الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الماركسية - ماركس بعد مئة سنة (3/فلسفة التاريخ الماركسية هيجلية علمانية)

موسى راكان موسى

2017 / 8 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




ماركس ، بعد مئة سنة (178ـ180) :


منذ عشر سنوات ، و بمناسبة الحديث عن (( أزمة الماركسية )) ، كنت قد أكدت على أنه يوجد (( ماركسين إثنين )) : ماركس العالم و ماركس الفيلسوف : الأول منخرط في تحليل إتجاهات الرأسمالية الحديثة ، و الثاني ورث فلسفة التاريخ الهيغلية و جدليته ، و أعتقد أنه حتى هوبزباوم (الذي يبقى رغم كل شيء ماركسيا أرثوذكسيا) قد وصل إلى نتائج مشابهة . فبالنسبة له ليست الماركسية نظرة متماسكة ، موحدة ... و (( نظرية ماركس ينقصها التجانس )) . إنها تتشكل حسب هوبزباوم (( من تحليل للرأسمالية و لإتجاهاتها ، و في نفس الوقت من أمنية تاريخية معبّر عنها بهوى أو عاطفة تنبؤية خارقة للعادة ، و بصياغات (( فلسفية )) مشتقة من هيجل ، في إطار التطلع البشري الأبدي نحو مجتمع كامل يمكن الوصول إليه بواسطة البروليتاريا )) .


إن ما أخذته الماركسية من هيجل هو بالضبط هذه النقطة : القدرية التاريخية ـ الجدلية ، و من خلال هذه القدرية ، التطلب المركزي ـ البشري للخلاص و للإفتداء المطلق ، و هما كانا حتى ذلك الوقت من تراث و إختصاص الدين .


ما هي في الواقع فلسفة التاريخ : إنها الطريقة التي بها تنظر المسيحية إلى العالم أو تراه من خلالها و فلسفة هيجل لا تخرج عن هذه القاعدة .


إن التاريخ يظهر فيها بشكل مأساة ، و لكن مع وجود هدف و نقطة وصول أخيرة تقوم (( العناية )) (أو (( حيلة العقل )) ) بتوجيه و قيادة مجرى الأمور نحوها . و في مركز المأساة ، هناك (( الإنهيار )) و مرحلة الشقاء و التمزق ، التي يسميها هيجل مرحلة عهد (( الإنخلاع )) . يلي ذلك الخاتمة أو الحل النهائي الذي يلغي كل مسببات الإنقسام أو الشقاء لكي يعيد (و على مستوى أعلى) الإنسجام و التوافق و الوحدة الأصلية .


و الحال أن مفهوم ماركس للتاريخ يستعيد بأمانة هذا النسق اللاهوتي . إنه يرى أن مرحلة (( الشيوعية البدائية )) يليها تاريخ طويل متقلب و مضطرب من إنقسام الطبقات في المجتمع . بعد ذلك تأتي ذات ثورية (( مختارة )) هي البروليتاريا ، لتحقق (( الرسالة )) الملقاة على عاتقها . إنها تلغي الإنقسام إلى طبقات في المجتمع و تفتتح العصر الذهبي للمجتمع الكامل : المجتمع بلا دولة ، بلا قانون ، بلا مال ، بلا محاكم ، بلا سجون ، و هو ما يصفه لينين في كتابه (( الدولة و الثورة )) .


و عند هيجل فإن هذا المفهوم للتاريخ له غائيته المتمثلة في (( دخول الله في العالم )) و في (( تحققه )) . و لدى ماركس و الهيغليين اليساريين فإن العملية على العكس من ذلك تبقى (( دهرية )) حتى النهاية . و كل ما كان في السابق يعني المفارقة ـ التجاوز هو من الآن فصاعدا منقول في المستقبل ، الذي يصبح بالضبط (( المطلق )) الجديد . [ المستقبل هو اللا ـ حاضر ، أي (( ما ليس كائنا بعد )) ، أي و بمعنى من المعاني ما يفارق ـ يتجاوز كل ما هو موجود حاليا ] .


و بلغة ماركس فإن هذه القيمة المطلقة للمستقبل هي كما نعلم المجتمع الشيوعي المقبل ـ (( المستقبلي )) ، حيث يتحقق أخيرا التحرر الشامل ، (( القفزة )) من (( حكم الضرورة )) إلى (( حكم الحرية )) : إنه نوع من (( تجديد )) للإنسان و للطبيعة في آن معا ، و هو نهاية كل (( التناقضات )) ، و تحقق كل الأمنيات .


غير أنه بدَنيوَته ، بعلمنته ، لفلسفة هيجل التي كانت ميتافيزقيا للروح و العقل الإلهي ، حقق ماركس شيئا ما ، لا زلنا حتى اليوم نواجه صعوبة في فهمه . لقد جعل من التاريخ أي (( من الأمر الذي يحدث ـ في الزمن )) ، بأفقيته ، قوة عليا ، و محكمة لا إستئناف أو نقض فيها . إنه يغيّر هيئة الإنسان ، و يجعل منه بشكل ما موضوعا لنوع من الدين ( (( الإنسان الكامل )) ... إلخ) إنه بعبارات أخرى ، يُقطّع ، يُجزّئ منه نتاج عمله ، و طبيعته المنجزة المنتهية ، و ذلك إنطلاقا من وجهة أو زاوية مطلقة فارضا بذلك على ما هو إنساني ، بُعدا غريبا عنه لا بل و يناقضه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ديالكتيك ماركس
فاخر فاخر ( 2017 / 8 / 3 - 06:11 )

في الطبعة الألمانية الثانية لرأس المال الجزء الأول 1873 صرخ ماركس بوجه أعدائه يؤكد

My dialectic method is not only different from the Hegelian, but is its -dir-ect opposite.

منهجي الديالكتيكي ليس فقط مختلفاً عن منهج هيجل بل هو المعاكس له تماماً

لكن أجراء البورجوازية لا يسمعون

ديالكتيك ماركس هو القانون العام للحركة في الطبيعة، إنه الفيزياء الكونية ولا علاقة له بديالكتيك هيغل


2 - الاختلاف الجوهري في مفهوم التاريخ عند ماركس وهيغل
حميد فكري ( 2017 / 8 / 4 - 00:30 )
مفهوم ماركس للتاريخ ،ليس فيه استعادة للنسق اللاهوتي ،بل على العكس من ذلك تماما ،فهو من حرر التاريخ من هذا النسق اللاهوتي ، بل ومن كل نسق ميثالي فلم يعد التاريخ ،تحيقق لارادة خارجة عنه،اكانت الاهية(كما ترى الاديان )او كانت توجيها من عقل كلي،(كما ترى الفلسفات الميثالية).بحيث
يصير التاريخ مجرد تحقق وتجلي خارجي .مع الماركسية بات التاريخ حركة داخلية ديالكتيكية ،فهو حركةتخالف مستمرة ،لا حركة تماثل ،انه نتاج تناقضات ،اختلافات والانسان فاعل اساسي فيه فهو من يصنع مصيره ،وقدره وليس شيء اخر .هذا هو الاختلاف الرءيسي بين مفهوم التاريخ عند ماركس وعند اللاهوت او الفلسفة الميثالية ،وهوالاختلاف الذي غاب عن او غيب عند السيد الكاتب .اما ماظهر له من تشابه فهو ليس الا في الشكل .

اخر الافلام

.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز


.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ




.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا


.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟




.. تصريح الرفيقين جمال براجع وعبد الله الحريف حول المهرجان الخط