الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صعود السماء بين القرآن والأساطير

طلعت رضوان

2017 / 8 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لماذا ذكر القرآن الإسراء؟ ولماذا لم يذكر المعراج؟
وكيف تشابهتْ أسطورة (معراج زرادشت) مع رحلة الرسول؟
رغم أنّ سورة الإسراء مكونة من111آية فإنّ الحديث عن رحلة النبى لم يشغل غير آية واحدة، وباقى الآيات تناولتْ موضوعات عديدة متنوعة، مثل الحديث عن موسى الذى جعله الله ((هدى لبنى إسرائيل)) الذين أسكنهم الله الأرض بعد أنْ أغرق ((فرعون ومن معه)) والحديث عن إبليس الذى رفض السجود لآدم..إلخ. بينما تفاصيل رحلة الصعود إلى السماء جاءتْ فى كتب الأحاديث، ومن بين تلك التفاصيل فريضة الصلاة التى بدأتْ بخمسين وانتهتْ بخمس، ومع ملاحظة أنّ الحديث المروى على لسان الرسول ورد به لفظ (المعراج) وليس (الإسراء) وأنّ الرحلة كانت بصحبة جبريل..إلخ (البخارى- حديث رقم349 كمثال)
والسؤال الذى تغافل عنه الإسلاميون هو: لماذا وردتْ تفاصيل الرحلة فى الأحاديث؟ ولماذا أغفلتها سورة الإسراء؟ بل والأكثر إثارة للدهشة أنّ راوى الحديث هو أنس بن مالك عن أبى ذر، وسبب الدهشة أنّ أنس كان عمره تسع سنوات، وعندما مات الرسول كان أنس عنده21سنة، فلماذا اعتمد على رواية أبى ذر؟ ولم يسأل الرسول (مباشرة) وهو خادمه والملاصق له؟ وذكر من أرّخوا لحياته أنه ((من المُـكثيرن فى الرواية عن رسول الله)) (أسد الغابة - ابن الأثير- دار الشعب - عام1970- ص152) ويرى البعض أنّ حديث المعراج كما ورد فى كتب الأحاديث، ظلّ مجهولا طوال210 سنة بعد وفاة الرسول، وانتشر فى العصر العباسى؟ وقد تأكــّـد الاختلاف بين (الإسراء) و(المعراج) فى الموسوعة العربية الميسرة حيث جاء بها ((ثبت المعراج بالسنة، وثبت الإسراء بالقرآن)) (ص1720)
000
وقد ذكــّـرتنى قصة الإسراء (وفق تسمية القرآن) أو قصة المعراج (وفق الحديث) بقصة (معراج زرادشت) والتى تحكى صعود زرادشت إلى السماء، فقد خلــّـدتْ الرسوم الحجرية قصة صعود زرادشت إلى السماء، بواسطة طائر كبير مجنح يشبه الثور الأشورى، ورافقه ملاك من السماء الأولى إلى السابعة، فرأى الشيطان (أهرمان) وكان معه رئيس الملائكة (سروش) وبعد أنّ رأى كل شىء، أخبره الإله الصالح (أورمزد) أنْ يرجع إلى الأرض ويـُـخبر أتباعه بما رآه وسمعه. وبطل الرحلة اسمه (أرناويرف) الذى قال رأيتُ أرواح المقدسين الذين ينبعث منهم النور. ورأيتُ العرش الباهر ثم سألتُ الملاك (سروش) والملاك آذر عن حال المقدسين. وعرفتُ أنّ آذر له الرئاسة على النار. ثم ذهبتُ إلى الطبقة الثانية (القمر) والثالثة (الشمس) وفى الفصل رقم11 فإنّ رئيس الملائكة قام من عرشه المرصع بالذهب وأخذنى من يدى وقال لى : السلام عليك يا أرتاويراف. مرحبـًـا بك. إنك أتيت من العالم الفانى إلى هذا المكان الزاهر، ثم أمر الملائكة أنْ يحملونى لأرى العرش، ثم رأيتُ ثواب الصالحين وعقاب الظالمين. وأنه شاهد الجنة وجهنم. وفى الفصل رقم101 أخذه (سروش المقدس) والملاك آذر وأخرجاه من المكان المظلم، وحملاه إلى (مكان البهاء) ثم قال له (سروش) إذهب إلى العالم الأرضى الذى جئتَ منه، وتكلم بالحق حسب ما رأيتَ وعرفتَ. أنا أزمود موجود هنا.. وأنا أتكلم بالحق ومن يتكلم بالحق والاستقامة استمع إليه. وعند ذلك رأى أرتاويراف نورًا ولم ير جسمـًـا. وسمع صوتــًـا، فعرف أنه الإله أورمزد.
وتلك الأسطورة أربكتنى حيث أنّ زرادشت شخصية حقيقية واسمه (زورآستر) وعاش فى شمال شرق إيران الفترة من (628- 551 ق.م) وذكر من أرخوا لحياته أنه كان شديد التأثر بالميتافيزيقا، فكان من رأيه أنّ طقوس النار هى رمز النور، وقانون الله الكونى فاستخدمها فى صلواته. ورغم هذا الاعتقاد الميتافيزيقى، كانت له نظرة اجتماعية (واقعية) حيث ((عمل من أجل العدالة والوفاق الاجتماعى، وعارض الأعمال المدمرة التى يقوم بها الغزاة من البدو، لاعتقاده بأنّ حياة الفلاحين المستقرة هى نموذج السلام والحق))
وزرادشت كان له مريدون وصحابة يحبون كل البشر، ويؤمنون بوجود خالق أعظم هو الأفضل والأسمى. وأنه لا يمكن أنْ يكون مسئولا عن الشر. وأنّ الشيطان (أهرمان) هو المسئول عن كل شرور العالم وعن الأمراض.
عند هذا الحد يختلط الواقع بالأسطورة، ويحدث اللبس فى عقل القارىء، حيث ورد فى الأسطورة أنّ من صعد إلى السماء اسمه (أرتاويراف) بينما الجدارية التى وردتْ بها الأسطورة أطلق عليها الآثاريون (معراج زرادشت) وأنّ الرحلة كانت منذ2600سنة.
ويرى المؤرخون أنّ للزرادشتية أخلاق اجتماعية قوية ((حيث العمل هو ملح الحياة.. ولابد للناس أنْ يقهروا بعقولهم الرغبات السيئة، وأنْ يقهروا الجشع بالرضا، والغضب بالصفاء، والحسد بالإحسان، والنزاع بالسلام، والكذب بالصدق)) والشىء الملفت للنظر أنّ زرادشت فرض على أتباعه خمس صلوات فى اليوم : صلاة الصبح (كاه- هاون) وصلاة الظهر(كاه- رقون) وصلاة العصر(كاه- إزبرن) وصلاة الليل (كاه- عيوه) وصلاة الفجر (كاه- إشهن) بخلاف صلوات أخرى كثيرة. وتؤمن الزرادشتية بأنّ أفعال الإنسان توزن - بعد الموت - بميزان، فمن رُجحتْ حسناته انتقل إلى السماء (حيث الجنة) ومن رُجحتْ سيئاته ذهب إلى الجحيم لينال العقاب المناسب على جريمته. وأنّ الإله الطيب لن يسمح لعباده أنْ يعانوا إلى الأبد، لأنّ الغرض من العقاب هو الإصلاح، حتى إذا جاء يوم البعث أمكن أنْ يقوم الجميع لمواجهة الحساب الأخير (المعتقدات الدينية لدى الشعوب- جيفرى بارندر- ترجمة د.إمام عبدالفتاح إمام - عالم المعرفة الكويتى - مايو1993- من ص116- 123) فكيف اختلطتْ الأسطورة بالواقع؟ وكيف انتقلتْ الأسطورة إلى الإسلام؟
000
هامش : د.إمام عبدالفتاح إمام : مواليد1930- دكتوراه فى الفلسفة والأدب الألمانى الحديث من جامعة (فرايبورج) بألمانيا عام1962. من مؤلفاته (مدرسة الحكمة) و(لمَ الفلسفة) و(نداء الحقيقة) ومن أهم كتبه (الطاغية - دراسة عن عصور الاستبداد السياسى) وعمل بكلية الآداب - قسم الفلسفة - جامعة الكويت.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حريه الرأى
على سالم ( 2017 / 8 / 7 - 01:20 )
من المؤكد ان مقالاتك هذه تضرب الاسلام فى مقتل , الشيوخ بدأوا فى البكاء واللطم والعويل


2 - سيد كلعت
احمد الجندي ( 2017 / 10 / 23 - 19:47 )
ولكن الزرداشية نفسها لم تدخل على المنطقة العربية حتى وقت متاخر وايضا كتابهم المقدس ومؤلفاتهم تم تدميرها اثناء الغزو اليوناني مما يعني انه يمكن كان العكس وهو تطور الدين الزرداشي واعتماده في تطوره على الاسلام وبالتالي العكس حدث

اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah