الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيشعل ترمب حرباً نووية ؟ 1-3

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2017 / 8 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


مقدمة
في توطئته للطبعة الألمانية الثانية لمؤلفه الموسوم : " الثامن عشر من برومير للويس نابليون" (1852) ، يوضح كارل ماركس أن الهدف من "رسالته تلك" كان هو : " إظهار كيف أن الصراع الطبقي في فرنسا قد ولّد الظروف و العلاقات التي جعلت من الممكن لشخصية عادية غير متزنة أن تلعب دور البطل" . و المقصود بهذه الشخصية هو "لويس نابليون الثالث" (1808-1873) ، و هو أول رئيس للجمهورية الفرنسية (1848-1851) . و في نفس ذلك الكتاب ، يورد ماركس – و هو يقتبس من نص رسالة مؤرخة في الثالث من كانون الأول لعام 1851 سبق و أن وردت إليه من رفيق عمره "فريدريك أنجلز" - واحدة من عباراته الأشهر :
" يُلاحظُ هيجل ، في مكان ما ، أن كل الحقائق التاريخية-العالمية و الشخصيات تَظهَر ، إذا جاز التعبير ، مرتين . و لكنه نَسيَ أن يضيف : في المرة الأولى كمأساة ، و في المرة الثانية كمهزلة (أو مهزأة) . "

المقارنة المعقودة هنا من طرف إنجلز و ماركس كانت هي بين "مأساة" انقلاب الثامن عشر من برومير (الموافق للتاسع من شهر تشرين الثاني عام 1799) لنابليون بونابرت الذي تسنم به منصب القنصل الأول لفرنسا ابتداءً ، و من ثم منصب الإمبراطور بعد ذلك بخمس سنين ؛ و بين "مهزلة" الانقلاب المشابه لابن أخيه لويس بونابرت في الثاني من شهر كانون الأول من عام 1851 ، ليصبح بعدها "الإمبراطور نابليون الثالث" لفرنسا ، فيتفادى بذلك خسارة كرسيه الرئاسي عند انتهاء سنته الرابعة لأن الدستور الفرنسي لم يكن في حينها يجيز له الترشيح مرة ثانية لمنصب الرئاسة .

في هذه الورقة ، سأحاول تقصي مدى انطباق المقولتين الماركسيتين أعلاه على رئيسي الولايات المتحدة الأمريكية ، كل من : جون كندي (1961-63) كممثل للمأساة السياسية الأمريكية ، و دونالد ترمب (2017- ) كممثل لمهزلتها . ثم أعرّج على ذكر مبررات الملاحظة بأن شكل نظام العلاقات للإمبريالية الدولية الحالي و الدرك الأسفل الذي تدنى اليه البيت الأبيض الأمريكي في عهد ترمب - الذي أصبح أضحوكة العالم بأكاذيبه و تقلباته و تدني ثقافته و فضاضته - يمكن أن يولد القناعة لديه بكون الفرصة الوحيدة المتبقية أمامه للبقاء في منصبه و الفوز بفترة رئاسية ثانية تكمن بقيامه بشن "الحرب الخاطفة" على كوريا الشمالية أو غيرها من بلدان العالم الثالث ، مثلما فعل كندي في إنزال خليج الخنازير ، و في شنه للحرب المهلكة في الفيتنام و لاوس ؛ و مثلما فعل بوش الإبن باحتلاله العسكري الكارثي لأفغانستان و العراق .

نظرة عامة
يمكن اعتبار كل من كندي و ترمب أقوى ممثلين لزواج المصالح الطبقية القائم بين رأس المال و القيادة السياسة في الولايات المتحدة الامريكية ، فكلاهما ينحدر من عائلة رأسمالية-عقارية ذات أصول أوربية ، و كلاهما مدين كلياً لثروة العائلة في وصوله للبيت الأبيض ؛ كندي كأصغر الرؤساء سناً (43) ، و ترمب كأكبرهم سناً (71 سنة) . سياسياً ، يتشابه الرئيسان في اعتماد سياسة أن (مصالح أمريكا وفق تصوري هي فوق الجميع) و ما تقتضيه من زيادة معدلات الصرف الحكومي على العجز في الميزانية ، و تصعيد سباق التسلح العالمي ، و تخفيض الضرائب على المدخولات العالية و خصوصاً شركات صناعة الأسلحة و النفط و الأدوية ، و تخريب الاتحادات العمالية المحلية ، و فرض الشروط التمييزية على قبول المهاجرين لأمريكا من الخارج ، و الحماية الجمركية ، و فرض العقوبات الاقتصادية على دول العالم الكبيرة و الصغيرة غير الدائرة في الفلك الأمريكي ، و الاحتكاك مع الاتحاد السوفيتي سابقاً و روسيا حالياً ، و حماية حكم و مصالح دول الخليج النفطية و اسرائيل (كندي هو المسؤول عن بدء الاستعدادات في مفاعل ديمونا لامتلاك اسرائيل اللاحق لترسانتها النووية و بمعدل انتاج قنبلتين نوويتين سنوياً اعتباراً من عام 1967). و من المعلوم أن كندي كان أيضاً هو المسؤول شخصياً عن اصدار الأوامر لشن العدوان المسلح لمرتزقة السي آي أي على كوبا و المحاولات الفاشلة لاغتيال كاسترو و الناجحة – بالتعاون مع المخابرات دول أوربا الغربية الاستعمارية - في اغتيال لومومبا في الكونغو و تروخيلو في جمهورية الدومنيكان و نغو دنغ ديم و شقيقه في فيتنام الجنوبية و عبد الكريم قاسم في العراق . و هو المسؤول عن التورط العسكري الأمريكي المباشر في حرب الفيتنام و لاوس ، علاوة على إصداره الأوامر بشن الحرب الكيمياوية على الفيتنام بالضد من معاهدات جنيف لعام 1954 المحرِّمة للأسلحة الكيمياوية و التي سبق و أن صادقت عليها الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث استخدم مائتي ألف غالون من العوامل الكيماوية لإبادة الغطاء النباتي في حوض نهر الميكونغ برمته عامي 1962-3 ؛ مثلما يحضِّر ترمب الآن للتورط في الحرب المهلكة بشبه الجزيرة الكورية و غيرها من مناطق التوتر في العالم الثالث (سوريا ، أفغانستان ، اليمن ، ليبيا ، إيران ، الصومال ، إلخ). و لحد الآن ، فقد حرص ترمب كذلك على إخراج الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس للمناخ خدمة لمصالح الشركات الصناعية و الاستخراجية الأمريكية العملاقة الملوثة للبيئة داخل و خارج أمريكا على نحو يهدد كل الحياة على سطح الكرة الأرضية ، و أصدر قراره ببناء الجدار الفاصل عن المكسيك ، و أعاد فرض الحصار البحري على كوبا ، و أخرج أمريكا من معاهدة الشراكة عبر المحيط الهادي (TPP) ، و ضرب قاعدة حميميم الجوية السورية بصواريخ التوماهوك ، و أنزل القوات الخاصة الأمريكية في شرق سوريا ، علاوة على تصعيده الوجود العسكري في أفغانستان و بحر الصين و اليابان و الفلبين ، و البقية تأتي ..
على صعيد العادات و الصفات الشخصية ، يشترك كندي و ترمب باهتمامهما الشديد و المستدام في ترويج الكارزما الرئاسية المشفوعة بمظاهر الوسامة و الأناقة ، و بالطريقة المميزة في تصفيف شعريهما و تجميل وجهيهما ، و بتناولهما لأنواع الأدوية المنشطة كالهرمونات و الستيرويدات و الانزيمات و خلاصة الأعضاء الحيوانية و الأمفيتامينات و الفيتامينات . كما و يشتركان بانشغالهما المحموم في جذب الأضواء إليهما و لأفراد عائلتيهما عبر أذرعهما الدعائية ، و بعلاقاتهما الجنسية التي لا تحصى خارج رباط الزواج (كندي هو المسؤول عن جريمة اغتيال عشيقته التي رفضت هجره لها و هددته بكشف المستور : مارلين مونرو) ، و بتحويلهما البيت الأبيض إلى مستعمرة عائلية ، و بسعيهما للفوز بولاية رئاسية ثانية مهما كلف الأمر (كان قرار كندي بالتورط العسكري المباشر في حرب الفيتنام بإرساله (12000) جندي أمريكي إليها خلال عام 1962 مدفوعاً – من بين أسباب أخرى – بإصراره المحموم على تحقيق الانتصار العسكري "الكاسح" هناك و بما يفضي إلى ارتفاع معدلات التأييد الشعبي له ، فيؤهله ذلك للفوز بولاية ثانية بيسر). و يختلف كندي عن ترمب بكونه أقل كذباً على المكشوف منه ، و أعلى ذكاءً و توازناً عقلياً و سلوكياً و ادارياً ، و بالتالي أكثر احتراماً . و باختصار ، فإن كلاهما يمثل النموذج الجيمسبوندي للرئيس الأمريكي الإمبريالي المستعد لاقتراف أبشع الجرائم حول العالم لخدمة مصالحه الشخصية و مصالح طبقته .

يتبع ، لطفاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المنهج العلمي والموضوعي
فاخر فاخر ( 2017 / 8 / 4 - 04:34 )
أنا أقدر عالياً منهج الرفيق حسين علوان حسين العلمي والموضوعي لكنه للأسف يفض منهجه حين ينكر أن جزرج بوش الإبن هو من حرر الشعب العراقي من عصابة التكارتة وزعيمها الدموي صدام وهو هو من حرر شعب أفغتنستان من طالبان الغائرة في التقاليد الرجعية المتخلفة
لن يستطيع حسين علوان انكار أنه بدون الإحتلال الأمريكي سيتمكن الشعب العراقي أن ينتخب نوابه في البرلمان فينتخب الشيعي الشيعي وينتخب السنس السني وينتخب الشيوعي الشيوعي بكل شفافية

وبعيداً عن هذا -
ما رأي الماركسي بدعوة النمري في ايلاف بعقد مؤتمر لثقات الماركسيين يبحث في طبيعة النظام الدولي القائم الآن في العالم خاصة وأنه بدون الكشف عن حقيقة هذا النظام ستكون برامج مختلف الأحزاب الشيوعية فرط الكلام
تحياتي


2 - احتلال العراق = 100 قنبلة هيروشيما
حسين علوان حسين ( 2017 / 8 / 5 - 10:50 )
الأستاذ الفاضل السيد فاخر فاخر المحترم
لقد كان الاحتلال الامريكي للعراق من أراضي السعودية الكويت و قطر و اسرائيل أكبر جريمة جبانة شهدها التاريخ لحد الآن اقترفتها آلة الحرب الجهنمية للامبريالية الأمريكية و أذنابها ضد الشعب العربي الأعزل كله ، استشهد فيها ثلاثين مليوناً منهم خلال خمسة عشر سنة متواصلة و شرد فيها خمسون مليوناً ، و الحبل على الجرار . هذه الأرقام تسطع بحقيقة النظام الإمبريالي أحادي القطب السائد الآن ، بلا مؤتمرات و لا اجتماعات .
تحياتي للأستاذ الفاضل فؤاد النمري المحترم .


3 - ملاحظتكم صحيحة ، و لكن إلى حد ما
حسين علوان حسين ( 2017 / 8 / 5 - 13:17 )
الأستاذ الفاضل السيد جيفارا ماركس المحترم
ن - 1 - على الفيسبك
ملاحظتكم صحيحة ، لغاية صعود الخبل ترمب ، و ورقتي ستوضح لماذا .
الخلاصة هي أن هذا الترمب مهدد بالطرد من البيت الأبيض قبل انتهاء فترة رئاسته لكونه لا يصلح حتى عربجي ؛ و فرصته الوحيدة للتشبث بالكرسي هي إحراز انتصار عسكري كاسح على بلد صغير ضعيف ، مثل احتلال بش للعراق عام 2003 الذي مكنه من الفوز بولاية ثانية ، في حين أنه خسر في الاقتراع العددي في رئاسته الأولى لصالح منافسه أل غور الذي كسب الإقتراع الشعبي بالعدد الاجمالي للاصوات و خسر في إقتراع الكلية الانتخابية المعول عليه . طيب ، على أي بلد يمكن لهذا الخبل أن يشن العدوان ؟ أقوى الترشيحات لحد الآن هي كوريا الشمالية ؛ و كذلك إيران و سوريا و العراق و ليبيا و الصومال و اليمن في الشرق ؛ و فنزويلا في أمريكا الجنوبية.. إلخ .
هذه الحرب قادمة حسب تصوري ، و ستسخدم فيها أمريكا أسلحة نووية تكتيكية مثلما استخدمتها في العراق (معركة مطار بغداد) و مثلما استخدمتها اسرائيل في جنين . مع كوريا ، و هي أقوى الأهداف المرشحة ، يمكن أن تتحول إلى حرب نووية عالمية .
مع التقدير .


4 - الحقائق تقول عكس ما تقول
فاخر فاخر ( 2017 / 8 / 5 - 16:44 )
يوم احتلال بغداد 9 نيسان قرر مجلس الحكم الذي ضم قادة كل الأحزاب العراقية ومنها الحزب الشيوعي اعتبار التاسع من نيسان عيداُ وطنياً
وما زلت أذكر يوم ذاك وأبو (؟) يصفع وجه صدام بالصرماية
في تقرير للسي آي ايه للكونجرس يؤكد أن عدد ىالقتلى في الحرب على العراق هو 125 ألفا وأنت تعلم أن السي آي ايه لا تستطيع أن تكذب على الكونجرس وقال التقرير أن حوالي 80 ألفاً قتلهم الارهابيون و 20 ألفاً قتلهم الامريكان من الارهابيين و 5 آلاف خساء الجيوش الأميركية

الرد أهلاه لم يكتبه الدكتور حسين علوان المعروف بالفطنة والذكاء فكيف يستشهد من العراقيين ثلاثون مليونا وكل تعدادهم 22 مليونا ويتشرد خمسون مليونا

ثم قبل بضعة أشهر أوشكت بغداد أن تسقط بيد داعش مما اضطر الحكومة العراقية أن تستنجد بالقوات الأميركية لحمايتها من داعش

طالما أن الامبريالية قد انهارت كما كان ستالين قد تنبأ بانهيارها في وقت قريب في العام 1952 فسوف يتغلب الرفيق المناضل الشيوعي حسين علوان حسين في أن يخطب خطاباً علمياً واعياً ضد الولايات المتحدة

ولك أن تعلم أن الشيوعيين في أميركا خاضوا معارك كبيرة لنجاح باراك أوباما في الفترتين


5 - هذه الاحصائية مزورة للاستهلاك المحلي
حسين علوان حسين ( 2017 / 8 / 6 - 23:18 )
الأستاذ الفاضل فاخر المحترم ، ت 4
تحية حارة
كنت قد ارسلت رداً قبل يوم و لا أعرف لمَ لمْ يظهر .
وفقا للإحصائية الميدانية لمنظمة
(ORB)
البريطانية المستقلة ، أستشهد جراء الاحتلال الامريكي للعراق 1.2 مليون عراقي من بدء الغزو الأمريكي عام 2003 و لغاية أب 2007 ، أي بمعدل ثلثمائة ألف شهيد سنوياً ، و هذا المعدل مستمر لحد الآن ؛ أي أن عدد الكلي للشهداء لا يقل عن أربعة ملايين شخص ، و ستة ملايين جريح ، و ثمانية ملايين مهاجر ؛ منهم حوالي المليون و النصف من الموصل فقط . أضف إليهم الشهداء و المصابين و المهجرين في سوريا و اليمن و ليبيا - الذين ما كانوا ليحصل لهم ما حصل لولا احتلال العراق - و ستجد أن أرقامي في ت 2 متواضعة . الإحصائية الرسمية الأمريكية التي أشرتم أليها مزورة تماماً لكونها لا تذكر عدد المهاجرين إلى أمريكا ممن اشتركوا في الحرب للحصول على الجنسية الأمريكية و فطسوا دون ذلك ؛ و لا تذكر عدد قتلى مرتزقة شركات الحماية الأمريكية و البريطانية و عددهم فاق المائة ألف اشتركوا في أعنف المعارك في بغداد و اليصرة و الفلوجة و الناصربة و النجف و ديالى وتكريت و الموصل طوال ثمان سنين .
مع التقدير ,

اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي