الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالفات جديدة أم إعادة انتاج التحالف القديم

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تحالفات جديدة أم إعادة انتاج التحالف القديم


مشكلة العملية السياسية في العراق أنها بنيت على خط منحرف منذ البداية وأعتمدت على فكرة المكونات والأثنيات والطائفية في الدستور بدل حقيقة وفكرة المواطنة، وفي فرض تشكيلها على يد السيد بريمر مهندسها وراعيها والعراب الذي أنتجها وأخرجها بعد أن رسمتها أيدي خفية في دهاليز مظلمة، لذا فكل محاولة تصحيح البناء سواءأكانت دعاية أنتخابية أو جهد حقيقي لا يمكن أن تنجح طالما تعتمد نفس الأساس المنحرف وبأعوجاجها الأول، وصحيح أن الدستور منح السلطة التشريعية إمكانية تعديل الدستور وتصحيح بعض الخطوط العريضة فيه لكن الأصح أن في بعض فقرات الدستور وكما جاء في تفسير المحكمة الأتحادية لا يمكن إجراء هذا التصحيح إلا من خلال ذات الخط المتعرج والمنحرف بموافقة ممثلي المكونات أتفاقا أجماعيا على التصحيح، وهذا ما يفرغ الفقرات الدستورية من محتواها وأعادة الكرة مرة أخرى لفكرة المكونات والمحاصصة الطائفية والعرقية.
أمام كل هذا أصبح المناداة بالتغير من خلال الدستور أمر في غاية الصعوبة وبل من الأستحالة على السلطة التشريعية أن تتخذ خطوة للأمام في مجال التغيير ما لم تخضع مرة أخرى للتوافقات والمزايدات التي لا تفضي إلا لمزيد من التشطي والتشرذم، هنا وجدت الكتل السياسية والأحزاب والعمل السياسي العراقي بمجمله أمام حائط صد لا يمكن أختراقه إلا من خلال إعادة طرح مفاهيم أخرى تناقض الواقع الدستوري والقانوني أو عليها أن تخترق هذا المحال بالتخلي عن مفاهيم تقسيم المجتمع العراقي إلى طوائف ومذاهب وعنصريات كل منها تدع أنها تحمي وجودها الذاتي بالدستور النافذ، لذا أصبحوا جميعا ساسة ومشرعين أمام طرح جديد ظنا منهم أنه الطريق الناجح الذي يمكن أن يعيد المسار السياسي إلى طريقه الصحيح بسلوك المفهوم المدني لمؤسسات الدولة وأجهزتها العامة، وهذا يفسر لنا تعالى الكثير من الأصوات التي كانت بالأمس رموزا وأعلاما للصوت الطائفي والعنصري الذي جذرته الفكرة الدستورية من أن العراق دولة طوائف وليست دولة مواطنة.
ما نراه اليوم على الساحة من إنشقاقات وظهور صوت خفي بالعودة إلى الدولة المدنية من قبل زعماء الطائفية ودعاتها يشكل نقطة مهمة في قراءة المشهد السياسي القاد، والذي يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:
1. أعلان فشل تجربة الإسلام السياسي كمشروع بشر به من قبل أركان العملية السياسية وأحتضار لمقولة الإسلام هو الحل.
2. تنامي النزعة الوطنية والوحدوية القائمة على فكرة الوطن بدل فكرة المذهب والقومية، مما يعني أن فرص الخطاب الطائفي والقومي فشلت في حشد الجماهير مرة أخرى خلف عملية قاصرة أن تدرك معنى الوطن والولاء له.
3. التغيرات الإقليمية والدولية ألقت بضلالها على المشهد العراقي ولم يعد العراق مجرد ساحة لتصفية حسابات الخصوم، بعد أن أدركت أن من مصلحتها الأستراتيجية والوطنية النأي بالعراق من دائرة النزاع الدولي والإقليمي لضمان الأستقرار الوطني.
4. هزيمة التطرف المتمثل بداعش شكل عامل تراجع للخطاب الطائفي التحريضي، وبالتالي كلما تم تطهير العراق من وجوده المادي كلما تعززت فرص السلام الأجتماعي بين مكونات وأطياف الشعب،مما يرتد بنوع من السلام الداخلي الذي يتيح للجميع الرؤية الواضحة بعيدا عن الهرج والمرج.
5. نأي المرجعيات الدينية بنفسها عن الخطاب المذهبي ومحاولة الأنفتاح على الأخر بعد التجربة المريرة التي لم يحصد أحد غير الفاسدين والسراق أي منفعة لا على مستوى الطائفة والمكون ولا على المستوى العام.
6. المحاولات لقليلة والتي ولدت صدى ما داخل المؤسسة السياسية العامة والسلطة من الأنفتاح على المحيط العربي والدولي ساهمتوبشكل جدي في الحد من إثارة النزعات التطرفية التي كانت تنحاز لهذا الطرف أو ذلك.
والكثير من الأسباب والعلل التي ساهمت وبلورت هزيمة المشروع السياسي لما بعد 2003، سوف تساهم في إحداث هزات وتقلبات في المزاج السياسي العراقي العام، ولو أن بعض هذه الأرتدادات سيحاول الواقفون خلف هذه الصراعات والصوت الفئوي، أن يعيدوا بناء نموذجهم القائم راهنا على أمل تحسين المواقع في الجولة القادمة والتي من المؤكد ستكون حاسمة في رسم مستقبل العراق ووجوده، ولكن تسارع الأحداث وأرتفاع الصوت الجماهيري أربكهم وأعادهم مجبرين إلى إعادة القراءة لأكثر من مرة، حتى لا تنفلت الأمور من قبضتهم الحديدية المتمثلة بسلطتي المال والأمتيازات من جهة ، وسلطة السلاح والقوة الميليشياوية من جهة أخرى، ولكن من المؤكد أن كل ما يجري هو من حيث السيرورة التاريخية نتاج طبيعي للصراع ما بين زعامات ورموزأستباحت المشهد العراقي بالدبابة الأمريكية وأحلام شعب يريد الحياة والمستقبل والتطور فلم يمنحوه إلا الموت والذل والفساد والسرقات الفلكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان