الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة بين الجاهلية والإسلام

طلعت رضوان

2017 / 8 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



هل كانت الفترة السابقة على الإسلام (جاهلية) بالفعل؟
وكيف تطابق الشعر(الجاهلى) مع القرآن؟
فرّق الإسلام بين الفترة السابقة عليه ونعتها بوصف (الجاهلية) للتمييز بينها وبين الإسلام. وبغض النظرعن كل النعوت المذمومة (للجاهلية) إلاّ أنّ التركيز الأكبر كان بشأن (التوحيد) و(الشرك بالله) إلخ. بينما شعراء تلك المرحلة من تاريخ العرب (الجاهلية) شهدتْ الكثير من الشعراء الذين استخدموا الألفاظ التى استخدمها الإسلام عن التوحيد والاعتراف بإله واحد.
فهل (لا إله إلاّ الله) أتى بها القرآن (فقط) أم كانت سابقة على الإسلام؟ كتب السيوطى عن آية ((فبشـّـرعباد)) نزلتْ فى ثلاثة نفر كانوا فى (الجاهلية) يقولون لا إله إلاّ الله : زيد بن عمرو بن نفيل، وأبى ذرالغفارى وسلمان الفارسى)) وجاء فى السيرة النبوية لابن هشام– مكتبة الكليات الأزهرية بمصر- ج1 ص206، أنّ زيد بن عمرو بن نفيل لم يقبل اليهودية والنصرانية. وفارق دين قومه. واعتزل الأوثان وحرّم الميتة والدم والذبائح التى تــُـذبح للأوثان، ونهى عن قتل (الموءودة) وقال ((أعبد رب إبراهيم)) وأكثر من ذلك فإنه استخدم لفظ (الإسلام) فى شعره قبل الدعوة المحمدية، ولكنه لم يـدّع النبوة. أما أمية بن أبى الصلت (وهو من الطائف) فكان ((يتوقع النبوة لنفسه، فلما اصطفى لها (الله) النبى محمدًا نفس عليه (=حقد عليه) ذلك)) كما أنّ النقوش الصفوية (نقوش عربية شمالية) فيها الدليل القاطع على أنّ اسم (الله) كان معروفــًـا ومقدســًـا، خاصة فى المجمع الإلهى العربى الشمالى ، قبل أنْ يـُـبشر به الإسلام كإله للتوحيد ، ومن بين الأدلة الكثيرة على ذلك بيت الشعر المنسوب إلى (أوس بن حجر) وقال فيه ((باللات والعزى ومن دان دينهم.. وبالله إنّ الله منهنّ أكبر)) (قاموس المنجد – طبعة عام1981)
وقبل الدعوة المحمدية كذلك كان شخص اسمه (أبوقيس بن أنس) الذى ترهـّـب ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء وقال فى شعره:
فأوصيكم بالله والبر والتـــــــقى وأعراضكم، والبر باللــــه أولُ
وإنْ قومكم سادوا فلا تحسدونهم وإنْ كنتم أهل الرياسة فاعدلـــوا
وقال:
سبحوا الله كل صبــــــــــــــــــاح طلعتْ شمسه وكل هـــــــــلال
عالم السر والبيان لدينـــــــــــــــا ليس كل ماقال ربنا بضـــــــلال
يا بنى : الأرحام لا تقطعوهـــــــا وصلوها قصيرة من طـِـــــــوالِ
واتقوا الله فى ضعاف اليتامــــــــى ربما يستحيل غير الحــــــــــلالِ
واجمعوا أمركم على البر والتقــوى وترك الخنا وأخذ الحــــــــــلالِ
(سيرة ابن هشام – ص113، 114)
وكان قبل الدعوة المحمدية شخص اسمه (عمرو بن لحى) من خزاعة. وقد ذاعتْ سيرته فى العرب حيث الشرف ما لم يبلغه عربى قبله. وذهب شرفه فى العرب كل مذهب حتى صار قوله (دينــًـا) مُـتبعًـا لا يـُـخالف. وذكر برهان الدين الحلبى أنّ البعض قال عنه أنه صار ربـًـا يبتدع لهم بدعة ليتخذوها شرعة)) وكان الحـُـجاج (قبل الإسلام) يطوفون حول الكعبة مُـهللين ((لبيك اللهم لبيك.. لا شريك لك لبيك)) وقيل عن عمرو هذا أنه كان له تابع من الجن يوحى إليه (السيرة الحلبية – دار إحياء التراث العربى – بيروت – لبنان – ج1– ص10)
ومن بين نماذج الشعر السابق على الدعوة المحمدية شعر مرؤ القيس (المُـتوفى سنة565م) الذى قال ((تلك السحاب إذا الرحمان أرسلها / روى بها من محول الأرض إيباسـًـا / تلك الموازين والرحمان أنزلها / رب البرية بين الناس مقياسـًـا))
أما حاتم الطائى (المُـتوفى سنة605م) فقال ((أأفضح جارتى وأخون جارى؟ معاذ الله أفعل ماحييت)) وقال ((أتانى من الديـّـان أمس رسالة/ وعذرًا بحى ما يقول مراسل)) وقال (فلما رأى أنّ ثمر الله ما له/ فأصبح مسرورًا وسدّ مناقره/ ولما وقاها الله ضربة فأسه/ وللبرعينٌ لا تغمض ناظره/ فقال تعالى نجعل الله بيننا / على ما لنا أو تنجزى لى آخره/ فقلتُ معاذ الله أفعل إننى/ رأيتك مسحورًا يمينك فاجره)) ومن أشعار قس بن ساعدة (المتوفى سنة600م) قال ((الحمد لله الذى/ لم يخلق الخلق عبث)) وشاعر آخر اسمه (الملتمس- توفى سنة564م) قال ((لتنقبنّ عنى المنية إنّ/ الله ليس لحكمه حكم)) أما ورقة بن نوفل (ابن عم خديجة بنت أسد زوجة محمد الأولى وهو الذى أيـّـد وبارك وشجـّـع على إتمام هذا الزواج، عندما كان محمد شابـًـا صغيرًا ويعمل فى خدمة خديجة) قال ورقة فى أشعاره ((بدينك ربـًـا ليس ربـًـا كمثله/ وتركك الجبال كما هيا (مكتوبة هكذا) وإدراكك الدين الذى قد طلبته/ ولم تك عن توحيد ربك ساهيا/ أدين لرب يستجيب ولا أرى/ أدين لمن لا يسمع الدهر داعيا/ أقول إذا صليتُ فى كل بيعة/ تباركتَ قد أكثر باسمك داعيا)) وقال ((لأعطاه رب العرش مفتاح بابها/ ولو لم يكن باب لأعطاه سلمًـا))
ومن شعر المثقب العبدى (المتوفى سنة587م) قال ((وأيقنتُ إنْ شاء الإله بأنه/ سيبلغنى أجلادها وقصيدها)) ومن شعرعدى بن زيد (المتوفى سنة 587م) قال ((سعى الأعداء لا يألون شرًا/ عليك ورب الكعبة والصليب)) وقال ((ناشدتنا بكتاب الله حرمتنا/ ولم تكن بكتاب الله ترتفع))
ومن شعرعنترة العبسى (المتوفى سنة615م) قال ((قسمًـا بالذى أمات وأحيا/ وتولى الأرواح والأجساما)) وقال ((إذا حمى الوغى نروى القنا / ونعف عند تقاسم الأنفال)) مع ملاحظة أنّ عنترة استخدم لفظ (الأنفال) قبل الدعوة المحمدية، ثم جاء القرآن وإذا به يقول ((يسألونك عن الأنفال))
ومن شعر الحارث بن الكلزة ((وفعلنا بهم كما علم الله/ وما إنْ للخائنين دماء)) وقال الشاعر (مويلك المزموم) يرثى زوجته ((صلى الله عليكِ من مفقودة/ إذْ لا يـُــلائمكِ المكان البلقع)) وقال شاعر آخر ((صلى الإله على صفى مدرك/ يوم الحساب ومجمع الأشهاد)) ومع ملاحظة أنّ حسان بن ثابت بعد وفاة نبى الإسلام قال يرثيه ((صلى الإله ومن يحف بعرشه/ والطيبون على المبارك أحمد))
ومن شعر أمية بن الصلت (المتوفى سنة 624م) قال ((كل دين يوم القيامة عند/ الله إلاّ دين الحنيفة زور)) وقال ((إله العالمين وكل أرض/ ورب الراسيات من الجبال/ بناها وابتنى سبعـًـا شدادًا/ بلا عمد يـُـرين ولا رجال/ وسوّاها وزينها بنور/ من الشمس المضيئة والهلال)) ومع ملاحظة أنّ القرآن وردتْ به نفس المعانى والألفاظ بعد ذلك (انظر سورة لقمان/10) وقال ((إلى الله أهدى مدحتى وثنائيا/ وقولا(...) لاينى الدهر باقيا/ إلى الملك الأعلى الذى ليس فوقه/ إله ولا رب يكون مُـدانيا/ ألا أيها الإنسان إياك والردى/ فإنك لا تخفى من الله خافيا)) ومن شعر لبيد (المتوفى سنة671م) قال ((ألا كل شىء ما خلا الله باطل/ وكل نعيم لا محالة زائل)) وقال ((وكل امرىء يومًـا سيعلم سعيه/ إذا كــُـشفتْ عند الإله الحصائل)) وقال ((إنّ تقوى ربنا خير نفل/ وبإذن الله ريثى وعجل/ أحمد الله، فلا ندّ له/ بيديه الخير ما شاء فعل/ من هداه سبيل الخير اهتدى/ ناعم البال ومن شاء أضل))
النماذج السابقة على سبيل المثال (فقط) مما يؤكد أنّ (نعت الجاهلية) كان بغرض التشويه، من أجل تأسيس الدولة الجديدة.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س