الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أليس التعليم المدنى أرقى من التعليم الدينى ؟

طلعت رضوان

2017 / 8 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أليس التعليم المدنى أرقى من التعليم الدينى؟
طلعت رضوان
لماذا تخلــّـف التعليم بعد يوليو1952؟
وهل تعليم الدين مسئولية الدولة؟ أم الأسرة؟
من خلال قراءاتى فى علم الأنثروبولوجيا والكتب التى أرّختْ للحياة الاجتماعية لبعض الشعوب، وكذلك كتب علم الاجتماع وقراءتى للواقع الثقافى فى مصر، توصلتُ لنتيجة (أعتقد بصحتها) وهى أنّ (الدين) شىء (ذاتى) أما (الموضوع) فهو(الوطن) الذى يضم جميع أبنائه فى أعطافه، وبالتالى فإنّ الانتماء للوطن يجب أنْ يسبق الانتماء للدين، كما رأى أ. خالد محمد خالد فكتب ((وُجد الوطن فى التاريخ قبل الدين، وكل ولاء للدين لا يسبقه ولاء للوطن فهو ولاء زائف)) (روزاليوسف30/10/1951) كما أعتقد أنّ تدريس الدين يجب أنْ يكون مسئولية الأسرة وليست مسئولية الدولة، وهو الموضوع الذى كتب فيه الليبراليون (قبل يوليو1952) أمثال محمود عزمى ((إنّ التعليم الذى يُـصرف عليه من خزينة الدولة يجب أنْ يكون غير خاضع لغير اعتبار القومية، وليس له نزعة دينية خاصة)) (مجلة الجديد 15/2/1925) وكتب عبدالقادر حمزة ((كيف أصبحنا آلات جامدة لا تكاد تتحرك إلاّ بالدين وللدين..إلخ)) (مجلة المقتطف- مارس1904) وكتب عبدالحميد الحديدى ((ليس من مصلحة الدين حشره فى كل شىء، وتعريضه لأنْ يتصادم من وقت لآخر مع الأنظمة والأحوال العادية فى حياة الأمة)) (السفور28يوليو1916) وكتب لويس عوض أنه عندما كان فى مدرسة المنيا الثانوية، لم تكن هناك دروس دين، وحلــّـتْ محلها مادة (الأخلاق) ومادة (التربية الوطنية) كنا نتعلم منها مبادىء المساواة فى الحقوق والواجبات فى المجتمع، وحتى فى مرحلة التعليم الابتدائى كانت مادة الدين اختيارية لا يجوز مساءلة التلميذ فيها فى الامتحان ولا تدخل فى تقدير تحصيله، لأنّ فى ذلك معنى القهر والاكراه فى شىء يُـفترض أنّ الإنسان يعتنقه بمحض اختياره واقتناعه، وقد تدهور الأمر فى مصر بعد نصف قرن لدرجة أنّ أول قرار اتخذه د. محمد حلمى مراد حين عيـّـنه عبد الناصر وزيرًا للتعليم بعد هزيمة67أنْ جعل مادة الدين مادة رسوب فى المدارس))
أما الكتب المُـقرّرة على الطلبة فى الفترة من 1926- 1930 فذكر عوض أنه ((درس فى السنتيْن الأولى والثانية الثانوية كتاب شفيق غربال (تاريخ مصر القديمة) وفى السنة الرابعة الثانوية درس تاريخ أوروبا فى القرن التاسع عشر. وفى إحدى السنوات وزّعتْ الوزارة على الطلبة كتاب (أميل) أو التربية الاستقلالية لروسو وكتاب (قادة الفكر) لطه حسين. ولكن أهم من كل ذلك هو جو العلمانية والاستنارة فى مقررات التعليم. ولم نكن فى جيلى فرائس مُستباحة للتعليم الدينى، الذى أحال مدارسنا (بعد يوليو52) وبعض كلياتنا الجامعية إلى معامل تفريخ للجماعات الدينية)) (أوراق العمر- سنوات التكوين - مكتبة مدبولى - عام1989- من ص256- 264)
وأعتقد أنّ الشعوب المُـتحضرة هى التى آمنتْ بأنّ التطور معناه أنْ : تعيش المستقبل فى الحاضر، أى أنّ بذرة المستقبل توضع فى الحاضر، ومن هنا كانت العلاقة غير المنظورة بين الحاضر والمستقبل. وأنّ ترجمة هذه الرؤية تؤكد على أنّ صناعة المستقبل تتم فى المعمل. والمعمل تسبقه الجامعة، نزولا إلى الحضانة، أى تجهيز الطفل كى يكون صانعًا للمستقبل. وهذه الرؤية للنهضة تحكمها مناهج تعليمية ترتكز على رفض كل الثوابت، إنْ تعارضتْ مع إيقاع العصر. والإيمان بقوانين النسبية والسببية، وتكريس حق الخطأ وحق الاختلاف، وهما الحقان اللذان أزهرا التحضر والتقدم ورسّخا قيـم الليبرالية بشقيها الفكرى والسياسى وآليات الديموقراطية، وأنّ كل ذلك لم يكن له أنْ يتحقـق إلاّ بعد أنْ مهـّـد التعليم لصناعة العقل الناقد.
اختلفتْ حظوظ الشعوب من التنمية والرفاهية والحرية والعدالة، باختلاف مناهج التعليم وبرامج الإعلام. فإذا كانت تلك المناهج والبرامج تحترم عقل الإنسان، وتــُـعلى من شأن البحـــث العلمى، وتــُـساهم فى حل مشاكل العصر، كنا إزاء شعب يعيش المستقبل فى حاضره. أما إذا كانت المناهج والبرامج تــُـكرّس للغيبيات وضد البحث العلمى، وتكتفى بإدعاء أنّ تراثها سبق علماء أوروبا، وأنه ما فرّط فى شىء، تكون النتيجة أنّ شعوبها لا تعيش الماضى فى حاضرهــا (فقط) وإنما تعيش أسيرة ذاك الماضى وسلاسله فى أعناقها.
وأعتقد أنّ الدراسة الأمينة لمناهج التعليم وبرامج الإعلام فى أى منظومة سياسية، هى المحـك فى تحديد التوجه : هل يتجه نحو المستقبل، أم يرتد إلى الماضى؟ من ذلك كتاب (تقريب فتح القريب) المقرر على الصف الثالث الإعدادى الأزهرى ص17يتعلم التلاميذ من الإناث والذكور ((الاستبراء : هو انتظار الأمة (= المرأة العبدة) مـدة بسبب حدوث البلل فيها (أى بعد ممارسة سيدها للجنس معها) أو زواله عنها تعبدًا أو براءة مــن الحمل وأسبابه هى: أنْ يموت سيدها عنها أو يعتقها أو يريد السيد تزويج موطوءته، فيجـب استبراؤها قبل تزويجها حذرًا من اختلاط الماء))
ماذا تفعل هذه الفقرة فى وجدان وعقل التلاميذ (من سن14– 15)؟ هل يمكن أنْ تــُـرسّخ شيئـًـا آخر غير المعانى التالية؟
• ترسيخ معنى العبودية. وأنّ البشر ينقسمون إلى عبيد وأسياد.
• أنّ السيد له أنْ يُطــْـلق سراح العبد (نظام العتق) وله أنْ يحتفظ به فى معتقل العبودية إلى أنْ يموت أحدهما. فإنْ مات السيد قبل (العبد) انتقل الأخير إلى ورثة الأول، مثله مثـــل العقارات أو المواشى.
• أنّ السيد له حق الجــِـماع مع أية فتاة تدخل ضمن عبيده (يُسميها موطوءته) دون زواج.
وبعد أنْ تتسلل هذه المعانى وتترسّـخ وتتجذر فى وجدان وعقل التلاميذ، يتم الانتقال إلـى المرحلة الأخطر، أى مرحلة النتائج المُترتبة على ترسيخ هذه المعانى. وهذه النتائـج هى :
• الإحساس بالدونية لدى أبناء الفقراء، وفق المعادلة العصرية : فقير= عبد، غنــــى = سيد.
• الإنشقاق العقلى والنفسى الذى يشعر به التلاميذ، نتيجة التناقض بين منهج تعليمى يحرص على نقل نظام اجتماعى لا إنسانى كان سائدًا فى عصور الظلمـات، وواقع مُعاصر، تنص مواثيقه على أنّ الإنسان يولد حرًا ولا يجوز أنْ يمتلكه إنسان مثله.
• تبلد المشاعر الإنسانية فى غيبة حق التلميذ فى نقـــد ومناقشة ما يُدرّس له (كما هو الحال لدى الشعوب المُـتحضرة) فيستسلم التلميــذ للتعليم الذى فرّق بين البشر.
• انشغال التلميذ والتلميذة بمسألة اختلاط السائل المنوى لرجل بسائل منوى لرجل آخر، أى سحب هؤلاء التلاميذ إلى مسائل أكبر من أعمارهم ووجدانهم، وفض غشاء الحياء فى مرحلة عمرية، ترى العلوم الإنسانية ضرورة ترسيخ قيمة الحياء فيها وليس تدميرها، ناهيك عن أنّ المثال المضروب للتلاميذ مُستمد من عصر كانـــت العبودية فيه شائعة وغير مُـستهجنة. فما الهدف من أنْ يتعلم تلاميذ مصر، فى عصر الفضائيات وحقوق الإنسان، خصائص عصر العبيد؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النجاسه والجنابه وزماننا الأغبر
ياسر ... عفك ( 2017 / 8 / 5 - 15:26 )
لو كان عندنا فعلا حكومات وطنيه تسعى لتحقيق التنميه وتنشد التطور والأزدهار لشعوبها المنكوبه بها لجعلت ٩-;-٩-;-% من التعليم للجانب العلمي والانتاجي و١-;-% للجانب الديني والأدبي والانساني بشكل عام وأصلا هذا الحيز أيضا كبير وفيه زيادة أذ ماذا يستفيد الشعب من هؤلاء بقدر ما يستفيد من الطبيب والمهندس والتقني والكوادر الوسطى والعماله الماهره ... خراب الشعوب من تجار ومرتزقة الدين خريجي ما يسمى كليات ومعاهد الفقه والشريعه وعلوم الدين وغيرها من التسميات التي ليس لديها ما تقوله سوى الطهاره والنجاسه والجنابه والحيض والنفاس وأذا جاء احدكم من الغايط فليمسح ط .... زه

اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب