الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيار عمار الحكيم -الحكمة- الوطني اسم جديد لتنظيم قديم!

نادية محمود

2017 / 7 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اعلن عمار الحكيم هذا الاسبوع عن تأسيس تيار الحكمة الوطني. وبهذا اعلن عن خروجه عن المجلس الاسلامي الاعلى في العراق. يبرر الحكيم هذا الخروج بانه استجابة لـ"حاجة المجتمع للتغير.. وللخروج من حالة اليأس والاحباط التي تعيشها الجماهير، ومن اجل تجاوز المشكلات الاقتصادية". يسّوق الحكيم مشروعه السياسي الجديد باعتباره مكرمة، منة وفضل على جماهير العراق، وانهم "يستحقون" ولادة هذا التيار ليجيب على تطلعاتهم حسب قوله، لما سيقدمهم لهم من.........عطايا!!
ما"الجديد"، الذي سيأتي به "تيار الحكمة الوطني" مغايرا لما كان عليه المجلس الاعلى؟ يؤكد عمار الحكيم، في خطاب الاعلان على تقديم ايات الولاء للمرجعيات الاسلامية الشيعية في العراق وايران، السيستاني وخامنئي، يحيي الميلشيات الشيعية والحشد الشعبي، يحيي البيشمركة. يشيد بالعشائر ودورها في تأكيد الهوية الوطنية للعراق. يحيي ويشيد بالعلاقات مع دول الجوار مؤكدا على بناء جسور معها. ويحيي ويشيد حتى اعضاء المجلس الذي انشق عنهم ويكاد ان يذرف عليهم الدموع، لاخلاصهم ولادوارهم في خدمة العراق (اذن لماذا خرجت منهم، ان كانوا على هذه الدرجة من الاخلاص والوفاء!). والحال، ان اخوته المؤمنين في المجلس الاعلى لا خلاف لهم مع كل تلك القضايا!
من جهة ثانية، يؤكد على دفاعه عن "تحرير الاقتصاد من تحكم الدولة، جعل السوق الحر منضبطا بقوانين الحماية الاجتماعية.. الانفتاح على الاستثمارات العالمية بعيدا عن القوانين المكبلة للاقتصاد". وفي نفس الوقت يعلن دفاعه عن.. "التوزيع العادل للثروات.. والخروج من الاقتصاد الريعي.. وتأمين فرص عمل كافية للشباب.. تضمن لهم فرص العيش الكريم"! تحقيق العدالة الاجتماعية، "تمكين المواطن العراقي من ادارة ثروته واقتصاده" بل ويمضي اكثر من ذلك للحديث عن "ردم الهوة في التمايز الطبقي... المقيت"!!!
هذه الخلطة الحكيمية الشعبوية التي لا رأس لها ولا اقدام، قد وفرت له محتوى لخطاب متلفز ليلقيه على جمهوره وعلى امتداد عشرين دقيقة، ليقل لنا السياسة ذاتها، المنهج ذاته، الخطاب الشعبوي ذاته دون ادنى تغيير. ان عمار الحكيم يجمع، بحركات بهلوانية، بين النقيضين: الدفاع عن اقتصاد السوق الحر، وتوفير فرص عمل للجميع! ان الاقتصاد الحر، يعني اطلاق يد الرأسمالية، العالمية او المحلية، في تقليص اكبر ما يمكن من فرص العمل، وانقاص عدد العمال العاملين وتسريحهم من العمل، وزجهم في جيش البطالة الجرار، حيث لا حاجة بهم للعمال. فكيف سيوفر فرص العمل لهم؟ اي مرسوم جمهوري سيصدر عمار الحكيم، ليجعل الاقتصاد الحر او البزنس يقوم بتشغيل الايدي العاطلة عن العمل سواء كان الاخير بحاجة لهم او لا؟ والاكثر من هذا اي مرسوم جمهوري سيصدر بتوفير حياة حرة كريمة للشباب؟ اذا كان الاقتصاد الحر يقوم على ركيزة تشديد استغلال العمال من اجل كسب الارباح، وحرمانهم من حقوقهم، والدوس على اي قوانين، بل –وفي عراق مابعد 2003- تقوم الميلشيات بحماية الرأسماليين وارباب العمل ضد العمال. كيف سيوفر تيار الحكمة حياة حرة كريمة للشباب؟ ان المحظوظين من الشباب هم من يجدوا فرصة عمل "لاستغلالهم"، فعاثروا الحظ، ينخرطون في الميلشيات، ويعرضون حياتهم للموت في اية ساعة، من اجل تضمين راتبا لهم في حياتهم، وتقاعدا شهريا بعد مقتلهم ليعليوا اسرهم.
ان الحكيم يدعي وخاصة في السنوات الاخيرة، بمواجهته للطائفية، وباعلان مبادراته "للمصالحة التاريخية"، واحاديثه "العابرة للطوائف والطائفية". والحال ان الارض التي يقف عليها عمار الحكيم هي الطائفية، وبدونها، لا تبقى اية شرعية له. فشرعيته اكتسبها من "شيعيته" وبتنازله عن الطائفية الشيعية، يعني تدمير القاعدة التي يقف عليها، يعني اطلاق النار على قدميه. واي احمق سيفعل هذا.

ان مشروع تيار الحكمة، هو ادامة هذه القاعدة وهذه الشرعية -الطائفية- الشيعية، باعطاءها نفحة هواء، متنفسا جديدا في اوضاع ما بعد داعش. لا يشكل تشكيل هذا التيار الا اضافة عددية في عدد الاحزاب الشيعية. انهم ابناء الاسرة الواحدة. انهم يسعون لذر الرماد في العيون باعتبار ان هنالك جديد، ولا جديد على الاطلاق. فتشكيل تيار الحكمة هو تسويق لبضاعتهم القديمة باعطائها ماركة جديدة، واسم جديد، وتسويق جديد. كلا الطرفين المجلس الاعلى وتيار الحكمة، ذهبا لايران لبسط وشرح امورهم لنيل مباركتها، وليعلنوا جميعا ولائهم لها. ولكنهم يتصارعون فيما بينهم، على حصصهم، على ادوارهم، على مكانتهم ومواقعهم وخاصة في عشية الانتخابات.
ان لم يحقق الحكيم العدالة الاجتماعية وهو واسرته يجلسون على رأس المجلس الاعلى ولهم حصة دسمة في المحاصصة في العراق، باعتباره اكبر تنظيم اسلامي شيعي يضم كل المكونات الشيعية على امتداد اربعة عشر عاما في العراق، ولم يوفر فرص عمل وهو على رأس التحالف الوطني الذي يضم الاحزاب الشيعية المؤتلفة في البرلمان والحكومة، فما هي العصا السحرية التي سيمتلكها "تيار الحكمة الوطني" فجأة لتقلب الامور عاليها واطيها، ان لم يرسم الحكيم قصور في الهواء في خطاب اعلان تأسيس تياره الجديد؟.
لذا، ومن اجل ان لا نصاب باليأس والاحباط -كما يريد لنا الحكيم- نؤكد، ان مصير عمار الحكيم الذي منحه الملايين من العراقيين اسم "عدي" الحكيم عن جدارة، والتي املاكه واملاك اسرته لا تعرف مقاديرها واحجامها، سيكون مصيره مثل مصير اخيه في الاسلام، نواز شريف، ان جرى التحقيق في فساده ، ولكان عليه ان يقدم استقالته وينجو بجلده كما فعل الاخير.
الا ان فصول القصة لم تنته بعد، فمرحلة الجرد والحساب من قبل الجماهير لهذه الاحزاب لم تبدأ بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على