الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس / تآكل الهوية الإسلامية وتعاظم الهوية اليهودية .

مروان صباح

2017 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


القدس / تآكل الهوية الإسلامية وتعاظم الهوية اليهودية .

مروان صباح / منذ الصدام الأول ، مازال حتى يومنا هذا، الجميع يسبحون في المياه ، ويلتقون في محيط فلسطين ، لقاء دموي ، لم تعرف شواطئ فلسطين يوما ما ، سلاماً ، هكذا هو التاريخ ، كما أشار إليه محمد إقبال ، فلسطين لا تقبل التقسيم ، بل ، كل ما يجري من حراثَة ، أمر غير ذي جدوى ، الأمر الملفت ، بل ، هو الأشد خطورة ، منذ إحتلال إسرائيل للقدس 1967 م ، انحصرت التحركات العربية والتركية ، جميعها ، بمطالبة نتنياهو أثناء محاولته فرض واقع جديد على أبواب الأقصى ، فقط ، بالتراجع عن قرار الأبواب الإلكترونية ، كأن معركة الأبواب ، حولت نتنياهو ، من محتل إلى حاكم إداري على المسجد الأقصى ، وهذا في حد ذاته ، وضع نتنياهو في مكانة ، لم يكن أن يحلم بها ، أبداً ، والشيء بالشيء يذكر ، عندما باشرت السلطة الفلسطينية بالعمل على الأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1994 م ، منحت إسرائيل شخصيات فلسطينية ، بطاقات امتياز ، تسهل لحاملها ، التنقل في دولة إسرائيل ، وفي جلسات خاصة كان يدور بين حاملي ، البطاقة من الدرجة الأولى والثانية سجال واسع ، حول الفارق بين من يستطيع العبور إلى الأردن بسيارته ، والأخرى ، التى فقط ، ينتهي حدودها عند النهر، أما أصحاب الدرجة الثالثة ، كانوا يستمعون للحوار ، بخجل الدرجة وليس من الحوار ، لنكتشف بعد زمن ، أن هناك ، كما يبدو، وطنية ذكية ، وأخرى هبلة ، وطنيون صارعوا الاحتلال بالفكر ومن ثم كافحوا بالبندقية ، وآخرون ، قاتلوا الاحتلال بالبندقية ، فَقَط ، في المقابل ، تحدّ المقدسيون قرار حكومة نتنياهو ، والبالغ نسبتهم 30% من سكان القدس الكبرى ، وفرضت الجماهير ، بطريقتها السلمية ، على حكومة نتنياهو مطالبها ، لكن نتنياهو ، اعتبر ما جرى ، في نطاق المحاولات المتكررة ، معتمداً أسلوب التدرّج ، الذي يسمح إحداث متغيرات حول أسوار الأقصى وداخله في المستقبل ، وإكتفى مبدئياً ، بالخروج من معركة الأبواب ، بصفة الحاكم الإداري والمرجع على الأقصى ، كما هو فعلياً ، واقع على المسجد الإبراهيمي .

الأن ، لا العلمانية أو الليبيرالية الإسرائيلية استطعتا أن تجدان يوماً ما وعاءً أو ركيزة ، حتى لو بشكل بسيط في داخل الدولة الدينية ، وقد نجح التيار الديني في فرض أجندته ، تاريخياً ، وهذا ، تجلى الأمر في القدس ، بالتأكيد ، من يزور القدس أو يطلع عبر أي وسيلة على المخططات للمدينة ، سيجد أن القوى المتدينة ، نجحت في عزل المقدسيين عن التواصل الطبيعي مع فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة ، وأقل درجة مع الخط الأخضر ، مما ترتب على أهل القدس ، مسؤولية وعبء ، كان من المفترض ، أن يقع على عاتق جميع مسلمين العالم .

المهم ، يبقى السؤال ، هل عزلت إسرائيل القدس عن محيطها الأقرب ، أولاً ، أم أنها بدأت ، بعزل مسلمي العالم عن القدس ، بدايةً ، ولكي يُجيب المرء عن هذا السؤال ، عليه أن يتعرف ، بادئ ذي بدء ، عن الأسس التى تقوم عليها الصراع بين المربعين ، الغرب والإسلام ، وكيف استطاع الغرب خلال استعماره للأراضي العربية والهند ، تفعيل كيانات ، كانت تصنف ، ساكنة ، منغلقة ، تم رعايتها وتطويرها ، ووضعها ، مقابل تيارات واسعة ، فأصبحت بقدرة الاستعمار والاستبداد مضادة ومنتشرة ، وهنا في حقيقة الأمر، إنقسم من اشتغل في هذا الشأن ، على المستوى العالمي ، بين تصادم تاريخي للحضارات ، مقابل ، رفض فكرة التصادم الكُلِّي ، إلا أن ، واقع الحال ، يشير ، بعد سقوط الأندلس وسقوط الخلافة العثمانية ، واحتلال البريطاني لمصر 1882 م ، بدأ الاستعمار بحملة ممنهجة من خلال إحداث تغيرات جوهرية في الثقافة الإسلامية العربية ، وقد مرر ذلك ، عبر التبادل الثقافي والتلاقي في مواقع إنسانية متعددة ، تماماً ، في المحصلة ، نجح الاستعمار في ترسيخ مسألتين غايتين من الأهمية ، تحويل المنطقة العربية إلى دول وطنية متفرقة ، يقودها ، العقل البدوي ، ناقصة القومية ومهزومة ثقافياً واسلامياً ، من الممكن ، أن تُنفق مليارات الدولارات على بناء منشاءات رياضية ، رغم أنها لم تسجل أي نجاح فيها ، وعندما يأتي حادث كالذي شهده الأقصى في الآونة الأخيرة ، يتسابقون من سيستنكر أكثر ، دون أي دعم فعلي ، بالطبع ، خوفاً من الغضب الصهيوني ، في المقابل ، أسس الاستعمار ، أرضية صلبة ، لإنشاء دولة يهودية ، تمتلك العلم والقوة التسلحية والتواصل المتين مع الحضارة الغربية ، ومع مرور الوقت ، صب الاستعمار كل إمكانياته من أجل الحفاظ على البنيوية العربية ، فارغة من العلم والتطور والنهوض ، والتخبط بالإنتماء ، بينما تعامل الغرب مع الحضارات الخمس الآخرى ، بأقل حدية .

استمر الاستعمار دون توقف ، المضي قدماً في تفكيك الاجماع الإسلامي ، لصالح فرق ، هي غربية وأقل انتماءً للجوهر وتتمسك بالسطحيات والطفيليات وتقترب من الأساطير ، وبالتالي ، ساهمت في تغيب جوهر العقيدة ، ودفعَ الاستعمار عبر حروب واحتلالات متعددة ، إيجاد فئات من التيار الأوسع ، وتقديمهم كمجاهدون ، بعيدون عن المعني الغني لمصطلح الجهاد ، وهذا ، كان متوقع أن يحصل ، عندما تخلى رأس التيار الإسلامي الأوسع عن تقديم نفسه ، كمرجع أصيل للحضارة الإسلامية ومدافع عن ثقافتها وتاريخها ، فأجتمعت الفرق جميعها عند خطوط ، يسميها الغرب ، بالخضراء والسوداء ، فوضع الغرب الجميع داخل معركته ، وأطلق حربه العشوائية ، وجعل أيضاً ، توازن بين اللونين ، من أجل المحافظة على الاستمرار ، وبرر حروربه لمجتمعه الداخلي ، بأن من الصعب تحديد الإسلام كدين سليم أو إعتبار معتنيقيه ، مجتمعاً قادر على التفاعل مع الحاضر ، وبرروا أصحاب هذا المعتقد ، لمثقفون الغرب ، أن الثقافة الإسلامية العربية الموجودة ، ليست سوى عمل فردي ، ليس ناتج إجتماع ، وأنها عشوائية ، وغير أمنة كي تلتقي مع ثقافات أخرى ، وقدم الإسلام أيضاً ، على أن تاريخه ، غارق بالدم ، الذي كون مع مرور الوقت ، قناعة لدى الاجتماع الأوسع في الغرب ، هي ، قناعة باتت راسخة ، بأن الإسلام كمادة فكرية ، ومن يتبع النبي محمد ، عليه الصلاة والسلام ، من الصعب انخراطه في الحداثة المتطورة ، ومن هنا ، بدأ تجريد المسلم والعربي ، خطوة وراء الأخرى ، من انسانيته وتاريخه وحقوقه في المقدسات ، وبطبيعة الحال ، أتوماتيكياً جُرد ، من أي جمال داخلي إنساني ، وبالتالي ، لا يمكّن للمسلم والعربي ، على الأخص ، طرح تساؤلات فكرية ، وهذا القصور العقلي ، يجعله خارج دوائر التفاني ، أي أنه قالب ، يشبه الإنسان ، لكنه دون روح ، وخرج الغرب ، بنتيجة عن هذا الكائن الغريب ، حيث ، أطلق عليه بالعقل المتخلف ، وأكمل مؤخراً ، بوصفه بالإرهابي ، الذي يتوجب الوصايا الدائمة عليه أو قتله .

كان من الطبيع أن يفشل الربيع العربي ، طالما ، وضُع العربي بين خيارين لا ثالث لهما ، مصير افغانستان العراق أو الاستمرار بالاستبداد ، لكن ، الغرب والحركة الصهيونية ، استثمرت الربيع العربي من خلال إيجاد حيّز لهذه الفرق المتنوعة ، التى أصبحت تحتل مكان لافت مع النظام التقليدي والاستعمار القديم المتجدد ، فأفرزت هذه الفرق ، تطرف عشوائي وأخر منظم وأيضاً منضبط ، كالحشد الشيعي في العراق وفرق أخرى ، تعود أصولها إلى الهند ، تتماهى مع الإستعمار إلى درجة ، مشاركته المطلقة لأي مكان مقدس وتقبل بالاستبداد .

الأن وللإيضاح المفيد ، يوجد تأرجح عربي إسلامي ، طويل ، بين حماس يأتي على شكل هبات قصيرة ، سرعان ما ينطفىء ، وبين إصرار يهودي بالاستيلاء على الأقصى ، والمفيد هنا بعد الايضاح ، أن الغرب والإسرائيليون ، استطاعوا أولاً ، تحويل الكفاح الفلسطيني إلى مفاوضات غير مجدية ، في المقابل ، وبشكل أوسع ، استطاعوا عزل فلسطين عن العمق الإسلامي ، وايضاً عزلها عن عمقها العربي ، بل الأخطر من كل ذلك ، عزلوا القدس عن مدن الضفة الغربية ، الذي يترتب على أهلها مسؤولية غير عادلة ، بعد تجريد أهل القدس من جميع مقومات الصمود ، من جانب أخر ، يعمل الإسرائيلي بشكل متواصل على تغير معالم المدينة ، وثانياً ، يصب كل جهده من أجل تفوق اليهود ، العددي ، وينتظر الإسرائيلي ، أن تكتمل رؤية الإرهابي في الذهنية الغربية بعد إسباغ عليه صفة التخلّف ، كما فعلوا في الماضي ، تماماً ، مع الهنود الحمر ، عندما نشروا في الذهنية الشعبوية ، بأن من هم على أرض شمال القارة ، آدميون ، لكنهم ، لا يرتقون للإنسانية ، فإجتثوهم عن الجغرافيا الجنوبية وتاريخَها ، حينها فقط ، نعم فقط ، عندما يكتمل الاجماع على أن العربي بشكل عام ، متخلف وإرهابي ، وغير قادر على إدارة ذاته ومقدساته ، سيُقدم الإسرائيلي على خطوة استيلاء على أهم مقدس ، بعد تجريد المقدسي من إنسانيته ، التى بدورها تجعل قتله أو طرده من المدينة ضرورة إنسانية ، وبالتالي ، تفقده أي تعاطف بشري لاحقاً ، بعد أن فقد حاضنته الإسلامية . والسلام
كلتي عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد