الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متابعات عربيّة - كتاب : متابعات عالمية و عربية – نظرة شيوعية ثوريّة (2013-2016 )

شادي الشماوي

2017 / 8 / 6
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


متابعات عربيّة

كتاب : متابعات عالمية و عربية – نظرة شيوعية ثوريّة (2013-2016)
( الكتاب بأكمله متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن ، نسخة بى دى أف )
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 27 / جانفي 2017
مقدّمة الكتاب 27 :
عند مرحلة التخطيط لمشروع الترجمات الأولى و الإنطلاق في العمل قدر الطاقة ، كان الشغل الشاغل توفير ما كان يعدّ أساسيّا لفهم الماويّة كنظريّة و ممارسة بما هي الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة . و قُطعت أشواط في الإشتغال على ذلك لتكون الحصيلة ترجمة مقالات و وثائق مثّلت حجر أساس الأعداد الأولى من مجلّة " الماوية : نظريّة و ممارسة " . بيد أنّ متابعة مجريات الصراع الطبقي و تطبيق الماويّة لا سيما عالميّا ، أجلت أنّ الأدب الشيوعي عربيّا يفتقر إلى المواقف الماويّة المتّصلة بتقلّبات الأحداث العالميّة محلّلة من وجهة نظر الماويين ، أحزابا و منظّمات و أشخاصا . فأضحى لا بدّ من تعديل الكفّة و متابعة ما يجدّ في العالم على أنّه ينبغي تجنّب السقوط في خطّا تركيز الجهد كلّه أو جلّه على ذلك و إهمال الجانب النظري بكلّ تشعّباته . و بعد عناء و بعسر تمّ التوصّل إلى صيغة إصطفاء بعض الأحداث دون سواها التي تعدّ الأهمّ – و الخطأ في الإختيار وارد – و ترجمة المقالات و الوثائق الماويّة الأوضح و الأكثر علميّة و ثوريّة لعلّ ذلك يساعف في إنارة جانب أو آخر من سبيل الباحثين عن الحقيقة و المناضلات و المناضلين من أجل تغيير العالم عبر الثورة التي تكون غايتها السمى تشييد عالم أفضل ، عالم شيوعي لتحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال .
و تقييم مدى توفّقنا في مسعانا هذا نتركه للقرّاء و النقّاد و للتاريخ طبعا . و بالمناسبة نعلن مجدّدا أنّ النقد العلمي و الإقتراحات المقنعة لن تجد منّا سوى رحابة الصدر و الترحيب اللازم و التعاطي الجدّي كلّ الجدّية .
و يترتّب علينا في هذه المقدّمة أن نشرح نقطة ربّما قد يكون تفطّن إليها القرّاء ألا وهي أنّ مصادر المتابعات المنشورة في هذا الكتاب الجديد أو العدد 27 من " الماوية : نظريّة و ممارسة " ، ليست عديدة و متنوّعة كما يجب . و عذرنا هنا هو أنّ المواد المتوفّرة عالميّا – إن توفّرت – ليست بالقدر الكافي و قد تكون أحيانا بلغة لا نتقنها أو تنشر بعد فوات أوانها كتفاعل حيني أو راهن مع أحداث ما أو تكون مجرّد تسجيل لموقف في شكل بيانات بصفحة أو صفحيتن ما لا يساعد في النهوض بمهمّة توفير متابعات فيها جانب من العمق المطلوب و المعطيات و التحليل و التلخيص العلميين و المقنعين حتّى لا تكون مادة تحريضيّة فحسب بل أساسا دعائيّة .
و كنّا نتطلّع إلى تنويع المصادر إلاّ أنّ دراستنا لمواقع الأنترنت التي نستقى منها عادة و غالبا مقالات المتابعات أفضت بنا إلى إدراك حقيقة أنّ من أفضل و ربّما لدى البعض أفضل مصدر في الوقت الراهن لمقالات ماويّة تفى بالغرض هو موقع جريدة " الثورة " الناطقة باسم الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكيّة ( revcom.us) فهي أسبوعيّة نابعة من قلب الإمبرياليّة ألعظم وهي تزخر بالمعلومات الموثّقة و التحاليل العميقة و العلميّة من منظور علم الشيوعية . و ياتـى في المرتبة الثانية موقع " أخبار عالم نربحه " كمواصلة بشكل ما لخدمات أخبار مجلّة " عالم نربحه " التي كانت تصدرها الحركة الأممية الثوريّة إلى 2006 ( منذ 1984). غير أنّ ذلك لا يعنى أنّنا تغاضينا عن قصد أو عن غير قصد عن مقالات ذات بال نُشرت أو تنشر أو شتنشر في مواقع أخرى و عن منظّمات أو أحزاب أخرى و هذا ما تشهد به بجلاء ترجماتنا التي وضعنا بين أيدى القرّاء ، على صفحات الحوار المتمدّن .
و تجدر الإشارة إلى أنّ معظم مواد هذا الكتاب قد نُشرت سابقا بالموقع الذى ذكرنا للتوّ إلاّ أنّنا لم نترك المقالات و الوثائق مبعثرة حسب تاريخ صدورها فحسب بل عملنا جهدنا بغية تبويبها و إخراجها حسب محاور في منتهى الأهمّية بحيث يلمس ترابطها من الوهلة الأولى و يتيسّر للقرّاء قراءتها و دراستها و الإستفادة منها بوجه من الوجوه العديدة و المتعدّدة . و جاءت في نهاية المطاف مضامين هذا الكتاب الجديد كما يلي ، فضلا عن المقدّمة :

الجزء الأوّل : متابعات عالميّة

المحور 1 : كوكب الأرض في خطر!
1- هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي المجرم يحطّم كوكبنا !
الكلفة الإنسانية للتغيّر المناخي
2- الكلفة الإنسانيّة للتغيّر المناخي
3 ـ لماذا ينقرض النحل – و ما يعنيه ذلك للكوكب و للإنسانية
4 ـ إتفاق باريس حول المناخ : ليس فقط لا قيمة له بل هو ضار جدّيا
المحور الثاني : إضطهاد النساء و النضال من أجل تحطيم النظام الإمبريالي و الأصولية الدينية البطريكيين
1 ـ" يا نساء العالم إتّحدن من أجل تحطيم! "
2 ـ قتل فركهوندا جريمة فظيعة ( أفغانستان )
3 ـ 8 مارس اليوم العالمي للمرأة : تنظيم النساء ضد الإضطهاد و الإستغلال الجندريين
4 ـ بناء النضال من أجل تحريرالنساء : المجد ل8 مارس–اليوم العالمي للمرأة
5 ـ إضطهاد النساء فى أفغانستان و النظام الذى ركّزه الغرب
المحور الثالث : الإمبرياليّة و الهجرة و الموقف الشيوعي الثوري
1ـ هل يجب أن نجرّم المهاجرين أم يجب أن نساندهم ؟
2 ـ المجرمون و النظام الإجرامي وراء موت اللاجئين فى النمسا
3 ـ أزمة المهاجرين العالمية : ليس مرتكبو جرائم الحرق العمد للأملاك و المنازل
4 - أوروبا : نحو حلّ عسكري ل " أزمة الهجرة "
5 - الحضارة الغربيّة : " الموت للمهاجرين ! "
6 - عالم من المهاجرين و الإمبريالية و الحدود : غير مقبول و غير ضروري
7 - عدد كبير من الموتى فى البحر الأبيض المتوسّط : " لم يحدث شيء "
أفغانستان : عقود ثلاثة من الهجرة الجماعية -8
9 - إلى متى يتواصل القبول بالمجازر فى البحر ؟
10 - منظّمة أطبّاء بلا حدود تتّخذ موقفا ضد السياسة الخبيثة للإتحاد الأوروبي تجاه مواجهة العدد التاريخي المتصاعد من المهاجرين إلى عالم لا يرحّب بهم
المحور الرابع : الإنتخابات الأمريكيّة و صعود الفاشيّة وضرورة ثورة شيوعية حقيقيّة وإمكانيّتها
الإنتخابات الأمريكية 1 : مزيد الإضطهاد والجرائم ضد الإنسانيّة فى الأفق... وضرورة ثورة شيوعية حقيقيّة وإمكانيّتها
1- المرشّحون للرئاسة يصرّحون بنيّتهم إقتراف جرائم حرب
2- الولايات المتّحدة الأمريكيّة : حول صعود دونالد ترامب ... و ضرورة ثورة حقيقيّة وإمكانيّتها
3- مقاربة علميّة جدّية لما يقف وراء صعود ترامب
بعض مؤلّفات بوب أفاكيان حول كيف وصلنا إلى هذا الوضع – و إمكانية شيء أفضل بكثير
4- ردّا على ترامب : الإجهاض ليس جريمة !
5- سؤالان إلى لويس فراخان و " أمّة الإسلام "
6- لنتعمّق فى أطروحات برنى سندارس
الإنتخابات الأمريكية 2 : ترامب و كلينتون وجهان لسياسة برجوازية إمبريالية واحدة
1- سيكون إنتخاب الديمقراطيين دعما لجرائم الحرب
2- لا – ليست إمبراطوريتنا !
ردّ ثوري على خطاب هيلاري كلينتون ضد ترامب
3- لماذا لا يجب علينا أن نصفّق لحكّامنا... و لماذا من الأفضل أن يخسروا حروبهم
الإنتخابات الأمريكية 3 : نقد الشيوعيين الثوريين لمواقف الخضر و نعوم تشومسكي
1- إلى الخضر : فى ظلّ هذا النظام لا تغيّر الإنتخابات أبدا أي شيء
نحتاج إلى الإطاحة بهذا النظام و ليس إلى التصويت له
نحتاج إلى ثورة فعلية !
2- لسنا فى حاجة إلى " التصويت للأقلّ شرّا " أو إلى " التصويت لطرف ثالث "
نحن فى حاجة إلى الإطاحة بالنظام برمّته فى أقرب وقت ممكن !
الإنتخابات الأمريكية 4 : موقف الحزب الشيوعي الثوري من إنتخاب فاشيّ لعين رئيسا للولايات المتحدّة
1- وقع إنتخاب فاشيّ لعين رئيسا للولايات المتحدّة –
لا يجب أن توجد أيّة أوهام بأنّ الأمر سيكون على ما يرام . لن يكون كذلك
2- لماذا لن أصوّت فى هذه الإنتخابات و لماذا يجب أن لا تصوّتوا أنتم أيضا ... و لماذا أدافع عن حقّ السود و غيرهم من المضطهَدين فى الإنتخاب !
3- لماذا لم تكن هيلاري كلينتون قط و ليست و لا يمكنها أن تكون مدافعة عن النساء
الإنتخابات الأمريكيّة 5 : بإسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة
1- بإسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة
إنهضوا ... إلتحقوا بالشوارع ... إتّحدوا مع الناس فى كلّ مكان لبناء مقاومة بكلّ السبل الممكنة
لا تقفوا : لا تساوموا ...لا تقبلوا بالتسويات ، لا تتواطؤوا
2- كيف يسير هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و لماذا يجب الإطاحة به
3- أسئلة تطرج عادة بشأن الثورة والشيوعية ( فى الولايات المتّحدة الأمريكية )
الإنتخابات الأمريكية 6 : ما هي نواة فريق إدراة دونالد ترامب الفاشي ؟ و ما هي إستراتيجيّته ؟
1- مع تشكيل ترامب لفريقه الفاشيّ ، يجب ان تتعزّز المقاومة !
2- مايك بانس : مسيحي فاشيّ ضربات قلبه ليست بعيدة عن رئاسة الولايات المتحدة
3- إعادة تكليف بانون الفاشي كأكبر القادة الإستراتيجيّين لدي ترامب
4- مستشار الأمن القومي لدى ترامب : الجنرال مايك فلين – " فى حرب مع الإسلام "
5- للإشراف على وكالة المخابرات المركزيّة إختار ترامب : مايك بمبيو – داعية للتعذيب و تمزيق حكم القانون
6- المدّعى العام لترامب جاف سيشينز : فارض تفوّق البيض و التطرّف البطرياركي
7- دونالد ترامب لن " يستعيد مواطن الشغل الأمريكيّة " ...بل بإسم مواطن الشغل الأمريكيّة سيرتكب فظائعا جديدة
8- ما يعنيه فوز ترامب للنساء : خطر لا يضاهى و الحاجة إلى قدر كبير من المقاومة الجماهيريّة

9- فوز ترامب – كارثة على البيئة تتطلّب مقاومة جماهيريّة
10- ترامب يهاجم الممثّلين ويقدّم فكرة عن مقاربته للفنّ والمعارضة : لن يسمح بأي نقد
11- إلى الذين لا زالوا ينظرون إلى برنى سندارس ...
12- يقول أوباما وكلينتون " لنتجاوز الأمر " لكنّ عشرات الآلاف يتمرّدون فى الشوارع
13- دفوس السكرتيرة الجديدة لل" تعليم " : الإقتطاع من التعليم العمومي و فرض المسيحيّة الفاشيّة
المحور الخامس : نظام عالمي إمبرياليّ قابل للإنفجار
1 ـ إستفتاء فى فنيزويلا : مكيدة الولايات المتحدة و حدود مشروع هوغوتشافيز و تناقضاته
2 ـ كوريا الشمالية ـ الولايات المتحدة : من يمثّل تهديدا نوويّا حقيقيّا ؟ و ما هي خلفية النزاع ؟
3 ـ الولايات المتحدة تهدّد كوريا الشمالية : ماذا وراء النزاع ؟
4 ـ إيران : الذكرى 32 لإنتفاضة آمول – " لقد أثبت التاريخ من هم عملاء الإمبريالية "
5ـ عشر سنوات من قيادة الحزب الشيوعي الهندي( الماوي ) لحرب الشعب الماوية فى الهند وولادة سلطة حمراء جنينية
6 ـ الإستعمار من جديد بإسم التطبيع وراء إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة و كوبا
7ـ الفائز فى الإنتخابات البرلمانية التركيّة : الأوهام الديمقراطيّة
8 ـ الإتفاق النووي بين الولايات المتّحدة و إيران :
حركة كبرى لقوى رجعيّة ... لا شيء جيّد بالنسبة للإنسانيّة
9 ـ الإتفاق النووي بين الولايات المتحدة و إيران : " الولايات المتحدة تحتاج مساعدة إيران فى الشرق الأوسط "
10 ـ اليونان : " الخلاصة الجديدة ترتئى إمكانيّة : القطيعةُ مع القبضة الرأسماليّة الخانقة و نحتُ مستقبل مختلف ! "
11 ـ إنهيار سوق الأوراق المالية فى الصين : هكذا هي الرأسمالية
12 ـ هجوم إرهابي فى باريس ، عالم من الفظائع و الحاجة إلى طريق آخر
13 ـ خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ( بريكسيت ) صدمة للنظام الإمبريالي العالمي
14ـ قتل بالسيف فى بنغلاداش : حملة الأصوليين الإسلاميين لإستعباد النساء و فرض الطغيان الديني
15 ـ الجهاد الأصولي الإسلامي ليس جذريّا لثلاثة أسباب – وهو نهائيّا ليس إجابة حقيقيّة على الإضطهاد
16 ـ بستّ طُرق يحاولون خداعكم فى ما يتّصل بالثورة الثقافية فى الصين و سبب وجيه جدّا لحاجتكم إلى التعمّق فى البحث عن الحقيقة و بلوغها
17 ـ كولمبيا : سيوفّر إتّفاق السلام التغييرات اللازمة للبلاد – كي لا يتغيّر أيّ شيء
18 ـ ملخّص الموقف الشيوعي الثوري من فيدال كاسترو و التجربة الكوبيّة : حول وفاة فيدال كاسترو – أربع نقاط توجّه
الجزء الثاني : متابعات عربيّة
1ـ إسرائيل ، غزّة ، العراق و الإمبريالية : المشكل الحقيقي والمصالح الحقيقيّة للشعوب
2ـ الإنتخابات الإسرائيليّة البشعة - نزاعات محتدّة و تحدّيات جديدة
3 ـ 12 سنة من غزو الولايات المتحدة للعراق خلّفت القتل والتعذيب والتشريد والفظائع
4 ـ لتُغادر الولايات المتحدة العراق ! الإنسانيّة تحتاج إلى طريق آخر
5 ـ تقرير الأمم المتّحدة يكشف جرائم حرب الهجوم الإسرائيلي على غزّة سنة 2014 : " زمن الحرب ، لا وجود لمدنيين ، هناك فقط عدوّ "
6 ـ الحرب الأهليّة فى اليمن و مستقبل الخليج
7 ـ تونس السنة الخامسة : عالقة بين فكّي كمّاشة تشتدّ قبضتها
==================================
متابعات عربيّة

1ـ إسرائيل ، غزّة ، العراق و الإمبريالية : المشكل الحقيقي والمصالح الحقيقيّة للشعوب
" أخبار عالم نربحه " ، 18 أوت 2014
http://aworldtowinns.co.uk
كتب الصحفي الأنجليزي روبار فيسك فى المدّة الأخيرة أنّ الناس إن أرادوا أن " يتفحّصوا " المسائل الكامنة " وراء الحرب الإسرائيليّة / الفلسطينية " مثلما نصح بذلك جون كيري سكرتير الدولة لدى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما ، ينبغى عليهم أن يتسأءلوا لماذا يوجد الفلسطينيّون فى غزّة . و الإجابة ليست ما يدور فى ذهن كيري .
ثلثا سكّان غزّة لاجئون . لقد أجبرت القوّأت الإسرائيليّة الفلسطينيين على التوجّه إلى غزّة لأنّها كانت خارج إطار الأرض التى كانت تريدها فى 1948 . حينها أخرج الجيش الصهيوني بعنف 90 بالمائة من السكّان العرب ليفسح المجال إلى ما صار إسرائيل تلك السنة . وحطّمت منازل الفلسطينيين و جُلب مستعمرون يهود من الخارج لإعمار المدن الجديدة المشيّدة على الخراب . ثمّ إستولت إسرائيل على غزّة سنة 1967 ، وفى البداية سعت لملئها بمزيد من المستعمرين اليهود و تاليا حوّلتها إلى سجن . و الآن تجوّع إسرائيل السجناء و تطلق النار عليهم – بإسم حماية مدن جنوب إسرائيل مثل عسقلان و سداروت وهي المدن الأصليّة للكثير من سكّان غزّة .
" المسألة الكامنة " هنا هي لماذا تسلّح الولايات المتحدة و حكومات غربيّة أخرى و تموّل إسرائيل وسياسيّا تدعمها و حتى ترسل لها المزيد من المستعمرين؟ لماذا يصرّحون بأنّ قوّتهم العسكريّة ستقف دوما إلى جانب إسرائيل و " حقّها فى الدفاع عن نفسها " رغم خلافات مناسباتيّة بينهم ؟ لأنّ ما يدافعون عنه هو الثكنة العسكريّة الرئيسيّة التى تعوّل عليها الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط ، كأسا من أسس السيطرة الإمبريالية على المنطقة و شعوبها . و ما يسمّى ب" اللوبي اليهودي " ليس هو ما يدفع الولايات المتحدة نحو دعم إسرائيل إذ هو يساعد على خلق رأي عام لا أكثر لتبرير ذلك . فالدور الضروري لأسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة هو السبب الجوهري للعدوان الصهيوني الذى لا ينتهى ،وعنفه المفتخر به و غروره الذى لا حدود له.
" المسألة الكامنة " الأساسيّة هي الإضطهاد . هذه وجهة النظر التى منها يجب على أساسها أن نقيّم حماس . لا يمكن دعم حماس لأنّها لا تمثّل تحريرا من الإضطهاد . فبرنامجها الإجتماعي و الإيديولوجي برنامج رجعي و مناهض لمصالح الغالبيّة العظمى من الفلسطينيين و شعوب العالم . و تقف حماس من أجل نظرة ظلاميّة و حكم ديني و إخضاع النساء .
و بدلا من أن نظلّ مكتوفي الأيدي أو يشلّنا هذا التعقيد ، فإن غهما صحيحا للمسائل الكامنة يتعيّن أن يجعل من الممكن بصفة لا تقاوم القيام بحركة سياسيّة ، لا سيما فى معارضة العدوان الإسرائيلي الذى لا يمكن أبدا و مهما كانت الظروف أن يبرّر على أنّه " دفاع عن النفس " . مع فهم أنّ الصهيونيةّ ليست عنصريّة و حسب و إنّما هي أداة أساسيّة بيد الإمبريالية ، يمكن أن نفضح الأيادي الأمريكيّة و الأوروبيّة التى تسند دولة إسرائيل القائمة على التطهير العرقي و التى تسمح لهؤلاء المجرمين بإرتكاب مجازر فى حقّ فلسطينيين عُزّل مرارا و تكرارا ، سواء كانوا أطفالا أم شبابا يقتلون فى المسيرات فى الضفّة الغربيّة أم أسر بأكملها يقضى عليها فى غزّة .
و إضافة إلى ذلك ، بهذا الفهم ، ينبغى أن نساند مطلب رفع الحصار عن غزّة – وهو مطلب عام للشعب الفلسطيني – كمسألة عدالة و تضامن أساسيين مع سكّان غزّة و جميع الفلسطينيين.
" المسألة الكامنة " فى العراق ، مواصلة لذات المنهج ، هي أيضا الإمبريالية . كيف لأوباما أن يتحدّث عن تقديم " مساعدة إنسانية " لليزيديين و الأكراد أو أيّ شخص آخر فى حين أنّ الولايات المتحدة هي التى جعلت ممكنة الكارثة الإنسانيّة فى غزّة ( حتى لا نذكر أفغانستان و ليبيا و الهايتي و كلّ مكان تدخّلت فيه الولايات المتحدة ) ؟ إنّ الحصار الأمريكي و إلقاء القنابل و الغزو و الإحتلال خلقوا وضعا فوضويّا فى العراق ، و الآن يودّ أوباما و أشباهه فى إنجلترا و فرنسا إلقاء مزيد من القنابل و مزيد نهب العراق . يجب إيقاف هذا .
أمّا بالنسبة للإنقسامات الدينيّة و الأثنيّة فى العراق التى يدّعى الغربيّون بأنّها تتطلّب تدخّلهم ، منذ زمن إتّفاقيّة سايكس - بيكو خلال الحرب العالميّة الأولى عندما تقاسمت فرنسا وبريطانيا العظمى المنطقة بينهما ، قدّم الإمبرياليّون أفضل ما لديهم لتركيز نظم إستعماريّة وشبه إستعماريّة تقوم على الإنقسامات الأثنيّة والدينيّة فى فلسطين و لبنان و سوريا و العراق ،متحالفين مع نخب رجعية فى الحكم ، إلى يومنا هذا .
و ظهور الأصوليّة الإسلامية إفراز لتظافر عدّة عوامل منها التغيّرات الإقتصاديّة و الإجتماعيّة الناجمة عن عولمة الإقتصاد الإمبريالي ، و القرف من النفاق و الإفرس الأخلاقي خلف القيم التى يشجّع عليها الإمبرياليّون الغربيّون و خدمهم و المحتالون المحلّيون ، و عدم قدرة الحركات القوميّة العربيّة الماضية على القطع الصريح مع السوق الإمبريالية العالمية و التشويه الذى يعلمه غالبيّة الناس للثورتين الروسيّة و الصينيّة ، والسنوات التى قضتها الولايات المتحدة و قوى أخرى فى دعم المجموعات الإسلاميّة خدمة لمصالحها المباشرة الخاصّة ( مثل المساندة السلبيّة و أحيانا الإيجابيّة التى قدّمتها المخابرات الإسرائيليّة لحماس فى لمواجهة حركة التحرّر الوطني العلمانيّة فى فلسطين ). و فى حين أنّ التيّارات الإسلامية خرجت عن السيطرة و غدت نشاطاتها تمثّل مشكلا حقيقيّا لهذه القوى اليوم ، فإنّ إنتشار تأثير الأصوليّة الإسلامية فى صفوف المضطهَدين يمثّل أيضا مشكلا من وجهة نظر تحرير شعوب الشرق الأوسط و العالم .
ما يطلق عليه الدولة الإسلامية ( داعش ) آفة نكب بها الشعبين العراقي و السوري و كلّ من يحاجج خلاف ذلك عليه أن يشرح كيف أنّ قطع الرؤوس لفرض الإرهاب الديني و التطهير العرقي و الحكم البطرياركي / النظام الأبوي يمكن أن يوحّد شعوب الشرق الأوسط فى قتال الأعداء الحقيقيين . و فى نفس الوقت ، قد قضى الإمبرياليّون بأسلحتهم المتطوّرة جدّا تقنيّا على أعداد مضاعفة من البشر أكثر من أي شخص آخر يحمل سيفا ، هذا بالرغم من خطابهم " الديمقراطي " و " المتحضّر " الذى يستخدمونه لتبرير جرائمهم . و هذا الوضع مثال بالغ الدلالة عن حقيقة أساسية هي : الأصوليّة الإسلامية والإمبريالية الغربيّة يخوضان معركة حقيقيّة ، لكن مساندة أيّا منهما تنتهى بنا إلى مساندة كليهما .
يجب أن نفضح القوى الإمبريالية و نظامها الذى هو مصدر المشكل و نبنى مقاومة لمزيد تدخّلاتها الدامية التى ساهمت مساهمة كبرى فى إيصال الشرق الأوسط إلى حيث هو اليوم ، و يجب كذلك فضح الأصوليّة الإسلامية ( والحكم الديني عامة) ، التى لم تكن لتملك تلك القوّة التى تملك الآن فى العالم لولا سير النظام الإمبريالي و جرائمه .
و من المهمّ بصفة عامة أن يخوض الناس فى الوقائع ليفهموا الوضع كما هوحقّا ، و الذين لديهم بعض الفهم يتوجّب عليهم التحرّك بطريقة واسعة لإبلاغ رؤيتهم للجماهير و تحريكها على نحو واسع ليصبحوا نقطة وحدة للمقاومة و مصدر أمل فى وضع يكون خلاف ذلك مظلم . وزيادة على ذلك ، الناس فى حاجة أكيدة جدّا إلى رفع رايات الثورة فى معارضة كلّ من الإمبريالية و القوى الدينيّة التى لا تبحث إلاّ عن إدخال تعديلات على النظام الإضطهادي العالمي لصالحها و لصالح نظرتها إلى العالم و لا تهدف إلى تغييره تغييرا تحريريّا . إنّ بروز حركات حقيقيّة و حيوية و نامية مصمّمة على أفطاحة بالنظام القديم وبناء سلطة دولة جديدة ، و نظرة جديدة لمجتمعات تحريريّة تماما و جديدة جذريّا حيث يرغب الناس فى كلّ مكان العيش فيها ، قد يمكّن من الشروع فى إفتكاك المبادرة من أعداء الشعوب. / .
2ـ الإنتخابات الإسرائيليّة البشعة - نزاعات محتدّة و تحدّيات جديدة
لارى أفراست ، جريدة " الثورة " عدد 379 ، 23 مارس 2015
http://revcom.us/a/379/israels-ugly-election-heightened-conflicts-new-challenges-en.html
فى 17 مارس 2015 ، أعيد إنتخاب بنيامين نتنياهو ، قائد إسرائيل الرجعي . و أكثر دلالة أنّه لكسب رهان إعادة إنتخابه، إنقلب نتنياهو صراحة على إعلانه السابق بالقبول بإقامة دولة فلسطينيّة و عمليّا أطلق هستيريا عنصريّة ضد الفلسطينيين المقيمين ضمن دولة إسرائيل و الذين كانوا يمارسون حقّهم ( القانوني ) فى الإقتراع أثناء الإنتخابات . و بقيامه بذلك ، على نحو دال ، عمّق نتنياهو هوّة إختلافاته العلنيّة مع باراك أوباما . و تبعات ذلك لا يمكن توقّعها إلاّ أنّه من الجلي أنّ إمكانيّة إنتشار " وضع فوضويّ فى المنطقة " ، وفق كلمات نقد أوباما لنتنياهو ، قد تفاقمت . لماذا حصل ذلك ؟ لماذا يوجد الكثير من النقاش حول هذا الموضوع ؟ و ما هي التحدّيات التى يضعها كلّ هذا أمام الناس الذين يتطلّعون إلى العدالة ، و أمام الحركة من أجل الثورة ؟
إسرائيل : دولة إستعمار إستيطاني لا شرعي و يد ضاربة فى خدمة الإمبريالية :
إسرائيل دولة إستعمار إستيطاني صهيوني قامت على تشريد ارهابي للسكّان الأصليين الفلسطينيين و على التطهير العرقي. و منذ تأسيسها إلى يومنا هذا ، إرتكبت إسرائيل مجازرا متكررة و إهانات و عنف يوميين فى حقّ الشعب الفلسطيني . و الوزير الأوّل نتنياهو زعيم يميني متشدّد من ذلك الطيف السياسي . و هو شهير بدعمه بلا إعتذار لجرائم إسرائيل فى حقّ الفلسطينيين و بمطالبته بعدوانيّة بعدم تدخّل أيّ كان .
فى الصائفة الماضية ، كان الهجوم العسكري الوحشيّ على غزّة مجرّد مثال . بقيادة نتنياهو أطلقت إسرائيل سيلا من القنابل و الصواريخ متسبّبة فى قتل ألفي فلسطيني ، منهم 500 طفل . و صارت غزّة فى معظمها ركاما و صار الآلاف بلا مأوى. و كان الهدف من ذلك مزيد عقاب و ترهيب ال 1.8 مليون فلسطيني فى غزّة الذين كانوا بعدُ أسرى لما هو فى الواقع أكبر سجن مفتوخ فى العالم – ممنوع من العلاقات مع العالم الخارجي و من القدرة على الحياة .
و عبر العالم ، بشكل متصاعد يتمّ فضح نتنياهو و إسرائيل و تزداد عزلتهما . و قد تشابكا بحدّة مع إدارة أوباما حول مسائل مفاتيح . لهذه الأسباب و غيرها ( بما فى ذلك عناصر نقمة ضد الناخبين الإسرائيليين ) ، توقّع عديد الملاحظين أنّ نتنياهو سيمنى بالهزيمة على أيدى تحالف أحزاب سياسيّة أقلّ حدّة فى خطابها . و كان هذا بوضوح ما يفضّله أوباما و ما تفضّله قوى أوروبا الغربيّة . فهم يراهنونعلى إسرائيل كحليف مفتاح و قوّة ردع فى الشرق الأوسط ، لكن لديهم إختلافات متنامية مع إسرائيل . و هم بشكل متنامي غير راضين عن التبعات السياسيّة فى المنطقة و العالم الناجمة عن دعم إسرائيل لكن نتنياهو لم يُهزم . و قد حقّق و حزب الليكود حزبه نتصارا مدوّيا ، كاسبين 30 مقعدا فى البرلمان الإسرائيلي ، بزيادة 12 مقعدا نسبة للإنتخابات السابقة ، و متقدّما ب 6 مقاعد عن أقرب منافسيه . و نتنياهو لم يكسب لأنّه أمسى أكثر " إعتدالا " بل بالعكس تماما . ففى مواجهة إحتمال هزيمة إنتخابيّة ، إتّجه حتّى أكثر نحو اليمين و مدّ يده إلى العناصر الأبشع و الأكثر فاشيّة فى إسرائيل .
أوّلا ، رمى نتنياهو عرض الحائط بالسياسة المرسومة من قبل الولايات المتّحدة و إسرائل و صرّح بأنّه لن توجد أبدا دولة فلسطينية . ثمّ مضى فى حملة عنصريّة سافرة محذّرا اليمين الإسرائيلي من أنّ " العرب " ( الفلسطينيين فى إسرائيل =) كانوا يتوجّهون إلى الإقتراع " فى أسراب " بما يهدّد بالإستيلاء على الإنتخابات .
ما الذى يعنيه و لا يعنيه هذا ؟
لعقود ، حافظت الولايات المتّحدة و إسرائيل على روايتين . الأولى هي أنّ إسرائيل دولة ديمقراطية – الدولة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط – كلّ مواطنيها متساوون . و الثانية أنّ إسرائيل تسعى صرلاحة إلى تلبية التطلّعات الوطنيّة للشعب الفلسطيني بالتفاوض معه لإيجاد دولة فلسطينية مستقلّة – ما يُطلق عليه "حلّ الدولتين " .
و أبدا لم يكن حلّ الدولتين أي شيء سوى وعد بدويلة مستسلمة و مضطهَدة ، تكون من جميع الوجوه مرتهنة بإسرائيل و منزوعة إمكانيّة الدفاع عن نفسها أمام العنف الإسرائيلي . و كانت الديمقراطية الإسرائيلية و لا تزال شكلا من خلاله يجرى التطهير العرقي القائم ضد الفلسطينيين . بيد أنّ تصريح نتنياهو الآن و بشكل علني رفضه لهذه الأساطير المصبغة للشرعية عليهم لزمن طويل ، يمثّل مشكلا كبيرا . لقد إنتخب على أساس حملة و أرضيّة بالفعل تنكر صوت الفلسطينيين فى السيرورة الديمقراطية فى إسرائيل و الحقّ فى أي شكل من كيان دولة . و يعنى هذا دعوة لإسرائيل لأن تنهض أكثر على الحرب الفاشيّة و القتل الجماعي بصيغة صريحة أكثر . و قد وصف ميكو بيلار وهو ناقد تقدّمي للصهيونيّة ، إنتخاب نتنياهو بإعلان " حرب على الفلسطينيين أينما كانوا " و " تفويض للحكومة الإسرائيلية بقتل الفلسطينيين " .
و ما من أحد بوسعه أن يقول بالضبط ما هي الإنعكاسات التى يمكن أن يسفر عنها كلّ هذا ، لكن يمكن أن تكون بعيدة المدى و عميقة – فى إسرائيل و فى المنطقة و عالميّا . يمكن لإنتخاب نتنياهو أن يمثّل صفعة كبرى لأي معنى باقى لشرعيّة إسرائيل حتّى بالنسبة للبعض صلب إسرائيل و للكثيريرن و الكثيرين حول العالم . يمكن أن يفجّر النضالات و التمرّدات فى فسطين و كذلك يمكن أن تكون نتائج سياسيّة جدّية و غير مسبوقة فى أوروبا و أن يقود إلى قدر أكبر من عدم الرضا المأساوي فى الولايات المتحدة - ضمن اليهود الليبراليين و خاصة ضمن الطلبة .
و قد تعطى هذه التطوّرات دفعا لحملات أقوى و أشدّ ضد الإحتلال . و المقاطعة المجرّدة فى المركّبات الجامعيّة للولايات المتّحدة و عالميّا ( و مثل هذه الحركات قوّة كبرى و إيجابيّة ).
و يمكن لكلّ هذا أن يكون جزءا من تصدّع أعمق للأرضيّة و الجوّ السياسي- الإيديولوجي عامة . ما كان يبدو وضعا فظيعا بكن دائما يمكن أن ينظر إليه الآن الكثيرون على أه إنهيار ، و ليس بالضرورة دائما مثلما كان من قبل .
تمثّل إسرائيل قطعة محوريّة مفتاح فى النظام الإمبريالي العالمي . لذا مسألة مهمّة أن توجد إمكانيّة أن توضع شرعيّة و مصداقيّة كلّ هذا الوضع المقرف برمّته موضع السؤال من قبل العديد و العديد من الناس جرّاء موقف القتل الجماعي الالأكثر صراحة لإسرائيل . و هذا " المنعرج نحو اليمين " فى إسرائيل إفراز لإحتدام التناقضات العصيّة التى تواجه الإمبريالية العالميّة على عدّة جبهات متباينة .
حشد من النزاعات و التناقضات
يأتى هذا التفاقم فى التوتّر بين الولايات المتّحدة و إسرائيل فى وقت يواجه فيه حكّام الولايات المتّحدة حشد من التناقضات الأخرى فى الداخل و عبر العالم . و من عديد التحدّيات ، عدم الإستقرار و فى بعض الأماكن الفوضى ينتشران عبر الشرق الأوسط و شمال أفريقيا حيث حقّق الأصوليون الإسلاميون الرجعيون مثل " الدولة الإسلامية " تقدّما كبيرا . و فقط ، فى الأسبوع الفارط ، إضطرّت الولايات المتّحدة إلى سحب قواتها العسكريّة من اليمن . و كلّ هذا متداخل مع التحدّيات المتنامية للهيمنة العالمية للولايات المتّحدة من قبل قوّات إضطهاديّة منافسة بما فيها روسيا و الصين . و تتفاعل " الخيارات الفرديّة" التى قامت بها وجوه سياسيّة مثل نتنياهو مع هذا المشهد السياسي المعقّد و الفوضوي ، مرّة أخرى – فى هذه الحال – بإنعكاسات لم تتطوّر و تظهر بعدُ .
و ردّت إدارة أوباما الفعل بحدّة إزاء الإنتصار الإنتخابي لنتنياهو ، مندّدة بحملات مواقفه و محذّرة بأنّ الولايات المتّحدة يمكن أنتغيّر موقفها من كيان دولة فلسطينية فى الأمم المتّحدة – ضد أماني إسرائيل . فى حوار صحفي مع " هوفنغتون بوست " ( 21 مارس 2015)، حذّر أوباما من أنّ تراجع نتنياهو عن حلّ الدولتين كان يضطرّ الولايات المتّحدة إلى " تقييم ما هي الخيارات الأخرى المتاحة لضمان أن لا نرى وضعا فوضويّا فى المنطقة " . و تتداخل مع كلّ هذه التحدّيات للإمبراطوريّة الأمريكية و التوتّرات مع إسرائيل ، تحرّكات الولايات المتّحدة لإدماج إيران فى شبكتها الإضطهاديّة بشكل معيّن و معارضة إسرائيل المتصلّبة لهذه التحرّكات ( أنظروا " الغائب فى " النقاش " حول إيران : مصالح الإنسانيّة ! " على موقع(revcom .us
و هناك إختلافات حقيقيّة بين أوباما و نتنياهو حول كيفيّة معالجة الموضوع الفلسطيني . و تعرف هذه النزاعات غليانا يتلخّص فى كيفيّة – و ليس فى ما إذا – تعزيز الهيمنة على شعوب الشرف الأوسط .
و كي نكون واضحين ، الولايات المتّحدة عند هذه النقطة من تطوّر الأحداث ليست بصدد " القطع مع إسرائيل ". و قد أجلى أوباما أنّ مليارات الدولارات كمساعدة من الولايات المتّحدة ، التى جعلت إسرائيل القوّة العسكريّة الأعتى بالمنطقة ستستمرّ. لكن عندما يقع إطلاق العنان لقوى" فوضى " ممكنة ، لا أوباما و لا نتنياهو ولا أي عامل فريد يمكن أن يتوقّع كلّ ما يمكن أن تفعله أو لا تفعله ، و كلّ تبعات أعمالها ، أو إلى أين ستمضى الأمور . ليست الأمور تحت سيطرة أيّة قوّة فريدة ، مثلما يبيّن الظهور الحديث للتوتّرات بين الولايات المتّحدة – إسرائيل ، فى الردّ على عديد التناقضات التى يواجهها كلّ منهما .
إمكانيّة تفاقم كلّ هذا تتصاعد بفعل النزاعات الحادة بين أوباما ( و من يساندونه ) من جهة و الحزب الجمهوري من الجهة الأخرى . و قد إستدعى الجمهوريّون نتنياهو ليلقي خطابا أمام الكنغرس و لينقد جهود أوباما للوصول إلى إتفاق مع إيران حول مساعى إيران إلى تطوير قوّة نوويّة . لإفتراضيّا من غير المسبوق بالنسبة لمجموعات الحكّام المتنافسين فى الويلاات المتّحدة أن يستدعوا قائدا أجنبيّا فى خضمّ نزاع لديهم حول السياسة الخارجيّة ! و يكشف قيامهم بذلك أوّلا ، مدى الرهانات والإختلافات حول الطريقة الأفضل للهيمنة على الشرق الأوسط ؛ وثانيا ، كيف تتكثّف هذه النزاعات فى قالب كامل من التناضات التى لدى هؤلاء الحكّام بشأن كيفيّة " الإبحار " بالمصالح الإمبريالية فى زمن إضطراب و تحدّى كبيرين .
فى مواجهة هذه التحدّيات الجدّية ، الولايات المتّحدة و / أو إسرائيل يمكن أن يشعر بأنّهما مجبورتين على القيام بتحرّكات قصوى ستسفر حتّى عن المزيد من القتلى والمزيد من الدمار و العذاب فى المنطقة. و الوضع الراهن ينذر بالشرّ للشعب الفلسطيني إلى أقصى الحدود . و من الصعب تصوّر كيف – بعد عقود من الإحتلال العسكري العنيف و الحروب – يمكن للأشياء أن تصبح أسوأ . بالضبط الآن ، لنضرب مثلا ، لا زال الأطفال فى غزّة يعيشون بين الأنقاض جراء الحرب الخاطفة الإسرائيليّة فى الصائفة الأخيرة ... و هم يتجمّدون حدّ الموت ! و مع ذلك نظرا للوضع فى إسرائيل و فلسطين المحتلّة و المنطقة ، إنتخاب نتنياهو و التنكّر لحتّى نقاط حديث عن دويلة فلسطينيّة بإتجاه حتّى فظائع قتل جماعي سافر ترتكبها إسرائيل .
و من الحيوي خلال هذه الفترة أن يتحلّى الثوريّون و كذلك جميع الناس ذوى حسّ بالعدالة ، باليقظة و يبادروا بالنضال ضد مزيد من الفظائع الإسرائيليّة أو الأمريكية . و هذا صحيح بصورة خاصّة فى الجامعات و كذلك فى المجتمع الأوسع نطاقا : و مثلما تضع تلك الورقة الصغيرة " 5 قف " ، " أوقفوا حروب الإمبراطوريّة و جيوش الإحتلال و الجرائم ضد الإنسانيّة ! " و ستكون الحاجة إلى تجسيد ذلك على ما يبدو حادة فى قادم الأيّام .
وهناك مستوى آخر أيضا . لا بديل من " البديلين " الراهنين – لا البديل الإمبريالي الغر و لا الأصوليّة الإسلاميّة بأي شكل من الأشكال – يمكن أن يضع حدّا لأحد أكبر و أوضح جرائم القرن الأخير : التطهير العرقي و القمع و القتل الجماعي ضد الشعب الفلسطيني . و لا قوّة من القوى الموجودة على الميدان – الولايات المتحدة و القوى الأوروبيّة و روسيا أو الصين ، إيران أو " الدولة الإسلامية " تملك أيّة أجوبة عن الفظائع التى تنتفض شعوب المنطقة ككلّ ضدّها . إنّها لا توفّر مخرجا للشعوب من هذه الفظائع .
ثمّة حاجة صارخة إلى التقدّم بطريقة أخرى ! و مقال " الغائب فى " النقاش " حول إيران : مصالح الإنسانيّة ! " يشدّد على نقطة أنّ الناس فى الشرق الأوسط و أبعد منه لم يكفّوا قطّ عن النضال ضد الإضطهاد . لكن ما يفتقرون إليه أو ما ينقصهم نقصا ملحوظا هو قيادة لها رؤية و إستراتيجيا لتوحيد كافة العوامل الإيجابيّة و لتحقيق إختراقات فعليّة بإتجاه مجتمعات تحرّر الناس ، بهدف بلوغ عالم دون أي نوع من الإضطهاد " . و يشير ذلك المقال إلى الممكن حين يتوفّر هذا النوع من القيادة " الذى يمثّل مصالح الناس الأكثر إضطهادا و إستغلالا فى المجتمع ، أولئك الذين يشكّلون الطبقات الشعبية و ليست لديهم مصلحة فى أي إضطهاد . فمثل هذه القوّة يمكن أنتتقدّم و تطلق العنان للعوامل الإيجابيّة من أجل الثورة على نحو لا يستطيع القيام به آخرون ، بما فى ذلك ، وهذا شيء غاية فى ألهمّية ، لإطلاق العنان لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة . و بوسع مثل هذه القوّة أنتوحّد على نطاق واسع ،فى الوقت الذى تواصل فيه بلا هوادة تركيز النضال ضد فارض الإستغلال و الإضطهاد . و القوّة التى يمكن ان تنهض بهذا الدور هي حزب شيوعي ثوري حقيقي يستند إلى الخلاصةالجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان . ( للتعرّف على بوب أفاكيان و الخلاصة الجديدة ، أدرسوا المواد المتوفّرة على الأنترنت على الرابط التالى : http://www.revcom.us)
تصوّروا الإحتلاف الذى سيحدثه حزب من هذا القبيل فى الوضع السائد و فى المروحة من الإمكانيّات التى قد تبرز إلى الوجود . / .
= كسياسة ، ترفض الوجوه الإسرائيليّة الرسميّة الحديث عن الشعب الفلسطيني الذى بقي جزء منه رغم التطهير العرقي فى أرضه و ترفض إعتبار أبنائه و بناته فلسطينيين . و عوض ذلك تستعمل الوجوه الإسرائيلية الرسمية مفردة " العرب " ( كتصنيف أعمّ يشمل الفلسطينيين ) . وهذا مكوّن من مكوّنات ثقافة و ايديولوجيا القتل الجماعي الذى ترتكبه إسرائيل – إنكار وجود الشعب الفلسطيني .
+ من أجل خلفيّة عن طبيعة إسرائيل و دورها ، أنظروا العد الخاص من جريدة " الثورة " على الرابط http://www.revcom.us
وعنوان هذا العدد الخاص هو " وضع إسرائيل : قلعة تنوير أم أداة تنفيذ للسياسات للإمبريالية ؟ "

=======================================================
3 ـ 12 سنة من غزو الولايات المتحدة للعراق خلّفت القتل والتعذيب والتشريد والفظائع
Revolution Newspaper / revcom.us
جريدة " الثورة " عدد 379 ، 23 مارس2015
http://revcom.us/a/379/twelve-years-after-the-u-s-invasion-of-iraq-en.html
قبل 12 سنة - بداية من 19-20 مارس 2003 – غزت الولايات المتحدة العلراق و أطاحت بنظام صدّام حسين ثمّ إحتلّت البلاد طوال الثماني سنوات ونصف السنة التالية . و قد أعلن نظام بوش أنّ الولايات المتّحدة شنّت الحرب للقضاء على " أسلحة الدمار الشامل " . و كان ذلك كذب سافر لتبرير حرب من أجل إمبراطوريّة أكبر . و قال باراك أوباما إنّ الجيش الأمريكي قد وفّر " للعراقيين فرصة تشييد مستقبلهم بأنفسهم " . و الواقع أنّ حرب الولايات المتّحدة و ما تلاها لم تأتى للشعب العراقي بسوى كمّ هائل من القتلى والعذاب و الفظائع .
لقد تسبّبت الحرب الأمريكية بصفة مباشرة أو غير مباشرة ( جراء التحطيم و الدمار الناجمين عن الحرب ، بما ذلك تحطيم أنظمة توزيع المياه و الطاقة و الرعاية الصحّية و إنتاج الغذاء ) فى قتل 655 ألف عراقيّ حسب دراسة سنة 2006 أجرتها جريدة طبّية بريطانية " اللنسات " . و التقديرات الراهنة لعدد القتلى العراقيين هي بين 1.2 مليون و 1.4 مليون نسمة . و يقدّر عددالجرحى ب 4.2 مليون شخص (أنظروا
warisacrime. org/iraq).
و تسبّبت حرب الولايات المتّحدة و إحتلالها فى تشريد 4.5 مليون عراقي و مغادرتهم منازلهم .
وقد عذّب الجيش الأمريكي و أهان و إعتدى حنسيّا على آلاف السجناء العراقيين . فى سجن أبو غريب ، كانت الفرق الأمريكية تجرّد السجناء من الثياب و تستخدم الكلاب لإرهابهم . و لم تقع محاكمة و لا مسؤول حكومي أو عسكري من الولايات المتحدة الأمريكية و أنكى حتّى لم يصدر حكم ضد أي كان بسبب التعذيب الذى أشرفوا عليه و أمروا به .
و بعيدا عن " تحرير " النساء ، فاقمت حرب الولايات المتّحدة من إضطهاد النساء فى العراق . و بات مليونا إمرأة أرامل عقب عقدين من التدخّل والغزو و الإحتلال الأمريكيين و الحروب بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية ما إضطرّ العديد من النساء إلى الدعارة . و قد عوّض النظام الذى تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية الدستور العلماني بدستور قائم على الشريعة الإسلامية و حدّد مكانة المرأة على أنّها منفصلة و دونية . و قد سجّل إرتفاع فى مدى العنف الموجّه ضد النساء ، بما فى ذلك " جرائم الشرف " و الحجاب الإجباري .
و من عديد جرائم الحرب التى إقترفتها فرق الولايات المتّحدة كان هجوم الطائرات المروحيّة آباتشي سنة 2007 فى بغداد حيث أطلق الأمريكيون النار على مدنيين عراقيين وعلى صحفيين و على عابرى سبيل حاولوا مساعدة أناس جرحى أو على حافة الموت . و كان فيديو المجزرة أحد الملفّات التى مرّرتها شلسا مانين ( سابقا برادلى مانين ، من العاملين بجيش الولايات المتّحدة ، إلى ويكي ليكس . و مثُلت مانين أمام محكمة عسكريّة حكمت عليها بشكل مهين ب 35 سنة سجن عقابا لها على حركتها الجريئة .
" جوهر ما يوجد فى الولايات المتحدة ليس ديمقراطية و إنّما رأسمالية - إمبريالية و هياكل سياسية تعزّز الرأسمالية - الإمبريالية . و ما تنشره الولايات المتحدة عبر العالم ليس الديمقراطية و إنّما الإمبريالية و الهياكل السياسية لتعزيز تلك الإمبريالية ."
" الأساسي من خطابات بوب أفايكان و كتاباته " 1:3.


4 ـ لتُغادر الولايات المتحدة العراق ! الإنسانيّة تحتاج إلى طريق آخر
زيادة 450 عنصر لفرق الولايات المتّحدة = زيادة العذاب و القتل
جريدة " الثورة " عدد 391 ، 15 جوان 2015
http://revcom.us/a/391/450-more-us-troops-more-suffering-and-death-en.html
فى 10 جوان 2015 ، أعلن أوباما أنّه سيرسل " 450 عسكري أمريكي إضافي ليدرّبوا و يقدّموا الإستشارة و يساعدوا قوّات الأمن العراقيّة فى القاعدة العسكريّة التقدّم شرقي محافظة الأنبار " – و هي قاعدة جديدة غرب العراق أين كانت داعش تشنّ الهجمات . و بهذا يبلغ عدد العسكريين و" المستشارين" الأمريكيين فى العراق 3500 .
و هذا من الواجب معارضته !
لقد حوّل الغزوان الأمريكيّان و العقد من الإحتلال بأشكال مختلفة العراق إلى جهنّم على الأرض بالنسبة إلى جماهير الشعب هناك . فمنذ 1991 ، أدّت غزوات الولايات المتّحدة و عقوباتها إلى وفاة مئات آلاف الأشخاص فى صفوف الشعب العراقي، و كان الأطفال و المسنّون و الأكثر عرضة للضرر هم الذين ذاقوا الأمرّين أكثر من غيرهم . و ملايين العراقيين فى العراق و سوريا المجاورة الواقعة هي الأخرى فى حرب بين القوى الرجعيّة غذّتها إلى درجة كبيرة الولايات المتّحدة ، قد إضرّوا إلى مغادرة منازلهم .
فى العراق ، قد تقطّعت أوصال الوحدة الماديّة و الإجتماعيّة ما حرم الناس من الضروريّات الأساسيّة كالماء الصالح للشراب و العناية الصحّية و التصريف الصحّى و التعليم . ويجرى تطبيق قانون الشريعة العنيف ( و يفرض الحكّام الأصوليّون الإسلاميّون ، ضمن أشياء أخرى ، إضهادا شديدا للنساء ) . و قد وقع نهب الثقافة العراقيّة نهبا تاما من المتاحف نتيجة مباشرة أو تالية للإحتلال الأمريكي . و أيّة فرق جديدة سيرسلها أوباما إلى العراق ستزيد من العذاب و القتل إلى جانب تلك الفظائع . إنّ تحرّك أباما هذا يمثّل خطوة جديدة تندرج ضمن مجموعة تحرّكات مترابطة تقوم بها إدارة أوباما لإعادة الجيش الأمريكي إلى العراق .
ما الذى تسعى الولايات المتّحدة إلى تحقيقه ؟
لأكثر من مائة عام أخضعت الرأسماليّة – الإمبرياليّة شعوب العراق و الشرق الأوسط و إستغلّتها و إضطهدتها – و الشرق الأوسط منطقة تتميّز بأكثر الموارد النفطيّة تركيزا فى العالم وهي فى مفترق طرق و صراع بين القوى فى المنطقة و القوى العالميّة . و لا يزال هذا هو سبب التدخّل السافر للولايات المتّحدة فى المنطقة .
كان غزو الولايات المتّحدة للعراق و إحتلالها له سنة 2003 جزءا من إعادة الهيكلة الراديكاليّة لكامل المنطقة لمصلحة الإمبراطوريّة الأمريكيّة . لكن ذلك الغزو و تلك التحرّكات الأخرى للولايات المتّحدة بعثت حياة جديدة فى الإنتشار السريع للقوى الجهاديّة الإسلاميّة الرجعيّة و العديد منها فى نزاع مع الولايات المتّحدة . و وفّرت الهزائم التى منيت بها الولايات المتّحدة و الصعوبات التى تعرّضت إليها فرصا للمتنافسين فى المنطقة و عالميّا و وضعت موضع السؤال مصداقيّة الولايات المتّحدة و فرضها بالقوّة لإرادتها و حكمها فى أي مكان .
الأربع مائة و خمسون عسكريّا المتجهون إلى العراق جزء من خطّة إدارة أوباما للردّ على الوضع . و الغاية من هذه الخطوة هي تعزيز شبكة القواعد المنشورة عبر العراق و توسيعها . و الهدف المعلن لهذه القواعد هو تدريب الجيش العراقي و مليشيات أخرى وقيادتهم مع فكرة ضمنيّة هي أنّ هذه القوات يمكن أن تُنشر لتقتل و تموت فى سبيل أهداف الإمبراوريّة الأمريكيّة تلك . و ما لم يُعلن على الملأ فى التصريحات الرسميّة إلاّ أنّه فى منتهى الأهمّية هو أنّ هذه الشبكة من القواعد يمكن أن تستخدم كبنية تحتيّة سقالة يمكن أن يشيّد عليها بسرعة و توسّع قواعد أخرى كلّما و حيثما ترى الولايات المتّحدة ضرورة لإرسال العديد من الفرق الأخرى إلى العراق فى أيّة لحظة و لأيّ سبب .
و هذه القواعد بعدُ موجودة فى المدن العراقيّة الأسدى و سيمايا و أربيل و تاجه أين تدرّب أكثر من 9 آلاف من أفراد الفرق العراقيّة و 3 آلاف آخرين بصدد التدرّب ، أساسا تحت إمرة 3 آلاف " مستشار" أمريكي ( و حسب الكثير من التقارير ، عدد مماثل من " المتعاقدين الخواص " ).
على المستوى الإستراتيجي ، إعادة زرع الولايات المتّحدة لمزيد من الفرق الغاية منه توفير و توحيد قيادة عسكريّة ميدانية للقوات العسكريّة للنظام العراقي الذى أرسته الولايات المتّحدة . و تهدف القوات العسكريّة الأمريكيّة إلى دعم النظام العراقي المكروه و توجيهه و جعله نظاما مستقرّا – إو إعادة صياغة شيء من هذا النظام ( الذى قد ينتهى إلى نوع من " الفدراليّة " الشكليّة لمختلف المجموعات الأثنيّة و الكتل الدينيّة ، أو قد يتحوّل إلى دول منفصلة ) ، يخدم مصالح الإمبراطوريّة الأمريكيّة التى تواجه وضع تداعي سريع فى المنطقة برمّتها .
النزاعات صلب الطبقة الحاكمة مقابل مصالح الإنسانيّة
تؤكّد قطاعات من الطبقة الحاكمة الأمريكيّة ، من خلال وجهات نظر عبّر عنها أناس مثل جون ماك كاين ، على أنّه كان على الولايات المتّحدة أن لا " تغادر " العراق و أنّ هناك حاجة إلى إرسال المزيد من الفرق الأمريكيّة . و ترى قطاعات أخرى من الطبقة الحاكمة ( كما يعبّر عن ذلك أوباما ) أنّ هناك الكثير من " الأحذية على الأرض " ، خاصة فى القتال المباشر كإستراتيجيا فاشلة و لا يمكن الإستمرار فيها . و يشدّدون على الدفاع العنيف و خدمة مصالح الولايات المتّحدة بالمزيد من التعويل على تجنيد جيش النظام العراقي و شتّى المليشيات و تدريبها و إدارتها و قيادتها .
أوّلا، ليس الواقع كما لو أنّ الولايات المتّحدة قد " إنسحبت " من العراق أو المنطقة فى ظلّ حكم أوباما . فالسفارة الأمريكيّة فى بغداد هي أكبر سفارة للولايات المتّحدة فى العالم وهي فى الأساس حصن " إستعماري " يزخر بالجواسيس و العسكريّين و عاملين آخرين مختصّين فى الحفاظ على التأثير الأمريكي فى البلاد . و خلال السنة الفارطة ، قامت الطائرات و الصواريخ الأمريكيّة بمئات الضربات متسبّبة فى قتل أعداد لا تحصى من الأبرياء . و لم تكفّ الولايات المتّحدة أبدا عن خوض الحرب بأشكال متنوّعة فى المنطقة : مساندة القتل الجماعي الإسرائيلي لأبناء و بنات الشعب الفلسطيني ، و مساعدة التسريع فى إرتكاب الجرائم فى حقّ الإنسانيّة التى راح ضحيّتها 200 ألف إنسان فى سوريا ، و محوّلة ليبيا إلى منطقة إطلاق نار حرّ بالنسبة إلى الجهاديين الرجعيّين ، و مقدّمة الدعم للطغاة فى مصر و العربيّة السعوديّة التى قامت بهجمات عسكريّة فى ليبيا و اليمن ، و مواصلة حملات القتل بقنابل الطائرات دون طيّار ، و محاولة الحصول على تسوية مع إيران للمساعدة على الإبقاء على كامل نظام المنطقة الذى تهيمن عليه الولايات المتّحدة تقريبا دون مساس . لكن لا شيء من ذلك قد " نجح " من وجهة نظر الإمبراطوريّة الأمريكيّة . و ليست للحكّام " أجوبة " بإستثناء روايات متنوّعة من ذات الطراز إيّاه أو أسوء .
كيف نتقدّم بشيء مختلف تماما عن ما تقدّمه الإمبريالية الغربية و داعش
متى أردتم معالجة مشكل ، وجب عليكم إمتلاك فهم علمي أساسي لما هو ذلك المشكل ! وعلى ضوء ذلك، المقتطف التالى لبوب أفاكيان ، الذى يشخّص بدقّة طبيعة الصدام بين الإمبريالية الغربيّة و الجهاديين ، يستحقّ الدراسة و النقاش :
" ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولّي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا .
و فى حين أنّ هذه صيغة مهمّة جدّا و حيويّة فى فهم الكثير من الديناميكية التى تحرّك الأشياء فى العالم فى هذه المرحلة، فى نفس الوقت ، يجب أن نكون واضحين حول أي من " هذين النموذجين الذين عفا عليهما الزمن " قد ألحق أكبر الضرر و يمثّل أكبر تهديد للإنسانيّة : إنّه الطبقة الحاكمة للنظام الإمبريالي التى عفا عليه الزمن تاريخيّا ، و بوجه خاص إمبرياليّو الولايات المتحدة . "
و من هنا يمكن ان يكون لما يفعله الناس فى هذه البلاد الآن أو ما لا يفعلونه كبير الأثر .
نقطة إنطلاقنا هي التقدّم بالثورة العالميّة . إنّنا نناضل للحصول على بديل للرأسمالية – الإمبرياليّة يكون واقعيّا و راديكاليّا – قيادة بوب أفاكيان و رؤيته و إستراتيجيّته لثورة شيوعية حقيقيّة ثاقبة الرؤيا و قابلة للتحقيق على الصعيد العالمي . و فى هذا السياق ، تصوّروا كيف أنّ " خيارات " مغايرة ستظهر حول العالم إذا و متى حدثت ثورة فى الولايات المتّحدة !
هناك حاجة إلى معارضة مصمّمة لا تساوم لكلّ تحرّكات الولايات المتّحدة لدعم مصالحها فى المنطقة و تعزيزها . و مجدّدا نشدّد على كلّ التحرّكات : خطوات أوباما و قذف القنابل بالطائرات و إرسال " المستشارين " ليست بأفضل من دعوات الجمهوريّين لحتّى المزيد من " الأحذية على الأرض " . هذه الإختلافات التى تخص ما إذا و كيف تدمج إيران فى مخطّطاتهم لا تعدو أن تكون إختلافات حول كيفيّة إستعباد الشعوب .
و بقدر ما تشاهد شعوب العالم معارضة مصمّمة لا تساوم لجرائم " حكومتنا " بقدر ما يُفتح الباب أمام الشعوب لتبحث عن و تتبنّى طريقة أخرى ، تماما خارج خيار الإلتحاق بقوّة من القوّتين الرجعيّتين المتصارعتين " اللتين فات أوانهما " .
من أجل إيقاف حروب الإمبراطوريّة و جيوش الإحتلال و الجرائم ضد الإنسانيّة .
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
5- تقرير الأمم المتّحدة يكشف جرائم حرب الهجوم الإسرائيلي على غزّة سنة 2014 : " زمن الحرب ، لا وجود لمدنيين ، هناك فقط عدوّ "
جريدة " الثورة " عدد 394 ، 6 جويلية 2015
http://revcom.us/a/394/u-n-report-reveals-the-war-crimes-of-israels-assault-on-gaza-in-2014-en.html
Revolution Newspaper | revcom.us
فى 3 جويلية 2015 ، صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع الأمم المتّحدة و المتكوّن من 47 عضوا ب41 مع و 1 ضد لصالح المصادقة على التقرير الحديث للجنة المستقلّة لتقصّى الحقائق فى نزاع غزّة سنة 2014- لجنة خاصة للبحث فى نزاع غزّة – أي ال51 يوما من الهجوم العسكري الإسرائيلي ضد 1,8 مليون فلسطيني فى قطاع غزّة فى جويلية و أوت 2014.
أمام دلائل جمّة جمّعتها اللجنة مفصّلة – غالبا - جرائم الحرب و إنتهاكات حقوق الإنسان من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين أثناء هجوم 2014 ( إلى جانب عدد أقلّ بكثير من الجرائم التى إقترفتها القوى الفلسطينيّة – العديد منها ضد فلسطينيين آخرين ) ، تجرّأ بلد واحد فقط على التصويت " ضد " التقرير . وهذا البلد هو الولايات المتّحدة التى دعّمت بإستمرار الهجمات الإسرائيليّ على غزّة و حتّى أعادت تزويد إسرائيل بالسلاح فى خضمّ الحرب .
من جهتها ، رفضت إسرائيل التعاون مع اللجنة . " لقد طالبت اللجنة بصفة متكرّرة من إسرائيل أن تتعاون معها ، بما فى ذلك منح اللجنة إمكانيّة الدخول لإسرائيل و الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة و منها الضفّة الغربيّة و القدس الشرقيّة و قطاع غزّة . و للأسف ، لم تستجب إسرائيل لهذه المطالب " . لقد جعلت إسرائيل من غير الممكن لمفتّشى الأمم المتّحدة دخول غزّة و عطّلت عمل اللجنة قدر طاقتها – و مصر أيضا منعت اللجنة من عبور حدودها و الإلتحاق بغزّة .
و حصلت اللجنة على تعاون السلطة الفلسطينيّة فى الضفّة الغربيّة . و تمكّنت من تجميع الأدلّة و الشهادات بفضل وكالات الأمم المتّحدة الموجودة بعدُ على أرض غزّة . و قلّما تعاونت حماس ، الجماعة الأصوليّة الإسلاميّة التى تحكم غزّة ، مع اللجنة .
و فورا ندّدت إسرائيل بالتقرير و صرّح الوزير الأوّل نتنياهو : " التقرير مغرض . و المجموعة التى صاغته تعمل تحت إشراف لجنة تقوم بكلّ شيء عدا حماية حقوق الإنسان " . و بثّت الجماعات الموالية لإسرائيل فى الولايات المتّحدة قدرا كبيرا من السموم ضد "عار" تصويت " نعم" و ضد التقرير ككلّ.
ماذا تضمّن تقرير الأمم المتّحدة ؟
فى تفصيله للدمار الذى تسبّبت فيه القوات الإسرائيليّة أثناء الحرب ، سجّل التقرير : " فى غزّة خاصة ، نطاق الدمار لم يسبق له مثيل . و يعبّر عدد الموتى لوحده عن الكثير و الكثير : قُتل 2251 فلسطينيّا منهم 1462 مدني منهم 299 إمرأة و 551 طفل ؛ جُرح 11231 فلسطيني بمن فيهم 3540 إمرأة و 3436 طفل ... منهم 10 بالمائة يعانون عاهات دائمة نتيجة ذلك ." و يمضى التقرير كذلك إلى حملة القمع الشديد الذى سلّطته إسرائيل على الفلسطينيين فى الضفّة الغربيّة و القدس الشرقيّة أثناء الهجوم على غزّة .
و من الناحية الأخرى ، يسجّل تقرير الأمم المتّحدة " وفاة 6 مدنيّين إسرائيليّين و 67 جنديّا و جرح 1600 آخرين " .
و إليكم بعض الأمثلة المنتقاة من التقرير :
إستهدفت الضربات الجوّية البنايات السكنيّة و غيرها :
" قامت قوات الدفاع الإسرائيلي بأكثر من ستّة آلاف ضربة جوّية على غزّة خلال عمليّة 2014 ، من اليوم الأوّل إلى نهاية العمليّة . و قد شملت هذه الهجمات بناءات سكنيّة و غيرها . و نتيجة لذلك ، وفق وكالة تنسيق الشؤون الإنسانيّة ، أثناء المعارك ، شهدت 142 عائلة فلسطينيّة قتل ثلاثة أفراد أو أكثر من أفرادها فى ذات الحادث جرّاء تحطيم البنايات السكنيّة ، من مجموع 742 وفاة . و قد جاء حتّى عدد أكبر فى تقارير بعض المنظّمات غير الحكوميّة تحدّثت عن 1066 منهم 370 طفلا و 241 إمرأة قُتلوا داخل منازلهم . و إضافة إلى ذلك ، حطّمت الضربات الجوّية لقوّات الدفاع الإسرائيليّة – كلّيا أو جزئيّا – عددا هاما من المنازل " .
هناك عشرات المقتطفات من شهادات سكّان مدنيّين بغزّة تحدّثوا عن ما تعرّضوا إليه أثناء الهجمات الإسرائيليّة . ونكتفى هنا بموقفين لناجيين من الضربات الجوّية الإسرائيليّة :
- " كنت بالطابق الأوّل و كنت الناجى الوحيد من هذا الطابق . عندما حدث الهجوم فقدت الوعي . و إستيقظت حوالي الساعة السادسة بالمستشفى و لاحقا علمت أنّ أختى و أمّى و أطفالى ماتوا جميعهم . و قد لقي حتّى عدد من أقاربى بالطابق الثاني حتفهم . قتلنا جميعا يومها ، حتّى الذين ظلّوا على قيد الحياة ".
- " بعد لحظة [...] إنقشع الغبار و رأيت عائلتى ممزّقة إلى أشلاء . و كانت عائلتى تشمل إخوتى و زوجتى و أطفالى . قُتل البعض و جرح آخرون . كانت رؤية ذلك مؤلنة للغاية . و غالبيّة الذين قتلوا من النساء و الأطفال ."
العمليّات الأرضيّة :
شرعت القوات الإسرائيليّة فى غزوها الأرضى لغزّة فى 17 جويلية . و ما عناه ذلك فى العالم الواقعي هو مجزرة فظيعة. و الهجوم على حيّ فى غزّة بوجه خاص ، على الشجاعيّة ، مثال بارز . فالتقرير سجّل أنّ " الشجاعيّة حي من أكثر أحياء غزّة كثافة سكنيّة إذ يعدّ سكّانه 92 ألفا متجمّعين فى منطقة مساحتها حوالي 6 كيلمترات مربّعة " . و حسب تقرير الأمم المتّحدة ، أطلقت إسرائيل النار على الأقلّ ب 660 قذيفة مدفعيّة نحو الشجاعيّة فى أقلّ من ساعة و رمتها بواسطة الطائرات ب 100 قنبلة يبلغ وزن الواحدة منها طنّا ، و ذلك فى فترة زمنيّة وجيزة . و يشير التقرير كذلك إلى أنّ الشجاعيّة قد دمّرت تقريبا بالكامل من قبل الجيش الإسرائيلي ، فمائة بالمائة من البناءات قد حطّمت فى معظم أجزاء الحيّ . و وفق تقدير محافظ الأمم المتّحدة ذاته " 55 مدني منهم 19 طفلا و 14 إمرأة قٌتلوا فى 19 و 20 جويلية فى الشجاعيّة نتيجة عمليّات قوات الدفاع الإسرائيليّة " .
و هناك شهادات إدانة من جنود إسرائيليين . فأحد الذين شاركوا فى الهجوم على الشجاعيّة شهد بأنّ : " طابور مدرّعات دخل الشجاعيّة و إنتشر فيها إنتشارا واسعا و إتخذ مواقعا و حدّد " بؤرا مشكوكا فى أمرها " و أطلق النار كما هو مطلوب. و كانت ضوابط القتال مرنة جدّا جدّا [...] لم يوجد شيء إسمه طلب الإذن . فقط إطلاق النار ".
والمقتبس الآخر من كلام قال فيه ضابط سامى زمنها ، على رأس " عقيدة دسك " ضمن فيلق المشاة ه . ك : " ما كنّا نودّ أن نبثّ الإضطراب فى صفوف الفيالق ، هذا كلّ ما فى الأمر. حينما أعلّم الناس القتال فى حرب ، من المفترض أن لا يكون هناك مدنيّون و إن وجدوا أقنعهم بالمغادرة . زمن السلم و الأمن ، يواجه الجنود سكّانا مدنيّين ، لكن زمن الحرب ، لا وجود لمدنيين ، هناك فقط عدوّ ".
و يصف التقرير أيضا الهجوم على مدينة رفح ،على الحدود الجنوبيّة لغزّة مع مصر . " لقد تحوّلت رفح بالأساس إلى منطقة عسكريّة مغلقة . و وفق روايات وسائل الإعلام ، أطلقت قوّات الدفاع الإسرائيليّة أكثر من 1000 قذيفة مدفعيّة على رفح فى ثلاث ساعات وقصفتها من الجوّ بما لا يقلّ عن 40 قنبلة . و حطّمت المدرّعات و الجرّافات عشرات المنازل . و تعرّض السكّان إلى هجمات شرسة و هم فى منازلهم و فى الشوارع . و قد روى شهود عيان للجنة أنّ عشرات المنازل قد دمّرتها جرافات قوات الدفاع الإسرائيليّة . و تعرّضت سيّارات الإسعاف و غيرها من العربات التى سعت إلى إخلاء المدنيّين من مناطق القتال ، هي الأخرى إلى القصف . و نتيجة لهذه العمليّة ، إفتراضيّا صار كلّ شخص أو مبنى فى رفح هدفا عسكريّا محتملا . و روت أُسر أنّها كانت تقسّم الأطفال إلى مجموعات منفصلة قبل اللوذ بالفرار و مغادرة المنازل ، على أمل ان تصاب مجموعة بالنار و تتمكّن مجموعات أخرى من النجاة ".
الهجمات على المدارس و المعاهد التى كانت تستخدم كملاجئ للهاربين من الهجمات الإسرائيليّة :
يفصّل تقرير الأمم المتّحدة كيف أنّ إسرائيل قد إستهدفت ما يفترض أن تكون ملاجئ آمنة تديرها وكالة الإغاثة والعمل التابعة للأممم المتحدة ، فى غزّة . و كان العديد منها مدارسا . " نظرا لإنعدام الأمن الناجم عن الضربات الجوّية والعمليّات الأرضيّة عبر قطاع غزّة و تبعا لتعليمات قوّات الدفاع الإسرائيليّة بالمغادرة ، تحرّك حوالي 300 ألف شخص إلى 85 مدرسة تستخدمها تلك الوكالة كملاجئ طوارئ محدّدة أثناء عمليّة شحذ الحماية . و وفق تقارير إطّلعت عليها اللجنة ، تمّت مهاجمة الملاجئ لسبع مرّات . و تفحّصت اللجنة حوادثا ثلاثة : أصيبت مدرستا بيت حانون للتعليم أ و د و جبيليّة الإبتدائيّة للبنات أ و ب إصابة مباشرة بينما أصاب صاروخ موجّه هدفا محاذيا للمدرسة الإعداديّة للذكور برفح . و خلّفت كلّ الحوادث قتلى فى صفوف اللاجئين – فى الجملة بين 44 و 47 منهم 14 طفلا و4 نساء. ولم يقع تحديد عدد الجرحى فى هذه الحوادث تحديدا دقيقا إلاّ أنّه يبلغ على الأقلّ 200 ".
ما تسمّى ب" التحذيرات " للمدنيّين بشأن هجمات إسرائيليّة داهمة :
فى خضمّ و بعد حربها على غزّة سنة 2014 ، إفتخرت إسرائيل بأنّها كلّفت نفسها عناء تحذير المدنيّين بالضربات الجوّية و الهجمات الأرضيّة الوشيكة . و تدّعى إسرائيل أنّها قذفت ما تسمّى بقذائف " طرق على السطح " غير متفجّرة على سطح البناءات السكنيّة لتحذير السكّان . و تدّعى أيضا أنّها أصدرت نداءات عبر الهاتف الجوّال برسائل مسبّقة التسجيل طالبة من الناس الإخلاء الفوري للمنطقة المستهدفة و أنّها كذلك وزّعت مناشيرا عن طريق الطائرات .
و يستشهد تقرير الأمم المتّحدة بفلسطيني يدعى طلال وصف الهجوم على البناية أين كان يعيش و عائلته و عائلات أخرى: " أكّد طلال أنّ 11 شخصا قُتلوا بفعل الهجوم و أنّ المنقذين لم يصلوا الموقع إلاّ بعد مرور عدّة ساعات . و قد غدت البناية حاما تماما و كان فى منتهى الصعوبة إستخراج الجثث. و أضاف أنّهم لم يتلقّوا أيّة مناشير أو نداءات أو رسائل هاتفيّة تحذّرهم من هجوم وشيك . الشيء الوحيد الذى يمكن أن يعدّ تحذيرا هو قذيفة سقطت على السطح لم يلاحظها إلى أن أخبره بها أخوه ، لكن بالنسبة للشاهد العيان لم يكن من الواضح أبدا إن كانت القذيفة من نوع ما يسمّى ب " طرق على السطح ". حسب طلال ، حتّى و إن مثّلت تحذيرا ، فإنّها لم تكن لتعطيهم الوقت الكافى للمغادرة " .
و فى الحالات المسجّلة التى بلغت فيها عمليّا السكّان رسائل تحذير على هواتفهم الجوّالة ، لم يمكّنوا إلاّ من حوالي 10 دقائق للمغادرة . و تصوّروا أنّكم تحاولون تجميع أكثر أمتعتكم حيويّة و أطفالكم و أولياءكم المسنّين و أقرباءكم المعاقين فى ذلك الحيّز من الزمن ثمّ النجاة من هجوم بالقنابل .
أكّد أحد سكّان غزّة من قرية خزاعة التى حطّمها أيضا الهجوم الإسرائيلي : " نعم تلقّينا تحذيرات من خلال المناشير التى تساقطت علينا من السماء . و أطلقت التحذيرات فى الصباح لكن الهجمات بدأت فى ذات اليوم لذا كان الخيار صعبا بما أنّنا خشينا من فكرة الهروب وسط الهجمات الجارية " .
الهجمات على المدنيّين الهاربين من العمليّة العسكريّة :
ورد فى تقرير الأمم المتّحدة : " علمت اللجنة أنّه فى 23 جويلية ، واجه مدنيّون يرفعون رايات بيضاء و يحاولون مغادرة خزاعة مجموعة من جنود قوّات الدفاع الإسرائيليّة يزعم أنّها منعتهم من الخروج من القرية و حسب التقارير أطلقت عليهم النار ". و أدلى أحد سكّان خزاعة بشهادة : " كنّا نتحرّك ببطئ نحو خطّ لجنود قوّات الدفاع الإسرائيليّة كانوا ينتظروننا يستعدّون لمواجهتنا. عندما إقتربنا من الجنود، شرع الذين كانوا فى المقدّمة فى الحديث إلى الجنود قائلين لهم : " نحن مدنيّون ، رجاء لا تطلقوا الرصاص " . و عندما صرنا على بعد 5 إلى 10 أمتار منهم ، واجهونا و أمرونا " عودوا إلى منازلكم ، لقد حذّرناكم لتغادروا قبل أيّام . لماذا لم تغادروا ؟ " و لم يسمحوا لأي منّا بالمغادرة و لا حتّى للنساء و الأطفال الواقفين أمامهم و الذين لا يشكّلون بداهة أي تهديد لهم . و لمّا رفض الناس العودة ، أخذوا يستخدمون قنابلا صوتيّة وإضاءة خطّهم . فشرعنا فى التراجع و عندما أصبحنا على بعد مائة إلى مائتي متر منهم ، طفقوا فجأة يطلقون النار علينا".
غالبا قتل من جانب واحد :
أدان تقرير الأمم المتّحدة عمليّا مجموعات فلسطينيّة مسلّحة ناشطة فى غزّة ل " الطبيعة الكامنة غير المميّزة لمعظم القذائف الموجّهة إلى إسرائيل من قبل هذه المجموعات و لإستهداف المدنيّين ، و هذا تجاوز للقوانين الإنسانيّة المتعارف عليها عالميّا و يمكن أن يعدّ جريمة حرب " . و هذه الخروقات المسجّلة بداهة تتضاءل مقارنة بالقتل الجماعي الفظيع و الدمار و الإرهاب الذين سلّطتهم إسرائيل على غزّة : 2251 قتيل فلسطيني منهم 1462 مدني من بينهم 551 طفلا . قارنوا هذا بال6 مدنيّين الإسرائيليّين الذين وردت تقارير بموتهم و بال61 جندي إسرائيلي الذين قُتلوا بينما كانوا يقترفون جرائم حرب عدّة ضد الفلسطينيين .
و ينقد التقرير أيضا إنتهاكات حقوق الإنسان التى إقترفتها المجموعات الفلسطينيّة المسلّحة ( و منها حماس و مجموعات جهاديّة متنوّعة و مجموعات وطنيّة علمانيّة ) ضد فلسطينيين آخرين .
لكن فى الغالب ، يُجمّع تقرير اللجنة إيّاها و يمثّل أدلّة فظيعة على أنّ إسرائيل إقترفت جرائم حرب شنيعة و هائلة فى غزّة.
و لو كنّا لنصدر حكما فقط على قاعدة مذبحة ال51 يوما ، ببساطة سندين دولة إسرائيل على أنّها دولة إرهابيّة مجرمة بخبث . لكن الواقع هو أنّ هذه الحرب جزءا لا يتجزّأ من الحرب ضد الشعب الفلسطيني التى شنّتها و لا تزال دولة إسرائيل منذ نشأتها سنة 1948 . إنّها دولة إستعمار إستيطاني تتمتّع بدعم نشيط من القوى الإمبرياليّة التى تفرض الهيمنة الإمبرياليّة على الشرق الأوسط برمّته ، و هي قائمة على التطهير العرقي و القتل الجماعي .
Selected resources on http://www.revcom.us about Israel and its wars.
• For background on the nature and role of Israel see the special Revolution/revcom.us issue: The Case of Israel: Bastion of Enlightenment´-or-Enforcer for Imperialism?

• From A World to Win News Service: Gaza and all of Palestine still need liberation

• Massacre of Palestinians at a UN School—STOP ISRAEL’S ASSAULT ON GAZA NOW!

Invoking the Holocaust to Silence Criticism of Israel’s Crimes? NEVER AGAIN!

==================================================================
6 ـ الحرب الأهليّة فى اليمن و مستقبل الخليج
جريدة " الثورة " عدد 394 ، 6 جويلية 2015
" أخبار عالم نربحه " ، 29 جوان 2015
Revolution Newspaper | revcom.us
http://revcom.us/a/394/awtwns-yemens-civil-war-and-the-future-of-the-gulf-en.html
اليمن تدمّره الحرب الأهليّة التى باتت قاتلة أكثر بفعل التدخّل الأجنبي . و تتحرّك بصفة خاصّة العربية السعوديّة على رأس تحالف دول عربيّة و بدعم و تجهيز عسكري من الولايات المتّحدة ، لتقاتل بخبث للحفاظ على هيمنتها على اليمن كما لو انّ منزل آل سعود نفسه على المحكّ – وهو ما قد يحدث. اليمن بلد جدّ فقير ، كثيف السكّان و تاريخيّا جمهوريّ و سياسيّا مضطرب. بكلمات أخرى ، يمكن أن يمثّل تهديدا لإستقرار شبكة الملكيّات النفطيّة التى يحكم الأثرياء فيها السكّان الأصليين المتناثرين لبلدان الخليج الأخرى.
و من أهمّ مدن اليمن مدينتين واحدة فى الجنوب الغربي ، المدينة الميناء الإستراتيجيّة ، عدن وقد إنقسمت إلى إثنين . و قد تجمّع اللاجئون فى الجزء الغربي منها الواقع تحت سيطرة النظام القديم المدعوم من قبل السعوديّة ، و ليس بالضرورة لأنّهم يدعمونه بل لأنّ ذلك هو المكان الآمن من الضربات الجوّية السعوديّة . و الشوارع مليئة بالجثث و الأوساخ ؛ و الماء الصالح للشراب غير متوفّر و بالكاد يوجد القليل من الغذاء و الوقود او الأدوية . و العاصمة صنعاء ، فى الوسط الغربي و التى تعتبر إحدى أجمل المدن القديمة فى العالم واقعة تحت سيطرة المتمرّدين الحوثيّين وهي عرضة للغارات الجوّية السعودية المستمرّة . والمنازل و البناءات الأخرى فى قلب الأراضي الحوثيّة فى مقاطعة صعدة فى الشمال ، قرب الحدود السعوديّة ، تُحوّل بشكل نظامي إلى رُكام .
وفى نفس الوقت ، علاوة على مساندة النظام القديم ، تنشط الولايات المتّحدة عسكريّا فى الجنوب الشرقي من البلاد الأقلّ سكّانا ، منجزة غارات جوّية بطائرات دون طيّار و عيرها من الهجمات التى تستهدف القاعدة – التى و للمفارقة ، تستفيد من الهجمات على الحوثيّين – و بالتالى تقتل المدنيّين أيضا .
و قد خلّفت الضربات الجوّية للتحالف السعودي 2600 قتيلا و 10000 جريحا . و تقدّم الولايات المتّحدة " النصح " بشأن الأهداف . و قد هجر حوالي المليون شخصا منازلهم حسب تقرير للأمم المتّحدة يقول أيضا إنّ ثلاثة أرباع سكّان البلاد على حافة الجوع لأنّ الحصار البحري يمنع توريد الغذاء و الوقود الذين تحتاجهما البلاد . و هذا مظهر آخر من الإستراتيجيا العسكريّة الرامية إلى عقاب السكّان وترهيبهم. و أمراضكحمّى الضنك و الملاريا آخذة فى الإنتشار . و قد ترك العديد من اليمنيين اليمن أصلا متّجهين نحو شمالى الصومال و دجيبوتي – و أوروبا ، ملتحقين بملايين اللاجئين المطرودينمن منازله جرّاء سحق بلادهم و تدميرها .
لقد بلغ ما يسمّى بالربيع العربي اليمن فى 27 جانفى 2011 عندما شرع آلاف الطلبة و المحتجّين الآخرين فى التظاهر فى صنعاء . و كان على رأس المطالب التشغيل و مقاومة الفقر و الفساد المتفاقمين و كذلك مقاومة مخطّطات تغيير دستور اليمن للسماح لعبد الله صالح الرئيس لأكثر من ثلاثين سنة بأن يواصل الحكم أو الماح لإبنه بأن يحلّ محلّه . و سرعان ما نادت المظاهرات برحيل صالح مثلما رحل بن علي و مبارك .
فى تونس ، ظلّت الدولة القديمة على حلها دون مساس و إستطاع النظام القديم العودة ، و كان الأمر حتّى أكثر بديهيّة فى حال مصر ، وكانت السعوديّة و الولايات المتّحدة تتآمران من وراء الستار. أمّا اليمن فلم يعرف أبدا وهم الثورة . ففى نوفمبر 2011 ، نظّم مجلس التعاون الخليجي صفقة بموجبها يسلّم عبد الله صالح السلطة إلى نائب الرئيس عبد ربّو منصور هادي ، مقابل التمتّع بالحصانة ضد تتبّعه و أسرته .
بعا ، بينما تتّخذ القرارات فى الرياض و واشنطن ، يجب أن تقدّم هذه المؤامرات على أنّها إرادة الشعب اليمني . و فى فيفري 2012 ، كسب هادي الإنتخابات الرئاسيّة التى كان فيها المرشّح الوحيد ب 99,8 بالمائة من الأصوات . وكما جدّ فى تونس و مصر حيث إستخدمت كذلك الإنتخابات ضد التمرّد الشعبي، " ظلّت نخبة اليمن إلى درجة كبيرة دون تغيير ، بذات العائلات و مجموعة القبائل تسيطر على موارد البلاد و بذات شبكات المحاباة و ذات الهياكل السياسيّة " ( آدام هنياه، " أنساب تمرّد " ، كتب هايماركت ، 2013 ). لكن على خلاف ما جدّ بتونس و مصر ، لم يكن لنهاية حكم صالح تأثير كبير على إخماد التمرّد .
و قد وصف رئيس الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، باراك أوباما ، اليمن بنموذج الإنتقال السلمي للسلة فى الشرق الأوسط . غير أنّه مع حلول شهر أوت 2014 ، أخذ النظام يهتزّ من جديد . لأسابيع عدّة حدثت مسيرات إحتجاجيّة ضد الحكومة بدافع إرتفاع مشّ و غير شعبي فى أسعار الوقود . و هذه المرّة ، ساهم فى ذلك و كان لهم ثقل و وزن هام الحوثيّون وهم مجموعة قبليّة من الشمال كانت متمرّدة ضد الحكومة المركزيّة طوال العقد الماضى . و زحفوا على صنعاء فى سبتمبر 2014 . و مع بدايات 2015 ، إستقال هادى و صارت مسؤوليّة الحكم بيد الحوثيّين .
و فى أواخر مارس 2015 ، طفق تحالف تقوده السعوديّة فى إلقاء القنابل على مواقع الحوثيّين . و شاركت فى العمليّة طائرات مقاتلة من مصر و المغرب و الأردن و السودان و الإمارات العربيّة المتّحدة و الكويت و قطر والبحرين . و سمحت الصومال للتحالف بإستعمال مجالها الجوّي و مياهها الإقليميّة و قواعدها العسكريّة . و قدّمت الولايات المتّحدة الدعم المخابراتي و اللوجستي ، ومن ذلك البحث عن طيّارى التحالف الذيم تمّ إسقاط طائراتهم و إنقاذهم . و كذلك سرّعت فى عمليّات بيع الأسلحة لدول التحالف إيّاه . و شملت الأسلحة قنابلا عنقوديّة محضورة من غالبيّة البلدان فى العالم لأنّها تهدف إلى قتل و تشويه الناس فى مجال منطقة واسعة أكثر من أن تحطّم أهدافا خاصّة . و قد تسبّبت هذه الذخيرة فى قتل المئات و جرح عدّة آلاف من عامة اليمنيّين إذ أصابت مدارسا و مناطقا آهلة بالسكّان و الخدمات الصحّية و الجوامع و محطّات التزوّد بالوقود و غيرها من الأهداف المدنيّة الأخرى . ( أنظروا جريد " النيويورك تايمز " على الرابط التالي
http://nyti.ms/1D2Kh9K).
و إستجلبت العربيّة السعوديّة فيالق جيش أرضيّة من باكستان وهو بلد كان جيشه لفترة طويلة حليفا للولايات المتحدة و مدين بالفضل بصفة متنامية للمال السعودي . و صوّت البرلمان الباكستاني للحفاظ على موقف الحياد غير أنّ الباكستان على أي حال وافق على تقديم السفن لحربيّة لمساعدة التحالف .
و ينزع الكثير من المحلّلين و وسائل الإعلام إلى الإشارة إلى النزاع الديني السنّي – الشيعي لتفسير التدخّل الذى تقوده السعودية فى اليمن مشيرين إلى أعضاء التحالف المناهض للحوثيين على أنّهم " دول عربيّة سنّية " . لكن السيطرة على اليمن كانت دائما موضوعا هاما بالنسبة إلى العربيّة السعوديّة فى حدّ ذاتها . بالضبط سنتين بعد تأسيسها شنّ إين سعود الملك الأوّل للعربيّة السعوديّة حربا لم تدم طويلا مع اليمن فى 1934. و ليست جزئيّات النزاع مهمّة بشكل خاص اليوم إلاّ أنّ نتيجتها كانت معاهدة الطائف التى لأوّل مرّة شكليّا حدّدت جزءا من الحدود بين البلدين. و مذّاك تدخّلت العربيّة السعوديّة بإستمرار فى اليمن بطرق متنوّعة ، من دعم المجموعات المُلكيّة فى اليمن أثناء الحرب الأهليّة اليمنيّة 1962- 1970 ، إلى معاقبة اليمن لمعارضتها أوّل غزو قامت به الولايات المتّحدة للعراق ( 1990-1991).
مستعملة كلاّ من " الدعم " الرسمي و غير الرسمي ( فى شكل رشاوى لرؤساء القبائل ) ، و مسألة الحدود و تشجيع الفرع الوهّابي من السلفيّة ( الأصوليّة السنّية ) المرتبة بالعرش السعودي ، حاولت العربيّة السعوديّة بإستمرار أن تتحكّم فى اليمن بأكبر قدر ممكن لأجل منعه من التحوّل إلى تهديد لإستقرارها الخاص . لقد أبعد تصاعد الأسلمة السلفيّة للبلاد فى ظلّ حكم عبد الله صالح و السعوديين بداية من أواسط ثمانينات القرن العشرين ،أبعد النساء عن الأسواق و الأماكن العامّة الأخرى و فرض عليهنّ تغطية أنفسهنّ تقريبا كلّيا ، إلى جانب تضييقات دينيّة أخرى مفروضة على مجتمع كان لفترة زمنيّة طويلة نسبيّا متسامحا فى كلّ من العلاقات بين الأديان ( الغالبيّة السنّية و الشيعة و اليهود و غيرهم ) و العلاقة بين الدين و الخياة العامة .
قول حركة الحوثيّين المعروفة أيضا بأنصار الله إنّها لا ترمى إلى التحكّم فى البلاد بصفة مستمرّة و لا أن تجعل من معتقداتها كأقلّية ، قرع من الشيعة الزيديّة ، دين الدولة . فى الواقع ، ليست كلّ القبائل الحوثيّة زيديّة . لكن الدين عامل هام بما فى ذلك فى وحدة المشروع الحوثي الهادف لإنهاء إبعاد نخب القبائل الحوثيّة من هيكلة السلطة المركزيّة و الحصول على " نصيبهم من الكعكة " الذى أنكره عليهم نظام عبد الله صالح .
والمصالح الجغرافيّة – السياسيّة الإيرانية فى العمل على إحباط المخطّطات السعوديّة تلتقى مع الإنقسامات السنّية – الشيعيّة. بيد أنّه إن نزعت هذه الحرب الأهليّة إلى إتباع الخطو الدينيّة فليس لأنّها قد تغذّت بالعداوات القديمة بين الناس من مختلف الديانات الذين لم يعودوا قادرين على المواصلة فى اليمن ، او حتّى النزاع العالمي الشيعي – السنّي . عمليّا ، إتبعت العربيّة السعوديّة مصالحها عب الخطو الدينيّة فى الماضي . أثناء الحرب الأهليّة اليمنيّة ( 1962 - 1970) ، ساند السعوديّون ، فى تحالف مع ملك الأردن و شاه إيران ذات الأغلبيّة الشيعيّة ، الشيعة الملكيين ضد التمرّد الجمهوري ذى الغالبيّة السنّية .
و على الأقلّ جزء ممّا جعل العامل الديني مهمّا هو تنامي قوّة و عدوانيّة لا تسامح الأصوليّة الإسلامية عامة ، و تداخل هذا العنصر مع المصالح الجغرافيّة – السياسيّة للعربيّة السعوديّة و الولايات المتّحدة و ثانويّا مصالح إيران . و هذه المصالح فى تعارض حاد و متصاعد مع مصالح شعب اليمن .
ينهض الإقتصاد اليمني على نخبة قليلة منحدرة من الجيش و القبائل و الطبقة السياسيّة و القطاع الخاص و نظام المحاباة مبنيّ على ريع الصادرات النفطيّة و الوصول إلى الإقتصاد الليبرالي حديثا . حوالي 10 عائلات و مجموعات تجاريّة مفاتيح ذات علاقات وثيقة مع الرئيس السابق تتحكّم فى 80 بالمائة من الواردات و الصنيع و الصناعات التحويليّة و البنوك و الإتصالات و نقل البضائع .و غالبيّة السكّان يفلحون الأرض – و صار نضوب المياه الجوفيّة حاجزا أمام الفلاحة – أو هم يدعاملة فى اليمن و بلدان خليجيّة أخرى .
و إلتقت زيادة بؤس الشعب و الوضع السائد مع الموقع الجغرافي – السياسي الهام للغاية للبلاد : مضيق باب المندب واقع بين اليمن و شبه الجزيرة العربيّة و دجيبوتي و أرتريا فى القرن الأفريقي ، وهو يربط البحر الأحمر بخليج عدن . وغالبيّة الصادرات من الخليج الفارسي التى تعبر قنال السويس و خطّ الأنابيب العابر للبحر الأبيض المتوسّط يمرّون عبر باب المندب . إنّه رابط إستراتيجي بين المحيط الهندي و البحر الأبيض المتوسّط .
و يبالغ السعوديّون فى الدور الإيراني فى اليمن من أجل إصباغ الشرعيّة على تدخّلهم فى اليمن . و بالفعل مساندة إيران للحوثيّين ليست العامل الأول فى الفوضى فى اليمن . تعدّ المساعدة الإيرانية للحوثيّين حديثة و الحصار البحري يقلّص قدرة إيران على تموين الحوثيين بالسلاح . و يبدو أنّ إيران ترغب فى توظيف تأثيرها على الحوثيّين كورقة فى مفاوضاتها مع الغرب .
لم تكن حرب العربيّة السعوديّة على اليمن ممكنة لولا مساندة الولايات المتّحدة . فواشنطن معنيّة إلى أقصى الحدود بالتحكّم فى المضيقات التى يمرّ عبرها معظم نفط الشرق الأوسط . وهي كذلك تخشى المخاطر الممكنة للأصوليّة السنّية فى المنطقة . و إلى الآن ، إعتبرت الولايات المتّحدة أنّ التهديد الأساسي لمصالحها تمثّله القاعدة فى شبه الجزيرة العربيّة المتركّزة جنوب شرق اليمن وهي المنطقة ذات السكّان المتناثرين و هدف الضربات الجوّية الأمريكيّة و ليس الضربات الجوّية التى تقودها السعوديّة .
و بالضبط مثلما يبحث الحوثيّون عن تشكيل تحالف واسع مهما كان الأساس الممكن ضد السعوديّين و عملائهم ، حتّى مع الوحدات العسكريّة للنظام القديم والآن و هذا متناقض ، حتّى مع عبد الله صالح نفسه ، تبدوالعربيّة السعوديّة راضية بترك القاعدة تزدهر طالما أنّها تستهدف الحوثيّين . و الآن دخلت داعش ( الدولة الإسلامية ) المشهد دخولا دراماتيكيّا بسيّارات مفخّخة و هجمات أخرى فى صنعاء وهي تؤكّد أنّ هدفها هو كنس " المرتدّين الحوثيّين " . و يبدو أنّ هناك مساندة لداعش فى صفوف النخبة السعوديّة ، بيد انّ مشروع داعش للخلافة يمثّل خطرا على نظام الملكي .
العربيّة السعوديّة موقع مراكمة رأسمال بحدّ ذاته و لم تعد مجرّد ملحق بالولايات المتحدة و الممملكة المتّحدة ، لها مصالح كبرى فى الحفاظ على النظام اليمني الإضهادي إقتصاديّا و إجتماعيّا و على هياكله السياسيّة . و من الزاحية الأخرى ، العربيّة السعديّة و حلفاؤها الخليجيّون ، فى آن معا ، ركيزتان فى النظام السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي الذى فرضته الإمبريالية على العالم العربي ، و مصادر تصدّع هذا النظام . و جميع هذه العوامل تتداخل بقوّة مع الدين بما فى ذلك ظهور الأصوليّة على نطاق المنطقة و حتّى عالميّا .
و من هنا موقف الولايات المتّحدة موقف معقّد : بينما تدعم العربيّة السعوديّة فى هذه الحرب ، أهدافها ليست ذات أهداف السعوديّين ، و هي تتدخّل بإستقلاليّة عن السعوديّة و قطر ( أين يوجد الأسول البحري للولايات المتّحدة ) و تحالفهما .
و يعرف الكثير من الشباب اليمني فى بلد نصف سكّانه عمرهم أقلّ من عشرين سنة أنّه لا مستقبل لهم فى ظلّ هذا النظام . و العربيّة السعوديّة تعلم ذلك . و إيران و الولايات المتّحدة أيضا يعلمان ذلك. لهذا أصبح اليمن مركز أزمة و مصدر تمرّد مستمرّ فى الخليج والشرق الأوسط ككلّ كمنطقة أمست أكثر فأكثر تفجّرا.

7 ـ تونس السنة الخامسة : عالقة بين فكّي كمّاشة تشتدّ قبضتها
ساموئيل ألبار
" أخبار عالم نربحه " ، 10 أوت 2015
http://aworldtowinns.co.uk
جريدة " الثورة " عدد 400 ، 17 أوت 2015
http://revcom.us/a/400/awtwns-tunisia-year-five-caught-in-a-tightening-vice-en.html

غرق آلاف الشبّان التونسيّون و هم يحاولون شقّ طريقهم إلى أوروبا آملين أن توفّر لهم بلدان الغرب أصناف حياة يستطيعون أبدا الحصول عليها فى بلدهم . و يتّجه الآلاف الآخرون إلى الجارة ليبيا أو ببلدان أخرى لخوض الجهاد ضد ما يعدّونه طريقة حياة غربيّة متعطّشين إلى الإنتقام من الغرب و قيمه .
و القاسم المشترك بين هتين الوضعيّتين هو أنّه بالنسبة للعديد من الشباب التونسيين لميعد خيارا واردا القبول بالحياة التى منحت لهم . وقد بيّنت المجزرة المرتكبة فى حقّ 38 سائحا أوروبيّا بشاطئ فى سوسة فى جوان الأخير أنّه ليس بوسع تونس أن تتفادى الوقوع بين القوى المتنازعة المقاتلة من أجل ولاء الشعب و السيطرة على المنطقة . فمن جهة تفكّكت أو تمزّقت حياة الملايين و مستقبلهم بفعل الظروف التى أفرزتها السوق العالمية و التمويل المعولم ، فى حين أنّ الرأسماليين الإحتكاريين الذين يحكمون البلدان الإمبريالية يشهدون إزدهارا . و من الجهة الأخرى ، يُقدّم الحكمالسياسي الإسلامي كبديل وحيد لما يسمّيه الغرب " الديمقراطية " أي المؤسّسات السياسيّة و الإجتماعيّة و الإيديولوجية التى وظيفتها جعل هذا الوضع الذى لا يحتمل وضعا مستقرّا .
و الطالب الإسلامي ذى ال23 سنة الذى قتل السائحين كان يتخبّط فى وضع حيث الشباب المنحدر من العائلات الفقيرة فى المدن الداخليّة يشعر بأنّه فى قطيعة مع العالم المعاصر كما يتمتّع به بعض الذين لديهم شغل فى المدن الساحليّة . و غرب البلاد عموما يعمل الآباء حينما و أينما يقدرون على ذلك ، فى البناء القاصم للظهر و الأمّهات فى الحقول التى يملكها مستثمرون فى ظلّ عمل لا رحمة فيه تخت إشراف متعاقدين يتصرّفون كما لو أنّهم يملكون البشر . و العمّال فى المصانع أسرى الأوامر الواردة من وراء البحار بالضبط مثلما هو حال المشتغلين فلى مراكز الإتصالات الهاتفيّة . و يملآ النظام التعليمي خاصة فى المجال التقني الطلبة ب " شحنة " ضيّقة من المهارات يمكن أن يأملوا " إستثمارها فى مهنة تعد بحياة مختلفة عن حياة أوليائهم ؛ إلى أن يتخرّجوا فى الأخير بشهادة فيسقطون فى هاوية البطالة أو أشغا لا أهمّية لها و لا آفاق. و تتسبّب مناجم الفسفا التى قدّر الكثيرون بأنها ستوفّر ثروة للبلاد فى مشاكل بيئيّة و تشغّل عددا قليلا من سكّان المنطقة . و " صناعة " السياحة تزيّن الأمل للبلاد المدفوعة بالوضع الفعلي للمضاربة و البغاء و يكشف وقوع عدد كبير من الناس فى فخّ البغاء و هذه هي القيم والمستقبل اللذين توفّرهما الإمبريالية لتونس .
فى هذا الوضع - و فى عالم لا وجودفيه لأيّة دولة إشتراكيّة و لا توجد به عدا بضعة حركات ثوريّة حقّا، ح يث لم تصبح بعدُ رؤية ثوريّة قائمة على الواقع ملكا للجماهير الشعبيّة العريضة – الإنجذاب القويّ للإسلام السياسي و الجهادي الذى يقدّمنفسه على أنّه أهمّ متحدّى للوضع السائد الذى تفرضه الإمبريالية الغربيّة ، أمر مأساوي و ليس مفاجأ.
دوافع هجوم سوسة ليست سرّا : لقد كانت إستعراضا للقوّة من قبل الإسلاميين المسلّحين الباحثين عن شرعيّة قويّة معارضة للإخضاع الإستعماري للبلاد و لواقع ظالم و غير شرعي و فاسد أخلاقيّا . لقد وجهت ضربة قويّة لصناعة السياحة التى تعوّل عليها البلاد و يعوّل عليها النظام . و أملت على قوات الجيش و الأمن الإنتشار فى المدن الكبرى و المناطق الساحليّة عوض التمركز فى المناطق الجبليّة الحدوديّة مع الجزائر حيث سعت للقضاء على مناطق عمليّات الأصوليين .
و كانت إجابة الرئيس الباجى قائد السبسي هي إعلان حالة الطوارئ للتمكّن من فرض إجراءات قمعيّة جديدة ضد الإضرابات و الإعتصامات و الحركات الأخرى التى لا صلة لها بالجهاديين ، و حتّى حظر التجمّعات العامة و أحداث ثقافية . " منذ 2011 كانت البلاد مرتعا خلفيّا و الآن حان أوان وضع حدّ للأمر " ، هذا ما صرّح به متبحّر فى الموضوع موالى للحكومة . و شدّد على أنّ منافسيه السياسيين و الكتل الأخوة يجب أن تقف صفّا واحدا " وراء الحكومة و برنامجها الذى تدعمه الإمبريالية . و لم يعد من الممكن متابعة رجال الأعمال البارزين المكروهين على نطاق واسع لسرقتهم المال العام قضائيّا.
بإختصار ، غدت البلاد التى إلتصق " نجاحها " بشحن ما يسمّى بالربيع العربي فى مصر ، تشبه مصر فى عديد المظاهر إن لم يكن فى جميعها .
مثلما فعلت مع مصر ، كانت الولايات المتحدة تقرّب إليها تونس موفّرة لها تمويلا إقتصاديّا هاما و ضمانات قروض ( بالرغم من أنّه خلافا لمصر ، تحرّكات الولايات المتحدة فى تونس دائما على الأقلّ مصبوغة بالنزاع مع فرنسا التى كانت تاريخيّا تتحكّم فى تونس ) . ففى ماي 2015 ، غداة مجزرة سابقة ضد السائحين فى متحف باردو، زار السبسى واشنطن أين إعتبر أوباما تونس " حليفا كبيرا خارج الناتو " وهي مكانة جلبت لتونس المزيد من المساعدات العسكريّة و " التعاون الإستراتيجي " . لكن هكذا توافقات لن تنقذ تونس من الكارثة كما لم ينقذ أفغانستان إختيار أوباما سابقا لتلك المكانة . و فى جويلية ، تداولت وسائل الإلام التونسيّة أنّ قاعدة عسكريّة أمريكيّة و موقع تنصّت جهوي موجود الآن بسيسيليا بإيطاليا سينقل إلى تونس .
بالنسبة للولايات المتّحدة ، تونس مهمّة ك " مشكل أمنى " . و ناظرين فى مجزرة سوسة ، الإستنتاج الوحيد الذى أمكن لمجموعة الأزمة العالمية وهي مجموعة تفكير يسيّرها رجال دولة غربيّون ، أن تستخلصه هو الحاجة الماسة إلى معالجة " إضطراب " سير الأجهزة الأمنيّة التونسية . و ألوان الإجراءات الى تريد الولايات المتحدة و أوروبا أن تتخذها ل " معالجة " ذلك تزيد من خطر دفع تونس إلى التحوّل إلى دوّامة الحروب فى المنطقة و الحروب الأهليّة بين الذين يقفون وراء الولايات المتحدة و مجموعات كداعش التى تمثّل التحدّى الأساسي لمصالحها فى هذه اللحظة .
ما الذى جلبته " الديمقراطية " التى كثيرا ما يتبجّح بها الإمبرياليّون إلى تونس ؟ و لماذا يبدو زحف الأصوليّة الإسلاميّة غير قابل للإيقاف ؟ و تكمن الإجابة فى الطريقة التى يُعزّز بها التيّاران بعضهما البعض حتّى و هما يتنازعان بشراسة حول مستقبل البلاد . و اليوم تعدّ تونس دليلا مكتوبا متقدّما .
لقد رحل رئيس بن علي المقيت و قد أسقطته الحركة الإتتاحيّة لما يسمّى بالربيع العربي لكن إنتفاضة ديسمبر 2010 – جانفي 2011 أبقت على جهاز الدولة دون تغيير جوهريّا . فقوّات الشرطة المنظّمة لحماية النظام القديم بالعنف ظلّت هي هي مع بعض التغيير فى مناصب المسؤوليّات العليا . و قد عنّفت الشباب فى شوارع الأحياء و المدن الفقيرة كما لم تعنّفهم قبل أبدا وهي لا تزال تعذّب سجناء الحقّ العام و السجناء السياسيين و غيرهم . و الحركات الإجتماعية فى المدن الداخليّة تُقمع بخبث خاص .
و الجيش الذى أشرف على مايسمّى ب " الإنتقال الديمقراطي يواصل الإعلان عن إرادته عبر تهديد الأحزاب السياسيّة و الرأي العام . و قد أمسك فى أوقات معيّنة بوزارات مفاتيح و كانت عديد الولايات بأيدى من عيّنهم الجيش .
و لم يخفّ حمل البيروقراطية عن كاهل الشعب فهي جهاز يحكم الكثير من الحياة اليوميّة و مصير مواطنين مثل محمد البوعزيزي بائع متجوّل من شباب سيدى بوزيد الذى أحرق نفسه و أشعل النار فى البلاد فى 17 ديسمبر 2010 . و الوزير الأوّل الحبيب الصيد من أبرز وجوه رجال النظام السابق الذين عوض أن يفقدوا سلطتهم جرت ترقيتهم .
و إقتصاد البلاد هو ذات الإقتصاد السابق ، لم يتغيّر فقد تمّت هيكلته لعقود ليرتهن بالأسواق و الرساميل الأجنبيّة . و لم توجد إقتراحات جدّية لتغيير التوجّه الإقتصادي لبن علي من قبل أيّة أحزاب كبرى . و قد ولّدت الخوصصة المستمرّة لمؤسسات الدولة ثراءا أفحش لشركاء رأس المال الفرنسي و الأمريكي و رأس المال السعودي و القطري فى حين تعطّلت المشاريع المترقّبة للتطوّر الإجتماعي فى المناطق الداخليّة مثل سيدى بوزيد و القصرين ، أين إندلعت الإنتفاضة. و نسب البطالة أسوء من أي وقت مضى. و وفق إحصائيّات البنك المركزي التونسي ، صار الأغنياء أكثر غنى و الفقراء أشدّ فقرا.
و قد جمّع النظام الإنتخابي غالبيّة المنظّمات و الأحزاب التى كانت معارضة للنظام القديم و صيّرها إلى خدم للنظام . و أفرزت مشاركة الراديكاليين سابقا فى " الطبقة السياسيّة " – المجموعة المسموح لها بممارسة السياسة – النفاق و فقدان الثقة فى المُثل " اليساريّة " التى كانوا يدعون إليها . و أقلّ من نصف المنتجين المفترضين قد قاطعوا الإنتخابات الأخيرة .
على خلاف الجهاديين ، لا يبحث السياسيّون المعارضون( بمن فيهم ما يسمّون أنفسهم ب" اليساريين " ) بصفة نهائيّة تماما عن أو لا يؤمنون بالتغيير الراديكالي . و فى المدّة الأخيرة كانوا يشجّعون التونسيين على أن يأملوا فى أنّ مدّخرات النفط ( التى يفترض أنّها إكتشفت لكن وجودها يحجب لمصالح غامضة ) يمكن أن تنقذ البلاد ، بالضبط مثلما أنّ صادرات الفسفاط كانت فى ما مضى تعدّ مستقبل البلاد . فهل أنّ إمتلاك الكثير من النفط قد أنقذ الجزائر أم عوض ذلك أودعها حتّى بأكثر عمق بين براثن السوق العالميّة و متطلّباتها التى لا ترحم ، بينما يموّل النفط حكم نخبة من الذين يمثّلون محلّيا ذلك السوق الوحشي ؟
لقد أوصل تطوّر الإقتصاد التونسي فى تسعينات القرن العشرين المجتمع إلى ما هو عليه اليوم . لقد جعل إتّفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي البلاد متعاقا ثانويّا فى قطاعات أوتوماتيكية و كهربائيّة و فى النسيج و مراكز الإتصالات الهاتفيّة بينما كان غير قادر على تغذية الناس دون واردات تتطلّب بدورها دائما المزيد من التبعيّة الإقتصاديّة و الإهدار الكبير لطاقات الشعب .
و ردّا على مجزرة سوسة لم تستطع الحكومة سوى نشر فيالق الجيش . و هذه الحكومة تمنع الرجال دون سنّ ال35 سنة من السفر بحرّية ، خوفا من أن يلتحقوا بآلاف التونسيين الذين يخوضون الجهاد فى بلدان أخرى ثمّ يعودون بعد فترة ، و تعلن أنّه ليس بمستطاعها حتّى الحلم بخوض صراع من أجل كسب شباب البلاد إلى جانبها فما بالك بتوفير بديل يوثق به. لا يمكنها فعل أي شيء لتغيير وضع يولّد الموجة بعد الموجة من الإسلاميين ليس فحسب بسبب الجهاد الدائر فى البلدان القريبة و إنّما أيضا بسبب ظروف اليوم ؟ فالمجتمع نفسه قالب ينتج الأصولية الإسلامية .
هناك تيّارت إسلامية مختلفة لكنّ الخطّ الفاصل بين الجهاديين و الإسلاميين المشاركين فى الإنتخابات فى منتهى الإنخرام و كثير الثقوب فى النظريّة و الممارسة . فقادة حزب النهضة التونسي الذى يتقاسم نفس الجذور مع الإخوان المسلمين فى مصر و تستهويه مقارنة نفسه بحزب أردوغان فى تركيا ، حزب العدالة و التنمية ، قد إستخدم وسائلا جهاديّة قبل أن يفتح سقوط بن علي الطريق له لتقاسم السلطة فى حكومة منتخبة . و فى فترة حكمها و الترويكا وفّرت النهضة غطاءا عمليّا و إيديولوجيّا للجهاديين المتشدّدين .
والإختلاف بين الأصوليّة الإسلامية المسلّحة و الأصوليّة الإسلامية الإنتخابيّة ليس فى مسألة الولاء ل " الديمقراطية " . فأيّة بقة تحكم نظاما إستغلاليّا وإضطهاديّا فى بلدان العالم الأكثر تطوّرا و فى غيرها من البلدان ، ستصطفى الشكل الملائم ، مهما كان ، للحكم السياسي الضروري للحفاظ على حكمها . و الأصوليّة الإسلامية تحدّدها أهدافها ، فرض الإسلام كمصدر قوانين الحياة السياسيّة و الإجتماعيّة ( و هو شيء مختلف جدّا عن الدفاع عن حقّ الناس فى الممارسة الطوعية لدينهم ) ، و ليس بأيّة وسائل تعتمد لبلوغ هذه الأهداف التى يمكن أن تبدو أكثر فعاليّة فى زمن معطى .
حثّ الشباب على قتل الأبرياء للتخفيف من شعورهم بأنّه وقع تضليلهم كان ميزة لدى عديد الجيوش الرجعيّة بما فيها القوات المسلّحة للولايات المتّحدة . يمكن للأصوليّة الإسلاميّة أن تعبّأ الولاء الأعمى لبعض الناس اليائسين ضمن الجماهير الأكثر قاعديّة و إستياء البرجوازية الصغيرة . و يمكن أن أن توفّر طريقا للتقدّم الإجتماعي لعديد الأفراد من هذه الطبقات لا يوفّرها لهم الوضع السائد . لكن بمعنى المصالح الطبقية ن إنّها تمثّل المستغلّين القدامى و الجدد ضمن الأمم التى تهمين عليها الإمبريالية .
إنّ ما تبحث عنه داعش و القاعدة و بطرق نوعا ما مختلفة آخرون كالإخوان المسلمين فى مصر و حزب العدالة و التنمية فى تركيا هو مكان لهم لم يكن ممكنا فى ظلّ النظام الجغرافي السياسي فى الشرق الأوسط الذى بنته الولايات المتّحدة لخدمة تفوّقها ، مع ذلك دون تحدّى الرأسمالية كنظام عالمي . و فى حين أنّ إصطفاف القوى الطبقية يختلف من بلد إلى آخر فى بلدان ما يسمّى بالعالم الإسلامي ، من الأكيد أنّه ليس دفة أنّ القيادة و التدريب الإيديولوجي و التميل و اللجستيك و الأسلحة التى يستخدمها التيّاران الأساسيّأن اليوم من الأصوليين الإسلاميين تنبع من الطبقات الرأٍمالية المهيمنة فىالعربيّة السعوديّة و بلدان الخليج المصطفّة عادة إلى جانب تركيا من جهة ، و جمهوريّة إيران الإسلامية من الجهة الأخرى . و هناك أمثلة بارزة عن أنظمة طبقاتها الحاكمة لها جذور فى أنماط الإنتاج ما قبل الرأسمالية و أضحت غير قابلة للإنفصال عن المراكمة الرأسمالية الخاصة عبر علاقات الإنتاج العالمية للنظام الإمبريالي و منطقه الإقتصادي الذى لا يمكنهم القطع معه . و تشرح المصالح المتنازعة و ليس فقط الإختلافات الدينيّة بين الشيعة و السنّة لماذا يمكن للإسلاميين أن يصطفّوا مع الجانبين المتعارضين أو بالتناوب يُستعملوا من قبل مشاريع الإمبرياليين أو فى معارضتها .
و فى نفس الوقت ، للأصولية الإسلاميّة ديناميكيّتها الخاصة كإيديولوجيا و حركة سياسيّة قويّة الإندفاع فى ما نراه كتقدّم ضد الإخضاع المفروض من الأجانب وهو يشجّع مزيد التقدّم . لا يجب أن يؤدّي أساس الأصوليّة فى الظروف الماديّة و طابعه الطبقي إلى الإستهاة بأهمّية العامل الإيديولوجي : فسبب من أهمّ أسباب صعودها هو غياب بديل إيديولوجي و سياسي للوضع السائد مقدّم بوضوح ، تكون له قوّة كامنة فى الإعتماد على فهم حقيقي للواقع و المصالح الحقيقيّة للغالبيّة العظمى من الناس .
و نظرا للطبيعة الرجعيّة لأهداف الإسلاميين ، سيكونون تلامذة أوفياء للإمبريالية حينما يتّصل الأمر بتوظيف الإرهاب ضد الجماهير لأغراضهم السياسيّة . وعنفهم ليس عنفا أعمى بل شيئا أسوأ – وحشيّة متعمّدة القصد منها بثّ الرعب فى صفوف الناس لأغراض سياسيّة . و بالضبط مثلما فعل الإمبرياليّون من إستخدام القنبلة الذرّية فى هيروشيما باليابان إلى الهجمات الإسرائيليّة المدعومة من قبل الولايات المتّحدة على سكّان غزّة و لبنان و الغزوات بقيادة أمريكا التى حطّمت العراق .
إنّ القاعدة الطبقيّة الأساسية للأصوليّة الإسلامية تشرح كذلك علاقتها الماتبسة و غير الواضحة مع الإمبريالية و أنظمتها العميلة المحلّية . فمثلا ، فى الجزائر ، شملت الحرب الأهليّة فى تسعينات القرن العشرين بين الإسلاميين و الجيش الحاكم ، مكوّنا مشتركا ضد الشعب و تقتيل المثقّفين و أناس آخرين كان يكرههم الجانبان . و قد رأينا هذا فى تونس أيضا . و فى الواقع تقوم الحكومة التونسيّة نفسها اليوم على تحالف هشّ و غير مستقرّ بين قوى تمثّل الإمبريالية و عملائها المحلّيين التقليديين من جهة و الأصولية الإسلامية من الجهة الأخرى .
بعد الإستهانة بدلالة مجزرة سوسة فى البداية ، صرّح الرئيس السبسي بأنّه " إن تكرّرت هذه الأحداث ستنهار الدولة " . و يعود هذا الفزع إلى أنّ حزب نداء تونس الحاكم معوّلا على فرنسا و الولايات المتّحدة ، إنتصر فى الإنتخابات لوعده بمناهضة سيرورة الأسلمة التى شرع فيها الحكّام السابقين له من النهضة و الترويكا . و فى نفس الوقت ، لا يستطيع ( و لا يريد أن ) يحكم دون الدعم البرلماني للنهضة .
لكن المشكل أبعد من الإنتهازيّة الإنتخابيّة فمنذ المدّعى إستقلالا ، عادة ما إستعمل حكّام البلاد الدين و الهويّة الدينيّة ( الفصل الأوّل من الدستور يحدّد تونس كبلد مسلم ) ليحجبوا ولاءهم للإمبريالية . لم يستغنوا أبدا عن الدين و التقاليد و الخنق الديني للمحكومين . و قد مزجوا هذا مع القمع بما فى ذلك قمع الإسلاميين حين مثّلوا مشكلا – حين كانت النهضة متمرّدة على الحكومة عوض أن تكون أحد أعمدتها .
و الآن ، خاصة لأنّ الحكومة التونسيّة تشكو عدم الشرعيّة الموروثة من نظام بن علي الذى لا ينسى سقوطه المخزى على أيدى الشعب ، حتّى من قبل الذين هم سلبيين سياسيّا راهنا ، و لأنّه لديها أسباب أكثر من بن علي لخشية الجماهير الشعبيّة، فهي لا تنوى لأقصى الحدود مواجهة الأصولية الإسلامية لا سيما فى المجال الإيديولوجي و فى مجالات أخرى أيضا .
و على سبيل المثال ، لنأخذ إغتيال شكرى بلعيد سنة 2013 ، قائد من اليسار الإنتخابي التونسي و رمز هام لعديد المثقّفين العلمانيين و آخرين . و لم يمنع دفاعه عن الإسلاميين فى ظلّ نظام بن علي قتلهم له . و لا حكومة النهضة زمنها و لا اليوم الحكومة المفترضة علمانية بذلت جهدها لكشف تفاصيل هذه الجريمة . و فى جويلية 2015 ، عندما تمّ إستدعاء 30 شخصا متّهمين فى علاقة بالجريمة للمثول أمام القضاء ، رفض غالبيّتهم الظهور فى المحكمة . و لم تتجرّأ الحكومة على مواجهة و هزم هذا التحدّى لنظامها القضائي و سلطتها المعنوية بإسم الإسلام .
عقب مجزرة سوسة دعا الرئيس السبسي إلى غلق 80 جامعا قال إنّ السلفيين يتحكّمون فيها لكنّ الأصولية الدينيّة ترعرعت بفضل المؤسّسات الدينية الكبرى التى ترعاها الدولة ، و النظام التربوي العمومي و الثقافة العامة عموما التى تضغط على و تُخضع الملايين الذين لا يتطلّعون إلى العيش فى مجتمع تحكمه قوانين دينيّة . فمثلا ، أخذت الشرطة توقف مواطنين بحوزتهم قوارير جعة فى الطريق العام وهو أمر ليس متجاوزا للقانون و عادي بتعلّة أنّ مثل هذا التصرّف من قبل المسلمين ( و يفترض أنّ كلّ التونسيين مسلمين ) يعدّ " فسادا أخلاقيّا فى المجال العام " . والأجانب ذوى الأسماء التى لا تبدو تونسيّة أحرار من التضيقات الدينيّة التى وضعت الشرطة على عاتقها فرضها .
كيف يمكن لطبقة حاكمة و لهيكلة سلطة تعيد بإستمرار إنتاج الأصوليّة الدينيّة و تعتمد عليها إيديولوجيّا و سياسيّا أن تواجه الأصولية الإسلامية المسلّحة دون وضع وجودها ذاته موضع خطر ؟ يبدو أنّ هذا ما يفسّر تحذير السبسي بأنّ الدولة ستنهار إن واجهت هجوما إسلاميّا آخر ليس لأنّها ستُهزم عسكريّا و إنّما للتناقضات السياسيّة و الإيديولوجية المتفجّرة الخاصّة .
فى حين أنّ دور النهضة فى الحكومة الراهنة دور صغير ، فإنّ ما من قوّة سياسيّة كُبرى تعتبر مشروعها الإسلامي خارج الحدود أو تعارض الأسلمة النامية للمجتمع التونسي كمسألة مبدئيّة بدلا من خيار ذوقيّ أو خيار نمط حياة . و هذا مذهل بوجهخاص بشأن الكثير من الناس من الجبهة الشعبيّة " اليساريّة " الذين يدّعون تمثيل " وطنيّى " وديمقراطيي " البلاد ، الذين ساندوا السبسي فى الإنتخابات الأخيرة بدعوى مناهضة النهضة .
و قبل ذلك ، ردّا على الضغط الإسلامي ، صرّح حمّه الهمّامي الناطق الرسمي الحالي بإسم الجبهة و " الشيوعي " سابقا ( فى الواقع هو معارض للشيوعية الثورية التى كانت تمثّلها صين ماو تسى تونغ ) أنّ ليست لديه " مشاكل إيديولوجية " مع الإسلاميين لأنّه هو أيضا مسلم . و بغضّ النظر عن عقائده الخاصة ( و تقديم " اليساريين " التفكير التقليدي فقط لأنّه فكر سائد لدى غالبيّة الناس تقليديّا ، و لأسباب إنتخابيّة ،مشكل قديم و خطير فى معظم البلدان ) ، فإنّ المجتمع الذى يريده أي نوع من أنواع الإسلاميين غير مقبول تماما حتّى إن تمّ النظر إليه فحسب من وجهة نظر ما يعنيه للنساء ، نصف سكّان العالم حتّى لا نتحدّث عن المظاهر الأخرى من تحرير الإنسانيّة من الجهل والتطيّر و كافة أشكال العلاقات الإجتماعية الإضطهاديّة . وإن كانت بعض التنظيمات السياسيّة سواء التروتسكيّة أو التى تدّعى الماويّة زورا تستطيع إستعمال تعلّة معارضة الإمبريالية لتجد أي شيء لمساندة الأصوليّة الإسلاميّة ، فإنّ ذلك يعبّر أيّما تعبير عن نوع المجتمع الذى ينوون القبول به أو يساعدون على حكمه .
و لم يكن مفاجئا أن يكون ردّ الجبهة الشعبيّة على مجزرة سوسة الإستسلام بطريقة أخرى . ففى وجه الخطر الحقيقي ، يطالبون بتعزيز الجيش و الحال أنّ عمله هو الدفاع عن الوضع السائد خدمة لمصلحة الرجعيّة و الإمبريالية . و إنّه لأمر عادى أن نرى " اليساريين " الذين لميفكّروا قط فى كيفيّة القيام بثورة حقيقيّة يهرولون يُمنة و يُسرة من التذيّل إلى الأصوليّة الإسلاميّة إلى الإرتماء بين أحضان الإمبرياليين .
والقوى المعمارية التى شرعت فى الظهور إلى السطح فى ديسمبر 2010 لا تزال تعمل . فقد شاركت فى تلك الإنتفاضة فئات عريضة من الشعب ، مدفوعة بالشباب فى المناطق الداخليّة و مدعومة بالطلبة فى المدن الساحليّة و فى الأخير فى العاصمة . لقد ساهم أناس من طبقات مختلفة بمن فيهم عناصر البرجوازية الذينأُطردوا من الحلقة الضيّقة المفضّلة لدى بنعلي أو الذين شعروا بأنّ الإطاحة به كانت أفضل بديل ممكن لتمرّد طويل و هادر كالشلاّلات . وقد بلغت تلك الوحدة " الشعبيّة " حدودها جوهريّا بسبب تضارب المصالح الطبقيّة التى كات تفعل فعلها تضاربا عدائيّا . و قد لعب الإسلاميون فى حدّذاتهم دورا صغيرا جدّا فى الإنتفاضة إلاّ أنّ الملاحظين المحلّيين والأجانب هنّؤوا الشعب التونسي ل" إعتداله" فى تمرّده وردّوا ذلك إلى الطابع التونسي المفترض ، مسيئين الحكم على عمق الأزمة و ما يستدعيه حلّها .
و ما صار بارزا بوضوح حتّى إثر هجوم سوسة ليس توريد النزاعات الخارجيّة إلى المجتمع التونسي و إنّما تعبير خاص محلّى متفجّر ع التناقضات المتصارعة على النطاق العالم . لم تكن لتوجد أصوليّة إسلاميّة معاصرة دون التغييرات الإقتصاديّة والإجتماعية التى جلبها التطوّر الإمبريالي فى البلدان التى يسود فيها الإسلام . و فضلا عن ذلك ، كانت العمليّات الإجراميّة للولايات المتّحدة و حلفائها فى السنوات الأخيرة ( فى فلسطين و العراق إلخ ) غير منفصلة عن هذا التطوّر . و دون كلّ هذا ، كانت الأصوليّة الإسلاميّة لتظلّ تيّارا صغيرا بالكاد له مستقبل .
و عوض ذلك باتت " تعبيرا فاسدا " كما وضع ذلك بوب أفاكيان ، عن التناقض الأساسي العامل فى عالم اليوم بين الطابع الإجتماعي للإنتاج الذى يحرّك العكوكب بأكمله فى سيرورات إنتاجيّة ويغيّر العلاقات الإقتصاديّة من جهة و التملّك الفردي الخاص – و بالتالى المتفجّر و الإضطهادي المدفوع بالمنافسة – لفائض القيمة المنتج على هذا النحو . هذا ما قاد إلى مراكمة رأس المال فى أيدى الحكّام الرأسماليين الإحتكاريين للبلدان الإمبريالية و الإشتداد الفظيع و الذى لا يحتمل لللامساواة فى العالم و التطوّر المشوّه .
إنّه " تعبير فاسد " لأنّه بدلا من أن يكون حلاّ يقف سدّا أمام معالجة هذا التناقض بالمضيّ نحو عالم حيث إلغاء الملكيّة الخاصة للوسائل الضروريّة للحياة وكافة العلاقات والأفكار الإجتماعية القائمة عليها ، يمكّن كلّ فرد من العمل من أجل الصالح العام ينما يزدهر الأفراد تمام الإزدهار . لئن نعت بوب أفاكيان الإمبريالية و الأصوليّة الإسلاميّة بالفئتين " اللتين ولّى عهدهما " فلأنّهما لا يمثّلان ما يمكن أن يصبح عليه العالم إن طوّرت الإنسانيّة قوى الإنتاج تطويرا هائلا ، و أكثر أساسيّة ، إن حرّر الناس أنفسهم و تمكّنوا من تغيير العالم و ذواتهم .
قد لا تكون تونس فى ملاذ من الإعصارات العالمية لكنّها تظلّ بلدا لا تستطيع تناقضاته أن تعالج بأي شيء آخر سوى الثورة التامة – ظهور راية و برنامج و حزب و حركة ثوريّة عريضة هدفهم إلحاق الهزيمة بقوى الدولة القديمة و إرساء نوع جديد من القوّة السياسيّة يمكن أن تحرّر الناس القاعديين إلى جانب الفئات الوسطى و المثقّفين و غيرهم ، للشروع فى تغيير المجتمع على نحو أكثر راديكاليّة و تحريرا ممّا يمكن للأصوليّة الإسلاميّة أو للإمبريالية أبدا أن يدّعيا إحداثه .
و فى حال حصول العكس ، لا يمكن حلّ النزاع بين الفئتين " اللتين ولّى عهدهما " إلاّ بالقوّة العسكريّة و تكون الجماهير الشعبيّة ضحايا مضلّلة عوض أن تكون فاعلة واعية فى صنع التاريخ .
----------------------------------------------------------------------------------------------
-----------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا