الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حراك الريف وقضايا الهوية.

التيتي الحبيب
كاتب ومناضل سياسي

(El Titi El Habib)

2017 / 8 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



يعتبر حراك الريف مناسبة لتسليط الضوء على احدى اعقد القضايا التي تهم تاريخ الشعب المغربي وهي قضية هويته كشعب عريق له جذور ممتد لآلاف السنين على هذه البقعة الجغرافية التي تعرف بالمغرب الاقصى في حدها الادنى والمغرب الكبير في امتدادها الشاسع.
وبما ان التاريخ تكتبه القوة المسيطرة فان ما يظهر منه وما يتعرف عليه الشعب رواية أو كتابة فإنما هو تاريخ مبتور او تاريخ مطوع لخدمة استمرار الهيمنة والسيطرة للسلطة والدولة.
بمجرد ان اندلعت تظاهرات شعبية واسعة وأظهرت وجها منظما ومتماسكا الا وتم الهجوم عليها بتهمة ثقيلة ومرعبة وهي تهمة الانفصال. ولإعطاء بعد اجماع كل المغاربة على هذه التهمة وتبرئهم من الحراك اصدرت الاحزاب المخزنية المشكلة للحكومة بيانا سياسيا يثبت التهمة ويزكيها.
وكرد فعل للدفاع عن الحراك سارع قادته تحت تأثير الارهاب الفكري الذي سلط عليهم الى التأكيد بمناسبة او غير مناسبة الى نفي التهمة بل التأكيد وفي لازمة متواصلة بأنهم رعية الملك ولا يلوذون الا بحمايته.
شاء قادة الحراك ام ابوا فانهم كانوا تحت ضغط تلك الكماشة التي تم وضعها وجعلها تسيج تاريخ المغرب المعاصر. وهي ان المغرب الخارج لتوه من جلبة وخضم الصراع القوي بين القبائل الرافضة لسلطة المخزن وبلاد المخزن اوما يعرف بالصراع بين بلاد السيبة وبلاد المخزن هذا المغرب الذي خرج من رحم استعمار مباشر جاء بهدف تهدئة المغرب لصالح المخزن مغرب خاض حرب تحرير اجهضت بدورها لصالح وكلاء الاستعمار اي دائما المخزن فان هذا المغرب يوجد اليوم بين كماشة اما الرضوخ لسلطة المخزن او انتشار السيبة وانصرام حبل الوحدة.
على قاعدة هذا المعطى يتصرف النظام الملكي بصفته ضامن وحدة البلاد وغيره من القوى المعارضة له يتم التشكيك في اخلاصها لهذه الوحدة بل ربما هي من يزرع بذور الفتنة.
في جو مشحون بهذه الخلفيات وبمثل هذه الضغوط لا يمكن للقوى الديمقراطية ان تنتج رأيا مستقلا لكي تقوم بدورها في تنظيم الصراع الدائر اليوم. فإذا سقطت الاحزاب المخزنية في خطيئة معاداة حراك الريف فلن يقبل من القوى التقدمية ان تسقط في نفس الخطأ او تترك المنطقة عرضة للسياسة الرجعية المخزنية والتي همشت المنطقة بل عاملتها كمنطقة معادية وحررت لها ظهير العسكرة القائم قانونيا وعمليا لحد الساعة بل بمقتضياته يتم التنكيل بالريف.
ان وضع قضايا الخصوصية للمنطقة كما تشكلت عبر التاريخ موضع نقاش ومحاسبة الدولة والسلطات الاستعمارية على كل ما قامت به تجاه ساكنة الريف يعتبر من الاستحقاقات السياسية المطروحة بدون لف ولا دوران.
ان الدولة المركزية كما هندسها ليوطي وأعطاها البنية اليعقوبية اصبحت متجاوزة وهي تعرقل تقدم شعبنا وتكبح تحرره. ان كل السياسات التي انتهجها النظام من اجل الحد او التخفيف من هذه المركزية الظالمة اعطت جهوية عرجاء بل جهوية لتشديد الخناق على الجماهير لأنها قامت على خلفية امنية اكثر من اي هاجس اخر.
كيف يمكن بناء جهوية ديمقراطية والدولة روحا وشكلا عدوة للديمقراطية؟
ان حراك الريف بصموده وبأشكاله النضالية المتعددة فتح اليوم امام المغرب طريقا جديدا نحو التحرر. ان الحراك مكن من التأكيد على هذه الحقيقة وهي ان النضال من اجل اعطاء المجال للتعبير السياسي لمكونات هوية شعبنا وعلى رأسها الامازيغية وربطها بالقضايا الاجتماعية والسياسية للكادحين. لقد كشف الحراك تلك الوحدة القوية بين النضال على القضايا الاجتماعية وقضايا الخصوصيات الجهوية وكل جزء من هذه المعادلة يدعم الاخر.ان الحراك اظهر ايضا ان المغرب يمكنه ان ينخرط في طريق بناء وحدته الوطنية تأخذ بعين الاعتبار تنوع جهاته وغنى مكونات هويته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح