الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخاتلة : المفهوم المخاتل و تطبيق المخاتلة العملي لدي حزب الكادحين (7)

ناظم الماوي

2017 / 8 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية
حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
( عدد 23 - 24 / فيفري 2015)
ملاحظة : الكتاب برمته متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن

" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلّصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمّة مضاعفة أبدا..."
( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل ؟ ")
---------------------------------------------
" أمّا الإشتراكي ، البروليتاري الثوري ، الأممي ، فإنّه يحاكم على نحو آخر : ... فليس من وجهة نظر بلاد"ي" يتعين علي أن أحاكم ( إذ أنّ هذه المحاكمة تغدو أشبه بمحاكمة رجل بليد و حقير ، محاكمة قومي تافه ضيق الأفق، لا يدرك أنّه لعبة فى أيدى البرجوازية الإمبريالية ) ، بل من وجهة نظر إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية، فى الدعاية لها ، فى تقريبها . هذه هي الروح الأممية ، هذا هو الواجب الأممي ، واجب العامل الثوري ، واجب الإشتراكي [ إقرأوا الشيوعي ] الحقيقي ."
( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ، دار التقدّم موسكو، الصفحة 68-69 ).
-----------------------------------------
" يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية و الأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي – الديمقراطي [ الشيوعي ] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل ، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع " .
( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو )
----------------------------------------------------------
" إذا أردنا أن ندرس قضية ما فعلينا أن ننفذ إلى جوهرها ، و لا نعتبر مظاهرها إلاّ دليلا يقودنا إلى عتبة الجوهر، و إذا ما إجتزنا العتبة فعلينا أن نمسك الجوهر ، و هذه هي وحدها الطريقة العلمية المعتمد عليها فى تحليل الأشياء ."
( ماو تسى تونغ ، " ربّ شرارة أحرقت سهلا " ( 5 يناير – كانون الثاني- 1930) ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الأول ).
-----------------------------------------------------------
فى ما يتصل بالعلم و المنهج العلمي و خاصة النظرة و المنهج العلميين للشيوعية ، من الحيوي أن نجتهد للحفاظ على روح منهج التفكير النقدي و الإنفتاح تجاه الجديد و تجاه التحدّيات المقبولة أو الحكمة الموروثة . و يشمل هذا بصورة متكرّرة إعادة تفحّص ما يعتقد فيه المرء نفسه و / أو الآراء السائدة فى المجتمع إلخ على أنّها حقيقة : بشكل متكرّر معرّضين هذا لمزيد الإختبار و المساءلة من قبل تحدّيات الذين يعارضونه و من قبل الواقع ذاته ، بما فى ذلك طرق التطوّر الجاري التى يمكن أن يضعها الواقع المادي تحت أضواء جديدة – يعنى المكتشفة حديثا أو مظاهر الواقع المفهومة حديثا التى تضع تحدّيات أمام الحكمة المقبولة .
بوب أفاكيان ، " تأمّلات و جدالات : حول أهمّية المادية الماركسية و الشيوعية كعلم و العمل الثوري ذو الدلالة وحياة لها مغزى " ؛ جريدة " الثورة " عدد 174 ، 30 أوت 2009.
======================================================
مقدّمة الكتاب :
من الدروس التى إستخلصها الشيوعيون الماويّون الثوريون عبر العالم من العبر الجمّة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين الماوية بين 1966 و 1976 فى ما يتّصل بالنضال ضد التحريفية كماركسية زائفة و فكر برجوازي فى صفوف الحركة و الأحزاب الشيوعية درس التشديد على عدم الوقوف عند الظاهر و السطحي من الأشياء و ضرورة المضيّ بالتحليل الملموس للواقع الملموس ، للأشياء و الظواهر و السيرورات ، إلى الجوهر ففيه تتجلّى الحقيقة الموضوعية أفضل تجلّى . ذلك أنّه خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى تلك التى تمثّل أبعد نقطة بلغتها البشرية فى سيرها نحو الشيوعية، و فى خضمّ صراع الخطين المحتدم صلب الحزب الشيوعي الصيني بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي ، نبّه ماو تسى تونغ إلى الحذر من " رفع راية الماوية لإسقاطها " و إلى واجب التعمّق فى تفحّص الخطّ المطروح و عدم الإكتفاء بما يرفع أو يقال ظاهريّا . فأتباع الطريق الرأسمالي ، التحريفيين صلب الحزب الشيوعي الصيني و الدولة الإشتراكية فى الصين ، كانوا هم أيضا يرفعون راية الماوية إلاّ أنّ فحوى ما كانوا يدعون إليه يمضى تماما ضد الخطّ الشيوعي الثوري الذى كان يدافع عنه الماويّون و يكرّسونه من أجل إبقاء الصين على الطريق الإشتراكي و التقدّم صوب الشيوعية و إحباط محاولات الإنقلاب على الثورة فإعادة تركيز الرأسمالية . و قد ساهمت تلك الحقيقة العميقة التى لخّصها ماو تسى تونغ فى ملاحظته تلك – إلى جانب عديد المقالات و الكتب و النضالات إلخ - فى تسليح الشيوعيين الثوريين و الجماهير الشعبية بفهم أرقى لجانب من جوانب صراع الخطّين الحيوي الدائر حينها .
و اليوم لا ظلّ للشكّ أنّ الصراع الذى خاضه ماو تسى تونغ فى الصين و عالميّا على رأس الحزب الشيوعي الصيني و الحركة الماركسية – اللينينية العالمية خاصة فى ستينات القرن العشرين و سبعيناته ضد التحريفية المعاصرة ، السوفياتية منها واليوغسلافية و الفرنسية و الإيطالية و الأمريكية إلخ ، بيّن لمن له عيون ليرى أنّ ماو تسى تونغ قد عمّق الحقيقة التى ألمح إليها لينين حين قال :

" لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام ، بوصفها نزعة تحريفية ...
- ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية ...
- ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام..." ( لينين ، " الماركسية و النزعة التحريفية " ).

و تنسحب هذه الحقائق على واقع الحركة الشيوعية العربية حيث جلّ ، إن لم نقل كلّ ، الأحزاب و المنظّمات و المجموعات التى تزعم أنّها ماركسية ترفع راية الماركسية لتسقطها فهي ظاهريّا ماركسية و جوهريّا برجوازية – تحريفية إصلاحية لا غير . لذلك يصحّ ما أطلقناه على العديد منها ، فى تونس و التى تعرّضنا لها بالنقد ، من كونها أحزاب و منظّمات و مجموعات ماركسية زائفة ، متمركسة و ليست ماركسية . وقد أسقطنا ورقة التوت التى كانت تستر بها عورتها البرجوازية و ساهمنا من ثمّة فى كشف المستور و إسقاط الأقنعة ، القناع عن القناع .

وقد بلغت بنا أمواج القيام بالواجب النظري الشيوعي أن تطرّقنا للخطّ الإيديولوجي و السياسي لعدد من المجموعات الماوية ذاتها بما خوّل لنا أن نكشف للباحثين عن الحقيقة التى هي وحدها الثورية حسب مقولة شهيرة للينين ، أنّ هذه المجموعات " ترفع راية الماوية لإسقاطها " . و ها أنّ جولتنا الطويلة تنتهى بنا ، فى الوقت الحالي ، إلى تسليط الضوء على الخطّ الإيديولوجي و السياسي لفرقة متمركسة أخرى تتجلبب فى مناسبات بجلباب الماوية . فنحطّ الرحال عندها و نتوقّف لنعمل سلاح النقد فى ذلك الخطّ فنحلّل و نلخصّ من منظور بروليتاري ثوري و ماديّا جدليّا و نناقش و نحاجج علميّا بالدليل القاطع و البرهان الساطع جملة من رؤى ذلك الحزب و نصوصه و مقولاته و شعاراته و سياساته و سلوكاته و ما شابه ما سمح لنا بأن نجزم بلا أدنى تردّد ، كما يدلّ على ذلك عنوان الكتاب ، بأنّ " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية" .
و مثلما قال لينين الحقيقة وحدها هي الثورية بإعتبار أنّها تعكس واقعا موضوعيّا فتمكّننا من فهم الواقع و تفسيره و نسعى طاقتنا على أساس ذلك إلى تغييره من منظور الشيوعيّة و تحرير الإنسانية من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي و بلوغ عالم آخر ، عالم شيوعي . و دون الحقائق ، و إن كانت مرّة أو مزعجة ، نظلّ ننوس فى الترّهات الميثالية الميتافيزيقية و الأفكار المشوّهة عن الواقع فلن نقدر على تغييره تغييرا شيوعيّا ثوريّا و نظلّ ندور فى دائرة مفرغة تخدم فى نهاية المطاف الطبقات السائدة و تأبّد الوضع القائم و الإستغلال و الإضطهاد بأصنافه جميعها .
فى عصرنا ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، النظريّة الثوريّة حقّا هي الماركسية ، هي علم الشيوعية و دون هذه النظريّة الثورية لن توجد حركة ثوريّة و قد أكّد لينين الموقف الثوري الصحيح تجاه علم الشيوعية فصرّح : " نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخّروا عن موكب الحياة ." ( لينين ، " برنامجنا " ).

و فعلا ما إنفكّ علم الشيوعية يتطوّر فشهد مراحلا ثلاث ليبلغ الماركسية – اللينينية – الماوية و الماوية اليوم إنقسمت إلى إثنين ؛ إلى بقايا الماضى و طليعة المستقبل أي من جهة ماوية مشوّهة بفعل عدم تشخيص الأخطاء علميّا و رفع هذه الأخيرة إلى مستوى مبادئ عوض تخطّيها و أحسن تجسيد لهذه الماويّة المشوّهة عالميّا اليوم هو آجيث و أشياعه و من لفّ لفّهم ( أنظروا كتابنا " آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية – ردّ على مقال " ضد الأفاكيانية " ) و من الجهة الثانية ، ماوية ثوريّة وقع من ناحية تشخيص أخطائها الثانوية و نقدها نقدا مبدئيّا و تخطّيها و من ناحية أخرى ، الدفاع عن ما هو ثوري و رئيسي فيها و تطويره و إعادة صياغة الشيوعية و إرسائها على أسس علميّة أرسخ . فصارت هذه الماوية الثورية هي شيوعية اليوم المعروفة على النطاق العالمي بالخلاصة الجديدة للشيوعية .
و أعرب ماو تسى تونغ متحدّثا عن الماركسية أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، عن كونها سلاحا بتّارا لفهم الواقع و تغييره ثوريّا و عن لزوم تطويره و شحذه أبدا و نعتها بالمجهر و المنظار . و هذا المجهر و هذا المنظار قد تطوّرا الآن أكثر بفضل هذه الخلاصة الجديدة للشيوعية ، شيوعية اليوم . لذلك من يستوعب جيّدا هذه الخلاصة و يطبّقها أحسن تطبيق يمسى بوسعه أن يقرأ الواقع قراءة علمية و يفهمه على أفضل وجه ممكن و من ثمّة يشخّص مثل الطبيب المشاكل و يحدّد تاليا الحلول المناسبة أكثر فينير طريق الممارسة الثورية ( فى علاقة جدلية و تطوّر لولبي بين النظرية و الممارسة مفهومين بالمعنى الواسع و ليس بالمعنى الضيّق ) .

و من الأكيد أنّ تسلّحنا بالخلاصة الجديدة للشيوعية التى ننطلق منها فى مؤلّفاتنا هو الذى كان له الفضل ، فى جانب لا يستهان به ، فى تمكّننا من كشف النقاب عن تحريفية و إصلاحية الخطّ الإيديولوجي و السياسي لحزب الكادحين الوطني الديمقراطي ( و أحزاب ماركسية زائفة أخرى ) . و لئن درستم مليّا محتويات الكتاب الآتى ذكرها ، ستتوصّلون على الأرجح – و ليس لامحالة لإعتبارات نظرة الدارس أو الدارسة للعالم و مدى توخّى الموضوعية - إلى إدراك حقائق عميقة ما كنتم ربّما تصدّقونها عن هذا الحزب قبل هذه الدراسة و إلى إدراك مدى أهمّية إستيعاب الخلاصة الجديدة للشيوعية و رفع رايتها و تطبيقها و تطويرها خدمة للمساهمة فى الثورة البروليتارية العالمية و تحرير الإنسانية :
(1)
نقد بيانات غرة ماي 2013 فى تونس : أفق الشيوعية أم التنازل عن المبادئ الثورية ؟
مقدّمة :
1- الشيوعية هدفنا الأسمى و علم تحرير البروليتاريا و الإنسانية جمعاء :
2- الإصلاحية و خفض الآفاق و التنازل عن المبادئ الشيوعية :
3- دقّ ناقوس الخطر لدي الماويين :
خاتمة :

(2)
تشويه الماركسية : كتاب " تونس : الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا
1- مقدّمتنا و صدمة مقدمته .
2- إضطرابات فى المنهج و الأفكار :
+ منهج يتنافى مع المادية الجدلية :
أ- مصطلحات و مفاهيم برجوازية فى نهاية المطاف .
ب- المثالية فى تناول المسائل .
+ عدم دقّة و تضارب فى الأقوال من صفحة إلى أخرى .
3- إنتفاضة و ليست ثورة :
أ- تداخل فظيع فى المفاهيم .
ب- أسباب الإنتفاضة .
ت- أعداء الإنتفاضة .
ث- مكاسب الإنتفاضة .
ج- آفاق الإنتفاضة .
ح- وهم تواصل الإنتفاضة و المسار الثوري .
4- عفوية الجماهير و الوعي البروليتاري :
أ- الوعي الطبقي / السياسي : موجود أم غائب ؟
ب- الوعي الطبقي / السياسي و غرق الكاتب فى الإقتصادوية .
ت- الوعي الطبقي مقابل العفوية .
ث- النضال ضد إنتهازية " اليسار" و " اليمين الديني" .
ج- فهم العصر و الوضع العالمي .
5- التعاطي الإنتهازي مع الإستشهادات:
أ- بصدد إستشهاد بماركس .
ب- بصدد إستشهادات بماو تسى تونغ .
ت- آلان باديو؟
6- المسكوت عنه كلّيا أو جزئيّا :
أ- تغييب لينين كلّيا.
ب- تغييب حرب الشعب كلّيا.
ت- تغييب النضال ضد إضطهاد نصف السماء/ النساء مرحليّا .
7- الخاتمة :
(3)
خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية
مقدّمة
1- المخاتلة : المفهوم المخاتل و تطبيق المخاتلة العملي لدي حزب الكادحين :
أ- المفهوم المخاتل :
ب- حزب الكادحين يطبّق عمليّا المخاتلة و الإنتقائية :
1- ما هذا " الربيع العربي " ؟
2- الإنتفاضات إنتهت أم هي مستمرّة ؟
3- " المظاهر خدّاعة " :
2- إيديولوجيا حزب الكادحين برجوازية و ليست بروليتارية :
أ- غيبة الشيوعية :
ب- نظرة برجوازية للحرّية و الديمقراطية :
ت- العفويّة و التذيّل إلى الجماهير :
1- تضارب فى الأفكار :
2- التذيّل للجماهير :
ث- الثورة و العنف وفق النظرة البرجوازية لحزب الكادحين :
1- تلاعب بمعنى الثورة :
2- الثورة و العنف الثوري :
ج- الإنتهازيّة و النظريّة :
أ- الإنتهازيّة و التعامل الإنتهازي مع الإنتهازيين :
ب- النظريّة و الممارسة الإنتهازية :
3- إنحرافات عن الماديّة الجدلية و التاريخية :
أ- الإنقلاب فى مصر و الأمين العام لحزب الكادحين خارج الموضوع :
ب- الحتميّة مناهضة للمادية الجدلية و التاريخيّة :
ت- هل الفلسفة لاطبقيّة ؟
4 - الدين والمرأة و مغالطات حزب الكادحين :
أ - الدين و مغالطات حزب الكادحين :
ب – تحرير المرأة : كسر كافة القيود أم تجاهل الإضطهاد و الإستغلال الجندري :
الخاتمة :
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
- المخاتلة : المفهوم المخاتل و تطبيق المخاتلة العملي لدي حزب الكادحين :

مثلما يشير إلى ذلك عنوان كتاب " الربيع العربي و المخاتلة بين الدين و السياسة " ، المخاتلة مفهوم محوري فى المواضيع التى يتناولنا الكاتب بالبحث لذلك سينصبّ تركيزنا الآن على هذا المفهوم و تطبيقاته على حزب الكادحين عينه .
أ- المفهوم المخاتل :
لقد أقام العليبي كتابه " الربيع العربي ..." على مفهوم أراده جديدا و جذّابا منذ عنوان الكتاب إيّاه . و إليكم سلسلة من الجمل سعى فيها الأمين العام لحزب الكادحين إلى الإحاطة بهذا المفهوم و تسييجه . جاء أوّل تعريف فى الجملة الأولى من الصفحة الأولى من الكتاب :" بين السياسة كفنّ للممكن و السياسة كإقتصاد مكثّف هناك السياسة كمخاتلة " . و فى الصفحة الثالثة ، يعرّف المخاتلة على أنّها " السياسة كمناورة " و " خدعة عن غفلة " و فى التالية يقول لنا : " ليست المخاتلة غير تقنية منتقنيات السيطرة "، وفى الصفحة الخامسة يعرب الكاتب عن أنّ " فى السياسة كفنّ من فنون المخاتلة يمارس الكذب وظيفة آسرة " و فى ذات الصفحة ، تغدو المخاتلة خطابا ( " خطاب المخاتلة " ) ؛ وفى الصفحة 14 يؤكّد أنّ " المخاتلة ... لا تتمظهر فقط فى الدين و السياسة و إنّما فى المعرفة أيضا ". وفى نشريّة " طريق الثورة " عدد 16 ، صفحة 16 ورد الآتى ذكره كتعريف للمخاتلة : " المخاتلة مراوغة و خداع و مناورة يستغلّ صاحبها ضحاياه فى سبيل السيطرة " .
و نستقصى مفهوم المخاتلة الذى يودّ كاتب " الربيع العربي ..." أن يفهمنا أنّه نحته نحتا و بالتالي أنّه أتى جديدا فى حقل السياسة و الفلسفة السياسية يسمح له بالسير بخيلاء الطواويس فنلاحظ بيسر أنّه أوّلا ، غير مستقرّ و ملتبس تكرّرت فى تعريفاته المختلفة هنا كلمة " مناورة " مرفوقة بالخداع و الكذب وهي عمليّة لها ضحايا و تهدف إلى السيطرة . هل هذا سوى المفهوم المتداول للمغالطة ؟ هل هذا إلاّ جوهر دلالة المفهوم الأكثر شيوعيا : المغالطة ؟ لا نجد فى المخاتلة بشتّى تعريفاتها هنا غير كلمة مرادفة للمغالطة .
هذا من ناحية أولى ، أمّا من ناحية ثانية ، فإنّ الجمل الموثقة أعلاه تحمل إنحرافات كثيرة عن الفهم الشيوعي الحقيق للسياسة ففى " بين السياسة كفنّ للممكن و السياسة كإقتصاد مكثّف هناك السياسة كمخاتلة " تجنّى ما بعده تجنّى على علم الشيوعية ذلك أنّ " السياسة كفنّ للممكن " مقولة برجوازية لطالما نقدها لينين و الماركسيّون – اللينينيّون – الماويّون عامة . و لينين نفسه ما قال إنّ السياسة " إقتصاد مكثّف " مثلما يوحي بذلك كاتب " الربيع العربي ..." بل إنّه بيّن أنّ السياسة تعبير مكثّف عن الإقتصاد أي أنّ السياسة كجزء من البنية الفوقيّة للمجتمع هي تعبير مكثّف عن البنية التحتيّة الإقتصادية و القوانين المتحكّمة فى إنتاج و إعادة إنتاج المجتمع القائم على نمط / أسلوب إنتاج معيّن و عن تضارب المصالح الطبقيّة المتناقضة للطبقات ذات المواقع المختلفة فى عمليّة الإنتاج و التوزيع و فى ملكيّة ملكيّة وسائل الإنتاج .
و حالئذ تبرز لنا عمليّة مخاتلة يتوسّلها الأمين العام ذاك مشوّها مقولة لينين ليضع بين المقولة البرجوازية و المقولة البروليتارية مفهومه للمخاتلة و كأنّه يتوسّطهما أو يضاهيهما معا مذكرّا إيّانا بمفاهيم الطريق الثالث و الوسطية و ما إلى ذلك والحال أنّ لينين وفق ما سيلحق ذكره أوضح " إمّا إيديولوجيا برجوازية و إما إيديولوجيا بروليتاريّة " ( " ما العمل ؟ " ).
و من زاوية أخرى ، غنيّ عن البيان أنّ الشيوعيين الحقيقيين الملتزمين بالمبادئ الشيوعية لا يعمدون إلى المناورة إلاّ إزاء الأعداء فى خوض الصراع الطبقي المحتدم و لأجل التقدّم بالثورة و خدمة الجماهير الشعبيّة و ليس بغرض السيطرة بصيغة مطلقة أو سيطرة فلان أو علاّن أو السيطرة من أجل السيطرة ؛ بينما تجاه الجماهير الشعبيّة و القوى الصديقة و تجاه الرفيقات و الرفاق من غير المبدئي و لا يجوز شيوعيّا اللجوء إلى المناورة و المغالطة و قد كانت تعاليم ماو تسى تونغ واضحة جليّة بهذا المضمار إذ جعل من " مارسوا الماركسية و أنبذوا التحريفية ؛ إعملوا من أجل الوحدة و أنبذوا الإنشقاق ؛ تحلّوا بالصراحة و الإستقامة و لا تحبكوا المؤامرات و الدسائس " مبدأ على الشيوعيين إستيعابه و تكريسه عمليّا و شدّد على أنّه :
على الشيوعي أن يكون صريحا ، صافي السريرة ، مخلصا ، عظيم الهمة و النشاط ، يفضّل مصالح الثورة على حياته ، و يخضع مصالحه الشخصية لمصالح الثورة . و عليه أن يتمسّك فى كلّ زمان و مكان بالمبادئ الصحيحة و يخوض النضال بلا كلل أو ملل ضد جميع الأفكار و الأفعال الخاطئة، و ذلك من أجل توطيد الحياة الجماعية للحزب و تعزيز الروابط بين الحزب و الجماهير. و عليه أن يهتمّ بالحزب و الجماهير أكثر من إهتمامه بأي فرد ، و أن يهتمّ بالآخرين أكثر من إهتمامه بنفسه. و بهذا وحده يمكن أن يعدّ شيوعيّا.
( " ضد الليبرالية " ) .
" على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب . وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب ".

( " الحكومة الإئتلافية " ).

كلّ هذه التعاليم الماوية يرمى بها كاتب " الربيع العربي ..." عرض الحائط فيتّضح مدى إنحراف حزب الكادحين عن علم الشيوعية .
و لسائل أن يسأل هل يمارس الأمين العام لحزب الكادحين نفسه المخاتلة والمناورة و الخداع و الكذب بإعتبارهم " سياسة " و " خطاب " و " تقنية " و " فنّ " فى علاقته بالقوى التى تعدّ صديقة و مع الرفيقات و الرفاق قصد " السيطرة " ؟ لا نغامر بالإجابة سلبا أو إيجابا و نترك لمن يعرفه عن كثب أن يفصح عن رأيه فى ذلك و لكنّنا نشدّد على أنّه مارس المخاتلة ... فى كتاباته التى بين أيدينا و التى هي موضوع نقدنا هذا . و لنا على ذلك من الأدلّة و الشواهد الكثير و الكثير و هنا سننتقى لكم منها ثلاث ( إضافة لتلك التى سنفصّل فى فصل " إيديولوجيا حزب الكادحين إيديولوجيا برجوازية و ليست بروليتارية " ) معبّرة جدّا نتبسّط فيها معا .
ب- حزب الكادحين يطبّق عمليّا المخاتلة و الإنتقائية :
1- ما هذا " الربيع العربي " ؟
إن كان الإنسان الذى أمسك أو كانت الإنسانة التى أمسكت بكتاب " الربيع العربي ..." من متابعى الشأن السياسي و له أو لها خلفيّة ماركسيّة دنيا ، فإنّهما بالتأكيد قد تقزّزا من العبارات الأولى للعنوان " الربيع العربي ..." لأنّ الواقع أثبت بما لا يدع مجالا للشكّ أنّه ليس ربيعا و ليس عربيّا بمعنى شموله كافة البلدان العربيّة . و زيادة على ذلك ، سيشرح الكاتب الذى ننقد هو ذاته مدى خطإ هذا المصطلح و عدم إنطباقه على الواقع غير أنّه سيواصل إستعماله و كأنّه يعكس حقيقة أو واقعا معيشا !!!
ففى الصفحة 12 من ذلك الكتاب ، يشير المؤلّف إلى "...إستعمالنا للمصطلح دون أن يعني ذلك تسليمنا به " و فى ذات الصفحة يضع المصطلح المعني بين مزدوجين و يفعل الشيء نفسه فى بقيّة الكتاب مرّة أو مرّتين أخريين لا غير بيد أنّه لعشرات المرّات و فى العناوين الكبرى و الفرعيّة للفصول و النصوص المأثّثة لها يستخدم " الربيع العربي " دون مزدوجين بما يعنى التسليم بالمصطلح و قد كان بإمكانه أن يرسم مسافة بينه و بين المصطلح إيّاه بأن يسبقه فى كلّ مرّة بتعبير " ما يسمّى ب" أو يواصل وضعه بين مزدوجين كما فعل فى البداية و لكن هيهات أن يتمسّك كاتبنا بخطّ فكري واضح المعالم و بالصرامة العلمية .
و من المؤكّد أنّ هذا منه يندرج ضمن المخاتلة و الخداع و ليس من الماركسيّة فى شيء بل هي منه براء. لن يصدّق أيّا كان – عدا الغبيّ أو المتغابي – أن الأمر لا أهمّية له أو أنّ الكاتب سها سهوا عن القيام باللازم . هذه منه إنتقائيّة أو بصيغة شائعة " الأخذ من كلّ شيء بطرف ". إنّه يوظّف بعض المصطلحات الماركسيّة و فى نفس الوقت يوظّف الكثير من المصطلحات التضليليّة البرجوازيّة يوهم من جهة بأنّه ماركسي و من جهة أخرى بأنّ مصادره متنوّعة حتى يقرأ له و يتقبّله الماركسّيون على أنّه ماركسي و كذلك جمهور واسع متأثّر بالفكر السائد للطبقات السائدة على أنّه كاتب مجدّد .
2- الإنتفاضات إنتهت أم هي مستمرّة ؟
واضحة لا لبس فيها هي الجملة التالية للأمين العام لحزب الكادحين فى مقدّمة الكتاب و تحديدا بالصفحة الثامنة من كتابه : " الإنتفاضات هُزمت بتحويل وجهتها لكي تصبح ربيعا إمبرياليّا تزينه زهور سامة ".
صيغة الجملة إقراريّة لا مجال لأدنى الشكّ فى ذلك . هو إذن يقرّ ما يراه حقيقة أي هزيمة الإنتفاضات . و هذه حقيقة موضوعية يعترف بها الكثيرون . لكن نفس الكاتب هذا حبّر بالصفحة 70 ما مفاده أن الإنتفاضة التونسيّة مستمرّة : " يواصل الشعب معركة الحرّية و التشغيل و التنمية بما يؤكّد أنّ الإنتفاضة التونسيّة لم تبلغ بعد نهايتها " .
و قد يرفع أحدهم عقيرته قائلا بأنّ ما جاء بالصفحة 70 تعود كتابته إلى 2012 فى حين أنّ المقدّمة ألّفت فى 2013 فنردّ عليه بدم بارد : و ماذا فى ذلك ؟ المعيار الذى إعتمده الأمين العام ذاك هو " تحويل وجهتها ..." و بالفعل فقد تمّ " تحويل الوجهة " هذا فى تونس منذ 2011 فما بالك بما حدث فى 2012 !
وفى بحث لنا إنتهينا من كتابته مع بدايات سنة 2012 ونشرناه منذ أشهر تحت عنوان " تشويه الماركسيّة : كتاب " تونس : الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا " سلّطنا سياط النقد على ذات الكاتب و كتابه " الإنتفاضة و الثورة " بشأن الموضوع عينه و شرحنا كيف أنّه لا يفرّق بين نهاية الإنتفاضة و تواصل المعارك الإجتماعيّة والسياسيّة بأشكال متنوّعة .
و قد ضجر فعلا العديدون من تكرار شعار " تحويل الإنتفاضة إلى ثورة " ( تنتصر إلى الكادحين فى لافتة لهذا الحزب نشر صورة لها على الأنترنت ) كالقرص المشروخ . لقد أقرّ هؤلاء و غيرهم بهزيمة الإنتفاضة و مع ذلك لم يكفّوا عن رفع شعار فات زمانه وهو غير صحيح أصلا كما فسّرنا ذلك فى بحثنا الذى أشرنا إليه قبل بضعة أسطر فقلنا :
" بنظرة إقتصادوية و ميكانيكية ساذجة ستتحوّل الإنتفاضة إلى ثورة على النحو التالي : " تحويل كلّ تنازل يقدمون عليه إلى مكسب ، و بمراكمة المكاسب الواحد تلو الآخر يمكن الوصول إلى تلك اللحظة الفارقة ، أي اللحظة التى تتحوّل فيها الإنتفاضة إلى ثورة عارمة " . ( ص 64)
و ما يسترعي الإنتباه هو أنّ رسم هذا المشهد من تحوّل الإنتفاضة إلى ثورة لا يمتّ بصلة مطلقا إلى الماركسية فهو أوّلا إقتصادوي يغيّب عامل الوعي و الحزب الطليعي و الحركة الثورية التى تسترشد بالنظرية الثورية و ثانيا من جهة الماديّة ، يتنكّر لتجارب الشعوب و ما لخّصه لينين من مقدّمات الإنتفاضة و مستلزماتها و ما بات معروفا بمقوّمات الوضع الثوري و طريق الثورة فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية مثلما يتنكّر للماوية و طريق الثورة فى أشباه المستعمرات و إستراتيجيا حرب الشعب طويلة الأمد. إنّ المتمركس هنا لا يعدو أن يكون إنتفاضويّا . و ثالثا ، جدليّا ، يخفق إخفاقا رهيبا فى فهم جدلية الكمّي / النوعي – الكيفي فالتناقض/ وحدة الضدين كميّ – نوعي ينطوى على طرفين متناقضين أي متحدين ومتصارعين و لكن أيضا و فى نفس الوقت يمكن لأحد الطرفين أن يتحوّل إلى الطرف الآخر و نشرح فنقول إنّ الكمّي يتحوّل إلى نوعي و النوعي يتحوّل إلى كمّي و من هنا التراكمات فى حدّ ذاتها تتحوّل من الكميّ إلى النوعي و العكس بالعكس . و فضلا عن هذا فإن التراكم لا يمكن أن يتخذ خطّا مستقيما أي لا يعتوره تراجع أو تراجعات ، فالتطوّر من وجهة النظر المادية الجدلية لولبي و ليس خطّيا مستقيما كما يقترح أستاذ الفلسفة الميكانيكي و بالتالى فإن الإنتفاضة لا تتحوّل إلى ثورة آليّا وبمجرّد مراكمة مكاسب بل تحتاج إلى تحوّل نوعي من صنف الحرب الأهلية و سيرورة تحطّيم الدولة القديمة و بناء دولة جديدة .
و يستمرّ الهذيان عند هذا الميكانيكي ليبدع جديدا غريبا قد يكون مادة للتندّر إذ يجعل الإنتفاضة " تصبح ثورة " عندما " تقدّم الإنتفاضة بديلها و قيادتها و تنجح الجماهير فى إدراك صحيح لوضعها و تحقّق ... جديدها ". و فضلا عن عدم شرح فحوى القديم و الجديد و عن فحوى " تقديم الإنتفاضة بديلها " ، فإنّ التضارب و الإضطراب جلي فعن أي بديل يتحدث وهو يقول عنه " بديل غائم" و " شعارات سياسية عامة " و " أشكال تنظيمية هلامية " ؟ أو ربّما إقترح بديلا غير غائم و شعارات سياسية غير عامة و أشكال تنظيمية غير هلامية ، لا ، لم يفعل ذلك مطلقا بل إكتفى بتسجيل الواقع المعروف و لم يطرح البديل الثوري حقّا من منظور بروليتاري وهو مهمّة أكيدة سيما و أنّ " اليمين و بعض أطراف اليسار فى غرفة إنتظار واحدة " و " التخوم و الحدود بين الشعب و أعدائه غير واضحة المعالم ". و لم ينبر الأستاذ لينير الطريق الثوري البروليتاري " للجماهير" وإنّما وقف عند ملاحظة مجريات الأحداث و تركها ل" تنجح فى إدراك صحيح لوضعها ".
و بالنسبة لهذا الميكانيكي التفكير " المهمّ فى كلّ ذلك هو الإمساك بذلك الشعار التاريخي الذى رفعه المنتفضون : الشعب يريد إسقاط النظام ، فهو يعبّر بكثافة عن الإتجاه الذى يجب أن يسير وفقه الكفاح من أجل الحرّية ". و إلى جانب مصطلح " الحرّية " الذى قصفنا به قصفا مركّزا فى كتابه ، فإن الشعار فضفاض . فما المقصود بالنظام؟ و بالتأكيد ليس المقصود هو الدولة الرجعية بأسرها و ماركسيا- لينينيّا - ماويّا ينبغى تحطيم الدولة القديمة و الجيش عمادها . و أجزاء من جماهير الشعب حينما رفعت ذلك الشعار لم تكن تقصد هذا الفهم العلمي و الطبقي بل الأرجح هو أنّها كانت تستهدف رأس النظام بن علي و عائلة الطرابلسية و الواقفين وراء الفساد أساسا .
و غني عن البيان أنّ المنتفضين لم يوجّهوا سهام نقدهم و أسلحتهم البسيطة ضد الجيش عماد جهاز الدولة بل بالعكس وجهوا التحيّات له و حتى حينما نكث رشيد عمّار وعوده لم تهاجمه الجماهير مباشرة بل طالبته بتطبيق وعده و كان الجيش يلقى الترحيب من الجماهير وهو ما يعكس نقصا فادحا فى الوعي الطبقي / السياسي لديها خوّل للطبقات الحاكمة و الإمبريالية العالمية المناورة و تلميع صورة هذا الجيش ليواصل عمله فى خدمتها و يشرف معها بطرق شتّى على إعادة هيكلة السلطة السياسية و الدولة عموما بذات أهداف دولة الإستعمار الجديد . و من الوهم الإعتقاد فى إنجاز ثورة حقيقية تقطع مع الإمبريالية و تطيح بالطبقات الحاكمة و تضع السلطة فى يد الطبقات الشعبية الثورية بقيادة البروليتاريا و هدفها الأسمى الشيوعية العالمية دون تحطيم الجيش القديم كجهاز قمع طبقي بيد أعداء الشعب . و فى الأخير، نعيد التسطير على أنّ الشعب لم يكن يملك بديلا واضحا بإعتراف الكاتب ، فما بالك بأن يملك بديلا طبقيّا بروليتاريا ثوريّا ! صاحبنا يتعسّف على الوقائع و يمسخ الإنتفاضة مسخا !
من يساعد " الجماهير" على رفع مستوى وعيها الطبقي/ السياسي و فهم مهام المرحلة و الأهداف و الإستراتيجيا و التكتيك و السياسات و أساليب النضال المناسبة ؟ لا أحد حسب الأستاذ الإقتصادوي التفكير . لوحدها ستدرك وضعها " و تحقّق على أساس ذلك مهماتها..." . لا طليعة و لا حزب طليعي و لا نظرية ثورية و لا حركة ثورية ... و لا هم يحزنون . هذا الإنكار لمستلزمات أي عمل ثوري و لمقدّماته و مقوّماته و للينينية سنعود إليه لاحقا . و عند هذا الحدّ نضيف فقط أنّ هذه الأطروحات ما هي بالماركسية أصلا و ما هي باللينينية حصرا و ما هي بالماوية جوهرا فكيف تتحوّل إنتفاضة إلى ثورة دون سلاح و جيش شعبي و دون تحطيم الدولة القديمة و ليست " الوجوه القديمة بإقتصادها و سياستها و ثقافتها " كما يقول الإقتصادوي فى صيغة غير دقيقة علميّا ؟ "
( إنتهى المقتطف )
أليست هذه مخاتلة ؟ أليست هذه مغالطة تهدف فى النهاية إلى البروز بلبوس الثوريّة بخطاب يسراوي مخاتل ؟
3- " المظاهر خدّاعة " :
فى إرتباط بشعار تحويل الإنتفاضة إلى ثورة و ما كشفنا من مخاتلة ، نضيف أنّ الأمين العام لحزب الكادحين لم يشرح و لو مرّة فى كتابين ما هو طريق الثورة الوطنيّة الديمقراطية أو الديمقراطية الجديدة ( حسب رسالة شبيبة حزب الكادحين ) كما لم يشرح و لو مرّة ما يطلق عليه حزب الكادحين " ثورة تنتصر إلى ... " الجماهير الشعبية أو الكادحين وهي غريبة عن المفاهيم الماركسية – اللينينية – الماويّة المعروفة فلا ندرى ما يعنيه بها برنامجا و مجتمعا و سياسة و إقتصادا... هل هي شبيهة ب" الديمقراطية الإجتماعيّة " التى عرّينا تهافتها أم هي شيء لا يدرك كنهه إلاّ الأمين العام لحزب الكادحين ؟ لقد أثمر تفكير الأمين العام مرحلة جديدة قبل الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة مثله فى ذلك مثل بقيّة الإصلاحيين الذين خلقوا مرحلة الحريات السياسية أوالديمقراطية أو الديمقراطية الإجتماعية و هكذا.
و قد إستعار حزب الكادحين عنوان نشريته من عنوان موقع أنترنت و فايسبوك لماركسيين – لينينيين – ماويين بالمغرب غير أنّه لم يشرح قط ما هو طريق الثورة حقّا بمعنى ما هو طريق بلوغ الطبقات الثوريّة بقيادة البروليتاريا السلطة : تحطيم الدولة القديمة و تشييد دولة جديدة هدفها الأسمى هو الشيوعية على نطاق عالمي . أليست هذه مخاتلة أخرى ؟
و قد يعلّل حزب الكادحين إختياره لإسم الحزب بأنّه إقتبس كلمة الكادحين التى هي على الأرجح غير مفهومة لدى عموم الجماهير الشعبية و قليلة الإستعمال و يكتنفها الغموض حتى فى الأوساط السياسيّة ، من نشيد الأممية . فنواجهه بإجابة فى شقين ، شقّها الأوّل هو أنّ هذا الإختيار ، نظريّا ، لم يعد يستقيم بعدما كدّست البروليتاريا العالميّة النضالات والتجارب و صاغت عالميّا رؤية واضحة لأحزابها التى كما أكّد لينين و أكّدت الأممية الثالثة ، الشيوعية ، ينبغى أن تحمل صفة الشيوعية تعبيرا منها عن غايتها الأسمى و تمييزا لها عن بقيّة الأحزاب المتشدّقة بالإشتراكية و تمثيلها للبروليتاريا . و هذه العودة بالشيوعية إلى القرن التاسع عشر تنسجم مع العودة إلى " الإشتراكية العلمية " رؤية البرجوازية للعالم بحرّيتها و ديمقراطيتها . هي إذن جزء من حزمة تحريفية فى صفوف ليس فرق " يسارية " فى القطر فحسب بل فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية أيضا.
و الشقّ الثاني من ردّنا هو أنّ حزب الكادحين هذا لا يتوجّه إلى الكادحين ليرفع وعيهم الطبقي ففضلا عن كونه يغيّب الشيوعية و مبادئها و منهجها العلمي ، يتوخّى فى الكتابة أسلوبا ينفّر القرّاء من الطبقات الكادحة . فمثلا ، كتابا الأمين العام فيهما من تضارب الأفكار و تداخلها و تعقّدها الذين يضاعفهم أسلوب كتابة إنشائي ينمّق الخطاب و يغلّب التلاعب بالتشابيه و الإستعارات و المترادفات على وضوح الأفكار و الخطّ الفكري الناظم للمقال أو الكتاب و على أخذ المتلقّي بعين الإعتبار . و فى واقع الأمر ، تتضارب عمليّة تغطية عدم الوضوح الفكري بالتزويق و الزخرف اللغوي مع أسلوب الكتابة الذى أوصانا به ماو تسى تونغ لا سيما فى " فلنقوّم أسلوب الحزب " و " ضد القوالب الجامدة فى الحزب " ( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الثلث ، دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين 1970 ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024