الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خارطة طريق لتعظيم تنافسية الاقتصاد المصرى

صبحى إبراهيم مقار
(Sobhi Ibrahim Makkar)

2017 / 8 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تكمن أهمية التنافسية في ضرورتها لتحقيق رخاء الدول من خلال إدارة الموارد المتاحة بأقصى كفاءة ممكنة مما يؤدى إلى تعظيم الاستفادة من المزايا التي يوفرها الاقتصاد العالمي والتقليل من سلبياته، حيث تعتبر التنافسية أهم وسيلة لتطوير قدرة الاقتصادات المتقدمة والنامية على التعايش في ظل بيئة دولية منسجمة مع العولمة وتحرير الأسواق تحت شعار البقاء للأفضل، وذلك لكون التنافسية مؤشراً للقوة الاقتصادية، فقوة أي دولة من قوة اقتصادها بمعنى تفوقه على الاقتصادات الأخرى وقدرته على منافستها داخلياً وخارجياً. وذلك نتيجة لحدوث تحول فى المفاهيم من المزايا النسبية التى تعتمد على ما تتمتع به الدولة من موارد طبيعية وبشرية، مناخ مناسب وموقع جغرافي متميز...الخ من العوامل التي تسمح بإنتاج سلع رخيصة في الأسواق العالمية إلى المزايا التنافسية التى تعتمد على التوصل إلى اكتشاف طرق جديدة لإنتاج سلع وخدمات ذات خصائص فريدة ومتميزة ومبتكرة وجودة عالية وقيمة مضافة مرتفعة من خلال الإدارة والمعرفة وقيام التحالفات الإستراتيجية وإنشاء الترابطات الشبكية.
وتعرف التنافسية، وفقاً للمنتدى الاقتصادى العالمى، بأنها مجموعة المؤسسات والسياسات والعوامل التي تحدد مستوى الإنتاجية في الاقتصاد. وتعتبر الدول أكثر تنافسية عندما تكون أقدر من غيرها على النمو في المدى المتوسط والطويل. ونستطيع القول بأن تنافسية دولة ما تقترن زيادة نسبة مساهمتها في التجارة العالمية أو التدفقات المالية بزيادة الدخل وتحسن مستوى معيشة أفرادها دون تدهور ميزان مدفوعاتها أو زيادة أعباء ديونها في المدى الطويل، كما تقترن بأداء الاقتصاد وتوفير مناخ ملائم للاستثمار بصفة عامة، وأداء القطاعات الخاضعة للمنافسة بصفة خاصة بشكل يضمن التحسن المستمر في حصصها السوقية.
وتحرص المنظمات الدولية على إمداد المستثمرين وصناع القرار بالتقارير التي تحتوى على مؤشرات ترصد كافة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتساعد في الكشف عن القدرات التنافسية لدول العالم ومدى جاذبيتها للاستثمارات وتحديد أهم المعوقات التي تمنعها من جذب المستثمرين الأجانب. وتوجد صلة قوية بين ترتيب الدولة أو درجة تقييمها وفقاً لتلك المؤشرات وبين ما تجذبه من استثمارات. ويعتبر تقرير التنافسية العالمي الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشراً أساسياً لقياس القدرة التنافسية لدول العالم على النمو لتحقيق التنمية المستدامة وزيادة الكفاءة الإنتاجية باستخدام أحدث التقنيات وتحسين مناخ الأعمال، كما يعتبر وسيلة هامة لتوضيح نقاط القوة والضعف في بيئة الأعمال وأداة هامة لتوجيه السياسات الاقتصادية للدول المختلفة لتعزيز تنافسيتها وتقليل مدى تأثرها بالأزمات العالمية.
ويتم حساب المؤشر الإجمالي للتنافسية العالمية عن طريق جمع البيانات المتعلقة بعدة مؤشرات فرعية تمثل الدعائم الأساسية للتنافسية لتكون جميعها صورة شاملة للوضع التنافسي للدولة، وتتمثل هذه المؤشرات فى كل من: 1- المتطلبات الأساسية (المؤسسات، البنية التحتية، بيئة الاقتصاد الكلى، الصحة والتعليم الابتدائي). 2- معززات الكفاءة (التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور الأسواق المالية، الجاهزية التكنولوجية، حجم السوق). 3- عوامل التطور والابتكار (تطور بيئة الأعمال، الابتكار).
ووفقاً لنتائج لتقارير التنافسية خلال السنوات 2010-2016، نجد تراجعاً مستمراً فى مؤشر التنافسية الإجمالي لمصر من المركز 81 من 139 دولة (تقرير 2010-2011) إلى المركز 119 من 144 دولة (تقرير 2014-2015)، ثم تحسن بعد ذلك الترتيب ليصل إلى المركز 115 من 138 دولة (تقرير 2016-2017).
وتبرز أهمية تحديد مواطن القوة والضعف فى الاقتصاد المصرى فى دعم صانعي القرار في ترتيب أولوياتهم ودعم قراراتهم المستقبلية الخاصة بتحسين السياسات الاقتصادية وتخصيص الموارد اللازمة لتعزيز القدرات التنافسية للاقتصاد المصرى. ولتحديد مواطن قوة وضعف الاقتصاد المصرى، وفقاً لتقرير التنافسية لعام 2016-2017، يجب أولاً معرفة أداء الاقتصاد المصري في المؤشرات الفرعية الـ 12 المكونة للمؤشر الإجمالي للتنافسية. ويعتبر المؤشر الفرعي موطن قوة عند حصول مصر على ترتيب أفضل في ذلك المؤشر مقارنة بالترتيب العام لها (115) مما يساعدها في تعزيز تنافسيتها فى المستقبل. كما يعتبر المؤشر الفرعي موطن ضعف عند حصول مصر على ترتيب متأخر في ذلك المؤشر مقارنة بترتيبها العام مما يستلزم ضرورة دراسته ومعالجته لتحسين التنافسية فى المستقبل.
وقد تمثلت مواطن قوة الاقتصاد المصرى في المؤشرات الفرعية التي حققت فيها مصر مراكز متقدمة عالمياً مقارنة بالترتيب العام لها، وشملت كل من: المؤسسات (87)، البنية التحتية (96)، الصحة والتعليم الأساسي (89)، التعليم العالى والتدريب (112)، كفاءة سوق السلع (112)، تطور الأسواق المالية (111)، الجاهزية التكنولوجية (99)، حجم السوق (25)، تطور بيئة الأعمال (85). بينما تمثلت مواطن ضعف الاقتصاد المصرى في المؤشرات الفرعية التي حققت فيها مصر مراكز متأخرة عالمياً مقارنة بالترتيب العام لها، وشملت كل من: الاقتصاد الكلي (134)، كفاءة سوق العمل (135)، الابتكار (122).
والجدير بالذكر، أن مدى استفادة مصر من فرص الاندماج في الاقتصاد العالمى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى نجاحها فى تعزيز قدراتها التنافسية ومواجهة المنافسة الأجنبية في الأسواق المحلية والعالمية. ولذلك يجب علينا توفير المناخ المناسب لجذب الاستثمارات الأجنبية، تحفيز الاستثمارات الوطنية نحو زيادة مستويات الجودة والإنتاجية وتشجيع البحث العلمي والابتكار وتطوير التقنيات المستخدمة في كافة القطاعات الاقتصادية. وتتمثل أهم عناصر خارطة الطريق اللازمة لتعظيم تنافسية الاقتصاد المصرى كل من:
• المحافظة على الاستقرار السياسي والاقتصادي لخلق بيئة تنافسية تجعل السوق أكثر نجاحاً من خلال زيادة المنافسة الداخلية في أكبر عدد من الأنشطة الاقتصادية وضمان الشفافية والمساواة بين الجميع في الممارسات التجارية وقطاع الأعمال. واستناد السياسة الاقتصادية على المزايا التنافسية للاقتصاد المصرى، وتركيز الجهود نحو الإصلاحات الهيكلية لتتجاوز مجرد استقدام وتطبيق التكنولوجيا الحديثة، لتشمل تطوير منتجات جديدة ذات قيمة مضافة عالية.
• تطوير سوق المال من خلال إعادة تنظيمها وتطوير بنيتها الأساسية لتتناسب مع المعايير الدولية مما يضمن الشفافية وسلامة التعامل بالأوراق المالية، وتطوير سوق العمل من خلال وضع إطار تشريعي ملائم وزيادة دور القطاع الخاص في إعداد السياسات والبرامج التدريبية اللازمة لتطوير وتأهيل الموارد البشرية، والتوسع كماً وكيفاً فى برامج التأهيل والتدريب المهنى وتطوير سياسات التعليم لتفى باحتياجات سوق العمل.
• تعريف الأهداف العامة مثل المصالح الاقتصادية والكفاءة الإنتاجية في مصطلحات فنية دقيقة للمحافظة على حقوق الدولة وإيراداتها السيادية وعدم استغلال هذه الأهداف لتحقيق مصالح خاصة. وتهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة لتشجيع الاستثمارات من خلال وضع إطار تشريعى وتنظيمى محفز للاستثمارات يتسم بالمرونة والشفافية والشمولية فى منح الإعفاءات والحوافز والتسهيلات، وتبسيط إجراءات ترخيص وتسجيل المشروعات الاستثمارية. كذلك وضع الإطار المؤسسي اللازم للإشراف على كافة القضايا المتعلقة بالاستثمارات وإدارتها مما يؤدى إلى توجيه المشروعات المختلفة إلى المجالات الهامة فى كافة القطاعات الاقتصادية.
• تطوير مشروعات البنية الأساسية وزيادة مشاركة القطاع الخاص في إقامتها وتسييرها، بالإضافة إلى تطوير وتفعيل الإطار التشريعي والتنظيمي لخدمات البنية الأساسية لتحسين نوعيتها وكفاءتها لدورها الهام فى تحسين المناخ الاستثماري وزيادة القدرة التنافسية.
• إعادة تأهيل الصناعة لإنتاج سلع وخدمات جيدة تتوافق مع رغبات المستهلكين وتلتزم بمعايير الجودة وتكون بسعر مناسب مما يؤدى إلى الحد من الاستيراد وتعظيم المزايا التنافسية للمنتجات الوطنية وزيادة صادراتها للخارج. لذلك يجب التحول من تصدير المنتجات الرخيصة والمنخفضة الجودة إلى تطبيق إستراتيجية "اكسب السوق عن طريق تحسين جودة المنتجات" من خلال الاعتماد على البحوث والتطوير وتطبيق أحدث الأساليب التكنولوجية فى الإنتاج، وتطبيق نظام لمراقبة الجودة ونظام آخر لتراخيص الجودة للسلع المصدرة للخارج، بالإضافة إلى التوفيق بين الجودة الداخلية والمظهر الخارجى للصادرات السلعية، وفحص السلع والمنتجات بداية من البحث والتطوير والتصميم إلى التصنيع ووسائل النقل والتخزين.
• تحقيق الاستقرار النقدى، والذي يعتبر الركن الأساسي لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وزيادة القدرة التنافسية من خلال الاستغلال الأمثل للودائع وضمان التطوير المستمر للجهاز المصرفى مما يضمن تفعيل مستويات الإشراف والرقابة لتتناسب مع المعايير الدولية. وذلك عن طريق وضع معدلات هدفية لكل من العرض النقدي والمستوي العام للأسعار لا يجب تجاوزها، وتوفير البرامج التدريبية اللازمة لرفع كفاءة القائمين على الإدارة النقدية.
• إنشاء وحدة حكومية لتقوم بكل من رصد كافة مؤشرات الاقتصاد المصري في التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية وتحليلها وتوضيح نقاط القوة والضعف واقتراح السياسات اللازمة للنهوض بالاقتصاد المصري وتعزيز تنافسيته، ومتابعة قيام كل جهة بتحديث بياناتها عند المؤسسات الدولية ذات الصلة، مثلاً مسئولية وزارة الصحة عن تحديث بياناتها عند منظمة الصحة العالمية ووزارة التعليم مع منظمة اليونيسكو، وذلك لإظهار الصورة الحقيقية للاقتصاد المصري في التقارير العالمية.
• دعم وتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات لأهميتها القصوى في تطوير الاقتصاد المصري وزيادة قدرته التنافسية، وتشجيع الابتكار ودعم أنشطة البحث والتطوير من خلال الاستفادة القصوى من قدرات الموارد البشرية فيما يتعلق بالعلم والمعرفة والإنتاجية.
• الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية وتشجيع الصناعات التحويلية, وبصفة خاصة الصناعات التي تقوم على استغلال وتطوير الموارد الطبيعية المتوافرة بمصر، والتي تتمتع بإنتاجية عالية وقيمة مضافة مرتفعة تمكنها من المنافسة والنمو في الأسواق المحلية والعالمية. والصناعات التكاملية التي تؤدي إلى زيادة مستويات تكامل وتشابك سلاسل الإنتاج مما يزيد من فرص نجاحها.
• زيادة مستويات التعاون والتنسيق مع مؤسسات القطاع الخاص لتميزها باستقلالية الإدارة مما يؤدى إلى سرعة جذب المدخرات لاستثمارها في المجالات الإنتاجية المختلفة، وأيضاً لتميزها بتوافر القدرات المالية للاستثمار في المجالات الصناعية المختلفة مما يساهم في توسيع الطاقات الإنتاجية وتنويع أنماط الاستثمار القائمة وتحسين نوعية المنتج بما يكفل زيادة الطلب الخارجي عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وصفة بلدى
ركاش يناه ( 2017 / 8 / 7 - 08:23 )

وصفة بلدى
_______

مع كل خريطة طريق بيمينها ، كانت جدتى - رحمها الله - تُمسك بوصفة بلدى بيسارها ... و تسر فى اذنى :

خطة الطريق دى من وضع جدك الباشا ... حلوة و زى الفل ... بس صدقنى انا : ما فى احلى من الوصفة البلدى

هاكم وصفة بلدى لأنقاذ مصر من الهاوية :

أ - نزول تعداد المصريين تدريجيا و سلميا من بليون إلى 15 مليون فى 100 سنة
ب ـ خفض معدلات الفساد من 110 % إلى 20 % فقط تدريجيا و سلميا فى 100 سنة
ج ـ فصل الدين عن العمل العام


تحياتى

.....

اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة