الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أربع قصص قصيرة جدا

ناجح فليح الهيتي

2017 / 8 / 11
الادب والفن



أربع قصص قصيرة جداً ناجح فليح الهيتي
1-الصديق ورجال الدين
بعد قَصّى استراحة الظهيرة في بيته رجع صاحب المقهى وقت العصر الى المقهى ,دخل الى غرفة الموقد, وجد ثلاث جبب على الكنبة الوحيدة في الغرفة, سأل صاحب المقهى العامل الذي ينوب عنه في ادارة المقهى: لمن تعود هذه الجبب ؟ أخبره عامل المقهى بأصحابها, كانوا أصدقاء طفولة لصاحب المقهى ,سأل صاحب المقهى العامل: أين ذهبوا؟ أجاب العامل أخذوا زورق ذو مجذافين وذهبوا للنزهة فقرر صاحب المقهى أن يعمل لهم مقلب لا ينسوه أبداً, تناول من رف في الغرفة قنينة زجاجية فارغة سعة ربع لتر ,رفع غطاءها ووضع فيها رماد من الذي يتخلف من الحطب الذي يُشْعَل لعمل الشاي وشراب الليمون, وادخل من فوهتها سلك وصل الى النصف داخل القنينة يستعمل لتفجير الديناميت حين يشعل ,أخذ يراقب قدومهم ,فشاهدهم في الزورق وسط النهر وهم يرتدون عمائمهم ,نزل من المقهى الى الشاطئ , ركب زورقه ذو المجذاف الواحد واسرع بالوصول ليكون قريباً منهم , سألهم: لماذا انتم في هذا المكان؟ وأضاف لقد وضعت في هذا المكان علف للأسماك وتناول القنينة التي معه وأخرج قداحة من جيبه وأشعل السلك فأخذت النار تسري في السلك ورماها أمام زورقهم فقام الذي يمسك بالمجذاف والقى بنفسه في النهر وتبعه الاثنان الاخران وطافت عمائمهم في الماء فسبحوا اليها وأمسكوا بها واستمروا يسبحون حتى وصلوا الى الشاطئ , فأخذ صاحب المقهى بمقود الزورق الذي كانوا فيه وربطه بزورقه الصغير ولحق بهم الى الشاطئ , ,فقال الذي كان يجذف :لماذا عملت هكذا ؟ وأضاف لقد ظننت انه ديناميت حقيقي ,فضحك صاحب المقهى وقال: لأنكم تقفون على المنابر تعلمون الناس وتعظوهم وتنسون أنفسكم, تقولون ما لا تفعلون ,لا تهمكم إلا أنفسكم, أنتم في واد والناس في واد اّخر, فضحكوا وصعدوا الى المقهى ولحق بهم صاحب المقهى وجلسوا سوية على أريكتين متقابلين يشربون شراب الليمون والشاي يتحدثون ويضحكون, يتذكرون أيام الصداقة في مرحلة الطفولة وما بعدها التي أستمرت حتى اليوم في الوقت الحاضر.
ملاحظة: الجبب مفردها جبة وهي البردة التي يلبسها رجال الدين المسلمين

2- خطوبة طبيب
في صباح اليوم الثاني من أيام عيد الفطر المبارك أخذت أبنتي الى المستشفى الذي لا يبعد عن بيتنا أكثر من 300 متر لأنها كانت تعاني من مغص شديد وتتوجع, وجدت الطبيب الخفر صديقي أخصائي القلبية والنفسية, تعجبت لوجوده في المستشفى وقيامه بالخفارة وعدم سفره الى عائلته في مدينة أخرى, فحص الطبيب أبنتي وأخذ يكتب الدواء لها, دخلت طبيبة تعمل معه في نفس المستشفى مع امها الى غرفته لكنها لم تكن خفراً ولم يكن لها دوام في ذلك اليوم ,فأدركت سبب عدم سفر الطبيب الى عائلته وسبب مجيئ الطبيبة وأمها الى المستشفى لمواجهة الطبيب ,أمسكت بيد أبنتي وهممت بمغادرة غرفة الطبيب إلا أن الطبيب طلب مني الجلوس والبقاء معه , رحب الطبيب بوالدة الطبيبة , طلب منها ومن أبنتها الجلوس, أبتسم الطبيب وسأل والدة زميلته : كيف ترفضين الموافقة على طلبي يد أبنتك للزواج وقد تمت موافقة أبيها على الزواج بحجة أني قصير القامة؟ ثم سألها مرة أخرى : كيف وافقتي على الزواج من زوجك وهو أقصر مني قامة وأنجبتي منه سبعة ذكور وخمس أناث؟
ابتسمت الام وقالت :أنا لم أرفض طلب زواجك من أبنتي لكني أردت أن أتعرف عليك وأراك
فقال الطبيب: تفضلي أسألي ,سأجيبك على كل سؤال بصراحة
قالت الأم: ليس لدي سؤال لأني أعرف كل شيء عنك وعن عائلتك
فسألها الطبيب :هل أنت موافقة على طلب زواجي بأبنتك؟
أجابت الأم: أني لم أرفض أبداً طلبك
فسألها الطبيب مرة أخرى: هل أنتِ موافقة وأضاف أريد الإجابة بنعم أو لا؟
أجابت الأم :نعم
فقال الطبيب موجهاً كلامه لي :كن شاهداً على موافقتها, فباركت له ولخطيبته ودعوت لهما بالمال والبنون وأمسكت يد أبنتي لأخرج من الغرفة , فقام الطبيب من مكانه وأستأذن من خطيبته وأمها وخرج معي وقال وهو يبتسم: أن والدة خطيبتي كانت ترفض طلب زواجي بأبنتها نكاية بزوجها لأنها على خلاف معه وأني أعرف أنها لا تسمح بممارسة ما حلله الله له معها منذ فترة طويلة
ابتسمت وقلت له: تعجبت حين رأيتك لم تسافر الى عائلتك لكني تيقنت الاّن أن عدم السفر حسم موضوع زواجك بطريقة مريحة ومفرحة
فقال وهو يبتسم :لقد قررت أن أحسم الموضوع قبل قدومهما بطريقة أخرى وأضاف لقد اتفقت أنا وخطيبتي الذهاب الى المحكمة وعقد الزواج وتقديم طلب نقل معاً الى مستشفى في مدينة أخرى لنكون بعيداً عن والدتها
فقلت :كفى الله المؤمنين القتال
فصافحني وهو يبتسم , ابتسمت وباركت له مرة أخرى وطلبت منه الرجوع الى خطيبته وأمها بسرعة , وذهبت لاستلام الدواء الذي وصفه لابنتي من صيدلية المستشفى وأنا فرح لأن موافقة أم خطيبته على الزواج قد تمت أمامي بسهولة دون حصول تعقيدات.

3- الفيلسوف والطالب
ذهبت عصراً الى مكتب محامي يقع في الطابق الرابع في شارع الجمهورية ,لأطلب من المحامي أن يتوكل نيابة عني في قضية يرفعها على الجامعة التي أعمل فيها لقيامها بصرف مبالغ مالية لزملائي ولم تصرف لي رغم مطالباتي المتعددة لإدارة الجامعة بطريقة رسمية, حين دخلت المكتب وجدت صديقي الفيلسوف جالساً في المكتب ,كلمت المحامي ,اتفقت معه حول القضية ,هممت بمغادرة المكتب, إلا أن الفيلسوف قال لي أجلس سنذهب معاً الى مكان اّخر بعد قليل, فجلست وفي نفس الوقت دخل مدرسي في المدرسة الاعدادية الذي أكمل دراسته العليا في في جامعة بغداد وجامعة مانشستر وكان أحد طلاب الفيلسوف في المدرسة المتوسطة والمدرسة الاعدادية قبل أن يكمل الفيلسوف دراسته العليا في جامعة كمبرج وأصبح مدرساً مع الفيلسوف في نفس الكلية في قسم اّخر, فتح مدرسي في الاعدادية الملف الكبير الذي كان يحمله بيده وأخذ يتحدث فقال مبالغاً كعادته :اليوم انتهيت من كتابة روايتي الأولى التي لم يكتب أحسن منها أديباً في البلاد العربية ولا حتى الأديب الفرنسي الكبير البير كامو
فقال له الفيلسوف: أظن أنك تمزح وأن حديثك ليس فيه من الجدية شيئا بقدر ما فيه إثارة
فقال مدرسي في الإعدادية: أن ما قلت جاد وذلك ما أعتقد به حقاً ليس فيه أية إثارة
فقال الفيلسوف وهو يبتسم بسخرية مستترة: أقرأ حتى يتبين لنا ما جاء في روايتك من فكر ونعرف أسلوبك الجديد في كتابة الرواية التي لم يكتب أحس منها روائي عربي ولا الأديب الفرنسي الكبير البير كامو
فقال مدرسي في الإعدادية :سأقرأ الفصل الأول كاملاً وبدأ يقرأ ونحن نستمع لكنه لم يستطع أن يتم قراءة الفصل الأول لأنه تعب من القراءة فتوقف وسكت
فقال الفيلسوف بجدية صادمة ومخاطباً إياه باسمه : صبري أعمل اي شيء يعجبك إلا رواية لا تكتب, وقام وطلب مني مرافقته فقمت وغادرنا المكتب وبقيَّ صبري جالساً لم يتفوه بكلمة لأنه أصيب بخيبة أمل كبيرة لم يكن يتوقعها من قبل.

4- عقد قران
وصل أنيس في يوم الحميس الساعة التاسعة صباحاً الى المحكمة قادماً من قريته التي تبعد40 كيلو متراً عن المدينة ومعه خطيبته وأمها وشقيقتها وأمه وشقيقته أيضاً ,دخل بناية المحكمة هو ومن معه يحمل ملف فيه المستندات والأوراق المطلوبة لعقد القران ,وجد أن القاضي لم يباشر دوامه على الرغم من مرور أكثر من ساعة على بدء الدوام ,أنتظر أنيس ومن معه ساعة أخرى ولم يأت القاضي, أصيب أنيس بالإحباط وأصبحت حالته النفسية غير اعتيادية فقال: بصوت عالٍ متسائلاً: لماذا يخصص يوم واحد في الأسبوع لعقد القران, لم يأت القاضي الى الاّن, ماذا نعمل؟ واشار بيده الى مجموعة كبيرة من الناس تنتظر معه, سمع ما قال أنيس موظفاً يعمل في المحكمة ,كان معلماً ونقل من التعليم الى المحكمة عقوبة له لعدم انتمائه الى الحزب الحاكم, قام الموظف من وراء مكتبه ,وقف في باب غرفته, وجه كلامه الى أنيس, قال : لماذا تسب القاضي؟
أجاب أنيس: لم أسب القاضي ولا أحداً غيره
قال الموظف: لقد تهجمت عليه وهذا يعني سباباً ,وسباب القاضي يعني سباب رئيس الجمهورية , لان القاضي معين بمرسوم جمهوري, وأن من يسب رئيس الجمهورية يعاقب بالإعدام, وأضاف أني سوف أقوم بالإبلاغ عنك حين يأتي القاضي لإلقاء القبض عليك والتحقيق معك لتنال جزاءك العادل, فسقط أنيس فاقداً الوعي من الخوف ولأنه تعب من الوقوف والانتظار أيضاً, تحرك من كان يقف قربه وقاموا بإنعاشه بسرعة, تقدم أحد الاشخاص, وقف أمام باب غرفة الموظف وقال له: لماذا عملت هكذا؟
قال الموظف: لقد تهجم على القاضي وهذا يعني أنه تهجم على كل موظفي المحكمة
قال الشخص: أني أشهد أنه لم يتهجم على أحد وجميع الحضور يشهدوا بذلك
قال الموظف: سأبلغ عنك أيضاً لأنك تعتبر مشاركاً له بالسباب وستنال العقوبة المقررة حين يصدر الحكم في المستقبل بعد القاء القبض عليك والتحقيق معك.
قال الشخص: لقد وصلتنا شكايات كثيرة عنك أنك تقوم بتأخير معاملات المراجعين والتدخل بما لا يعنيك وقد تأكدت هذا اليوم من ذلك وسوف أكتب تقريراً عنك أطلب فيه نقلك الى خارج المحافظة عقوبة لك.
فسخر الموظف من هذا الكلام وقال: أكتب تقريرك وقدمه الى من تريد فانا لا أهتم لك ولا الى من تقدم تقريرك له وانهى كلامه في الوقت الذي جاء فيه القاضي ودخل الى غرفته, فسارع كل من الشخص والموظف ودخلا سوية الى غرفة القاضي فقام القاضي من مكتبه ورحب بالشخص كثيراً وطلب منه الجلوس والبقاء معه حتى ينتهي من عمله في عقد قران جميع من جاءوا يريدون ذلك, أدرك الموظف حين رأى علاقة القاضي مع الشخص الذي كلمه أن هذا شخصاً مهماً وأن نقله الى خارج المحافظة سوف يتم فعلاً , فأتجه الى حيث يجلس الشخص وقبل رأسه وأعتذر منه عما بدى منه متوسلاً به أن يسامحه ووعده أنه سوف يغير سلوكه وتعامله مع المراجعين منذ الاّن , لكن الشخص تعمد إغاظته وقال : لابد أن يكون النقل الى خارج المحافظة عقوبة رادعة لك لتغير سلوكك , فتوسل الموظف به من جديد وقبل رأسه مرة أخرى ورجاه أن يقبل اعتذاره ويسامحه وقال سأعتذر من أنيس أيضاً وأطلب منه أن يسامحني وسأقدمه ليكون أول من يعقد له القاضي القران, تبسم الشخص وذهب الموظف الى خارج الغرفة وأعتذر من انيس وطلب أن يسامحه وادخله الى غرفة القاضي فعقد له القاضي قرانه وشهد له الشخص الذي جالساً مع القاضي والموظف لأنه لم يكن معه شهود وقدم الاثنان التهاني لأنيس وباركا له عقد قرانه وتمنيا له النجاح في حياته المقبلة, غادر أنيس وخطيبته غرفة القاضي فخرج الموظف من الغرفة أيضاً بعد أن اطمأن الى عدم نقله الى محافظة أخرى ودخل غرفته وجلس وراء مكتبه واسترجع ما حدث أثناء الدوام في هذا اليوم, فقرر أن يغير سلوكه مع المراجعين ويعاملهم بالحسنى منذ الاّن لأنه أدرك أن ما قاله الشخص المهم الذي يجلس في غرفة القاضي سوف يحدث فعلاً قبل أن يقوم هو باسترضائه ويطلب منه أن يسامحه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو