الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل الحلم-13-( الجزء الثالث من الرواية) الفصل الأخير

ريتا عودة

2017 / 8 / 15
الادب والفن


-13-
سأجعل الرياح تجري كما أشتهي
لأدركَ كل ما أتمناه.

..
.
في الصباح... عثرتُ على رسالة من هشام على الماسينجر:

"صباح التَّحدي والأنتصار أيّتها النَّمرة المتمرِّدة واللبؤة الشرسة.
ريتاي الصغيرة..
برغم صغرك إلاَّ إنَّك بحجم لبؤه بتمردها وعنفوانها.

أقرأ حاليا "القصيدة المتوحشة"
أعجبني العنوان اللافت بشكل كبير
أنتِ تصلحي أن تكوني أبجدية بحدّ ذاتها
لا روائية فقط.
من تكتب بهذه الدهشة تصلح أن تكون كذلك.
مجرد كونها رواية واسمها "القصيدة المتوحشة"..
هذه المفارقة تجعل الواحد يتشوق للمواصلة والوصول.

أنتِ عاااااالمية يا ريتا... عالمية!
أنا ممكن أكون بلسما لكِ.. ترياقا.. أو رئةً إضافيه تتنفسي منها.
إلى اللقاء يا ريتا الملكة.
نلتقي.. إن لم يكن على أرض الواقع
فليكن في الحلم ريتاي.
...
..
.
وعثرت على رسالة من الصديقة .. الأديبة المقدسية رائدة أبو صوي:

ريتاي
يا شاعرة المرحلة.
ريتاي
يا شاعرة الوطن.
أنتِ شامخة
كجبال نابلس
معطاءة
كزيتون القدس.
متدفقة
كأنهار الجليل.
ساحرة
كالبحر الأبيض
المتوسط.
...
..
.
أتى هشام وقال إنّه سيقوم بتوزيع منشورات تخصّ سكان الناصرة العليا.
قال إنّه سيعود في المساء ليصطحبني إلى مطعم ما على شاطئ البحر.
ناولني ورقة عليها المنشور وغاب بعدما طبع قبلة على جبيني وهمس في أذني:
= أحبّكِ ريتاي.
جلستُ على الأريكة ورحت أقرأ:

"
تصريحات رئيس بلدية الناصرة العليا...العنصرية أدت الى أعمال عدائية ضد المواطنين العرب في نتسيرت عيليت.
رئيس بلدية نتسيرت عيليت قام بإرسال رسالة تحريضية وعنصرية لوزير الداخلية مطالباً إياه:
"الإعلان عن مدينة الناصرة مدينة معادية للدولة"..
تضمنت تصريحات عدائية ضد رئيس بلدية الناصرة... واصفاً إدارة البلدية بأنها طابور خامس.
في مقابلة مع صحيفة "كل العرب" لم يُنكر الرئيس مضمون الرسالة بل وأضاف:
"إنَّ اشتراك أهل النَّاصرة وقيادتها البلدية في مظاهرة ضدّ الحرب على غزة يعتبر بمثابة تأييد للإرهاب.
في مقابلته التلفزيونية ضمن برنامج "لوندون كرشنباوم"، في القناة العاشرة، أسمع رئيس بلدية الناصرة العليا أقوالاً تحريضية وعنصرية حيث قال:
"سجلوا أمامكم جيداً.. ما دمت رئيساً لبلدية نتسيرت عيليت، فلن يقام أي مسجد ولن تبنى أي مدرسة عربية في المدينة. أنا أقول هذا الكلام بشكل واضح وصريح".
كثرة التصريحات العنصرية في وسائل الاعلام المختلفة، تثبت أن هدف الرئيس هو التحريض العنصري الذي أثمر أعمالاً معادية للعرب ككتابة شعارات مثل "الموت للعرب" على حاويات النفايات في نتسيرت عيليت وقيام مجموعات من المتدينين اليهود المتزمتين بالتوجه الى أماكن يسكنها العرب، وإطلاق شعارات معادية لهم.
عضو بلدية نتسيرت عيليت ... أخبر وسائل إعلام عربية وعبرية، بأن معلومات وصلته حول قيام الرئيس بإرسال شبان يهود لحرق العلم الاسرائيلي، بهدف إتِّهام العرب بالقيام بذلك، والتحريض عليهم. وذكر أنه قام بتحويل المعلومات التي وصلته حول ذلك للشرطة.
طالب مركز عدالة إعتماداً على خطورة تصريحات الرئيس بفتح تحقيق ضده إستناداً الى قانون منع القذف والتشهير وفتح ملف جنائي ودعوته للتحقيق دون تأخير.
إلأَّ أنَّ النيابة رفضت فتح هذا الملف.
كذلك.. رفضت النيابة العامة للدولة الطلب الذي تقدم به مركز عدالة بإسم رئيس بلدية الناصرة، لفتح تحقيق جنائي ضد رئيس بلدية الناصرة العليا.
لذلك.. ندعو جميع المواطنين العرب واليهود المؤيدين للتعايش السلمي إلى وقفة احتجاج غدا في السادسة مساء قرب عين العذراء في الناصرة".


...
..
.
في تمام الساعة العاشرة ليلا غادرنا المطعم واتجهنا إلى نابلس حيث منزل أخت هشام لتوديعها هي وزوجها وأولادها الخمسة فقد كانوا على وشك السَّفر فجرا إلى السعودية عن طريق الأردن.
جلسنا نتجاذب أطراف الحديث ونشرب الشاي الذي أعدته لنا أخته.
أثناء ذلك حكى لنا وليد.. زوج أخته أنَّ أحد أقربائه أخبره بأنه سيُحْضِر له تنكة زيت وزيتون ليرسلها إلى أبيه في عمَّان وكان زوج أخته ممتعض لأنَّ ذلك يضاعف عليهم أعباء السفر.
بينما كنا نتبادل الأحاديث.. إذا بجلبة خارج البيت وأصوات أقدام وهرج ومرج وإذا بالباب يُطْرَق بصوتٍ قوي.
قال هشام لوليد:
= إنهض فها هو قريبك جاء وأحضر لك الزيت.
إتجه وليد نحو الباب وإذا به يعود مسرعاً مرتعبا. همس لهشام بصوت خافت:
- جيش.
وإذا بالجنود ويتقدمهم ضابط يقتحمون الغرفه وينتشرون في البيت ويدفعون زوج أخته جانباً.
قال الضابط:
- وينك يا هشام؟
فأجابه هشام:
= أنا هنا
- جئتك حسب الوعد لأعتقلك. كم مرّة نبهتك ألا توزّع مناشير.!
=حسنا. كنت أتوقع ذلك منذ مدة.
تقدم شرطي عربي ومعه مذّكرة.
بدء يتلو على هشام ما جاء فيها.
أحسست أنّ الدنيا عربة تدور بي بشكل سريع وأنني أكاد أقع أرضا.
حدّقت في عينيّ هشام.
كان شامخا كسنديانة.
بدا كأنّهم سيأخذونه لنزهة.
شموخه شحذني بالقوّة والتّحدّي.
لا شعوريا همستْ شفتيّ:
-أحبّك.
سمعتُ بعضَ ما جاء في المذكّرة:

"بأمر من قائدالمنطقه الوسطى الجنرال..... تم صدور القرار بإعتقالك إدارياً ولمدة ستة شهور.... خلال ٩٦ ساعه يجب أن تُعرَض على المجكمه لتصادق على القرار...... من حقك توكيل محام للدفاع عنك".

بعد أن إنتهى من تلاوة نص قرار الأعتقال طلب منه هشام أن يذهب ليبدل ملابسه
فرفض ذلك.
قال له:
=أريد ان أرتدي حذائي.
فردّ الضابط:
- مش رح يلزمك. إنتِ مش رايح على مسابقه رياضيه.
ثم...
طلب منه هشام أن يسمح له بالدخول للمرحاض... على ما يبدو ليتخلص من المنشور الأصلي الذي في جيبه.
قال الضابط للجنود:
= أدخلوه.
دخلوا المرحاض قبله وقاموا بتفتيشه وفحص النوافذ.
ثمَّ..
سمحوا له بالدخول.
طلب الضابط من ولاء أخت هشام أن تُحضرَ له منديلاً.
أحضرت منديلا لونه أبيض ناعم الملمس.
قبل أن ينتهوا من عملية تنقيب المنزل.. دخل والد هشام الكهل.
قال:
=جاءوا أوّلا للبيتنا لإعتقالك .
سألوا عنك.
أخبرتهم بأنك لست هناك.
سألوني: أين هو؟
قلت: في بيت أخته.
قال الضابط: تعال معنا لترينا أين البيت.
قلت لهم: لا أستطيع المشي. أنا أعاني من مرض السّكري وقد خضعت لعملية جراحية في قدمي اليسرى لأنها كانت قد تعرّضت للجلطة وانسداد الشرايين.
لكنهم أجبروني على السَّير معهم حتى وصلنا هنا.
...
..
.
صرخَ الضابط:
-أسكت.
ثمّ..
قاموا بتعصيب عينيّ هشام بالمنديل ناعم الملمس الذي أعطتهم إياه ولاء.
اقتادوه سيراً على الأقدام لأكثر من ٥٠٠ متر ويداه مقيدتان خلف ظهره بالأصفاد
وعيناه معصوبتان ونحن جميعا نركض خلفه وهم يأمرونا بالعودة ويهدِّدونا ببنادقهم المصوّبة نحونا.
عندما وصلوا الجيبات العسكرية القريبة من منزل والده ألقوا به في الجيب العسكري المغلق وكان في داخله مجموعه من الجنود.
بدء أحدهم بالصراخ على هشام..بركله وشتمه لكنّ هشام ظلّ صامتا.. شامخا كسنديانة.
وبدأتْ السّيارات العسكريّه الثمانية بالتحرّك.
كانوا فد أغلقوا المنطقة بالكامل وحوّلوها لمنطقه عسكرية مغلقة يُمنَع أيّ أحد من التَّحرك أو المرور منها ولا حتّى العصافير!
...
..
.
اختفى هشام.
لم أفهم ما معنى السجن الإداري فسألت ولاء.
قالت:
= عندما لا يجدون دليلا يقدمونه للمحكمة من أجل سجن المتهم يعتقلونه إداريا.
تملكتني رغبة في البكاء.
لكنني أحسست بقوّة غريبة تسيطر عليّ وتمنعني من ذلك.
أحسستُ أن الموقف يشحذني بالتّحدّي!
أحسست أنّ هشام أتى أكبر من حلمي.
أحسستُ أنني أفتخر بشموخه لذلك
قررت ألا أتألم كي لا يكونوا هم الذين
إنتصروا علينا أو هزمونا من أعماقنا أو أوْجَعُونا.
إحتضنني والد هشام أنا وولاء وراحَ يسيرُ بنا إلى منزلهم.
كانَ قلبي يهمس:
- سأنتظرك يا هشام.
حتّى لو إعتقلوك مدى الحياة..
سأظل أنتظرك...
فأنت روحي..
وأنت فارسي..
وأنتَ...أنتَ رَجُل الحُلم!
...
..
.
راحتْ كلماتُ قصيدةٍ تولدُ من الجرح..
تعانقُ أشجار الزيتون.. تصبّ الماءَ الباردَ على نيراني:

لن أنحني..
حتّى لو
رفعتَ الحواجز
بيني وبينك
وبَعْثَرْتَ العَسْكَرَ
كالنَّملِ
في الشّوارعِ
والسَّاحاتِ
وحاصرتَ اللوزَ
والصّنوبر
وأغلقتَ ألفَ مَعْبَرٍ
وَمَعْبَرْ...
لن أنحني..!
أنا الفلسطينيُّ
أنا...
لن أنحني.
بل كالصخر
سأنتظرُ
يومًا أخضر.
حتّى لو
اقتلعتَ الزّيتونَ
والصّبارَ
وغسلتَ دماءَ
أبنائِكَ بالحِقْدِ
ودجّجتهم بالأسلحة
واعتقلتَ كلّ الطّيور
وصادرتَ
كُلَّ الورود..
لن أنحني..
لن أنحني..!
أنا الفلسطينيّ
أنا...
أنا...
لن أنحني..!
بل
سأنتظرُ يومًا
أخضر.
لن أنحني:
فكلّما
ضاقتْ الدَّوائرُ
من حَولي
كلّما اتّسَعْتْ
الرُؤيا
أنَّ صاحبَ الحَقِّ
لاااااا يُقْهَر
لااااااااااااااااااااااااااااااااااا يُقْهَرْ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبيه عادل ا?مام يظهر فى عزاء الفنانة شيرين سيف النصر


.. وصول نقيب الفنانين أشرف زكي لأداء واجب العزاء في الراحلة شير




.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم


.. تفاعلكم : الفنان محمد عبده يطمئن جمهوره على صحته ويتألق مع س




.. المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق يكشف عن أسباب اعتماده على ق