الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتدللي ويالله على حمام علي

لقمان الشيخ

2017 / 8 / 7
سيرة ذاتية


حمام علي

كانت لسكان مدينة الموصل أغنية اشتهروا بها وهي ( صاح القطار قومي أنزلي نحن أوصلنا حمام علي ) وحمام علي مدينة اشتهرت بحماماتها ذات المياه المعدنية وهي تبعد جنوب الموصل بحوالي عشرين كيلومتر , وكان الناس يسافرون اليها بواسطة قطار خاص يزدحم بالركاب , خاصة في فصل الصيف’وهو الموسم المخصص لهذه الزيارة
وفي الطريق’وقرب قرية ابوسيف’كان يجب ان يمر من خلال نفق’كنا نسميه(اللقم)فيقوم المسافرون باغلاق شبابيك القطار’لكون القاطرة كانت تسير بواسطة الفحم الحجري’والذي كان يبعث دخانا كثيفا
حتى نهاية النفق’ثم تنطلق الأغاني والمرح كلما اقترب القطار من المدنية
كانت عادة المصطافين حمل المتاع من أواني الطبخ ومونة الطعام والأفرشة وكل ما نحتاجه من متاع ومؤن لقضاء أياما معدودات هناك
, وكان يجب حجز محل للإقامة هناك مسبقا
واغلب تلك الابنية كانت عبارة عن مخيمات مؤقتة’تسمى العرازيل
, والعرزالةعبارة عن بناء مشيد من الخشب والحصير , في الداخل فناء وحجرة واسعة رفعت فيها دكات مبنية من

الطين عرضها يسع لوضع الأفرشة
يستخدمه الناس للنوم محل الأسرة ,
لم يكن هناك طاقة الكهربائية
لذا كانت النيران توقد بواسطة الخشب والحطب لتحضير الطعام
, وفي الليل نستمتع بضوء النجوم وضوء القمر خلال اكتماله بدرا ,
ولكون فصل الصيف هو موسم الزيارة ’والسماء صاحية دوما لذا لاخوف من سقوط الأمطار طول مدة الإقامة
التي لا تزيد عن مدة شهر تكفي لقضاء فترة من الراحة والاستجمام الذي تبقى ذكرياته الجميلة.

ذكرياتي الجميلة عند الصباح عندما اذهب إلى أطراف المدينة حيث اجتمع سكان القرى والأرياف المحيطة بالمدينة يعرضون نتاجهم
, من خضراوات وفواكه و لبن وحليب وقشطه ( القشوة ) كلها طازجة اشتقت لتوها لعرضها في ذالك السوق الشعبي الزاخر بالحياة والروعة , والذي لا زال في مخيلتي من اجمل الذكريات التي لا تنسى.

وفي أيام السبت تنطلق النسوة الصعود على تل يقع على أطراف المدينة يحمل اسم تل السبت
, يحملن التعاويذ المصنوع محليا من

القش المجفف والمصبوغة بألوان زاهية يتفنن أهل المدينة بصنعها وتلوينها
,يدعون الله خلالها ان يحقق آمالهم ويطرد الشر عنهم
, وبهذه المناسبة كانت هناك أغنية شهيرة بتلك المناسبة’ترددها النسوة وهي ( اطلع على تل السبت واشلح عبأتي وانفلت )
لقد كانت كلمات الاغنية تعبر عن رغبة مكبوتة ’بحاجة المراة الى الشعور بالحرية والانطلاق بعد معانات الضيق والقهر الذي تعانيه’حيث تأتي عبارة اشلح عبأتي وانفلت , دليل على الحاجة للحرية .

بعدها يذهب الناس لزيارة حمام علي , والصحيح هو حمام العليل , لأن مياهها المعدنية الدافئة تشفي كثيرا من الأمراض الجلدية وألم المفاصل , لكن مع شديد الأسف لم تكن تراعى الشروط الصحية الواجب اتخاذها
لكن الناس يشعرون بالراحة والانشراح حال دخولهم حوض الاستحمام كما تعودوا خلال زيارتهم للحمام .

وفي المساء تتحول الحياة إلى مهرجان من المسرة والفرح , عندما تنطلق الزوارق في عرض النهر
وهي تزدحم براكبيها وهم يطلقون الأغاني والبستات على أنغام الة العود ونقرالدنابك
وكانت الطائفة اليهودية هي المشاركة الأكثر بهذا الحفل البهيج .

وعلى ضفة النهر تجلس النسوة تحضرن

الشاي والكعك المسمى ( الأكليجة )
وكان المكان المفضل هو مزرعة لخضار العوين , وهو نوع من أنواع نبات الفاصولية الخضراء , وفيها كانت النسوة تغني( اقعد على ارض العوين , وانصب الجاي عل سافين وكل من اتمر أقلها أتفضلي ) .

هذه ذكرياتي في الأربعينيات والخمسينات من القرن الماضي , كانت الحياة ببساطتها وطيبتها تجلب المسرة والفرح في قلوب الجميع , إنها ذكريات لا تنسى .

لقمان الشيخ _ بلغاريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا


.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي




.. إيطاليا : ضريبة لزيارة البندقية.. فهل تحل مشكلة السياحة المف


.. إسرائيل ماضية في خططها لاجتياح رفح.. ما الموقف المصري؟




.. سلمان رشدي لشبكتنا: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وما هو