الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان يدفع بالأزمة البيئية نحو البحر

وفاء جابر أحمد

2017 / 8 / 7
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


لم أستطع تفسير العصا السحرية التى استطاع من خلالها لبنان حل أزمة النفايات في الدولة. إذ مع غياب دور مؤسسات الدولة وغرقها في الفساد و البيروقراطية, اختفت فجأة واحدة من أكثر الأزمات البيئية سوءا في القرن العشرين عن شاشات التلفزة و الواجهات الإعلامية. و بالفعل, فقد استطاع لبنان تجاوز الأسوء إعلاميا و احتوى الأزمة, وانشغل بهمومه السياسية لتعود الأزمة مرة أخرى للظهور على سطح الأحداث بعدما اشتكت اليونان و قبرص من ازدياد مضطرد في نسبة تلوث مياه البحرالأبيض المتوسط. فبدأت ملامح الأزمة الدبلوماسية في النشوء, اذ لم يتمكن لبنان حتى الآن من تحديد أسباب تواجد النفايات على شواطئه والتى امتدت للمياه الإقليمية الخاصة بالدول المجاورة.
انتخب في لبنان رئيس دولة جديد بعد فراغ دام لأشهر طويلة, و شكّلت الحكومة بولادة قيصرية, مع أن الوضع القائم بأمس الحاجة الى حكومة تكنوقراط, فقد فرض واقع لبنان المرسخ دستوريا نفسه, و تم توزيع الحقائب الوزارية مرة أخرى ضمنيا بين القوى ذات المرجعيات الدينية و الطائفية, ومع مرور الوقت بدأ عجز المؤسسة البيئية في لبنان على حل أزمة النفايات لتظهر من جديد بوجه اقبح و أكثرخطورة, مؤكدة على أن كل الحلول التى اتبعت في النسخة الأولى للأزمة عقيمة بل وغير قانونية ناهيك عن أنها بعيدة عن الفعالية و الاستدامة.
بدأت الأزمة في يوليو لعام 2015 عندما تم إغلاق مطمر النعامة لأسباب صحية و متعلقة بالطاقة و القدرة الاستيعابية و أيضا للمعارضة الشعبية. يجدر بالذكر أن هذا المطمر تم افتتاتحه اصلا كجزء من خطة طوارئ في عام 1998, على أساس أن المطمر سيستوعب كمية محددة من النفايات النوعية و سيتم إغلاقه فور الوصول إلى طاقته الإستيعابية القسوى, لكن الحكومة واصلت توسيع المكب و أيضا بدأت بعملية تخلص غيرصحيحة من النفايات و قد أدت هذه الإجراءات الى التسبب بخلق أجواء مملوءة بالسموم والمواد الملوثة في المحيط السكني حول المكب.
لم يكن لدى السلطات الحكومية أي خطة طوارئ للتعامل مع النفايات التي ولدها السكان، وجميع تلك النفايات بدأت تتراكم في الشوارع وكانت الازمة الأكثرتعقيدا في تاريخ لبنان, فبدأت سلسة من الممارسات الكارثية, كحرق النفايات و الطمر التعسفي في المناطق العشوائية . بدأ السكان يعانون من المرض و الإعياء و بدأت موجات من الأمراض الناتجة عن التلوث البيئي في الظهور. فنطلقت احتجاجات واسعة في البلد الصغير المثقل بالأزمات أصلا ضد الحكومة مطالبة بحلول سريعة وفعالة. الا ان الحكومة كانت غير فعالة و على ما يبدو ينقصها الخبرة البيئية الازمة للتعامل مع الأزمات الشديدة و أيضا تعاني من الفساد في مفاصل الدولة. ومع تفاقم الأزمة تم افتتاح مكب النعامة مرة أخرى كحل مؤقت لمدة ستون يوما, تم اغلاقه بعدها بعدما عمّت الاحتجاجات الشوارع من جديد. وعادت الحكومة إلى المربع الأول للأزمة , تم طرح عدة حلول بعدها كنقل النفايات عبر البحر إلى منشئات معالجة في دول مجاورة, إلا أن هذا الحل غير مجدي ولم يرى النور رغم ترويج الحكومة له.
و بعد عدد من الخطط الفاشلة إفتتحت الحكومة مكبين جديدين مؤقتين, في منطقة كوستا برافا و برج حمود, مع أن المكبين لاقيا معارضة واسعة إلا أن الحكومة مضت في مخطتها. و الجدير بالذكر أن منطقة برج حمود تنتشر فيها كثافة سكانية عالية و أحياء فقيرة. و إن النفايات لا تعالج بالطريقة المناسبة و الفعالة, فالمكب أشبه بالمطمر أو بمحطة تجميع النفايات, و قد أقدمت الحكومة على عمليات حرق غير رسمية و غير مدروسة لكميات محدودة من النفايات أدت الى تلوث الهواء بعد أن لوثت النفايات المياه و التربة.
تفرز حرائق النفايات عادة تركيبات سامة في الهواء تتفاعل مع نسب الرطوبة في الجو و تنتج الأمطار الحمضية. تعطل هذه الأمطار الدورة الطبيعية للنباتات و تتسبب بمشاكل صحية مباشرة للبشر. لكن هذا ليس الأسوء, فانبعاثات الغازية في الجوهي أيضا جزيئات دقيقة يتنفسها الإنسان, هذه الجزيئات تنخلط في الدورة الدموية عن طريق التنفس و تسبب أمراض إنسداد الشرايين, الربو ,التحسس و الجلطات. لذا قد يصاب شاب بجلطة دماغية دون أدنى مؤشرات صحية تدعو إلى ذلك.
لبنان الآن يتعثر بين حلول عدة لأزمة النفايات أسوءها على الإطلاق هو إطلاق النفايات الى البحر مباشرة ما يتسبب بتدمير الحياة البحرية و تلوث المياه و يضر بالصيد و السياحة. و عليه كدولة تحمل مسؤولياته إتجاه البيئة و البيئة المحيطة قبل فوات الأوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح