤيدين لبكداش، والذين بات بكداش يملك بهم الأغلبية لأول مرة في اللجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الثالث، ادى الى خسارة الترك ما نسبته 15 في المئة من اعضائها، الا انها لم تغير من واقع استقطابه للأكثرية. واكتسب الاستقطاب، فضلاً عن الابعاد الايديولوجية والسياسية، سمات جهوية وقومية ومذهبية وجيلية مركبة. اذ كانت سيطرة بكداش في الجزيرة والسويداء كاسحة وذات اغلبية راجحة في مدن الطبقة وإدلب وحلب عدا جامعتها، في حين كانت سيطرة الترك كاسحة في حمص ودير الزور وذات اغلبية كبيرة في اللاذقية، وأرجحية في دمشق وحماة ودرعا وطرطوس. وفي حين وقف الشيوعيون المنحدرون من الاقليات القومية الكردية والشركسية والارمنية مع بكداش فإن السريان وقفوا مع الترك. وكان وزن الاكراد راجحاً في كتلة بكداش، اذ كانت نسبة الشيوعيين الاكراد في محافظة حلب وحدها في ذلك اليوم 43 في المئة من الاعضاء. اما وفق المحور الجيلي فقد وقف معظم الاعضاء القدامى مع بكداش في حين وقف معظم الاعضاء الشباب مع الترك.
تمخض بيان 3 نيسان، وفشل كل التسويات والمساومات تحت الطاولة وفوقها، عن انشقاق الحزب في اواخر عام 1973 الى حزبين مستقلين، اذ عقدت كتلة الترك في اوائل كانون الأول ديسمبر 1973 المؤتمر الرابع، الذي انتخب الترك اميناً أول للجنة المركزية. وبذلك بات في اواخر عام 1973 لأول مرة في تاريخ الحركة الشيوعية السورية حزبان شيوعيان يحملان الاسم نفسه، هما الحزب الشيوعي السوري بقيادة رياض الترك، والذي عرف باسم المكتب السياسي، والحزب الشيوعي السوري بقيادة خالد بكداش، وستسير علاقاتهما نحو مزيد من التمايز والاستقطاب في العقدين اللاحقين.
---------------------------------------------------------------------

المذهب التجاري
يطلق اسم الميركانتالية عادة على مجموعة من الأفكار والتدابير العلمية الاقتصادية وقد ظهرت وانتشرت في أوربا منذ القرن الخامس عشر حتى أواخر القرن الثامن عشر إلا ان اعتبار الميركانتالية مذهبا اقتصاديا متكامل فيه شيء من المغالاة.
نشأ المذهب التجاري خلال تقسيم الاقطاعيات لتعزيز سلطة وثروة الدولة وقد سيطر هذا المذهب على أوربا خلال القرن السادس عشر ومنتصف القرن الثامن عشر وقد كان سبباً لحروب متكررة في أوربا، ولأنه في صلبه ذو طابع وطني براغماتي كان دافعاً للتوسع الاستعماري، وقد تنوع المذهب التجاري بتنوع الزمان والمكان والأشخاص الذين ناقشوه، وفي الحقبة التي وصل المذهب التجاري الى أوجه كانت سلطة الاقطاعيين قد زالت مع زوال سلطة الكنيسة أيضا لتحل محلهما سلطة الملك المركزية، وقد كان لعوامل اكتشاف العالم الجديد "الأمريكيتين" وتطور وسائل النقل البحري وعدم ظهور الثورة الصناعية بعد وانهيار السلطة الاقطاعية، أثر هائل في تمكن التجار من توسيع نشاطهم باستيراد المواد الأولية من الامريكيتين وإعادة تصديرها الى المستعمرات وبقية العالم، حيث استطاع التجار بدعم من الملوك الذين كانوا يطمحون الى تقوية سلطانهم ونفوذهم إزاء بقايا الاقطاع، التغلب على صعوبات التصنيع التي كان يفرضها عليهم نظام الطوائف castes الاقطاعي الذي يقيد الصناعة، فتمكنوا من إقامة المصانع اليدوية الخاضعة لإشراف التجار أنفسهم، وإخراج الصنّاع خارج نطاق الأقاليم الخاضعة لتنظيم الطوائف، وهذه الخطوات كانت الأساس الاقتصادي لظهور الرأس مالية الصناعية فيما بعدن في هذه الفترة ظهر مفكرون وساسة ورجال اقتصاد يهدفون الى دعم سلطة الملك وإنشاء الدولة المركزية على حساب الاقطاعيات المتناثرة.
وقد كان للتجاريين نظرة حول الدولة والاقتصاد والتي لا تعبر على نحو عالي من النضوج الاقتصادي ولكنها كانت تفي بالغرض بالنسبة للمتطلبات زمانها، وقد رأوا أن الدولة يجب أن تكون قوية وبالتالي فإن غاية النظام الاقتصادي هي تحقيق هذه القوة، ولذلك سميت نظرتهم بنظرية الاقتصاد للقوة، وتلك القوة تتحقق بواسطة ثروة البلد التي تتمثل في كميات الذهب والفضة والمعادن النفيسة التي يمكن للدولة أن تحصل عليها، وقد نظن التجاريون أن هذه المعادن توجد في العالم بكمية معينة وهذا يعني أن الدولة كلما حصلت أكثر من هذه المعادن تقل نسبة هذه المعادن لدى الدول الأخرى.
ومن أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية والسياسية الكبرى للدولة طالب التجاريون الدولة بالتدخل اقتصاديا وسياسيا لتحقيق هذه الاهداف وأعطوها الدور الأساسي في توجيه الحركة الاقتصادية وانمائها أي إعطاء الدولة السلطة المطلقة في الحيز الاقتصادي.
وحتى المشروعات الفردية كي يسمح بمزاولة عملها الاقتصادي فذلك يتم وفق قوانين ولوائح وتشريعات تنظم هذا النشاط وتوجهه ورجال الاعمال في حال تحقيقهم المنافع الشخصية فإنهم سيحققون منفعة للدولة كما في المبدأ " اتركه يعمل اتركه يمر"
وقد رأى التجاريون أن الثروة في العالم ثابتة الحجم لذلك عدوا أن ما تكسبه دولة من الدول من هذه الثروة يكون عن طريق ما تفقده دولة أخرى ولذلك نادى التجاريون بأن يسعى بلدهم للحصول على الذهب والفضة من البلاد الأخرى ومن هنا كانت نظريتهم ذات طابع وطني واعتدائي لأن كل بلد يحقق هذه المصلحة على حساب مصالح الدول الأخرى.
ولتصل الدولة إلى الميزان التجاري الموجب من وجهة نظرهم عليها أن تبيع سلعا للخارج وعندئذ ستحصل على الفرق بالذهب والفضة فيزيد مقدار الثروة في البلد، وذلك أدى الى وضع التجاريين التجارة في المنزلة الأولى وبخاصة التجارة الخارجية لأنها الوسيلة التي تتمكن فيها الدولة من زيادة معادنها الثمينة ومن ثم زيادة ثرائها وقوتها تليها الصناعة، وقد اعتقد التجاريين أن هذين القطاعين هما الجزء الحركي والاستراتيجي في الاقتصاد القومي لذلك فالسياسة الاقتصادية كانت تهتف للتخفيف من حدة الضرائب والعقوبات على الصناعة ورجال الاعمال أما الزراعة فإنها مهنة ثانوية ومع ذلك فإنهم نادوا بوجوب العناية بالزراعة باعتبارها مصدرا هاما للمواد الأولية اللازمة للصناعة كما أن تقدم الزراعة يخلق البيئة والظروف الملائمة لتقدم كل من التجارة والصناعة.
وكان للتجاريين نظرة مهمة نحو العمل فقد أعتبر التجاريين العمل العنصر الإنتاجي الأول في العملية الإنتاجية ويليه في الترتيب الطبيعة والرأس مال، أما فيما يخص الأجور الواجب دفعها الى العمال نرى ان معظم كتاب المذهب التجاري يؤكدون على ضرورة دفع أجور منخفضة للعمال لأن تكاليف إنتاج السلع ستنخفض وبالتالي أسعارها التي تباع في الخارج انما تتوقف على الأجور العمالية المدفوعة
وإن أفكار التجاريين وممارساتهم هي الأساس في السياسة الاستعمارية القائمة على أن الدولة الأم المستعمرة يجب أن تصدر إلى مستعمراتها المنتجات والسلع الجاهزة وإن على المستعمرات أن تبقى مصدرا للمواد الأولية والغذائية للدولة الام.

_____________________________________

لمحة عن الأحزاب اليسارية في السويد

تمكنت السويد، ذات العشر ملايين نسمة، من إحداث أثر في العالم، سواء عبر سكانها الأوائل، الفايكينغ، وعالم أساطيرهم الغني، أو عبر ثقافتها الغربية وشركاتها التي لها ثقلها في الاقتصاد العالمي كعملاق المفروشات إيكيا أو السيارات والشاحنات فولفو وسكانيا أو شركة ساب المصدرة للسلاح المتطور والقاذفات المضادة للدروع والطائرات الحربية، أو الموسيقى التي تعتبر أكثر "البضائع" تصديراً نسبة إلى ناتجها الإجمالي.
إلا أن اسم السويد ورد كثيراً في الآونة الأخيرة وخاصة في الحملة الانتخابية الأمريكية سواء عبر المرشح السابق ساندرز الذي أراد الاحتذاء بالنموذج السويدي "الاشتراكي"، أو عبر ترامب الذي رغب بأخذ السويد مثالاً سيئاً لبلد استقبل آلاف اللاجئين بشكل عشوائي.
نظامها السياسي ملكي دستوري، ولديها برلمان يتألف من 349 عضواً، وتجري الانتخابات كل أربع سنوات، والدورة القادمة في 2018.
تعتبر المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية السويدية باهرة وإحدى أعلى الأرقام في العالم، حيث بلغت المشاركة في الانتخابات الأخيرة 85,81% من عدد السكان القادرين على التصويت، فيما كانت 84,63% عام 2010.
الحكومة السويدية تتألف من 23 وزيراً من الحزبين الاشتراكي الديمقراطي والبيئة، ويرأسها ستيفان لوفين. وهي مقسمة تماماً إلى نصفين متساويين بين وزراء رجال ونساء.
الاشتراكية في السويد لها تاريخ طويل، انطلق رسمياً في العام 1889 مع تأسيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تلاه انقسامات عديدة أدت إلى نشوء أحزاب بمختلف التوجهات اليسارية، بعضها عاد إلى حضن الحزب الأم، وبعضها الآخر ذهب أبعد من ذلك بكثير.
للحديث عن الأحزاب اليسارية السويدية، يتوجب البدء بالحزب الأم:
1. الحزب الاشتراكي الديمقراطي Social demokraterna
تأسس عام 1889. ويلّقب أيضاً بحزب العمّال، وهو الأكبر في السويد، والأكثر جلوساً في الحكومة. يُعرف الحزب بمجرد ذكر الراحل أولوفبالمه، رئيس الوزراء بين عامي 1969 - 1976 ومن عام 1982 وحتى اغتياله عام 1986.
جلس الحزب في الحكومة دون انقطاع منذ 1936 وحتى 1976. ساهم في 18 حكومة منذ العام 1920.
تتمحور أيديولوجيته حول أسس الديمقراطية الاجتماعية والاشتراكية الديمقراطية، والربط بين اليمين واليسار والمساواة بين الجنسين، ويقف مع سياسة اقتصاد السوق المنظّم سياسياً وقانونياً مع ملكيّة كبيرة للدولة ونظام رفاه عام.
الحزب عضو في ما يعرف بالاشتراكية الدولية أو الأممية الاشتراكية Socialist International التي تضم أحزاب مثل: جبهة القوى الاشتراكية (الجزائر)، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والاتحاد الوطني الكردستاني (جلال طالباني)، والحزب التقدمي الاشتراكي (وليد جنبلاط)، إلى جانب حزب العمل الإسرائيلي!
حصل على أكبر نسبة أصوات في تاريخه في الانتخابات البرلمانية السويدية عام 1940 بـ 53.8% من الأصوات. وفي انتخابات العام 2014 الأخيرة نال 31,01% من الأصوات، أي ما يقارب مليونين صوت.
يرأسه حالياً ستيفان لوفين Stefan Löfven منذ كانون الثاني 2012، وهو رئيس الوزراء منذ 2014. يمتلك الحزب ما يقارب 89 ألف عضو، ورغم ضخامة الرقم إلا أنه يمثل انخفاضاً حيث كان يملك الحزب منذ 25 عاماً أكثر من 261 ألف عضو، وفي العام 1979 كان لديهم ما يقارب 1,2 مليون عضو.
لديه 113 مقعد في البرلمان السويدي من أصل 249. ولديه خمسة مقاعد في البرلمان الأوروبي.
2. حزب اليسار Vänsterpartiet
تأسس عام 1917 من رحم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إثر نشوء معارضة يسارية داخل الحزب. وأصبح اسمه حزب السويد الاشتراكي الديمقراطي اليساري، ثم غير اسمه عام 1921 إلى الحزب الشيوعي السويدي، وبعدها عام 1967 إلى حزب اليسار الشيوعي، وأخيراً حزب اليسار منذ العام 1990.
شارك عام 1919 في الكومينترن، حيث أدير وقتها من قبل الحزب الشيوعي السوفييتي، ثم انتقل إلى الشيوعية الأوروبية في الستينيات، ليصبح أكثر استقلالية، بعدها أجرى إصلاحات شاملة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي محدداً نفسه كحزب الوعي الاشتراكي والنسوي والبيئي، بدلاً من الشيوعي.
أيديولوجية الحزب اشتراكية نسوية، ويختصر سياسته بأنه يرغب بخلق مجتمع قائم على أسس اشتراكية نسوية ديمقراطية تعتمد على المساواة والتضامن والعدالة والاستدامة البيئية ومجتمع خالٍ من القمع الطبقي والجندري والعرقي.
يرغب الحزب بوجود قطاع عام كبير وزيادة في الضرائب على ذوي الدخل المرتفع والشركات الكبيرة. ويرفض سياسة جني الأرباح في مجتمع الرفاهية على حساب أموال الضرائب، أي يرغب بخروج الشركات الخاصة من القطاع الصحي والطبي والخدمي والتعليمي.
الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم كان يرفض التعاون مع حزب اليسار حتى ما قبل العام 1980 بسبب ايديولوجيته الشيوعية. إلا أن التعاون بينهما ازداد حتى شَكَّلا، إلى جانب حزب البيئة، حلفاً معارضاً للحكومة اليمينية منذ العام 2008 وقبل انتخابات العام 2014، وكان اسم التحالف "الحمر الخضر". إلا أنه بعد الانتخابات المذكورة رفض رئيس الوزراء ستيفان لوفين ضم حزب اليسار إلى حكومته، رغم سنوات التحالف السبعة، ما أثار دهشة وقتها في الأصداء السياسية وخاصة لدى أطياف اليساريين.
حزب اليسار الآن هو سادس أكبر حزب في السويد، حصل على نسبة 5,7% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية 2014 أي أكثر من 350 ألف صوت، ولديه 21 مقعداً في البرلمان السويدي، حصل على أعلى نسبة في تاريخه عام 1998 بـ 12%. ويمتلك نائباً واحداً في البرلمان الأوروبي.
لم يشارك في تشكيل أية حكومة سويدية، ويمتلك الآن ما يقارب 16700 عضو، ويرأسه منذ العام 2012 يوناسخوستيدتJonas Sjöstedt.
3. حزب العدالة الاشتراكي
وهو حزب اشتراكي تروتكسي، تأسس رسمياً عام 1997، إلا أن جذوره تعود إلى طرد مجموعة من شبيبة الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 1973 بسبب اتهامهم باستخدام تكتيك "الانخراط" أو "التسلل السياسي" أو Entryismإثر تأسيسهم لصحيفة "هجوم" Offensiv، متأثرين بشبيبة حزب العمال البريطاني، الذين أسسوا صحيفة المناضل Militant، ومتهمين حزبهم الأم بأنه ترك الماركسية وذهب بعيداً جداً نحو اليمين، لذلك هدفوا من تأسيس الصحيفة لم شمل الحركة العمالية في يسار ماركسي واحد قبل انتخابات العام 1973.
مع بدايات الثمانينيات تم طرد جميع مناصري صحيفة/تيار "هجوم" من الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ينتمي الحزب إلى ما يعرف بـ "اللجنة لأممية العمال" Committee for a Workers International التي تضم أحزاباً تروتسكية من 45 دولة، منها عربية، من لبنان اسمها أيضاً اللجنة لأممية العمال ومن تونس تدعى البديل الاشتراكي، بالإضافة إلى حركة النضال الاشتراكي في "فلسطين وإسرائيل" (كما يرد في تعريف اللجنة).
ورغم حداثة عهد الحزب إلا أنه شهد ثلاثة انقسامات وانشقاقات في صفوفه، حتى قبل إعلانه رسمياً.
ينشط حزب العدالة الاشتراكي بشكل رئيسي إلى جانب منظمات حقوقية للجوء والمهاجرين ومكافحة العنصرية، وتمكن من إيقاف العديد من عمليات الترحيل للاجئين عراقيين وإيرانيين وأفغان، كانت طلبات لجوئهم مرفوضة.
حصل على 0,01% من الأصوات، أي 791 صوت، في انتخابات 2014 البرلمانية، بانخفاض إلى النصف عن انتخابات عام 2010. لديه أربع مقاعد بلدية منذ عام 2014.
4. الحزب الشيوعي السويدي SKP 1995
تأسس عام 1977 بعد انشقاق عن حزب اليسار الشيوعي (حزب اليسار الآن) إثر مؤتمر داخل البرلمان السويدي، وكان اسمه حزب العمال الشيوعي. في العام 1990 حصل انشقاق فيه، بدأ من شبيبته، وفي العام 1995 أعلن الحزب إفلاسه المادي لأول مرة في تاريخ الأحزاب السويدية، ثم جرى إعادة تنظيمه في العام نفسه وسمي الحزب الشيوعي السويدي.
يقول الحزب في تعريفه إنه يمثل استمرارية الإرث التاريخي من ماركس وانجلزولينين في الحركة العمالية السويدية.
لم يحصل على مقاعد في البرلمان السويدي، لكنه حصل على مقاعد في بعض البلديات.
حصل على أعلى نسبة له لدى ترشحه للانتخابات البرلمانية، بعد انشقاقه، تحت اسم حزب العمال الشيوعي عام 1979، على 10725 صوتاً، ما عادَل 0,2% من الأصوات.
بدأ الحزب يفقد دعمه الشعبي مطلع القرن الحالي، وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2014 حصل على 558 صوتاً، ما يعادل 0,01% من مجموع الأصوات. يصدر صحيفة تدعى "الهدف" Riktpunkt.
5. الحزب الشيوعي السويدي 1967
تأسس عام 1967 تحت اسم الرابطة الشيوعية الماركسية اللينينية، منفصلاً عن حزب اليسار الشيوعي (حزب اليسار الآن) بسبب تأثرهم بالتجربة الصينية الماوية ومعاداتهم للتجربة السوفييتية أو للستالينية.
لعب الحزب دوراً هاماً في السويد خلال الحرب الفيتنامية من خلال أعمال تضامنية مع مجموعات أخرى.
عانى الحزب من عمليات انقسام عديدة، أولها عام 1970 عبر مجموعة ثورية اتهمت البقية بأنها أصبحت أشبه بالاشتراكيين الديمقراطيين وأسست بدورها "الرابطة الثورية الشيوعية الماركسية اللينينية". غيّر الحزب اسمه عام 1973 ليصبح الحزب الشيوعي السويدي (نفس الاسم السابق لحزب اليسار بين 1921 - 1967) ما أثار اللغط لأنه اسم حزب آخر، لكن الاسم نفسه لم يكن محمي قانونياً.
وكان الحزب ناشطاً حتى تسعينيات القرن الماضي، إلا أن وجوده أصبح واهناً في التسعينيات قبل أن ينتفي. عقد مؤتمره الثاني عام 1976 أكد فيه على اتفاق مع أعضاء من يمين الحزب، ما أدى إلى ترك قياديين لمناصبهم وتخليهم عن الحزب وإعلانهم الابتعاد عن الماوية.
حصل على أكثر من عشرة آلاف صوت في انتخابات 1979. وفي العام التالي انقسم الحزب مجدداً بعد انتقاد مجموعة فيه (يساره) لبدء الانحراف نحو اليمين في الصين وبسبب الصراع المسلح بينها وبين فيتنام، ما أدى إلى تشكيلهم (يسار الحزب) لحزب جديد سموه حزب السويد الشيوعي العمالي.
غَيّر الحزب الشيوعي السويدي اسمه إلى حزب التضامن عام 1987 وتوقف عن كونه شيوعياً، ثم بعد ثلاث سنوات توقف عن كونه يشمل كل السويد، وبقي يعمل في بعض المدن، حتى بدأ قادته بدعوة الناخبين إلى التصويت لصالح الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
6. الحزب الشيوعي
وهو يمثل المجموعة الثورية المنفصلة عن الحزب الشيوعي السويدي (رقم 5) عام 1970. واتخذ اسمه هذا بعد مؤتمره الرابع عشر عام 2005 حيث كان اسمه الرابطة الثورية الشيوعية الماركسية اللينينية.
يعتبر الحزب نفسه ثوري شيوعي عمالي، يتخذ من الماركسية اللينينية كقاعدة أيديولوجية له. هدفه تحول كلي للمجتمع وإلغاء الرأسمالية وإنشاء مجتمع اشتراكي عمالي باقتصاد مخطط.
الحزب لا يشارك في الانتخابات البرلمانية، فيما يشارك في الانتخابات البلدية والمحافظات، حيث يحصل فيها على آلاف الأصوات تمكنه من الحصول على مقاعد بلدية.
يشارك في الندوة الشيوعية الدولية The International Communist Seminar في بروكسل مع أكثر من 50 حزب شيوعي واشتراكي آخر
أرسل الحزب في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي 50 طبيباً وممرضة للعمل في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بالتعاون مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث ما يزالان يحتفظان بعلاقات جيدة بينهما وخاصة عبر المؤلفStaffan Beckman.
خلال خريف العام 2000 جمع الحزب الأموال لمستشفى العودة التابع للجبهة الشعبية، وخلال العام 2007 جمع أموالاً من أجل بناء مدرسة في غزة، وتمكن من جمع المبلغ الهدف وهو 300 ألف كرون في وقت مبكر من إطلاقه للحملة. وفي شتاء 2008-2009 جمع أيضاً ما يقارب نصف مليون كرون من أجل أطفال غزة، كما أنه ساهم في تمويل مشروع "سفينة إلى غزة".
يُصدر الحزب الشيوعي صحيفة أسبوعية تدعى البروليتاري Proletären. شعاره "طبقة ضد طبقة".
7. الحزب الاشتراكي
وهو حزب تروتسكي يعتبر نفسه منظمة ثورية شيوعية تُفسّر الماركسية وفقاً لنظريات لينين وتروتسكي وتطبيقاتهما العملية.
تأسس عام 1949، من قبل أفراد من الأممية الرابعة، ثم جرى حلّه بعد ثلاث سنوات، وانضم أعضاءه إلى الحزب الشيوعي. في العام 1969 تم جمع أعضائه مجدداً وسمي بالماركسيين الثوريين، الذين أعلنوا عن أن هدفهم هو سيطرة الطبقة العاملة بشكل مباشر على السلطة من خلال مجالس العمال والميليشيات.
اتحد مع منظمات ثورية أخرى مطلع السبعينيات لتكون أشبه بمجموعة بلشفية تهدف إلى "إشعال الثورة والقضاء على الرأسمالية والإمبريالية وسيطرة العمال على الحكم وإنشاء الحزب القائد واستبدال الشرطة والجيش بميليشيات ديمقراطية عمالية"، حيث قام بتأسيس حلقات سريّة ضمن أماكن العمل والمدارس والجامعات، وكان يتم اختيار الأعضاء بعد أشهر من العمل الحزبي والاختبارات قبل الحصول على عضوية كاملة من خلال التصويت، وسط انسلاخ كامل عن الواقع والمجتمع والبيئة السويدية، مما أدى إلى نفور اجتماعي شديد منه، ثم غير الحزب اسمه عام 1975، وبعد مشاكل عديدة، جرى في مؤتمره السابع استبعاد "المجموعة البلشفية" عام 1980 ليتم إقرار برنامج حزبي جديد، وتغير اسم الحزب عدة مرات، ليصبح أخيراً الحزب الاشتراكي عام 1982، ويعلن عن ابتعاده عن النظام الاجتماعي في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية، وبعدها بسنتين جرى استبعاد جميع "سوفييتي" الحزب الذين أسسوا بدورهم "عصبة الشيوعيين".
في العام 1994 أصدر الحزب برنامجاً جديداً أكد فيه أن الثورة الاشتراكية لا يمكن تنفيذها دون دعم الأغلبية الشعبية وأن هذه الثورة يجب أن تتم بشكل سلمي، ما تسبب بانشقاق أقلية في الحزب عنه والانضمام إلى مجموعة ثورية أخرى.
ظهر لاحقاً من خلال الوثائق أن الحزب تعرض لمراقبة شديدة من قبل الاستخبارات السويدية عن طريق التصوير والتجسس على المؤتمرات والمخيمات الصيفية وتسريب وثائق داخلية حزبية عبر متعاونين من قلب الحزب.
حصل على أعلى نسبة أصوات عام 1985 بـ 16247 صوتاً، إلا أنه انقطع عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية بعد العام 2006.يصدر صحيفة أسبوعية تدعى الأممية Internationalen.
8. حزب المبادرة النسوية
يعتبر أحدث الأحزاب السويدية، تأسس عام 2005 بمشاركة رئيسة حزب اليسار بين 1993-2003 غودرونخيمانGudrun Schymanوتبنى ايديولوجيته على النسوية ومبدأ تقاطع الأيديولوجيا السياسية Intersectionality وتقرر بداية أن يكون الحزب حركة شعبية نسوية إلا أن المتحدثة باسمه غودرون قررت عزمهم المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
في انتخابات العام 2014 حصلوا على ما يقارب 200 ألف صوت، بنسبة 3,12%، لكنها لم تؤهلهم لدخول البرلمان السويدي. إلا أنهم حصلوا على مقعد في البرلمان الأوروبي، وبذلك كان أول حزب يحمل الأيديولوجيا النسوية يدخل إلى البرلمان الأوروبي. يمتلك الحزب أكثر من 20 ألف عضو/ة.

تجدر الإشارة إلى أنه يوجد في السويد العديد من التنظيمات الماركسية الصغيرة إلا أن ذكرها لا يتسع في هذا المقال، لكن قد ترد في مقالات أخرى.

-----------------------------------------------------------------------------------------
شخصية سورية

البطل الشعبي أبو علي شاهين

أبو علي شاهين هو فلاح بسيط كان يعيش
في قرية سيغاتا إلى الجنوب الشرقي من مصياف
وكان يعمل مرابعاً عند الإقطاع وبسبب سنين المحل لم
يستطيع أن يدفع للإقطاعي حصته
من المحصول لأن الأرض لم تنتج بسبب قلة وشح المطر
وجرت مشادة كلامية بين الحارس وأبو علي شاهين تبجح فيها الحارس (زلمة البك أو الوقاف ) بكلام بذيء للغاية وأثار ذلك غضب أبو علي شاهين الذي لم يستطع أن يسكت على
الإهانات التي وجهت إليه وتشاجر مع الحارس
وبعد قليل أتت دورية الدرك والإقطاعي واقتيد أبو علي
شاهين إلى المخفر وعذبوه بأشد أنواع العقاب من ضرب بكعب البنادق وشدو وثاقه
وادخلوا المسامير في رأسه وسالت الدماء من رأسه ولكنه استطاع أن يهرب من السجن
وذهب إلى بيته واصطحب بندقيته وما تيسر من خرطوش وزاد واتجه نحو العصيان وبدأ معركة
التمرد وحيداً على الإقطاع والدرك وخاض معهم فصول أسطورية من القتال الفردي
واستطاع أن يدب الذعر والخوف في نفوسهم
قاتل وحيداً عاش وحيداً.
كتب عن أبي علي شاهين كتّاب كثر منهم الكاتب الكبير والشاعر الراحل ممدوح عدوان مسرحيته الشهيرة (المخاض)

ورصد فيها مرحلة الانكسار الشعبي في ظل الحكومة الوطنية التي جاءت بعد خروج المستعمر الفرنسي
فكتب عن المجتمع وإرهاصات الثورة الاجتماعية فاعتبر حركة الشاهين حركة فردية تمثل صرخة في مخاض طويل لأمّة بين الموت والاحتضار. كما كتب عنه الروائي حيدر حيدر رواية "الفهد" صور فيها كفاحه وتمرده على الظلم.
تمّ إعدام الثائر أبو علي شاهين في ساحة الشيخضاهر في اللاذقية العام 1949.
لروحه الرحمة فقد لون تاريخنا النضالي ضد الظلم والاضطهاد بأسمى الألوان.
______________________
شخصية شيوعية عربية

عبد الخالق محجوب
عبد الخالق محجوب (1927 - 1971) قيادي بارز في الحركة الشيوعية العربية والسودانية أعدمه النميري بعد انقلاب فاشل. كان ذا حضور مؤثر في المحافل الشيوعية العالمية. ألف عدد من الكتابات والتي تمحورت حول إيجاد صيغة سودانية للماركسية بدلا عن التطبيق الحرفي للتجربة السوفييتية أو الصينية، كما كان له موقف واضح من الخلاف السوفييتي - الصيني. رفض التبعية للحزب الشيوعي السوفييتي على النقيض من عدد كبير من الأحزاب الشيوعية الأخرى كما كان يرفض الربط بين مبدأ حرية العقيدة والإلحاد. عارض انقلاب جعفر نميري في 25 مايو 1969 لتعارضه مع مبدأ الديمقراطية الذي ظل يدعو إليه الحزب ولكن لم يستطع الحصول على موافقة أغلبية السكرتاريا المركزية للحزب لإدانة الانقلاب والذي حسب على الحزب الشيوعي السوداني المشاركة فيه نظرا لتعيين عدد من أعضاء الحزب في الحكومة التي شكلها نظام 25 مايو.
عارض انقلاب هاشم العطا في 19 يوليو 1971 الذي استولى على السلطة لمدة ثلاثة أيام قبل أن يسترد النميري السلطة، واتهم الحزب الشيوعي السوداني بتدبير الانقلاب نظرا لاشتراك عدد من الضباط المنضمين للحزب الشيوعي فيه وعلى إثر ذلك تمت تصفية عدد كبير من قيادات الحزب الشيوعي.
رفض الهرب من البلاد حيث قدم اقتراح له بأن يلجأ إلى سفارة ألمانيا الشرقية معللاً ذلك بان رسالته الأساسية هي نشر الوعي بين صفوف الجماهير ومحارية العسكرتاريا وإقامة الديمقراطية في السودان واختبأ لمدة 4 أيام قبل أن يسلم نفسه لوقف المجازر التي كانت ترتكب في صفوف الشيوعيين السودانيين ليتم إعدامه يوم الأربعاء 28 تموز 1971على يد جعفر نميري إثر محاكمة صورية حولها عبد الخالق إلى محاكمة للنظام مما اضطر القضاة إلى تحويلها لجلسة سرية.

___________________________
تواريخ سورية
انقلاب سامي الحناوي:. جاء انقلاب سامي الحناوي عقب انقلاب حسني الزعيم في 30آذار1949، وقد حدث هذا الانقلاب في14 آب من عام 1949 إلا هذا الانقلاب وخلافا للانقلاب السابق سرعان ما سلم السلطة إلى رجل مدني وهو هاشم الأتاسي و من ثم أعلن عن انتهاء مهمته ممهدا الطريق لإجراء انتخابات برلمانية. و تم تحديد يوم 15 من تشرين الثاني من عام 1949 موعدا لإجراء الانتخابات و كان من ابرز مرشحي هذه الانتخابات ميشيل عفلق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي وصلاح الدين البيطار و مصطفى السباعي وهو رجل اسلامي مجدد و غيرهم.

انقلاب أديب الشيشكلي: حدث هذا الانقلاب في19كانون أول1949 قدم على أثرها الأتاسي استقالته وفي 28 من كانون الأول أعلن عن كشف محاولة للقيام بانقلاب عسكري، فأحيل عدد من الضباط على التقاعد منهم رئيس الأركان، كما اعتقل قادة سياسيين بارزين منهم محمود شوكت و أكرم الحوراني وميشال عفلق و وصلاح الدين البيطار.حدث انقلاب الشيشكلي الثاني ضد حكومة الدكتور معروف الدواليبي في28تشرين ثاني1951.أزيح الشيشكلي بحركة عسكرية في الأسبوع الأخير من شباط1954وليبدأ بعدها الحكم المدني البرلماني(1954-1958).
------------------------------------------------------------








زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org
موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم