الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف وصل تشويه مصر لدرجة الانحطاط ؟

طلعت رضوان

2017 / 8 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف وصل الأمر لدرجة بيع الجنسية المصرية؟
وماذا سيبيع فى المرحة القادمة؟
يمتلك نظام الحكم فى مصر (فى عهد الرئيس السيسى) قدرة (ساحقة ماحقة) ضد أبسط قواعد الانتماء الوطنى، ليس هذا (فقط) وإنما الأمر وصل لدرجة الاعلان عن أنّ ((كل شىء، وأى شىء، خاص بالشأن الوطنى، معروض للبيع))
وكان آخر ما تفتــّـق عنه (ذهن) السادة أعضاء البرلمان (المصرى) هوعرض الجنسية المصرية (فى مزاد علنى) وهو ما حدث عندما وافقتْ لجنة الدفاع والأمن القومى، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم89 لسنة1990بشأن دخول وإقامة الأجانب فى مصر، والخروج منها، والقانون رقم26 لسنة1975بشأن الجنسية المصرية.
ولأنّ مصر- من سوء حظها - محكومة بضباط الجيش والشرطة، لتنفيذ مخطط (عسكرة المجتمع المصرى) منذ يوليو1952، فى شكل مناصب المحافظين ورؤساء مدن ورؤساء أحياء ورؤساء شركات..إلخ، لذلك لم تكن مصادفة أنْ يكون رئيس لجنة الدفاع (والأمن القومى) أحد الضباط وهو اللواء كمال عامر، الذى برّر موافقته على هذا المشروع (الكارثى) بالكلام التقليدى الذى لا يملك أى نظام حكم فاشل غيره، حيث قال إنّ ((هذا المشروع يتماشى مع المصالح المصرية (هكذا) وليس به أى عوارعلى الأمن القومى)) والأهم - من وجهة نظرسيادة اللواء- أنّ هذا المشروع، داعم للاقتصاد المصرى. وقال إنّ إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية، ليس غاية فى حد ذاته، بل مجرد تنظيم إجراءات الحصول على الجنسية المصرية. وأنّ الحصول على جنسية مصر مقابل مبالغ نقدية (فى شكل وديعة) موجود فى بعض الدول، مثل قبرص وهونج كونج والأردن. وهكذا لم يجد سيادة (اللواء) إلاّ تلك الدول ليستشهد بها فى (بيع الجنسية) أى أنه اختار3 دول من بين230دولة عدد دول العالم حاليـًـا.
هذا الموضوع أحدث ردود أفعال كثيرة لدى كل من له أدنى اهتمام بالشأن العام، فكانت غالبية الآراء أنّ ما أقدمتْ عليه لجنة الدفاع والأمن (القومى) هوجريمة فى حق مصر، وتشويه لسُـمعتها (عالميـًـا) حيث أنه بحجة عجز الموازنة العامة للدولة، وتخبط الاقتصاد المصرى، وترديه، وفشل أى خطط اقتصادية تنموية حقيقية، فإنّ النظام لجأ إلى ورقة (بيع الجنسية المصرية) لمن يدفع، بغض النظرعن خطورة هذا (البيع) على الأمن القومى (المصرى)
وكان من بين الذين انتقدوا مشروع قانون (بيع الجنسية المصرية) د. نار الفرجانى (رئيس تحرير تقرير التنمية البشرية) حيث قال : أليس غريبـًـا وممجوجـًـا أنّ السلطة (المصرية) البائسة تلجأ إلى تحويل الجنسية المصرية إلى (سلعة) تــُـتاجر فيها الحكومة؟ ورأى آخرون أنّ مشروع (بيع الجنسية المصرية) مقابل إيداع (وديعة نقدية) سيكون مدخلا لعمليات (غسيل الأموال) وبالتالى تدخل مصر فى دائرة الأنظمة العالمية التى تسمح بهذه الجريمة الاقتصادية.
أما السفير إبراهيم يسرى (الذى وقف كثيرًا فى المحافل الدولية للدفاع عن سيادة مصر، والمشهود له بمواقفه الوطنية العديدة) فكان رأيه فى مشروع قانون (بيع الجنسية المصرية) أنّ الجنسية المصرية أصبحتْ (لعبة) فى يد ساسة مصر، ينزعونها ممن يشاؤون، ويمنحونها لمن يشاؤون. وكان المذيع ومقدم البرامج (وائل الأبراشى) على درجة من الشجاعة الأدبية عندما خاطب السياسيين المصريين فى برنامجه (العاشرة مساءً) قائلا لهم ((ليه قللتوا من قيمة الجنسية المصرية؟ وأعلن رأيه صراحة أنّ ما تمّ هو (بيع للجنسية المصرية) كما أنه استضاف عددًا من الباحثين (المحترمين) الذين أجمعوا على أنّ القانون اسمه الحقيقى (بيع الجنسية المصرية) وكانت المفاجأة أنّ مصطفى بكرى (الذى أيــّـد كل الحكام) كان أحد الذين رفضوا مشروع القانون وقال إنه ((إهانة للشعب المصرى))
وقد انقسم القانونيون بهيئة قضايا الدولة إلى شريحتيْن : شريحة مع تأييد النظام بشكل مطلق، مثل المستشار أحمد عاشور (هيئة قضايا الدولة بقنا) حيث ردّد كلام النظام بالحرف فقال : إنّ الدولة تمر بأزمة اقتصادية..إلخ وكأنّ الأزمة الاقتصادية فيها التبرير(الكافى) كى يـُـفرّط النظام فى الجنسية. أما الشريحة الأخرى من المستشارين (المؤمنين) بمصر، ويرونَ أنّ الأزمة الاقتصادية (مجرد شماعة) لتمرير قانون بيع الجنسية، فكان من بين هؤلاء المحترمين، المستشارأحمد إسماعيل (هيئة قضايا الدولة بالقاهرة) الذى قال : إنّ الجنسية جزء من سيادة الدولة، ولا يجوز إعطاء الجنسية لأى (أجنبى) خاصة أنه لو حصل عليها، سيكون - فى هذه الحالة - له حق ممارسة حقوقه السياسية والاجتماعية، مقابل مبالغ مالية، وهو أمرٌ يـُـهـدّد الأمن القومى، ويجعل اقتصادنا فى مهب الريح.
وأعتقد أنّ ما غاب عن السلطة التنفيذية وعن أعضاء البرلمان، أنّ منح الجنسية المصرية للأجانب سيكون (الباب الرسمى) لتسلل أعداء مصر إلى (سدة الحكم) حيث أنّ الحصول على الجنسية، سوف يسمح لمن حصل عليها بأنْ يكون له حق الانتخاب والترشح للبرلمان، فإذا كان الأمر كذلك، فمن يضمن استبعاد استغلال إسرائيل لهذا القانون؟ و(الحيلة) سهلة، فيأتى المواطن الإسرائيلى (الأصلى) على أنه مواطن يحمل جنسية بلد (عربى) أو بلد (أوروبى) فكيف غاب هذا الاحتمال عن الساسة المصريين؟
وهل نظام الحكم لم يجد وسيلة غير بيع الجنسية لعلاج عجز الموازنة؟ ولماذا لا يستخدم الآليات التى تستخدمها الأنظمة المحترمة، مثل الضريبة التصاعدية، ومثل إلغاء تعيين (جيش المستشارين)؟ ومثل ترشيد الانفاق الحكومى إلخ. وإذا كان النظام يرى أنّ (البيع هو الحل) فماذا سيبيع (بعد التفريط فى ممتلكات الدولة والجنسية)؟
000
هامش : نادر الفرجانى : مفكر مصرى ليبرالى، من رأيه أنّ نظام الحكم فى مصر- حاليـًـا - امتدتْ جرائمه لتقويض بنيان ما كان مستقرًا من مؤسسات الدولة الحديثة، ودمّر الاقتصاد. وأنّ مصر (بجلالة قدرها) تحوّلتْ إلى تابع ذليل للأسر الملكية الرجعية فى شبه الجزيرة العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س