الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناقضات شيخ الأزهر حول بنى إسرائيل

طلعت رضوان

2017 / 8 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لماذا تجــنــّـب شيخ الأزهر آيات تكريم بنى إسرائيل؟
ولماذا تجنــّـب تطابق القرآن مع التوراة؟
أعادتْ مجلة الأزهر نشر المقال الذى سبق أنْ كتبه شيخ الأزهر بعنوان (بنو إسرائيل فى الكتاب والسنة) فسحبنى الفضول لأعرف ماذا يقول، فإذا به يـُـركــّـزعلى كل عيوب ومخازى اليهود، وكان من بين ماكتبه بالنص ((ومن رذائل بنى إسرائيل وفسوقهم (ونعوت أخرى) ظنوا أنهم سيفلتون من المؤاخذة والعقوبة)) ثم استشهد فضيلته بالقرآن (سورة الأعراف- الآيات من163- 165) وهى الآيات التى تتكلم عن (يوم السبت) و(بما كانوا يفسقون) كما استشهد بالآيتيْن اللتيْن وصفتا أهل الكتاب بأنّ الله ((جعل منهم القردة والخنازير)) (المائدة/60) (مجلة الأزهر- مارس2017)
وبعد أنْ انتهيتُ من قراءة المقال، تساءلتُ : إذا كان فضيلته قد اختار تلك الآيات (وهذا حقه) فلماذا كان التركيزعليها؟ ولماذا تجاهل الآيات العديدة التى جاءتْ فى القرآن، وكلها تمجيد فى بنى إسرائيل؟ مثل ((يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمتُ عليكم وأنى فضلتكم على العالمين)) (البقرة/40، 47، 122) ومع ملاحظة أنّ الآيتيْن47، 122متطابقتان (ليس فى المعنى فقط وإنما فى الألفاظ بما يعنى التكرار المُـتعمّـد) فلماذا لم يتقـدّم شيخ الأزهر خطوة إلى الأمام، ويرد على الأسئلة الحائرة فى العقول الحرة : لماذا فضــّـل (الله) بنى إسرائيل (على العالمين)؟ ولماذا لم يربط شيخ الأزهر هذا التفضيل بوصف القرآن لأهل الكتاب بالقردة والخنازير؟ وأليس أهل الكتاب - كما أخبرنا المأثورالإسلامى - هم اليهود والنصارى؟ (ولفظ النصارى التراثى المقصود به أتباع الديانة المسيحية) فلماذا تجنـّـب شيخ الأزهر التعرض لتلك المفارقة فى القرآن؟
والأكثر أهمية أنّ القرآن لم يكتف بتفضيل بنى إسرائيل على العالمين، وإنما منحهم - فوق ذلك - مزايا أخرى وهو ما نصّـت عليه آية ((ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحـُـكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين)) (الجاثية/16) فلماذا تجنـّـب فضيلته ذكر تلك الآية، مع ربطها برذائل بنى إسرائيل وفسوقهم؟ كما جاء فى بداية مقاله.
وبينما فضيلته استشهد بثلاث آيات من سورة الأعراف، فإنّ المُـلفت للنظر أنّ هذه السورة (بالذات) واحدة من أهم سور القرآن التى تطابقتْ مع التوراة، فى الموقف المنحاز لبنى إسرائيل ضد (فرعون وقومه) ليس ذلك (فقط) وإنما جاء القرآن ليؤكد على ما جاء فى التوراة (من اللعنات) التى صوّبها الرب أو (ياهو) فى العهد القديم، وصوّبها (الله) فى القرآن على (آل فرعون) وهى اللعنات التى تجسّـدتْ فى مظاهر الانتقام، وهو ما نصّـتْ عليه الآيات ((ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون)) إلى أنْ يقول ((فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قومًـا مجرمين.... فانتقمنا منهم فأغرقناهم فى اليم بـأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين)) ولأنّ (فرعون وقومه) كانوا غافلين عن الآيات التى نزلتْ على (موسى) وبعد واقعة شق البحر وغرق فرعون وجنوده (من أجل سواد عيون بنى إسرائيل) كان مقابل ذلك، أو النتيجة التى عادتْ بالخير لصالح بنى إسرائيل ((وأورثنا القوم الذين كانوا يـُـستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها وتـمّـتْ كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون)) (الأعراف/ من130- 137)
كما أنّ فضيلة شيخ الأزهر تجاهل ما ورد فى آيات كثيرة (فى سور القرآن المُـتفرّقة) ذكرتْ المعانى السابقة، منها - على سبيل المثال (سورة يونس- الآيات من 88- 93) وجاء فى الآية الأخيرة ((ولقد بوّأنا بنى إسرائيل مُـبوّأ صدق ورزقناهم من الطيبات..إلخ)) وكذلك ما جاء فى سورة الشعراء- الآيات من22- 59 ومع ملاحظة أنّ الآية الأخيرة ورّثتْ مصر لبنى إسرائيل.
كذلك تجـّـنب فضيلة شيخ الأزهر التطابق التام بين ماورد فى التوراة والقرآن عن غرق (فرعون وجنوده) وشق البحر من أجل نجاة بنى إسرائيل، وهو ما نصّـتْ عليه الآيات ((فأوحينا إلى موسى أنْ اضرب بعصاك البحر فانفلق.. وأزلفنا الآخرين. وأنجينا موسى ومن معه أجمعين. ثم أغرقنا الآخرين)) (الشعراء/ من 63- 66) ومع ملاحظة أنّ هذا الوصف ورد فى آيات أخرى ومنها- على سبيل المثال آية ((وإذْ فـَـرَقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)) (البقرة/50)
والأكثر أهمية وإثارة للدهشة أنّ الآية رقم50 من سورة البقرة (خاصة آخر كلمتيْن : وأنتم تنظرون) تتطابق فى المعنى مع ما ورد فى التوراة ((الرب يـُـقاتل عنكم وأنتم تصمتون)) ليس ذلك (فقط) وإنما ((فإنه كما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون ترونهم أيضًـا إلى الأبد)) و((فدفع الرب المصريين فى وسط البحر فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذى دخل وراءهم فى البحر. فلم يبق منهم ولا واحد. وأما بنو إسرائيل فمشوا على اليابسة فى وسط البحر.. فخلــّـص الرب فى ذلك اليوم إسرائيل من يد المصريين. ونظر إسرائيل المصريين أمواتــًـا على شاطىء البحر)) (سفر الخروج :14- من12- 30) وفى القرآن (بعد غرق فرعون وقومه) جاء وصف حالة بنى إسرائيل بدلالاته العميقة ((وظللنا عليكم الغـَـمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم)) (البقرة/57)
وإذا كان شيخ الأزهر قد تجنــّـب التعرض لآيات وسور تكريم بنى إسرائيل فى القرآن، وتجــّـنب ربطها بوصفهم (قردة وخنازير) وتجــّـنب تطابق القرآن مع التوراة، فلماذا كان عنوان مقاله شاملا جامعـًـا ومُـلفتــًـا للنظر (بنو سرائيل فى القرآن والسنة)؟ وهل يختلف موقف شيخ الأزهرعن باقى الشيوخ ؟ وهل شيوخ العصرالحديث، يختلفون عن شيوخ العصورالسابقة؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س