الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما تقوله الذات للذات في المساء

هيثم ناجي الصنوي

2017 / 8 / 4
الادب والفن


(ما تقولهُ الذاتُ للذاتِ في المساء)

هيثم ناجي

 الأمسية الأولى:
في الليل فقط أستنجد النهار، الظلام يكبت شجني للحلم؛ فأمزق أوراقي المبعثرة حولي، وأبعثر قصاصات كتاباتي في المجهول..
أبحث عن مساءٍ يليق بي، أرفض الصمت والبكاء وظلاماً يراه الجميع، أين أنا بين هذه الجموع التي لا تغفر لي؛ إذا فكرت أو منحت الكلمات حقها من الحرية...
السكون جمود، والعقل كالجلمود لا يكف عن التفكير لضعضعة ۱ المساء، والخفر ۲ وراء جدران الكبت؛ للاحتماء بترهاتٍ كتبتها ومزقتها.
قالت لي أمي يوماً، وهي تكابد التعب:
إن الإنسان بحرٌ والليل يمحو زرقته، وإن النهار كالوسادة يتكئ عليها من يسهر باحثاً عن وميض.
كان المساء قد أزف ۳ ، ولكن طماه ٤ يملأ الطريق إلى الحقيقة.

  أمسية على الشاطئ:
كان البحر ملاذي قبل ألف عام، حين كان الليل يحيك من خيوط القمر قصة عشقٍ مع هدير الأمواج، التي تعود إلى التيه من جديد، أما الآن فقد صار البحر متاهتي وأنا قبطان شاردُ لا يستسيغ قراءة الطرق، ولا حتى الإبحار في المجهول!
أجلس القرفصاء في الشاطئ، أنظر نحو البحر، أضواء المدينة تنظر إلى الماء نيكرسوس٥ ، مبانيها زاهية مثل ماضيها.
إن القصائد تستطيع محاكاة هذا الليل، ليتني كنتُ شاعراً أو قصيدة ً أو حكاء ً يحكي حكايات المدائن، حيث الموج هو بيت القصيد وموسيقى التائهين.

 أمسية تائه:
أنا حلم، شارد بين خمرة الأمس واليوم.
إن الشراب ولوج في المثالية، إبحار في بحر من رمال بقاربٍ من خشب، لن نصل به إلا إلى شاطئ اليقظة وفهمٍ للواقع كقراءةٍ نصٍ كتب على عجلٍ.
أحاول الخروج إلى الضوء، أترنح ممسكاً بيدي جدار الغرفة، أبحث عن طريقٍ إلى النهار.. لا شيء يرشدني، رفاق الشراب تائهون، يبحثون عن سعادةٍ من عدم.
شراب أحمر يمكنه أن يمنح قليلاً من الفرح ولكنه لا يغير اللون الأسود إلى أبيض.
ساعدني أيها الليل وانقضِ، اترك مكانك للضوء ليستيقظ أبناء الفقراء، لنملأ النهار بالعمل والضوضاء، يكفي أريد للسواعد أن تقضي حياتها بصنع النهار.. انقضِ أيها الليل.. أنا ابن الضوء!

 الأمسية الأخيرة:
جلست على ركبتيّ، أنظر من نافذة الليل نحو المدينة، أبحث فيها عن وميض يرشدني صوب الحقيقة؛ فالليالي التي مضت، محاها الزمان والعقل، وما ظننته صواباً وجدته بعد إدراكٍ وهماً لا يمكن أن يتجسد.
كنت أتسلق برجاً عاجياً، أحاول الوصول إلى قمة الطوباوية؛ لأتلذذ بأوهامي التي خلقها الجهل، وضيق الأفق.
ولكن هذا المساء جديد، سأمحو فيه الوهم، لا طوباوية بعد هذا الليل، ولا أبراج عاجية، أنا ابن من حولي، سأبكي لبكائهم، وأفرح لأفراحهم.
إن المدينة تشبه كل الليالي التي مضت، وأنا أشبه المدينة.
___________________________
هامش: ( المرجع: معجم الوجيز)
۱ ضعضعة: هي، الإخضاع والتذليل.
۲ الخفر: بمعنى أجاره أو أخفاه.
۳ أزف: بمعنى عجل.
٤ الطمى: وهو، الطين يحمله السيل ويستقر على الأرض رطباً أو يابساً.( الطين بعد مرور السيل بما يحمله من حجارة وغيره).
٥ نبكرسوس (النرجسية) : وهي، عشق المرء لذاته، والمصطلح يرجع إلى أسطورة "نيكرسوس" اليونانية، الذي أعجب بذاته عجباً بعد أن لمح وجهه على الماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا