الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرق الأوسط-جذور الذات البربرية

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2017 / 8 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشرق الأوسط - جذور الذات البربرية
التاريخ ليس مجرد رواية ، التاريخ ساحة للتأمل ، لماذا نحن كذلك ، بينما العالم يتغير، فى جذورحضارتنا البربرية ، تكمن الإجابة. ليس فى تاريخ العالم مكاناً عرف صراع الراعى والزراعى مثل الشرق الأوسط ، وليس هناك مكان فى العالم إنتصر فيه الراعى على الزراعى مثل الشرق الأوسط ، لم يكن قتل قابيل لهابيل سوى تمثيلاُ أوليا لهذه الحقيقة الكبرى فى تاريخنا المتوحش ، إنتصار البدوى الدائم على الزراعى المستقر الساكن ، متعدد الآلهة ومظاهر الحضارة ، أمام البدوى المقاتل ، تحت راية القبيلة الواحدة ، والدم الواحد ، والإله الواحد ، من إنتصار قابيل على هابيل ، ويعقوب على عيسو ، وموسى وقبائله على المصريين والفلسطينين، ومحمد وشعبه البدوى على العالم. لقد صنعت تراجيديا هجمات الشعوب البدوية على مراكز الحضارة الزراعية المستقرة فى الشرق الأوسط ، منذ فجر العصور القديمة وحتى بدايات العصور الحديثة ، وماصاحب ذلك من عنف وفظائع ، تلك الميثولوجيا الحزينة فى ضمير وروح إنسان هذا الجزء من العالم ، والتى إستقرت فى النهاية فى ثالوث بدوى مقدس ، على رأسه الإله الواحد ، الغاضب ، الذى أغرق العالم بطوفانه ، وفى قاعدته الملك الطاغية ، المحارب، والمرأة الحرام ، الغنيمة الكبرى، لهذا الصراع الدائم. إنه داخل هذا الثالوث الحضارى المقدس ، ثالوث الحضارة البدوية المنتصرة فى الشرق الأوسط ، تفاعلت روح وعقل الإنسان فى هذا الجزء من العالم ، كل التفاصيل الأخرى ، لايمكن أن تخرج فى النهاية عن ذلك الإطار البدوى المقدس، الإله الواحد الغاضب، والملك الطاغية المحارب، والمرأة الحرام، الغنيمة الكبرى، لهذا الصراع الدائم، والتى فشلت الثورة المسيحية الهيلينستية فى أخريات العصور القديمة فى زحزحته ، حتى جاء الإسلام ووضع بصمته النهائية عليه ، وقضى على أى أمل فى تحرير الشرق الأوسط منه. وهكذا ظل الشرق الأوسط بربرياً ، يعانى صراع الراعى والزراعى ، وإنتصار البدوى بشكل دائم ، حتى عندما تغير العالم ، وعرف الصناعة وحياة المدينة ، وحطم المقدسات القديمة ، وإستغنى عن الإله الواحد الغاضب، والملك الطاغية المحارب ، وحرر المرأة الحرام من كونها سلعة أو غنيمة ، ظل الشرق الأوسط عاجزاً عن تحطيم هذا الثالوث البدوى المقدس، وظل يبنى المدن ثم يهدمها ، ويبنيها ويهدمها فى حلقة مفرغة لانهائية ، عاجزاً عن إدراك شروط عصر الصناعة وحياة المدينة ، إله رحيم متعدد الأشكال بدلاً من إله واحد غاضب ، وحاكم خادم وليس مخدوماً ، وإمرأة حرة ، وليست غنيمة ، ومستقبل واعد للإنسان ، وليس جحيماً شرق أوسطياً دائم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جميل جدا
ركاش يناه ( 2017 / 8 / 10 - 08:26 )

مقال جميل جدا
_______

لكنك استاذنا تركتنا متشعبطين فى أسئلتنا و افكارنا

هل كان ذلك قدرنا لكثرة الصحاري و قلة الواحات؟ عندما انظر الى بقية العالم اجد العكس ، غابات و حقول طولها و عرضها مئات الاميال دون صحاري ، او قلة من الصحاري

هل مرت بلاد او حضارات اخرى بتلك الثنائية العجيبة ، الراعى مقابل الزارع ، ثم تخلصت منها

فى انتظار تكملة للموضوع و شكرا

....


2 - الرد على صديقى ركاش تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2017 / 8 / 10 - 13:31 )
ملاحظات سديدة كالعادة ياصديقى. بالطبع كان يجب أن أستغرق قليلاً فى مسألة الجغرافية لأوضح كيف تميز الشرق الأوسط بهذه الظاهرة الفريدة بأودية الأنهار ومراكز الإستقرار الزراعى وإحاطة كل هذه المناطق بصحراوات كانت تنطلق منها الغارات البدوية على مر العصور ، كمصر والهلال الخصيب مثلا ، هذه المساحة الضيقة هى خير مثال وقد قامت وسقطت فيها أهم حضارات الشرق الأوسط على مر العصور ، ودائما ماكانت تنتهى بسيطرة النسخة السامية البدوية على المجتمعات الزراعية القديمة وآخرها الإسلام العربى بطبيعة الحال، إذا خرجنا قليلا خارج هذه الحدود بإتجاه إيران وتركيا وآسيا الوسطى سنجد نفس الظاهرة تتكرر ، ولو مع جبال وسهول تحيط بمناطق إلإستقرار زراعى ونفس الجغرافيا فى شمال إفريقيا تقريباً، ومانتج عن ذلك من صراع ثقافى مازال مستمراً فى آسيا الوسطى بشكل خاص، أما عن الدول التى تخلصت منه فأوربا خير مثال فقد تخلصت من غارات البرابرة الجرمان وإستوعبتهم فى حضارة الإستقرار وليس العكس كما حدث فى الشرق الأوسط. تحياتى ياصديقى وشكراً على المداخلةالتى أكملت المقال

اخر الافلام

.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة


.. #shorts - 49- Baqarah




.. #shorts - 50-Baqarah


.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا




.. #shorts -21- Baqarah