الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقفنا من قضية ( زنا المحارم )

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2017 / 8 / 5
العلاقات الجنسية والاسرية


عقيدتنا ( عقيدة الحياة المعاصرة ) عقيدة اجتماعية تنتهج النهج العلمي والتوجّه العلماني .. وهذا ما جعلها لا تتوافق مع العقائد الدينية ، تدور النظرية الاجتماعية لعقيدتنا حول ثلاثة محاور ( الانسان ، الاسرة ، المجتمع ) وترتكز النظرية الاخلاقية للعقيدة على ثلاثة ركائز اساسية وهي ( الحق ، الخير ، التضامن الانساني ) ، نحن نرى بان صلاح الانسان من صلاح النظام الاسري والنظام الاجتماعي ، وان صلاح النظام الاجتماعي لن يتحقق الا من خلال ارتكازه على الركائز الاخلاقية الثلاثة ( الحق ، الخير ، التضامن ) ، منذ 1400 سنة ومجتمعاتنا تعاني من توقف قدرتها على اصلاح ذاتها نتيجة هيمنة وتسلط الشريعة والتعاليم الدينية الاسلامية على النظام الاجتماعي ، وقد فشلت هذه الشريعة في الحد من الشرور في المجتمع واقامة مجتمع العدالة والكرامة ، وسبب فشلها انها اعتمدت تشريعات اجتماعية غير واقعية وغير قابلة للتطور مع تطور المجتمع وتطور اساليب المعاملات بين البشر ، وقد وصلت الينا تلك الشريعة بعد تلك القرون الطويلة وهي عاجزة بشكل تام عن تلبية متطلبات العصر الذي نحيا فيه .. وان بقائها متحكمة بنظامنا الاجتماعي رغم حالة العجز التي هي فيها سيؤدي الى استمرار الفشل في نظامنا الاسري ونظامنا الاجتماعي جيلا بعد جيل ، ونتيجة هذا الفشل واضحة حاليا لكل مراقب .. حيث شبابنا يعانون الضياع والاحباط .. وأسرنا تعاني الفشل والتفكك .. ومجتمعاتنا تعاني التمزق والتخبط ، في هذا المقال نبحث في قضية مهمة من القضايا الاجتماعية التي تعاني منها مجتمعاتنا .. الا وهي قضية زنا المحارم ، في الحقيقة ان قضية زنا المحارم رافقت البشرية منذ القدم ومرت بمراحل ، بدءا من مرحلة القبول في عصور ما قبل التاريخ ، ثم مرحلة التجنب مطلع التاريخ ، ثم مرحلة التحريم مطلع الاديان ، ورغم التحريم الديني فان المجتمعات البشرية على مدى تاريخ الاديان وحتى في العصر الحالي لا تخلو من وقوع حالات زنا المحارم والتي تختلف من حيث الكم والنوع من مجتمع لآخر ، وقبل ان نعرض موقفنا من قضية زنا المحارم يكون من المستحسن التعرف على الموقف الديني الاسلامي من هذه المشكلة الاجتماعية .
الشريعة الاسلامية تعرّف الزنا بشكل عام بانه اي ممارسة جنسية تقع خارج اطار دائرة الزواج ، هذه الممارسة تعتبر غير شرعية ومحرمة دينيا ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) بغض النظر عن كون الممارسة قد حدثت برغبة الطرفين او برغبة طرف واحد فقط ( اغتصاب ) اذ ان الممارسة في كلا الحالتين توصف بانها ( زنا ) ، وإذا كان الزنا محرماً بين عموم الناس فإن حرمته أشد إذا وقع على المحارم ، والمحارم هم الاقرباء المقربون الذين حرم الزواج منهم حسب الشريعة ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) وان سبب التحريم الديني لزنا المحارم لكونه يؤدي الى هتك العرض لذوي القربى وهذا يعتبر فاحشة ورذيلة ، والى فساد الاخلاق ، بالاضافة الى انه يؤدي الى اختلاط الانساب ، ويعرض الفكر الاسلامي فكرة ان النفور من ممارسة الجنس مع ذوي القربى انما هو يتوافق مع الفطرة الطبيعية لدى البشر الاسوياء ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) وان من يرتكب زنا المحارم يكون خارج عن الفطرة الطبيعية ومصاب بالشذوذ ويعاقب بالجلد او بالموت رجما لردع الاخرين عن ارتكاب مثل هذا الفعل ... هذه هي رؤية الشريعة الاسلامية لقضية زنا المحارم وكيفية التعامل معها ، ونحن نرى في اسلوب العقاب لمرتكبي هذا الفعل اسلوبا تعسفيا ، لا انسانيا ، قائما على اسلوب الارهاب ، وهذا الاسلوب لا يبني مجتمعات صالحة ، فاذا كان البشر الاسوياء هم من مخلوقات الله فان المصابون بالشذوذ هم ايضا من مخلوقاته .. وهؤلاء بحاجة الى علاج وليس الى عقاب ، وان من المؤسف ان يتم التعامل مع مرتكبي هذه الافعال باسلوب ( وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) ورغم اساليب الردع اللاانسانية هذه فان حوادث زنا المحارم ما تزال موجودة في مجتمعاتنا المسلمة ، حيث القليل منها معلن والكثير منها غير معلن ، وهذا دليل على فشل الفكر الديني في معالجة هذه المشكلة الاجتماعية ، كما هو حاله مع مشكلة اجتماعية اخرى لها صلة بموضوع الممارسات الجنسية غير الشرعية والتي هي قضية ( الاغتصاب ) ، حيث لم نجد في القران اي اشارة الى قضية الاغتصاب ، وهذا ما جعل حكم الاغتصاب مشابه لحكم الزنا دينيا ، فاذا علمنا بان الضحية في حوادث الاغتصاب ، وهي المرأة عادة ، يتوجب عليها ان تقدم اربعة شهود لاثبات وقوع الاعتداء الجنسي عليها .. وهو مطلب غير قابل للتحقيق ، بالتالي فان المرأة في هكذا حوادث في حالة الكشف عنها ستجد نفسها في موقع الشريك في واقعة زنا وليس الضحية البريئة في واقعة اعتداء ، ويقع عليها نفس العقاب البدني ( جلد او رجم ) ظلما وعدوانا ، وقبل ان نختتم هذا الجزء من مقالنا نود ان نلفت الانتباه الى التصور الخاطيء لدى دعاة الفكر الاسلامي في توجيههم الاتهام الى الملحدين بانهم لن يتورعوا عن ارتكاب خطيئة ( زنا المحارم ) من خلال سؤالهم السخيف الذي اصبح معروفا للجميع ( ما الذي يمنعك ان تنكح أمك ، اختك ، ابنتك ؟ ) معتقدين بان كل من لا يؤمن بالعقيدة الدينية يكون فاقدا للوازع الاخلاقي الذي يردعه عن مثل هذه الممارسات اللااخلاقية ، وهو اتهام باطل واسلوب رخيص ومبتذل للدعاية الدينية ، فالمفاهيم الاخلاقية هي مفاهيم انسانية وليست مفاهيم دينية ، والدين ليس الممثل الحصري الوحيد للقيم الاخلاقية لكي يتهم الملحد بانه عديم الاخلاق ، في الجزء القادم سنعرض موقف عقيدتنا من قضية زنا المحارم .
يتبع الجزء الثاني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إمام مسجد يغتصب ابنته اخيه.
خليل احمد ابراهيم ( 2017 / 8 / 5 - 16:29 )
قبل فترة اغتصب امام جامع بنت أخيه وقد جرى متابعته والطفلة البالغة ١-;-٢-;-عامٱ-;- بعد شكوك الأم عندما رأت ابنتها غير طبيعية وهي تدرس القرآن على يد عمها واستغلها والبنت لم تتجرأ أن تخبر أهلها والمئات من هذه الحالات تحدث دون أن تكشف أو تعلن عنها.
خلاصة القول ليس لها علاقة بالإيمان بل لها علاقة بالأخلاق. علمٱ-;- الرجل متزوج وله أربعة أطفال يعني مسيطر عليه غريزته الحيوانية..


2 - رد على تعليق
رياض العصري ( 2017 / 8 / 6 - 16:33 )
شكرا اخ خليل على المداخلة المهمة ... نحن نرى بان الدين لا دور له في تقويم سلوك البشر حيث مارس فرض تعاليمه بالقوة او بالارهاب ... والمجتمعات لا تصلح احوالها باساليب العنف والارهاب .. الاسلوب الصحيح لتقويم سلوك المنحرف هو معالجة الشخص المنحرف وليس تعذيبه بالجلد او بالرجم بالحجارة ... وهذا سبب فشل الدين في اصلاح الشعوب ... مع تحياتي

اخر الافلام

.. نادية محمد


.. نازحات سودانيات: قرار الإخلاء يحتاج إلى توفير البديل الآمن




.. تهاني السيد سليمان نازحة من ولاية الجزيرة


.. فاطمة عثمان عبد القادر




.. صباح العربية | هل الرجل الخشن أكثر جاذبية؟.. حقيقة الافتراضا