الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكائن الذي يخاف من ظله لن يكون قادراً على أي تفكير حر إبداعي!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2017 / 8 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر



بير رستم (أحمد مصطفى)
سألني أحد الأصدقاء السؤال التالي؛ "ماموستا لما هناك بلدان حققت تطوراً تقنياً حضارياً رغم إنها لا تملك تلك الثروات الطبيعية، ماليزيا مثالاً، بينما عجزت عن تحقيق ذلك بلدان لها من الموارد الإقتصادية الكثير مثل تجربة البلدان العربية حيث الثروة النفطية ورغم ذلك نجد بأنها تعيش حالة تخلف إجتماعي حضاري".. بقناعتي إن السؤال السابق يشكل إحدى أكثر الأسئلة الإشكالية الكبرى في واقع مجتمعاتنا، بل ربما السؤال الأهم والذي يجب أن تجيب عليه النخب الفكرية العربية ومؤكد أن الإجابة عليه يحتاج إلى دراسات بحثية أكاديمية متخصصة في مجالات عدة بحيث تشمل مختلف مناحي الحياة الإجتماعية السياسية والإقتصادية والتراث والفكر عموماً وبالتالي الوقوف على قضايا التنمية والتطوير والبحث العلمي ومساعدة الدولة في تطوير هكذا برامج بحثية وصولاً لقضايا الفساد والرشوة والنظام السياسي السائد في البلد ومدى تحقيقه للعدالة الإجتماعية والحريات العامة ووقوف القيم المجتمعية كعامل إحباط أم مساعد في تطوير هكذا برامج ومعه المجتمع والنظام السياسي.

وهكذا فإن الإجابة الوافية سوف تحتاج ربما لملفات ومراكز بحثية متخصصة بمختلف الجوانب السابقة؛ كون تطوير ومسيرة مجتمع تشبه حركة آلة ميكانيكية ضخمة يمكن أن يسبب توقفها أي عطل في جزء من هذه الماكينة العملاقة، لكن وبنفس الوقت يمكننا التأكيد؛ بأن كل تلك المشاريع والأفكار والبرامج يمكن أن تلخص في أحد الأسباب أو السبب، بل الهدف الجوهري لعملية الحداثة وتطوير المجتمع .. ونقصد به وجود الكائن الإنساني حيث وبالأخير هو السبب ويجب أن يكون هو الهدف الأهم لأي نظام سياسي وإلا فلا تطوير ولا تحديث، كون دون تحقيق حرية وكرامة الفرد المواطن لا يمكن بناء بلدان وأوطان حضارية وبمعنى أدق؛ إن لم نجعل من الإنسان القيمة العليا لأي مشروع سياسي، فإنه سيبقى كائناً خائفاً جباناً يحسب تبعات كل خطوة بحيث يبقى عبداً وأسيراً للشعارات والرموز والبرامج السياسية وذلك بدل أن يكون كائناً حراً مبدعاً خلاقاً منتجاً ومطوراً لقيم مجتمعه المادية والروحية!!

إذاً؛ فإن الكائن الإنساني هو الأساس في تطوير وتحديث أي مجتمع ونظام سياسي حيث وبدون وجود ذاك الكائن الحر؛ الحر من تبعية القيم المجتمعية التقليدية وقيم التراث والدين والتابوات التي تكون في الغالب معطلاً للقوى الإبداعية الخلاقة للإنسان حيث التواكل والإستسلام لمشيئة خارجة عن الكون ومتعالية عليه وكذلك الحرية وعدم الخوف من القيم الوضعية والقوانين والنظم التشريعية والسياسية، ليس بالمعنى السلبي الجنائي وإنما بمعانيه الإيجابية وعدم الجبن أمام نص جزائي وجبن أمني لدولة بوليسية تجعل من مواطنه "بساً" رعديداً وهو "يمشي الحيط للحيط"، فهذا الكائن الذي يخاف من ظله لن يكون قادراً على أي تفكير حر إبداعي؛ كونه سيكون محكوماً دائماً بفكرة العقاب والثواب في ظل قوانين (سماوية وأرضية) تجعله يحسب ألف حساب لكل خطوة سوف يقدم عليه في حين أن العلم الحديث والقديم يتطلب التجربة.. والتجربة تعني "الأخطاء والفشل" في عرفنا وقيّمنا، بينما تعني لدى الآخرين؛ الإقلال من عدد التجارب القادمة والإقتراب من تحقيق النجاح.

والآن هل عرفنا سبب فشلنا في حين أن الآخرين يحققون النجاحات والإنجازات وكمثال فإننا سنعود للتجربة الماليزية ونقول: بأن رئيس حكومتها وباني نهضتها الحديثة "مهاتير محمد" وفِي الخمسينيات من القرن الماضي زار سوريا وقال جملته الشهيرة؛ "متى سيكون بمقدور الإنسان الماليزي أن يعيش بمستوى الإنسان السوري"، لكن وبعد أقل من نصف قرن حققت ماليزيا تطوراً حضارياً أذهلت العالم وبات مستوى المعيشة في ماليزيا في مصافي الدول المتقدمة، بينما تراجع مستوى الحياة في سوريا لتكون واحدة من الدول الفقيرة البائسة وذلك بعد هيمنة طغمة عسكرية بعقلية ريفية طاغية ألغت الحريات وكرامة الإنسان لصالح شعارات قوموية بائسة بحيث أصبحت الغاية هي تلك الشعارات وليس الإنسان نفسه .. وهكذا وجدنا بأن الإنسان السوري أصبح يعمل جاهداً لكي يكون كائناً مرضياً طائعاً خانعاً لسلطة بوليسية أمنية، بينما الماليزي يقدم لمجتمعه كل طاقته وإبداعه ونتاجه الإنساني في مختلف مجالات الحياة بحيث وصل الأمر وقبل أيام؛ بأن تصدر محكمة ماليزيا إلغاء "حكم الردة" في الإسلام وهي سابقة لدولة إسلامية في هذا الجانب الخطر والإشكالي، لكن وبنفس الوقت مؤشر على مدى تحرر المجتمع من هيمنة السلطة؛ أي سلطة!!

وبالتالي ولكي ننهض بمجتمعاتنا من مستنقعات الجمود العقائدي والتخلف الإجتماعي والسياسي والعمل على تطويره وتحديثه، فعلى تلك الحكومات المحلية أن تهتم بالكائن الفرد -الإنسان- حيث هو النقطة الجوهرية التي يجب أن تتلاقى عنده كل البرامج والأهداف والغايات وإلا فإننا سوف نشاهد كائناً مشوهاً بائساً وبالتالي مجتمعاً معطلاً متخلفاً قرووسطياً تستشري فيه النفاق والفساد والتسلط والجبن وكل القيم المعطلة لأي إبداع وتطوير وتحديث وسوف يسود الواقع فئة متجبرة مستكبرة تصادر المجتمع تحت شعارات ثوروية كبيرة، بينما غالبية الأفراد والمجتمع تعيش في حالة الجبن والخنوع والبسبسة والهرهرة والقطقطة -من البس والهر والقط- وإن هكذا مجتمع لن ينتج وفِي أحسن الأحوال إلا فئران وجرذان ليعتاشوا عليها وللأسف!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يعيشون على حساب فقر الناس.
خليل احمد ابراهيم ( 2017 / 8 / 3 - 21:09 )
أبدعت سيد رستم،اتعلم لماذا لا يطورون الزراعة والصناعة ووسائل الترفيه والمناطق السياحية،بكل بساطة عندما تتوفر هذه الإمكانيات الناس لن تذهب إلى الجوامع ولم تستمع الى فتاويهم التكفيرية وبالتالي لن يكونوا تابعين ما دام يأتيهم أسباب معيشتهم من عملهم وايضٱ-;- ترتقي مستواهم العلمي والعملي وهذا ما لا يريده حكام بلداننا.


2 - أه لو رفعوا وصايتهم عنا
حمزه ابو حمزه ( 2017 / 8 / 5 - 05:21 )
وتركوا لنا العنان نفكر بصوت مسموع ساعتها وساعتها فقط سندق اول مسمار فى نعش تخلفنا ،،،،موفق سيد ،،سيد رستم

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم