الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحالف الشيعي وقانون حرية التعبير

سمير عادل

2017 / 7 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الحرية تنتزع ولا تمنح. الحمقى وحدهم راهنوا على ان الاحتلال الامريكي سيجلب الحرية والديمقراطية الى العراق. والحمقى وحدهم انفقوا سعرات حرارية في احلامهم بأن كل ما يقدم على الصحن الامريكي الى جماهير العراق سيكون مفعم بكل الحقوق والحريات الانسانية والفردية والشخصية.
ماذا كان يتوقع من التحالف الشيعي الحاكم غير التشديد على مسودة قانون حرية التعبير قبل تمريره في البرلمان؟ ان نفس مسودة القانون التي كتبنا عنها في مناسبة سابقة وقبل اضافة التعديلات المخزية، كانت محل رفض وادانة وتجسد لمرحلة دكتاتورية وقمعية بسلطة دينية وطائفية في تاريخ العراق.
ان المثير هذه المرة هناك من يعتب على التحالف الشيعي لانه اضاف كما عبر عنها البعض مواد عقابية على المسودة، وكأنه كان ينتظر من التحالف الذي عرف مليشياته بنسج تاريخ العراق بعد ٢٠٠٣ بحروف من الدم، ان ينشر الديمقراطية والحرية في "العراق الخراب والدمار" الذي كان للقوى الاسلامية بجميع تلاففيها ومنابعها اليد الطولى فيه. وقد يسال اي شخص لماذا التحالف الشيعي دون كل القوى والتيارات في العملية السياسية تمتلك من الجرأة لتمرير قانون قمعي يخنق او يلغي حرية التعبير؟ والجواب هو الظرف الذي يعيشه العراق والتجربة التي يمتلكها التحالف الشيعي مع جماهير العراق. ان التحالف الشيعي يحاول استغلال اهازيج النصر المدفوع الثمن على داعش لتمرير مسودة القانون، الى جانب استغلال صدمة المجتمع من الحرب وتداعياتها التي خلفتها والتي ستكون أعظم، وسياسة التقشف والافقار. واما تجربة التحالف الشيعي فهي مريرة تجاه حرية التعبير والتظاهر والاجتماع، عند جماهير العراق خلال سنوات حكمه بالرغم من اشكال القمع التي استخدمها. فتجربة ٢٥ شباط ٢٠١١ التي خرجت الجماهير في جميع مدن العراق ضد حكومة المالكي، وتجربة ٣١ تموز ٢٠١٥ التي رفعت الجماهير شعار "باسم الدين باكونا الحرامية"، وتجربة الحملة الدعائية ضد المنظر الاقتصاد الاسلامي جلال الدين الصغير وهو احد قادة المجلس الاسلامي الاعلى، الذي اصبح نموذج للسخرية اثر تصريحه حين دافع عن سياسة التقشف لحكومة العبادي بأن المواطن يستطيع العيش واسرته بمبلغ ١٠٠ الف دينار شهريا اذا لم يشتر "النستلة"، او الحملة التي نالت من خالد عطية هو نائب عن تحالف دولة القانون حيث كشفت الوثائق عن انفاقه مبلغ ٥٩ مليون دينار من المال العام على عملية جراحية للبواسير، وعشرات الحملات السياسية الاخرى التي بددت هالة التقوى والورع والهيبة التي كانت تحيط بالتحالف الشيعي بمباركة كل انواع المرجعيات.
ان الاكثر سخرية هو الاستمرار بالسباحة في بحر الاوهام، فما زال هناك اشخاص يتوقعون ان يصوت برلمان الحرامية ومصاصي دماء العمال والمحرومين على قانون لتقديس الحريات الانسانية في العراق. ان اكثر الاشياء التي ترتعب منها جميع القوى القومية والاسلامية في العملية السياسية هي "الحرية". ان الحرية هي حفار قبرها وهي الكابوس الذي يجثم على صدرها منذ تنصيبها بحراب الاحتلال على صدر جماهير العراق. ان الحرية بكل معانيها وميادينها، حرية التعبير والراي والتظاهر والاجتماع والتنظيم والحصول على المعلومات وكل الحريات الفردية والشخصية، تعني فضح كل مؤامرات تلك القوى على جماهير العراق خلال سنوات حكمها، وتعني الكشف عن فسادها ونهبها، وتعني فضح صفقاتها السرية مع الدول الاقليمية، وتعني اماطة اللثام عن كل جرائم مليشياتها، وتعني حدا بالنهاية لامتيازاتها ونفوذها. ان الحرية تعني ان تصبح تلك القوى عارية من كل شيء حتى امام مريديها ومؤيديها وتصبح لا حول لها ولا قوة.
ان استمرار الحريات النسبية اليوم في العراق، وكما قلنا في السابق ليس بفضل تلك القوى ولا يعود الى وسع صدرها، او دخلت الى ورشات العمل المشبوهة التي ينظمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الاوربي والسفارة الامريكية حول "الديمقراطية"، بل يعود الى الصراع المحتدم بين تلك القوى من اجل حسم السلطة السياسية. ان اي طرف يحسم السلطة السياسية اليوم، يعلن في اليوم التالي حالة القمع والدكتاتورية. ولذلك ان التحالف الشيعي ضرب كل الاصوات الداعية لالغاء المادة ٤ ارهاب لانه بحاجة لها من اجل تصفية معارضيه، ويحاول اليوم تمرير مسودة قانون قمع التعبير وقمع حرية الاجتماع والتظاهر.
واخيرا نكرر كما كتبنا في افتتاحية العدد "396" في صحيفة الى الأمام "قمع المعارضة بسمفونية ديمقراطية "واخيرا وليس اخرا، نود ان نسلط الضوء على حقيقة قد طمست او اغفل عنها وهي، ان الدستور العراقي الذي كتب عام ٢٠٠٥ هو انعكاس لنظام المحاصصة السياسية، فهناك بنود تسعد الاسلاميين بلحن جعفري، واخرى تفرح الاسلاميين بلحن سني، وبين هذا وذاك هناك بنود تسعد القوميين من كل حدب وصوب، واما البنود التي اشرنا اليها حول الحريات الانسانية، كتبت من اجل تجميل وجه الاحتلال، الذي جاء تحت شعار نشر الديمقراطية في العراق بنفس القدر قبلها الاسلاميين على مضض لتثبيتهم على السلطة. واما عملية تنقية الدستور من كل الترهات الطائفية والقومية، وتعريفه للبشر بهويته الانسانية واطلاق العنان لكل الحريات الانسانية، فسيكون بالنضال الشرس والدؤوب لفرض التراجع على عصابات العملية السياسية ولصوص المنطقة الخضراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم