الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ردا على دعاة مفيش فايدة

محمود ابوحديد

2017 / 8 / 7
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


الكاتب المعاصر محمد عبدالله شرح منطق مقاومي انتفاضة الطعن الفلسطينية بالكلمات التالية" أن تكون مقاومًا اليوم لا يتطلب إلا موازنة صغيرة (بين عواقب الكفاح وعدمه).. والكثير من الإرادة".

كانت لانتفاضة الطعن الفلسطينية - المستمرة من اكتوبر 2015 وحتى الان - سمة خاصة عن الانتفاضات السابقة لها ، كانت سمتها الاساسية متمثلة بالعمليات الفردية وليس الكفاح الجماهيري ، اغتيال او طعن او دهس الفلسطيني للصهيوني ما مثل عواقب خطيرة لنشطاء الانتفاضة (يقتلوا في الحال) ! لكن وابتداءا من جمعة الغضب للاقصى 21 يوليو ظهر التضامن الجماهيري الفلسطيني لانتفاضة الطعن ما مثل ان الوعي الجماعي للفلسطينين يتضامن مع عمليات الانتفاضة ويرى ضرورة وفائدة للمقاومة. بالضبط قبل يوم واحد من ظهور هذا التطور للانتفاضة ، وبالضبط بينما تجري الدعوات والتحضيرات لجمعة الغضب للاقصى ، كتب مصطفى السيد العضو السابق في مجموعة تلقب نفسها بالاشتراكية في مصر، كتب ما يجعلني ابكي العروبة ومن خانوها ، فبينما ينظر الفلسطينيين نحو العرب لدعمهم ، كتب مصطفى السيد ما يمكن اعتباره مقالا تعبيريا روائيا يضع هدفا له اثبات (انه لافائدة من الثورة) كتب :

(كانتِ تعلم دائمًا عندما اذهب للمظاهرات قبًيل الثورة، كان يجرفنى حماسى بالهتافات وكان صوتىِ المبحوح دليل إدانتي دومًا، وكانت تكرر فى كل مرة "مفيش فايدة" وفقط بعد عدة ثورات ورؤساء وأحزاب وكتابات وهتافات اقتنعت بما تقوله "مفيش فايدة"، كنت دومًا احب الترحال، فهو حالة تشبه الحلم، حين كنت أحاول استدعاء ذكرياتى عن أيّة رحلة كنت اشعر ان ذاكرتي مشوشة، الامر اشبه بذكرياتي عن احد احلامي، كنت أحب تلك الذكريات،وبعد سنوات اكتشفت أن الترحال يشبه الحلم فقط اذا كان لديك بيت، اذا كان لديك وطن تجلس فيه وتستدعى ذكرياتك عن الترحال، أما الراحلون دائمًا وابدًا يكون ترحالهم بمثابة الكابوس. ثم اكتشفنا جميعًا مع الهزيمة انه حتى الحلم "مالوش فايدة"كنت دومًا أهوّن على نفسي أننا جميعًا في نفس الهم، شركاء فى الحزن والمأساة، إلا أن اكتشفت مؤخرًا أن البعض لا يعلّم حتى عن تلك المأساة التي عايشناها فى رحلتنا لاكتشاف انه "مفيش فايدة")
ويضيف السيد:
(نسأل سؤال العجزة عن خلق حلول، ما العمل اذَا؟ وتأتى كل الاجابات بعدها كأنها ثرثرة، كلام مكرر عن الوطن والثورة والفقراء، اساطير الحق والخير والجمال التي سحلت بنى آدم منذ بدء الخلق وحتى اليوم، ورغم هوس الإنسان بتلك الأساطير عبر التاريخ لم تتحقق قط، إنّ افكارًا لم تتحقق قط فى أي زمان أو مكان لن تحققها أنت، باختصار "مفيش فايدة"، متخاصمان أنا والثورة، حلت الهزيمة بحلمنا سريعًا ولا نعرف كيف استيقظنا فجأة فوجدنا أنفسنا نطوف بغرف التحقيق مذنبين، لم نتحمل الهزيمة، ورفض غرورنا الاعتراف بالخسارة، فخرجنا ولم نعّد، تفرقنا على بلاد الله الواسعة وأصبح لقائنا اليومى يحدث بالصدفة عبر الحدود وفى أوقات انتظار الطائرات، وعندما نلتقي ونتحدث فى كل شيء عدا ذاك الشعور الدائم بالمرارة أن بلادنا مازالت ترى فينا أولئك الخونة الذين لم يخلصوا لواقعهم وتجرأوا على الحلم رغم معرفة الجميع بأنه "مفيش فايدة") انتهي الاقتباس.

هنا سأكون بصدد إثبات قدرة الإنسان بشكل عام والمقاومة الشعبية بشكل خاص على تغيير العالم. لكن قبل اي شئ ، لو كان "مصطفى السيد" فلسطيني الهوية لجرى اعتباره عميلا وجرى نبذه ومقاطعته بسبب تصريحا مثل هذا - حتى ولو كان محض تعبيرا ادبيا وليس رأيا سياسيا.

على اي حال ، هاكم المعلومة الأهم : المجتمع الإنساني العالمي لا متزن وغير مستقر بفعل نهب الأقلية (الواحد بالمائة) لأغلبية سكان العالم. ويميل المجتمع الإنساني للاتزان تحت الظروف المتغيرة عبر "الثورات" لكن سريعا ما يُجمع اسياد العبودية قواهم لهزيمة الثورة والجماهير واعادة قدرتهم على نهب المجتمعات حتى لو تسببوا في ملايين القتلى. هكذا رغم العديد من البطولات الانتفاضية والثورية على مر العصور ، لاتزال العبودية الاولى موجودة الى يومنا هذا - على الاقل عبر العمل المأجور ناهيك عن العبودية الحقيقية في افريقيا واليمن !

لقد كان العالم "مثاليا" تُكبت فيه نزعات الظلم والاضطهاد قبل ظهور عبودية الإنسان للإنسان. وفقط بمرور الزمن ، تُنفذ الانسانية الانتفاضات التي ورغم هزيمتها بالنهاية ، الا انها استطاعت على الاقل التحرر لفترة حتى وان كانت قصيرة . ودراسة العلاقات الاجتماعية في تلك الفترات القصيرة هو ما يدفعنا للتمسك بجدوى الكفاح لضمان عدم الهزيمة المستقبلية للانتفاضات التالية التي سنعاصرها.

إذا ليس السؤال هو كيف يمكن أن نتحرر ولكن السؤال هو كيف يمكن إدامة عملية التحرر الدورية التي تصل إليها المجتمعات - عبر الثورة - قبل الارتداد بفعل التكالب الكلبي للطبقات الاجتماعية المالكة.

لست مختارا ولا مهديا يدعو الناس لإعادة الثقة في أنفسهم وقدرتهم على تغيير العالم. فالمعركة ضد الاضطهاد والظلم العالمي الذي يلحقِ بسكان العالم ، هي معركة عسكرية ، سياسية ، اقتصادية واجتماعية وعلمية قبل كل شئ. وفقط الفهم العلمي للمعارك والمشاكل التاريخية الاساسية بالنسبة للصراعات الانسانية، فقط الفهم العلمي للمعارك الانسانية هي ما ستؤكد أن انتصار الإنسانية على النزعات الكلبية التدميرية هي محض إمكانية موضوعية.

قدرة الإنسان على تحقيق الرخاء والسعادة لكامل أفراد الجنس الإنساني وكامل الكائنات الحية إمكانية غير امكانية وحقيقة مطلقة غير خاضعة لشروط. هذا على الأقل هو المنوط بأفضل واعقد اشكال تطور الطبيعة: الإنسان.

يكمن تعريف المشكلة - من بين تعريفات عدة في - الفارق بين معرفة المعلومة وفهمها. الفارق بين عدم تطبيق المعلومة أو تطبيقها واستخدامها والاستفادة منها. فهم المعلومة هو الاستفادة القصوى منها.

من هنا نستنتج ان كل الناس على الأرض لا يفهموا ما هم مقبلون عليه على الاقل الا بعد ان ينخرطوا فيه. وتتحول المعلومة النسبية هذه الى حقيقة مطلقة محددة في حال اسقاطها على الحالة الجماعية للإنسانية، عندها سنصل لاستنتاج فكري قديم لكن صحيح مائة بالمائة : "النشاط الجماعي للبشر هو نشاط لاواعي" ومن هنا على الاقل ينبع التبرير - المقبول نوعا ما - للمأَساة الإنسانية : ان كل أفراد البشر لا يفهموا محصلة نشاطهم الجماعي وبالتالي لا يسعوا لتحسينه وجعله مثاليا.

في المقطع المقتبس يعتبر "مصطفى السيد" انه ليس من الفقراء باستخدامه ضمير الغائب - وغير ان الفقراء اصلا هو محض توصيف واسع غير علمي وغير قادر على توصيف او قصد اي شئ على الإطلاق - لكني سأجاريه معتبرا ان الطبقات الشعبية هي من يقصدهم بوصفه. هؤلاء الناس يعيشوا وفقا لاهم الانتقادات الاقتصادية للنظام الراسمالي، انه يهبط بشكل دوري ولاقل قدر ممكن بشروط وضرورات الحياة (انظر لاجور العاملين كمقياس) يعيشوا بالمقاومة اليومية لهذا النظام. ولولا نجاح هذه المقاومة اليومية في انتزاع بعض المكاسب هنا او هناك، لتخلوا عن المقاومة ليكون مصيرهم الموت.

المقاومة اذا ليست فقط موجودة بالنسبة لمن يسميهم السيد "الفقراء" لكنها ضرورة لا يمكنهم التخلي عنها. فهل يستطيع الاديب العدمي مثلا، ان يقرأ رائعته الادبية المقتبسة على من يقاوموا التجويع في صومال اكبر مخيم للاجئين بالعالم ؟ هل يستطيع ان يقرأها على آذان جوعى وسط افريقيا ويمن العرب الذين حتى لا يجدوا مخيم لاجئين يلوذوا اليه ؟ حرفيا سيموت هؤلاء لو تخلوا عن لمقاومة، ومحاولة اقناعهم بعدمية الثورة والتغيير ولافائدتهم هي محاولة لاقناعهم بالتخلي عن الامل في ان يجدوا طعاما ليومهم الحالي وليس حتى لليوم التالي. حقا لا وجود لكلمات يمكن ان تشرح مدى مقاومة سكان هذه المجتمعات وفعلا وجدت صعوبة عملاقة في كتابة هذا المقطع للتدليل على انهم مقاومين وطبعا ارى اني لم اوفهم حقهم! اما "مصطفى السيد" وكونه يضمن الا يدفعه مستقبله ليكون ابدا واحدا من هؤلاء الكينيين او الصوماليين او اليمنيين او "الفقراء" كما يسميهم ، فلهذا استطاع ان يكتب كلمتي "ثرثرة - اساطير" الى جانب كلمتي (الحلول للفقراء) فقط لان مستقبله يضمن له الا يجوع مثلهم ، فاصبح يعتبر (المقاومة والثورة لافائدة منها) بالنسبة للفقراء ! ياللذئاب !

ومن ناحية اخرى ، لا ادري لما يحاول "السيد" اقرار "عبثية" الفكر والتخطيط والعمل لتغيير العالم باستخدامه لمصطلح "الاحلام" بدلا من مصطلح "اهداف ومطالب الثورة" .."الاحلام" لا تدل على التشوش والاستحالة فقط لكنها تدل على ما هو اسوأ "الوهم" .. هذه المحاولات هي بالضبط ما ترجوه وتدفع اليه الايدلوجية البرجوازية مطالبة ببقاء الوضع الحالي على ما هو عليه وعدم تغييره - اي ملكية رجال الاعمال للصناعة والتجارة والعالم. لو ان البرجوازية استأجرت اديبا ليشوش على اهداف الثورة لما كان سيستخدم اي كلمة اسوأ مما استخدم مصطفى السيد .. "احلام الثورة" بدلا من اهدافها!

اخيرا ، وبينما اقر "السيد" بأن الثورة تعلم الناس. فانه يعلن أن الدرس الأساسي الذي تعلمه هو من الثورة هو لافائدتها !

لكن ما هو واضح لكل مراقب ولا يحتاج لاقرار السيد وشباب جيله ، هي حقيقة ان ثوار القرن الحادي والعشرين لم يعلموا الثورة شيئا على الاقل حتى يومنا هذا 2017 . من منطلق ان انتفاضتهم لم تظهر اي جديد خلافا لما ظهر سابقا بكوكبنا- حتى ان ثورات الربيع العربي (عدا سوريا التي لم تحسم فيها الثورة بعد) لم تصل الى اي من المستويات العليا التي وصلت اليها العديد من حركات التحرر السابقة عن قرننا الحالي. والمصيبة الانكى هي ان يعتبر شباب الثورة - امثال مصطفى السيد - عبثية الثورة والانتفاض والا ينتوا التخطيط للمعارك والانتفاضات التالية - والتي حتما سيعاصرها الشباب حتى لو كانت على بعد عقود من الان. هذه هي المصيبة الحقيقية التي يمكن من خلالها القبول بعبثية ثورات الربيع العربي لا سمح الله.

بينما الحقيقة تأخذنا الى ناحية معاكسة تماما عن استنتاجات "السيد" عن عبثية ولافائدة الثورة.. اي واعي عاصر ثوراتنا الحالية لا يجب ان يستنتج سوى النتيجة المخالفة تماما لاستنتاجه : فما هو حقيقي وواقعي ، والذي يمكن اعتباره اهم الدروس التي ابرتها الثورات العربية على الاطلاق هو "الامكانية والقدرة التاريخية لتغيير الحياة بالاعتماد على الميل الدوري للمجتمع الانساني المنهوب نحو الاتزان اي الغاء الظلم. قدرة الجماهير على تجديد طاقتها في كل معركة تثبت امكانية الانتصار الشامل بمزيد من التخطيط والعمل الواعي . هذا هو الدرس الاساسي الذي ظهر في ثورات الربيع العربي.

لكن اسوأ ما في الحياة ، ان اغلب من يلبسون عباءة المقاومة ، يرتدوها لكي يجعلوها تبدو بمنظر واهن مهترئ مستجدي وغير مناسب. بالاصل، يستمد "السيد" شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي من كونه ثوري، مقاوم، مناصر ومحلل للثورة المصرية واليوم ينصح "السيد" (في شكل تعبيري روائي اجبن من ان يكون توجيها صريحا) ينصح بعدم استكمال الثورة وبالالتفات للحياة و ايا ما يناسبك ويغريك فيها ، معلنا انه قد اتبع نفسه هذه النصيحة وبدأ بالسفر والترحال متنازلا عن اي مهام ثورية متجاهلا حقيقة ان نصيحته الروائية هذه وبما انها تدور عن الثورة والكفاح ، تعد مهمة ثورية بامتياز لكنها في الطريق المعاكس، طريق مهام واهداف الثورة المضادة.

من هنا ايضا - من الفكرة العدمية التي تحملها كلمات مصطفى السيد - يمكننا ان نتأكد للمرة الالف انه في اوقات الثورة لا وجود لاي معسكرات وسيطة (اما ان تكون مع الثورة ان تكون ضدها مهما تخيلت انك على الحياد او ملكش دعوة !) هذه هي الوصية الادبية لثوري سابق فقط لانه عاصر فترة جزر مدتها 3 سنوات فقط ،، ماذا يمكن ان يحصل له لو استدامت لعشرة او عشرين !!

لازال عند مصطفى السيد ما هو اسوأ من رائعته الادبية .. ان يصل الى اقصى التناقض واللا-اتساق ! بعد ايام من كتابة "السيد" لرائعته التعبيرية المقتبسة، نشر على موقعه بالفيسبوك انه ممتلئ بالثقة والامل عقب مشاركته في مؤتمر كمعلق عن الشأن الحقوقي الثوري المصري ! هكذا يظهر لا-اتساقا فجا في مواقفه ، حديث في المؤتمرات عن الامل والثورة / ورؤى عدمية يكتبها بمجهود ودأب وعناية كما يظهر في الزخرفة التعبيرية التي ابتذلها في نصه المقتبس ! هذا التناقض سيكون "مصطفى" هو آخر من يلاحظه لانه من المعروف انه (لا يمكن الحكم على شئ من وجهة نظره عن نفسه)

اما الاسوأ على الاطلاق هو ما سنشاهده في تصرفاته بالسنوات التالية التي سنعيشها ؛ كوني مشاهدا لمواقفه (على الاقل هذين الموقفين المذكورين) اؤكد اني على ثقة بانه ولو - وهذا مجرد احتمال لا يمكن ان اجادل فيه - لو اندلعت ثورة جديدة استطاعت ضمان الانتصار بعد تحقيق النجاحات الاولية (هزيمة البوليس والجيش-اقرار الحق في انتخاب وعزل المسؤول المباشر - مصادرة المصانع واقرار التخطيط والتوزيع العادل للعمل ، بمعنى آخر استطاعت تحقيق المهام والمطالب المشتركة التي تحققت في اي من فترات مد الانتفاضات الانسانية الحديثة) اسوأ ما في الامور اني على يقين انه ولو انتصرت انتفاضة في وطننا فان "السيد" سيتناسى استنتاجاته العدمية ، وسيبدأ في اعطاء النصائح وسينخرط في محاولات توجيه او عدم توجيه الدفة الاجتماعية لما يعتبره هو صحيح او غير صحيح !! في حين ان وعيا استباح تكرار فكرة عفنة مهترئة كفكرة "لا فائدة من الثورة" يجب عليه ان يلتزم الصمت على الاقل لحين يتمرن كفاية على المراجعة الاولية الدورية للافكار والمهام التي يستنتجها قبل ان ينطق بها !

لا ادري لماذا تحفزت للرد على "السيد" رغم انه لا ينبغي على الماديين الثوريين ان يهتموا بالجدل مع العدميين بقدر ما عليهم ان يتصدوا للشعبويين، فالاخيرين يناصروا الثورة ويحاولوا توجيهها والزامها بطريق ما وبالتالي يمكن لمجهوداتهم ان تحقق وستصبح حقا عائقا في طريق الانتصار، بينما سيصفع الواقع وثوراته كل العدميين باندلاع الثورة وتطورها التصاعدي التلقائي رغم كل دعاويهم ومجهوداتهم العدمية. لكني اظن ان كتابته المقتبسة اعلاه قد حفزتني لاسباب عديدة :

أ) انها تتخفى في شكل ادبي تعبيري بدلا من ان تكون توجيها واضحا لقارئها بالانصراف عن الثورة، ليحافظ كاتبها على فتحة صغيرة مناسبة لحجمه يمكنه منها ان يعبر لطريق الثورة الذي يحاول سده بكتابه هذا. وفي احسن الاحوال سيتراجع بعذر انه (كان اجبن من يكتب توجيها واضحا بعدمية وعبثية الثورة وان هذه كانت مجرد شطحات وخاطرات ذهنية !) متناسيا ان الثورة ومهامها لا ينقصها تشويش وفعلا تحتاج لكل المجهودات في عصر يبذل فيه اعدائها واجبهم وزيادة لكسحها.
ب)لان امتداد كتابته سيدفع نحو احقر المناهج الفلسفية لتفسير حركة التاريخ (اللاهوتية - الذاتية - الراسمالية نهاية التاريخ) ! فاذا كان السيد مصطفى لا يرى الان فائدة من الثورة في ان تحقق التغيير الاجتماعي الجذري الشامل، فإنه سيضطر لإنكار ان الثورات كانت هي السبب في اسقاط العبودية والاقطاعية في سبيل اثبات فكرته عن لافائدة الثورات الحالية في إنهاء الراسمالية ! او انه في افضل الاحوال ، سيؤيد الحقيقة الموضوعية عن دور الثورات في اسقاط الانظمة الاجتماعية البائدة لكنه سينضم لصفوف المبهورين والمعجبين بالبرجوازية فيعلن ان الثورة كانت مفيدة في مواجهة الانظمة السابقة لكنها غير مفيدة وغير قادرة على اسقاط الراسمالية !
وحقيقي لست افهم ، هل فعلا يقصد ما وراء كتابته العدمية هذه ، بان البرجوازية المالكة واممها المتحدة يحملوا نهاية التاريخ وضمانة الخلود ؟ ان امتداد كتابته هذه مستفز لاقصى قدر، بالذات لانه يحمل خلفية ماركسية كونه كان عضوا بمجموعات مصرية ماركسية ! هل يتناسى كل الدوافع والمحركات الاقتصادية للمجتمعات والتي يفترض انه كان يعتمدها ويفهمها لما كان ماركسيا ام انه اصلا لم يكن ماركسيا ؟ فكيف يمكن ان يصل لمثل هذه الاستنتاجات العدمية التافهة ، من فهم يوما ما ، الاساس الاقتصادي للنظام الراسمالي وكونه (مجتمع الازمة الدورية) - ذلك الاساس الذي يعترف به منظري الراسمال انفسهم - حقيقي لست افهم.
ج) آخر الطرق التي قد ينجو بها مصطفى السيد من سياسته العدمية هي ان يشرح في النقاشات التي ستولدها كتابته المقتبسة، افكارا لا تليق بمثقف بقدر ما تليق بربة منزل تخاف على اولادها ! سيأطر "المقاومة" بحدود تبدأ بموازاتها مع المصالح الشخصية وتنتهي باستبدال الارادة والمبادرة بالتسلق والتنطع على اكتاف الجماهير وانتظار مبادرتهم ومن ثم اعلان دعمها (او كما تقول الامهات لابنائهم المقاومين "لا تقفوا في الصف الاول" ! لكن من يدري اين يمكن ان ينتهي مصطفى السيد بعد كتابه هذا، من الممكن ان يصر على استنتاجه والا يحاول ان يحتفظ باي رمق مقاوم ويكرر بدلائل اتفه "لا لا ، انا اصبحت افهم اكثر ، ويوما ما، ولما تصل لوعيي ، ستفهم ان الثورة لا فائدة منها والبرجوازية والامم المتحدة ستفنينا جميعا" !

اخيرا ، رغم الردود العسكرية الدموية الفاجعة التي اعلنتها وتعلنها البرجوازية ردا على انتفاضات الشعوب ، فان الطريق الاساسي الذي تسلكه البرجوازية لاجل سيادتها هو السيطرة الفكرية بالقوى الناعمة قبل خيارات الحروب والقًوى الخشنة، هكذا فإن اقصى آمال ومخططات البرجوازية هي ان يعتنق ابناء الطبقات الشعبية الرأي العدمي لمصطفى السيد عن "عبثية ولافائدة الثورة" بدلا من ان يتحضروا لانتفاضة يستلموا بها السلطة بعد الاطاحة بالبرجوازية. مصطفى السيد بكتابه المقتبس اعلاه يسير في طريق الاحتواء والتدجين والاخصاء البرجوازي لسكان الكوكب ...

ان ردي هذا صرخة امل لأجل شرف الإنسانية، صرخة لكل قادر رجل او امرأة من كل الأعمار: لا تصدقوا دعاة "مفيش فايدة" ، دعاة ترك المقاومة الأخلاقية والاجتماعية والاهم دعاة ترك المقاومة السياسية. كل من يتأفف عن التغيير السياسي ويعلن فقدان الأمل في تغيير السياسة العالمية ، لا يدعونا فقط لفقدان الأمل في السياسة لكنه بذلك يدعونا لفقدان الأمل في كل مقومات الحياة ، في الإنسان، قدرته، تاريخه، حاضره ومستقبله.. امام دعاة "مفيش فايدة" اكرر هتاف ماركس "انتقدوا كل ما هو كائن ، انتقدوه ولو بالسلاح"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-


.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا




.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف


.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا




.. على الهواء مباشرة.. مراسلة الجزيرة ترصد عملية إطلاق النار في