الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتبه التجديد لا ياتي من الخلف !

سعد فتحي رزق
باحث

(Saad Fathi Rizk)

2017 / 8 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إن ما مر به الإنسان من محاولة لإيجاد نظام حُكم يعيش به بكرامة انسانية، قد دفعه دائماً لتجربة أنظمة مختلفة ، سواء كانت هذه التجارب هي حكم ديكتاتوري أو إنشاء إمبراطوريات توسعية لجلب الموارد أو اسر الناس لصبحوا عبيداً لديهم،! أو تجربة أنظمة حكم دينية تصوغ تعريفات وشرائع من شأنها أن تُنظم العلاقات بين الناس، وفي جميع هذه المحاولات في بحث الإنسان عن أنظمة حكم تشعره بالكرامة والأمان والحرية كان الإنسان ديناميكياً متحركاً، يتفاعل دائماً لكي يطوّر من واقعه حتي يضمن لنفسه عيشاً كريماً، وهو ما يشهد به التاريخ البشري عن ما تكلفه الإنسان والإنسانية جميعاً من دفع أثمان باهظة لكي يوجد الانسان لنفسه معرفة يقينية تمكنه من العيش الكريم. حتي أن بعض العصور التي عبرناها من قرون طويلة، والتي ربما كانت تعيش بعتقدات وأنظمة كانت تناسبهم وقتها ، والتي اصبحت غير مناسبة لواقعنا الان، قد اجتهد فيها الإنسان ليغيرها ويطورها ويطوعها لنفسه بتجديد فهمه عن ثوابتها، لكي تصبح تراثاُ تاريخياً ومساعي للإنسانية في بدايتها، دون ان يقدسها، او يستدعيها لتتحكم له في حاضره، كما تفعل منطقتنا التعيسة،!
فقد قدمت الانسانية مشواراً طويلاً من السعي والتطوير لتحويل مسار التاريخ والعبور من أزمنة الظلمة إلى أزمنة النور، وكان هذا ليس برجال خارقين، ولا بخلاص فوقي منقطع الصلة بما قبله أو ما بعده ، بل أن الإنسان عبر التاريخ ومن خلال تفاعله، قد إستطاع أن يكتشف ويجرب ويخطيئ ثم يجرب ويُصيب، إلى أن وصل إلى أن الحرية الفريدة هي غاية والقيمة العليا، وليس لأي سلطة أياً ما كانت أن تقرر له مصيره ولو بإسم السماء،
وليس على الأرض من يمكن له أن يقرر مصيراً لآخر، ولا أن يرغمه علي إعتقاد ما، أو يرغمه علي التخلي عن إعتقادٍ ما،
جاء هذا اليقين حين رصدَ الانسان كيف أن العلم قد غيّر العقول التي كانت تصدق التعريفات الظنية التي كان يقدمها رجال الدين!
كما كان يظن أرسطوا عن الكون وعن الإنسان وعن حركة المجرات، إلى أن تبدلت تلك الإجابات الظنية، بإجابات علمية من خلال حركة الإنسان وبحثه للوصل إلى يقين المعرفة، وليس يقين الايمان، المعتمدعلي تصديق الإجابات الظنية التي كان يرددها رجال الدين عن السلف الصالح،!
وهو ما ساعد بدوره علي التغييرفي البنية العقلية و بنيان الشخصية لكي يحصل الإنسان عموماً علي عقلية علمية نقدية تمّكنه من أن ينتقد حتي المقدس،
لكي يتحرر من أي سلطان غاشم وإن كان بإسم السماء، ولكن العقلية العلمية المتحررة تلك هي وحدها القادرة أن تبدل حالها من حال تعاني منه، إلى حال ترضاه لنفسها، بمقدار ما ستبزله من ممارسات عقلية، غير نقلية،
وهو ما حدث في النهضة الاوربية التي بدأت بنهضة في الاقتصاد والسياسة والثقافة،
قبل الاصلاح وقبل التجديد،
لان الدول الحديثة هي النظام الذي استقر عليه الانسان في رحلة بحثة عن نظام حكم يصون له كرامته وحقوقه وحرياته،
ولان الحرية حق اصيل لكل فرد وهي ليست منحة من سلطة ولا نظام حكم ،
بل يغتنمها كل حر، كما أظهرت التجربة الإنسانية في رحلتها المدونة بين يدينا، وتحديداً في أُوروبا القديمة وأُوروبا الوسطي التي أضاءت للبشرية بتجربتها نوراً أضاء ظلمات كل ما كان يعيشة الانسان البدائي، وقد كان كل هذا بفعل الإدراك والوعي الانساني الذي ادرك بتجارب الخطأ والصواب، ان الإنسان الفرد هو فقط الذي بإستطاعته إحداث تغيرات كونية لو أراد هو ذلك ، وليس لو اراد المجموع او السلطة الحاكمة، ولو تحت راية الدين،
لانه ادرك اهمية ان يترك خلفه اليقين الظني أو الموروث المقدس، لان العقلية النقدية هي الوحيدة القادرة علي تقييم كل شيء بمعاييرعلمية ومنطقية دون التنازل عن الحرية كحق اصيل ، لا كمنحة من احد، كما كان سائداً في الانظمة البدائية،
أن ما قام به الإنسان في الغرب ، من التخلي عن موروثاته الدينية التي ادرك انها السبب الاوحد في تخلفة واهانته وتأخره، ، ربما يلهمنا ان الحصول علي ثمار ناضجة ، لابد ان يسبقه مجهود في التخلي عن نفس زراعتنا القديمة من تخلف ومن تجديد نستدعيه من تجارب السلف، فكيف للتجديد ان يكون هو نفسه تجربة قديمة لمن سبقونا؟!
ان تجارب النجاح والفشل واضحةامامنا، وان الانسان المتحرك والمتجدد هو وحدة القادر علي تغيير واقعة وصانعة مستقبله، لا بنصوص ماضوية، وانما بإبداع عقلي نقدي، لا يخشي اي شيئ ولو كان مقدساً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية